السبت :5 / 1/ 2019
*ــ أيقظتني أمي باكراً كي أقف بين طوابير المنتظرين لسيارة تحمل أسطوانات الغاز..عيوننا على المنعطف ترتقبها..السيارة غيّرت مكان التوزيع في اللحظة الأخيرة، هرولنا نحوها نحمل على أكتافنا أثقالها صعوداً، نتبع أثرها.
تزاحم البؤساء يتبادلون إسقاط قهرهم على بعضهم البعض، في الوقت الذي تمت فيه عملية الغش بنجاح، واستلم أصحاب الوسائط والمحسوبيات الحصة الأكبر،والمعترون أعادوا أسطواناتهم فارغة فقد نفذت الكمية، مع إعادة المحاولة مرة أخرى،وحظاً أوفر.
الأحد 6/ 1
*ــ قبل توجهي إلى الثانوية رحت أمسح الأمطار عن كتفي ، أنتظر دوري عند الفرن، أجلب الخبز لإخوتي الصغار، بين جموع يقتلها الانتظار مثلي: نساء، أطفالا، عجائز، شقيعة، وباب سري يمنح مئات الربطات لجهات عدة لايعلمها الا الله،
وصلت المدرسة متأخرا، المدير يحدجني بنظرة غاضبة وقد أوشك على غلق الباب في وجهي لولا رجائي ووعودي التي غالبا ماتخيب رغما عني.
الاثنين 7/ 1
** ــ أوصتني أمي عند انصرافي، أن أجلب الخضار من السوق المركزي لفارق كبير في الأسعار مما يباع في البلدة، حملت الأكياس الثقيلة أنتظر الحافلة، تمزّق بعضها وأنا أتحاشى تدافع الناس، تململ الركاب من الأكياس وهم يصعدون وينزلون، وأنا أنكمش بها خجلا وإرباكاً نسيت تعبي لما تهلّل وجه أمي راضية مبتسمة، تدعو لي
الثلاثاء 8/ 1
*..لما قطعت الطريق الطويل مشيا من المدرسة إلى البيت ــوالثلج قد أحالني إلى شبه تمثال جليدي، كنت أشتهي الدفء في غرفتنا الباردة، وقد خرست فيها نار المدفأة المشتهاة، وتجمع إخوتي الصغار يرتجفون تحت غطاء صوفي عجز أن يمنحهم الدفء، فازرقت شفاههم .
طلبت إليّ أمي أن أفتح علبة سردين فالطبخ قد تعذّر في تلك الأجواء، ــ لاعليك ـ قلت لها وأنا أحبس دمعة لو أطلقتها لأشعلت النار
الأربعاء 9/ 1
* أخي الرضيع طوال اليوم لم يكفّ عن البكاء، جلت الصيدليات أبحث عن علبة حليب ـ بلا جدوى ـ يعتذر الجميع متأسفين قبل أن أكمل العبارة، وكأنني أطلب المستحيل، حضّرتْ أمي خلطة نصحتها بها جارتنا أم محمود: اهرسي تفاحة مسلوقة مع مائها، أضيفي إليها شيئا من أرز ناضج، وبعضا من تمر، أخي لم يستسغ الطعم، مازال فمه المتشقّق جفافا يبحث عن رشفة حليب يشتاق طعمها ليهدأ وينام.
مساء تجمّدت أصابعي من الصقيع في عتمة موغلة بالعزلة، حتى مدفأة الكهرباء ذات السلك الواحد أعلنت عجزها عن منح الدفء، بعد انقطاع التيار، وصمت التلفاز عن ضجيجه، البطارية أصبحت فارغة فشحب ضوء (اللدّة) حتى خفت عن آخره.
خبّأت رأسي تحت اللحاف وأنا أدفع بكتبي جانبا بيأسٍ، أبتلع طعم حرمان مر
الخميس 10/ 1
* في الحصة الدرسية الأولى عاتبني مدرس الفيزياء بقسوة أمام رفاقي، حين عجزت عن حلّ المسألة، هو يدرك جيدا أنني أعيل أسرتي بعد ذبحة صدرية ألمّت بوالدي حدّت من نشاطه ومقاومته، لم يحاول أن ينظر إلى عيني المنكسرتين ، وثيابي ذات الخيوط المتعبة وجعاً..وبّخني بحزمٍ: أنت طالب بكالوريا لاعذر لك بأي تقصير. إياك أن يتكرّر ذلك مهما كان من أمر.الشهادة لاتهاون فيها أفهمت؟؟ أهزّ رأسي إيجابا كمن يهزّ شجرة صبار خائبة..ــ حاضر..أعدك..
عند انتهاء الدوام مشيت مع أصدقائي نخترع أفانين البقاء بدعابات لاتخلو من مرح
على الرصيف الآخر كانت تسير حبيبتي بخفرٍ بين صويحباتها محاذاتي نتبادل نظراتنا المبتسمة ، نشعر بالدفء رغم موجة الصقيع، نمشي على ذات الطريق، وأعيننا ترقب الشمس خلف الغيم، تقودنا إلى مسارها، مسار الحياة.
الجمعة 11/ 1
* ــ قررت أن أتوقف عن كتابة مذكراتي كي لاتبكي أصابعي في سردها، صففت كتبي أدندن : وهلّ الفجر بعد الهجر بلونه الوردي بيصبح...
يافجر إني بانتظارك فلا تطل الغيبة.بالله عليك لا تطلها.
*ــ أيقظتني أمي باكراً كي أقف بين طوابير المنتظرين لسيارة تحمل أسطوانات الغاز..عيوننا على المنعطف ترتقبها..السيارة غيّرت مكان التوزيع في اللحظة الأخيرة، هرولنا نحوها نحمل على أكتافنا أثقالها صعوداً، نتبع أثرها.
تزاحم البؤساء يتبادلون إسقاط قهرهم على بعضهم البعض، في الوقت الذي تمت فيه عملية الغش بنجاح، واستلم أصحاب الوسائط والمحسوبيات الحصة الأكبر،والمعترون أعادوا أسطواناتهم فارغة فقد نفذت الكمية، مع إعادة المحاولة مرة أخرى،وحظاً أوفر.
الأحد 6/ 1
*ــ قبل توجهي إلى الثانوية رحت أمسح الأمطار عن كتفي ، أنتظر دوري عند الفرن، أجلب الخبز لإخوتي الصغار، بين جموع يقتلها الانتظار مثلي: نساء، أطفالا، عجائز، شقيعة، وباب سري يمنح مئات الربطات لجهات عدة لايعلمها الا الله،
وصلت المدرسة متأخرا، المدير يحدجني بنظرة غاضبة وقد أوشك على غلق الباب في وجهي لولا رجائي ووعودي التي غالبا ماتخيب رغما عني.
الاثنين 7/ 1
** ــ أوصتني أمي عند انصرافي، أن أجلب الخضار من السوق المركزي لفارق كبير في الأسعار مما يباع في البلدة، حملت الأكياس الثقيلة أنتظر الحافلة، تمزّق بعضها وأنا أتحاشى تدافع الناس، تململ الركاب من الأكياس وهم يصعدون وينزلون، وأنا أنكمش بها خجلا وإرباكاً نسيت تعبي لما تهلّل وجه أمي راضية مبتسمة، تدعو لي
الثلاثاء 8/ 1
*..لما قطعت الطريق الطويل مشيا من المدرسة إلى البيت ــوالثلج قد أحالني إلى شبه تمثال جليدي، كنت أشتهي الدفء في غرفتنا الباردة، وقد خرست فيها نار المدفأة المشتهاة، وتجمع إخوتي الصغار يرتجفون تحت غطاء صوفي عجز أن يمنحهم الدفء، فازرقت شفاههم .
طلبت إليّ أمي أن أفتح علبة سردين فالطبخ قد تعذّر في تلك الأجواء، ــ لاعليك ـ قلت لها وأنا أحبس دمعة لو أطلقتها لأشعلت النار
الأربعاء 9/ 1
* أخي الرضيع طوال اليوم لم يكفّ عن البكاء، جلت الصيدليات أبحث عن علبة حليب ـ بلا جدوى ـ يعتذر الجميع متأسفين قبل أن أكمل العبارة، وكأنني أطلب المستحيل، حضّرتْ أمي خلطة نصحتها بها جارتنا أم محمود: اهرسي تفاحة مسلوقة مع مائها، أضيفي إليها شيئا من أرز ناضج، وبعضا من تمر، أخي لم يستسغ الطعم، مازال فمه المتشقّق جفافا يبحث عن رشفة حليب يشتاق طعمها ليهدأ وينام.
مساء تجمّدت أصابعي من الصقيع في عتمة موغلة بالعزلة، حتى مدفأة الكهرباء ذات السلك الواحد أعلنت عجزها عن منح الدفء، بعد انقطاع التيار، وصمت التلفاز عن ضجيجه، البطارية أصبحت فارغة فشحب ضوء (اللدّة) حتى خفت عن آخره.
خبّأت رأسي تحت اللحاف وأنا أدفع بكتبي جانبا بيأسٍ، أبتلع طعم حرمان مر
الخميس 10/ 1
* في الحصة الدرسية الأولى عاتبني مدرس الفيزياء بقسوة أمام رفاقي، حين عجزت عن حلّ المسألة، هو يدرك جيدا أنني أعيل أسرتي بعد ذبحة صدرية ألمّت بوالدي حدّت من نشاطه ومقاومته، لم يحاول أن ينظر إلى عيني المنكسرتين ، وثيابي ذات الخيوط المتعبة وجعاً..وبّخني بحزمٍ: أنت طالب بكالوريا لاعذر لك بأي تقصير. إياك أن يتكرّر ذلك مهما كان من أمر.الشهادة لاتهاون فيها أفهمت؟؟ أهزّ رأسي إيجابا كمن يهزّ شجرة صبار خائبة..ــ حاضر..أعدك..
عند انتهاء الدوام مشيت مع أصدقائي نخترع أفانين البقاء بدعابات لاتخلو من مرح
على الرصيف الآخر كانت تسير حبيبتي بخفرٍ بين صويحباتها محاذاتي نتبادل نظراتنا المبتسمة ، نشعر بالدفء رغم موجة الصقيع، نمشي على ذات الطريق، وأعيننا ترقب الشمس خلف الغيم، تقودنا إلى مسارها، مسار الحياة.
الجمعة 11/ 1
* ــ قررت أن أتوقف عن كتابة مذكراتي كي لاتبكي أصابعي في سردها، صففت كتبي أدندن : وهلّ الفجر بعد الهجر بلونه الوردي بيصبح...
يافجر إني بانتظارك فلا تطل الغيبة.بالله عليك لا تطلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق