كانت المنافسة حامية الوطيس، خمسة مرشحين متنافسين لمنصب واحد داخل تنظيم لم يعد له رئيس متفق عليه. أحد قدماء التنظيم قال غاضبا "ان التنظيم أصبح أشبه بحارة كل مين ايده إله"، ذلك العضو واجه نقدا حادا، وكاد ان يفصل بتهمة الانضمام لأعداء التنظيم بتشويه صفحته البيضاء. رغم ذلك قال البعض بوضوح وآخرين بالهمس وكبت الابتسامات "ان التنظيم بدون رأس أضحى تنظيما ديموقراطيا، يحق لكل عضو يرى نفسه أهلا للمنصب المقترح والمغري لرئاسة سلطة محلية، ان يجرؤ على المنافسة، بينما سابقا كان الأمر محسوما للزعيم بدون تصويت، فما ان يهل رأس التنظيم، او زعيمه بلغة أهل السياسة .. بطلعته البهية، والكشرة معقودة فوق الحاجبين، حتى يقف الجالسين ملتفتين لدخول الزعيم وحاشيته من الضاربين بسيفه، وتضج القاعة تصفيقا وهتافات وزغاريد واناشيد، مثل "ريسنا علمنا وقال عن عروبتنا ما بنحيد".
الجولة الأولى بين المتنافسين الخمسة بدأت بهدوء وانتهت بهدوء مما يشير الى تنظيم أخوي يحب كل واحد الآخر ولا يتمنى له الا الخير، اسفرت الجولة عن سقوط ثلاثة متنافسين وحصول متنافسان لعدد متشابه من الأصوات وبدأت التحضيرات لجولة ثانية للحسم بينهما.
في اليوم المحدد لإجراء التصويت واختيار الفائز من بين المتنافسين، وحسب التقاليد العربية الأصيلة التي تجذرت في مجتمعنا العربي، وقعت طوشة كبيرة، بين المعسكرين، لا يعرف أحد ما هي أسباب الطوشة، ربما خلاف بين شخصين على من هو الأنسب، عادة الحسم الديموقراطي هو الحل، لكن الطوشة لم تنته بصفعتين وشلوطين بين الاثنين. الطوشة جذبت الجميع بحماس قل نظيره، بدأت بالصفعات والشلاليط، وتطورت الى الضرب بالكراسي، وانقسمن النساء الى معسكرين، كل معسكر يزغرد لرجاله ويشجعهم على دوس راس الحية، أي راس المنافس الآخر.
والحقيقة انه لولا بقاء بعض العقلاء لتحطمت القاعة ووقعت ضحايا وانشغل التنظيم ليس بإعداد نفسه للمعركة الانتخابية، بل لتنظيم الجنازات ل "ضحايا العدوان الاستعماري -الصهيوني الغاشم"، حسب الصيغة المفضلة، ونصب خيمات العزاء.
تدخلت لجنة الصلح العشائري بجهازها الذي يرأسه كاتب كبير، توصلت الى تعهدات بعدم العودة لطوشة بالكراسي، ممكن الصراخ، الشتم، اصدار بيان استنكار وشجب، لكن يمنع تبادل الضربات بالأيدي او بالكراسي او بالات حادة لم تدخل للجبهة القتالية بعد، يسمح طبعا توزيع نشرات دعائية تبرز أفضلية المرشح.
لم تحل إشكالية المنافسة بين الشخصين، بل أوجلت المعركة، كان واضحا انهما لا يتبادلان الحديث.
ربما تأجلت الطوشة القادمة، لكن ما بالنفوس لم ينته.
هذا اقلق قدامى التنظيم.
قبل ايام قليلة رن تلفوني، كان المتصل من العقلانيين في التنظيم، الذي اعرفه منذ نصف قرن على الأقل.
- مساء الخير ... هل تعرف من يتكلم؟
- بالطبع .. صوتك يفضحك.
- هل علمت ما جرى عندنا ..؟
- سمعت عن طوشة وقتال بالكراسي.
- تعرف أنى احترم رأيك .. وإذا علم قادة تنظيمي اتي اتحدث معك لصلبوني كما صُلب المسيح ..
- الحديث بيننا سيبقى سرا.
- اريد استشارتك... لعلها تنفع في حل الإشكال عندنا .. ما رأيك بما يجري؟
- بصراحة .. حالكم تذكرني تماما بحكاية زوجين وقع خلاف عميق بينهما، شتمها فشتمته، صفعها فدلقت عليه ابريق قهوة .. لكن القهوة كانت نصف حارة ولم تترك حروقا مؤلمة. قرر ان لا يتكلم معها الا إذا اقرت انه هو سيد البيت وتخضع لكل طلباته، ردت عليه انها هي أيضا لن تتكلم معه حتى يعتذر عن صفعته لها ويقر انها سيدة البيت والمقررة بشؤونه ..
مرت الأيام ولا تبادل للحديث بينهما .. بعد أسبوع كان الزوج على موعد للسفر بالطائرة لعمل يتعلق بالمصنع الذي يديره. موعد الطائرة هو السابعة صباحا، أي عليه ان يستيقظ في الخامسة ليصل الى المطار قبل اقلاع الطائرة. وهو بدون ان تيقظه يخاف ان لا يستيقظ بالوقت الصحيح. لكنه لن يكسر كلمته ويتحدث معها، بعد تفكير وجد الحل، كتب لها ورقة ووضعها امام مرآتها: "سأسافر غدا بالطائرة، أيقظيني في الساعة الخامسة". نام. صباحا استيقظ وذهل، كانت الساعة السابعة والنصف، أمسكه غضب عظيم، لكنه نظر الى الخزانة بلصق السرير ووجد انها تركت له ورقة كتبت عليها "استيقظ، الساعة الآن الخامسة"!!
هذه هي حالكم يا صديقي القديم!!
الجولة الأولى بين المتنافسين الخمسة بدأت بهدوء وانتهت بهدوء مما يشير الى تنظيم أخوي يحب كل واحد الآخر ولا يتمنى له الا الخير، اسفرت الجولة عن سقوط ثلاثة متنافسين وحصول متنافسان لعدد متشابه من الأصوات وبدأت التحضيرات لجولة ثانية للحسم بينهما.
في اليوم المحدد لإجراء التصويت واختيار الفائز من بين المتنافسين، وحسب التقاليد العربية الأصيلة التي تجذرت في مجتمعنا العربي، وقعت طوشة كبيرة، بين المعسكرين، لا يعرف أحد ما هي أسباب الطوشة، ربما خلاف بين شخصين على من هو الأنسب، عادة الحسم الديموقراطي هو الحل، لكن الطوشة لم تنته بصفعتين وشلوطين بين الاثنين. الطوشة جذبت الجميع بحماس قل نظيره، بدأت بالصفعات والشلاليط، وتطورت الى الضرب بالكراسي، وانقسمن النساء الى معسكرين، كل معسكر يزغرد لرجاله ويشجعهم على دوس راس الحية، أي راس المنافس الآخر.
والحقيقة انه لولا بقاء بعض العقلاء لتحطمت القاعة ووقعت ضحايا وانشغل التنظيم ليس بإعداد نفسه للمعركة الانتخابية، بل لتنظيم الجنازات ل "ضحايا العدوان الاستعماري -الصهيوني الغاشم"، حسب الصيغة المفضلة، ونصب خيمات العزاء.
تدخلت لجنة الصلح العشائري بجهازها الذي يرأسه كاتب كبير، توصلت الى تعهدات بعدم العودة لطوشة بالكراسي، ممكن الصراخ، الشتم، اصدار بيان استنكار وشجب، لكن يمنع تبادل الضربات بالأيدي او بالكراسي او بالات حادة لم تدخل للجبهة القتالية بعد، يسمح طبعا توزيع نشرات دعائية تبرز أفضلية المرشح.
لم تحل إشكالية المنافسة بين الشخصين، بل أوجلت المعركة، كان واضحا انهما لا يتبادلان الحديث.
ربما تأجلت الطوشة القادمة، لكن ما بالنفوس لم ينته.
هذا اقلق قدامى التنظيم.
قبل ايام قليلة رن تلفوني، كان المتصل من العقلانيين في التنظيم، الذي اعرفه منذ نصف قرن على الأقل.
- مساء الخير ... هل تعرف من يتكلم؟
- بالطبع .. صوتك يفضحك.
- هل علمت ما جرى عندنا ..؟
- سمعت عن طوشة وقتال بالكراسي.
- تعرف أنى احترم رأيك .. وإذا علم قادة تنظيمي اتي اتحدث معك لصلبوني كما صُلب المسيح ..
- الحديث بيننا سيبقى سرا.
- اريد استشارتك... لعلها تنفع في حل الإشكال عندنا .. ما رأيك بما يجري؟
- بصراحة .. حالكم تذكرني تماما بحكاية زوجين وقع خلاف عميق بينهما، شتمها فشتمته، صفعها فدلقت عليه ابريق قهوة .. لكن القهوة كانت نصف حارة ولم تترك حروقا مؤلمة. قرر ان لا يتكلم معها الا إذا اقرت انه هو سيد البيت وتخضع لكل طلباته، ردت عليه انها هي أيضا لن تتكلم معه حتى يعتذر عن صفعته لها ويقر انها سيدة البيت والمقررة بشؤونه ..
مرت الأيام ولا تبادل للحديث بينهما .. بعد أسبوع كان الزوج على موعد للسفر بالطائرة لعمل يتعلق بالمصنع الذي يديره. موعد الطائرة هو السابعة صباحا، أي عليه ان يستيقظ في الخامسة ليصل الى المطار قبل اقلاع الطائرة. وهو بدون ان تيقظه يخاف ان لا يستيقظ بالوقت الصحيح. لكنه لن يكسر كلمته ويتحدث معها، بعد تفكير وجد الحل، كتب لها ورقة ووضعها امام مرآتها: "سأسافر غدا بالطائرة، أيقظيني في الساعة الخامسة". نام. صباحا استيقظ وذهل، كانت الساعة السابعة والنصف، أمسكه غضب عظيم، لكنه نظر الى الخزانة بلصق السرير ووجد انها تركت له ورقة كتبت عليها "استيقظ، الساعة الآن الخامسة"!!
هذه هي حالكم يا صديقي القديم!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق