اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

بائع الحنّاء ــ قصة قصيرة | د.حارص عبدالجابر عمّار النقيب - مصر

رجل عجوز طويل، نحيف، ذو عيون غائرة واسعة دائمًا دامعة، أو عليها أثر دموع ولها بريق غريب، يدور على البلاد والقرى على رجليه لبيع الحنّاء، يذهب إلى كل قرية مرة في السنة.. لا ينسي أحدًا، لا يكتب في دفترٍ، ولكنه دائمًا يتذكّر كل الناس بأسمائهم، إنه عمّي "حمدان" في الخمسينات من عمرهِ يرتدي الملابس الصعيدية ويلف على رأسهِ شَّال قماش مع آخر صوف، كأنهما أفعى وأفعوان يعيشان قصة حب، يمر علينا عامًا بعد عامٍ ودائمًا موعده بعد نهاية فيضان النيل وانحسار المياه عن القرى بحيث يستطيع الناس السفر والتنقل بسهولة.

مر عام، اثنان، ثلاثة ولم يمرّ عمي "حمدان"، ولا أدري لماذا جاء على خاطري في تلك اللحظة التي كُنت أجلس فيها تحت شجرة في يوم قائظ ألعب بجوار والدي الذي سلّم جسده لذلك الهواء المنعش من أثر مياه الحقول وظِل الشجرة الوارفة.
-أبي هل تتذكر عمي "حمدان" بائع الحناء، لماذا لا يأتي منذ عدة أعوام؟
دون أن ينظر إلي:
- مات. اتقتل.
- ليه؟
حكي لي وهو يدري أني قد لا أفهم، ولكن حكي لي حتى يرتاح من أسئلتي الكثيرة.
-كان هذا الرجل ميسور الحال وكان شابًا متعلمًا، من عائلة كريمة وشريفة ولكن قليلة العدد، وأحب فتاة من عائلة أخري مشهور عنها أنها لا تزوّج بناتها خارج العائلة كعادات أهل الصعيد، فكان يذهب بالقرب من دارهم، لعله يراها أو تراه من بعيد، فتقترب من النافذة بالطابق الثاني ليراها، وبدون كلام اتفقا على وقت العصر مع خروج الناس للحقول بعد القيلولة يتقابلان.
ثم بعد أسابيع أصبحت تنتظره من نافذة الدور الأول، بدون كلام، آلاف الرسائل تخرج من عينيهما وآلاف من عبارات الحب والهيام، ثم بعد شهور، كانت الحروف الأولى منه " إلى متى؟"، وكان ردها "إلى أن يقسم الله أو تتغير عاداتنا".
كانت تعشق الحناء، وكان يسافر خصّيصًا إلى البندر لإحضار الحنّاء لها، وتركها بالقرب من النافذة دون أن يلحظ أحد.
وفي يوم من الأيام أحضر لها الحناء وتركها بالقرب من النافذة مع مرور أحد أولاد عمها، فأبلغ أباها، الذي بدوره ثارت ثائرته وتوعدها بالقتل هي و"حمدان"، فأرسلت تحذره مع بائعة تذهب إلى المنازل لبيع الأقمشة، فأصبحت البائعة بديلًا للنافذة حتى اتفقا على الهروب، التقيا قبل صلاة الفجر، وسارا حتى وصلا إلى أرض تكثر بها الزراعات والأشجار، وشعر بقشعريرة تنفض جسده فهمس في أذنها "لن يبرح حبك قلبي حتى وإن قُتلت، أراك في الدنيا أو في الآخرة"، وشاء القدر أن تخرج من فيه كلمات غير مُرتبