اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

كلّها طبخة عكّوب ــ قصة قصيرة || حسن عبادي

وصل مكتبه الساعة السادسة والنصف صباحًا كعادته، فوجد الحاجّ أبا سويلم بانتظاره في مدخل العمارة، وعلامات النعاس والبؤس في عينيه، ممّا أثار استغرابه وسأله عن سبب مجيئه في تلك الساعة المبكّرة فأجاب: “الحاجة يا ابني!”. ومع فنجان القهوة سرد ما حدث تلك الليلة: “مع أذان الفجر حاصرت المنزل ثلاث سيّارات شرطة، حرس الحدود والدوريّة الخضراء، مدجّجة بالسلاح، ترافقهم الكلاب، سألوني عن خالتك الحاجّة، وحين
استفسرت عن سبب سؤالهم؟ رفسني مسؤولهم برشّاشه فسقطت أرضًا، فتّشوا المطبخ وخزائنه، تمّ غرف البيت كلّها، ولم يعثروا على شيء، دبّ الرعب في العمارة واستيقظ الأولاد والأحفاد والجيران، وحين خرجت الحاجّة من الحمام، بعد أن كانت تتوضّأ للصلاة كعادتها، انقضّوا عليها مثل كلاب مسعورة، واقتادوها إلى جيب أخضر وفرّوا هاربين”.
اتّصل المحامي بشرطة وادي عارة فلم يتلقَّ جوابًا، اتّصل بعدها بشرطة الخضيرة فعلِم أنّها محتجزة في مركز الشرطة بزمارين، استفسر عن سرّ احتجازها فقيل له :”تهمة أمنيّة”! فتوجه إلى هناك للقائها. بعد انتظار طال بضع ساعات سُمِح له بمقابلتها، وحين مدّ يده لمصافحتها قالت والدمعة في عينها : ” كلّها طبخة عكّوب يا خالتي”! ثمّ أخذت تسرد له ما حدث أمس ، “والله يا خالتي، مثل كل سنة، بآخر كانون بنروح ع البلد، ع صبّارين، نلقّط عكّوب، مش بعيدة من هون، كلّها نص ساعة مشي مشرّق يا خالتي، التقيت بصحابنا والحبايب مثل كل سنة ونقّبنا شوية خبّيزة وعكّوب، والله ما في مثلها، ولمّا روّحت طبخناهن وأكلنا وهيّصنا، واليوم جايبيني لهون لأنها ممنوعة!”.
فاوض المحامي ممثّل الشرطة لإطلاق سراحها بشروط وكفالة فقوبل بالرفض القاطع، وأكّد أنّه بنيّتهم طلب توقيفها إلى حين محاكمتها لأنّهم بدأوا بتحضير لائحة اتّهام ضدّها لأنها تهدّد أمن الدولة. لا أكثر ولا أقلّ! وفعلًا أحيلت للمحكمة، وبعد معركة حامية الوطيس أًطلق سراحها إلى حين محاكمتها بكفالة مقدارها عشرة آلاف شاقل.
بعد عدّة أشهر بدأت جلسات المحكمة، أنكرت التّهم الموجّهة إليها وصعد إلى منصّة الادّعاء شهود النيابة، الواحد تلو الآخر، تمّ استجوابهم بشراسة وحاول المحامي تفنيد شهاداتهم وادّعاءاتهم، والمتّهمة في قفص الاتّهام تستمع إلى ترجمة ترجمان المحكمة، أبو سمير العراقي يتراقص غضبًا وحسرة. وحين سأل فؤاد – مندوب الدوريّة الخضراء وشاهد النيابة الرئيسي- إذا كان يعرف ما هو العكّوب فأجاب صارخًا: “أنا حلبيّ، أصادر كلّ يوم أكياسًا من العكّوب التي يقطفها مخربّو الطبيعة أمثال موكّلتك، وأمي تطبخها يخنة باللبن وتوزّعها على الأقارب ومعارفها. هل تريد أن تعلّمني ما هو العكّوب؟”.
أما القاضي، وعلى غير عادته، فيتململ في كرسيّه باهتًا سارحًا في سقف القاعة لا يتدخّل في مجريات الأمور وسيرورة الجلسات.
بعد انتهاء الإدلاء بشهادات النيابة وبيّناتها، صعدت المتّهمة إلى منصّة الشهود وبدأت شهادتها، تحدّثت عن “الروحة، عن أيام زمان، عن عيون الماء في البلدة، عين البلد، عين الحجة، عين أبو حلاوة، عين الفوّار، عين البلاطة وعين أبو شقير، وكذلك غدير الخضيرة ووادي الزيوانيّة، والنباتات الموسميّة مثل الخبيزة ،العلت، الحويرّة والعكّوب، وعن التهجير يوم الأربعاء، الثاني عشر من أيار 1948”. نعم، لا زالت تذكر الساعة واليوم والسنة، رغم أنها أميّة، لا تقرأ ولا تكتب. تنهّدت دامعة العينين “سقى الله أيّام زمان. وينكم يا إبراهيم الخوجة، صبري الحمد عصفور ويوسف أبو درة؟”، ثمّ صرخت في وجه القاضي: “مش إنت ابن الحاجّة خديجة يا خالتي؟.. كلّها طبخة عكّوب، يا خالتي”!
اعتلى شهود الدفاع المنصّة، العشرات من مهجّري الروحة، أبناء السنديانة، بريكة، قنير، أم الشوف، خبيزة، أم الدفوف ودالية الروحة. كلّ منهم بدأ شهادته بالنظر تجاه القاضي ساعة تحذيره في أن يقول الحقيقة في قاعة المحكمة بقوله: “مش إنت ابن الحاجّة خديجة يا خالي؟ كلّها طبخة عكّوب”، ليحكى قصّة قريته ونباتاتها وتهجيرها ومشواره إليها كل عام لقطف الزعتر والعكّوب… وريحة البلد.
وما زال سعادة القاضي يتململ في كرسيّه على غير عادته.
يوم سماع تلخيصات الأطراف، نادى مباشر المحكمة باسم المحامي وطلب دخوله إلى ديوان القاضي فوجده واقفًا، صبّح عليه فلم يردّ على تحيّته وصرخ به: “عمِلْتها”؟! ذُهِل من ردّة فعل القاضي. أخبره القاضي أنّ أمه طبخت أمس يخنة عكّوب وحين سألها عن مصدره أجابته بأنها “هديّة من حاجة صُبّارينيّة”! كان على طاولة القاضي مغلّف يحوي خمسمائة شاقل وقال : “اعترف بالتهمة باسم موكّلتك وهذا مبلغ الغرامة”. صُدم حسين وخرج طارقًا الباب خلفه دون أن ينبس بكلمة.

بدأ وكيل النيابة والادّعاء العامّ بتلخيصاته الناريّة، وتطرّق لفرض منع الزعتر، موضّحًا أنّه حين أشغل أريئيل شارون منصب رئيس الوزراء ووزير الزراعة في آن واحد، أجرى تعديلًا على قائمة النبات المحميّ لتشمل نبتة العكّوب حيث بات قطفها جريمة قانونيّة، مشيرًا إلى دور المحكمة الهامّ في اقتلاع هذه الظاهرة من جذورها من أجل الحفاظ على الطبيعة، خاصّة وأنّ المتّهمين لا يفهمون خطورة أعمالهم حين يدّعون قطفها للأكل.
بدورِه وقف حسين ليلخّص مجمل ادعاءاته للمرافعة عن إم سويلم فقال: “أمس أكلت طبخة عكّوب باللبن، وليس هناك ما أضيفه إلى أقوال الحاجّة وشهود الدفاع. أطلب ردّ الدعوة وتبرئة موكّلتي”.
قرّر القاضي تأجيل الجلسة لإصدار قراره. وفي اليوم الموعود وصل حسين إلى المحكمة لكنّه لم يجد الحاجة بانتظاره كعادتها. اتّصل بالعائلة، فأجابته ابنة الحفيد: “الحاجة أعطتك عمرها”…
وبعد صلاة الظهر شارك سعادة القاضي برفقة محاميها في جنازتها… في صبّارين.

المحامي حسن عبادي
كاتب من فلسطين

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...