لم أبقَ في المركز الصحي الذي عينت فيه كثيرا لأسباب عدّة، أولها صعوبة الطريق، طرق جبلية مغطاة بالثلوج، المدة الطويلة التي أقضيها خارج المنزل، وصعوبة المناخ، ففكرت بالاستقرار بالبلدة، لم أستطع أن أستأجر منزلا لأن التكلفة عالية أكثر من الأجر الذي أتقاضاه، إضافة لمصروف المحروقات، حتى العيادة المسائية لايمكن الاستفادة منها، لأنها لن تعمل إلا شهور الصيف الثلاثة أما باقي السنة فالبلدة شبه خالية إلا من سكانها الأصليين القلائل.
قدمت استقالتي بعد شهر من المباشرة، وبقيت في المنزل عدة أشهرأخرى، أتمتع بأمومتي مع ابني البكر، وأمارس هواياتي المنزلية.
حان تقديم أوراقنا للاختصاص والحصول على شهادة الدراسات العليا من مشفى الجامعة، وأنا كنت أحلم باختصاص النسائية والتوليد، وبما أن معدلي جيد جدا فإنني كنت متأكدة من الحصول عليه.
وبالفعل وضع اسمي بلائحة الإعلان ضمن أسماء المقبولين، ولإتمام الإجراءات راجعت الجامعة، فرأيت اسمي مغطى بورقة بيضاء.
تشنجت، ارتخت مفاصلي، كل شيء مبهم، راجعت عميد الكلية، فرد بألم : ـ ياابنتي الأمر ليس من عندنا!. سألت النجوم في السماء فقالت: أنت غير مرضي عنك، ربما لم تؤدي فروضك كما يجب.
مع العلم أني فتاة مطيعة مهذبة لا أجنح يسارا ولايمينا، أسير إلى جانب الحائط خوفا من شهب ربما شرارتها تصيبني.
كنت أبكي، أصرخ، صرخة مظلوم، في المنزل طبعا، لأنني أخاف أن يسمع صوتي، فربما أزعج الآخرين.
رضيت بالقدر الذي أنزله بني البشر، وانتظرت سنة أخرى في البيت.
أُجريَتْ مسابقة لاختيار أطباء لاختصاص الأطفال، قدمت عليها مكرهة، لأنني أكره الأطفال، لاتستغربوا!!.
فأنا الكبرى بين أخوتي، فكان علي تحمل ستة قرود بعدي عندما كنا صغارا طبعا، مشاغبون ، مخربون، ويقع على عاتقي ضبطهم عندما يخرج والداي من المنزل، وأي تخريب، أعاقب أنا عليه، لذلك ياروح مابعدك روح، كنت قاسية وصارمة، وأصبحوا يهابونني أكثر من أمهم وأبيهم، لكن بحضور أمي يتمردون علي ويجعلون عيشتي سوداء، لا أستطيع الدراسة ولا أستطيع قراءة حتى رواية على الرغم لما أبدأ بها أنسى كل شيء ولا أتركهها حتى أنهيها، وبما أنني كنت مصممة على التفوق ودخول كلية الطب، كنت أعكس أوقات النوم، فدراستي ليلية ، عندما تنام الشياطين وأبقى سهرانة لقريب الفجر، أنام قليلا ومن ثم أذهب للمدرسة.
فكيف لي أن احب الأطفال، مكرها أخاك لا بطل دخلت المسابقة، ونجحت أنا وأربعة أطباء غيري، بعد خضوعنا لفحص عملي ومقابلة، وحصلت على درجة ممتازة 90%، وقبلت.. الحمد لله الصحون الطائرة كانت غائبة عن المشهد.
وبدأت الدوام..وكان الشهر الأول من أصعب الأيام في حياتي، بما أن الأطفال الذين يدخلون المشفى جلَّ حالاتهم خطرة ومعرضين للوفاة، وثاءب بأن أول طفل كنت مشرفة عليه وتعلقت به، توفي فقد كان يعاني من ذات رئة من النوع السيء وأصيب بتجرثم دم، عندما توفي، صدمت وفجعت، وارتميت إلى الأرض قاعدة أبكي بهيستريا، وجها لوجه أمام الموت، كلما مات طفل، تأتيني نفس النوبة ، حتى تعودت وغيرت نمط تفكيري تجاه المرضى وعملت فصل إنساني عنهم.
وتابعت وأحببت الأطفال، واعتبرتهم أولادي وأصبحت حنونة جدا وطويلة البال ونجحت في معالجهتم.
بعد انتهائي من سنين التدريب،خُيِّلَ لنا بأن الطبيب سيملك الدنيا، وأننا سنحصل على المال الكثير، لكن بسبب وجود أطباء كثر وقدامى، فقررنا كعائلة السفر إلى محافظة نائية، فقيرة بالأطباء، لبناء الأسرة والحصول على المال الوفير، وتقديم خدمات علاجية لمرضى لم يلقوا العناية الطبية الكافية.
ركبنا قطار الليل، وفي جعبتنا أحلام وأماني، طويت المسافات، ووصلنا بعد سفر طويل وشاق، إلى رحلة جديدة بالعمل والحياة.
قدمت استقالتي بعد شهر من المباشرة، وبقيت في المنزل عدة أشهرأخرى، أتمتع بأمومتي مع ابني البكر، وأمارس هواياتي المنزلية.
حان تقديم أوراقنا للاختصاص والحصول على شهادة الدراسات العليا من مشفى الجامعة، وأنا كنت أحلم باختصاص النسائية والتوليد، وبما أن معدلي جيد جدا فإنني كنت متأكدة من الحصول عليه.
وبالفعل وضع اسمي بلائحة الإعلان ضمن أسماء المقبولين، ولإتمام الإجراءات راجعت الجامعة، فرأيت اسمي مغطى بورقة بيضاء.
تشنجت، ارتخت مفاصلي، كل شيء مبهم، راجعت عميد الكلية، فرد بألم : ـ ياابنتي الأمر ليس من عندنا!. سألت النجوم في السماء فقالت: أنت غير مرضي عنك، ربما لم تؤدي فروضك كما يجب.
مع العلم أني فتاة مطيعة مهذبة لا أجنح يسارا ولايمينا، أسير إلى جانب الحائط خوفا من شهب ربما شرارتها تصيبني.
كنت أبكي، أصرخ، صرخة مظلوم، في المنزل طبعا، لأنني أخاف أن يسمع صوتي، فربما أزعج الآخرين.
رضيت بالقدر الذي أنزله بني البشر، وانتظرت سنة أخرى في البيت.
أُجريَتْ مسابقة لاختيار أطباء لاختصاص الأطفال، قدمت عليها مكرهة، لأنني أكره الأطفال، لاتستغربوا!!.
فأنا الكبرى بين أخوتي، فكان علي تحمل ستة قرود بعدي عندما كنا صغارا طبعا، مشاغبون ، مخربون، ويقع على عاتقي ضبطهم عندما يخرج والداي من المنزل، وأي تخريب، أعاقب أنا عليه، لذلك ياروح مابعدك روح، كنت قاسية وصارمة، وأصبحوا يهابونني أكثر من أمهم وأبيهم، لكن بحضور أمي يتمردون علي ويجعلون عيشتي سوداء، لا أستطيع الدراسة ولا أستطيع قراءة حتى رواية على الرغم لما أبدأ بها أنسى كل شيء ولا أتركهها حتى أنهيها، وبما أنني كنت مصممة على التفوق ودخول كلية الطب، كنت أعكس أوقات النوم، فدراستي ليلية ، عندما تنام الشياطين وأبقى سهرانة لقريب الفجر، أنام قليلا ومن ثم أذهب للمدرسة.
فكيف لي أن احب الأطفال، مكرها أخاك لا بطل دخلت المسابقة، ونجحت أنا وأربعة أطباء غيري، بعد خضوعنا لفحص عملي ومقابلة، وحصلت على درجة ممتازة 90%، وقبلت.. الحمد لله الصحون الطائرة كانت غائبة عن المشهد.
وبدأت الدوام..وكان الشهر الأول من أصعب الأيام في حياتي، بما أن الأطفال الذين يدخلون المشفى جلَّ حالاتهم خطرة ومعرضين للوفاة، وثاءب بأن أول طفل كنت مشرفة عليه وتعلقت به، توفي فقد كان يعاني من ذات رئة من النوع السيء وأصيب بتجرثم دم، عندما توفي، صدمت وفجعت، وارتميت إلى الأرض قاعدة أبكي بهيستريا، وجها لوجه أمام الموت، كلما مات طفل، تأتيني نفس النوبة ، حتى تعودت وغيرت نمط تفكيري تجاه المرضى وعملت فصل إنساني عنهم.
وتابعت وأحببت الأطفال، واعتبرتهم أولادي وأصبحت حنونة جدا وطويلة البال ونجحت في معالجهتم.
بعد انتهائي من سنين التدريب،خُيِّلَ لنا بأن الطبيب سيملك الدنيا، وأننا سنحصل على المال الكثير، لكن بسبب وجود أطباء كثر وقدامى، فقررنا كعائلة السفر إلى محافظة نائية، فقيرة بالأطباء، لبناء الأسرة والحصول على المال الوفير، وتقديم خدمات علاجية لمرضى لم يلقوا العناية الطبية الكافية.
ركبنا قطار الليل، وفي جعبتنا أحلام وأماني، طويت المسافات، ووصلنا بعد سفر طويل وشاق، إلى رحلة جديدة بالعمل والحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق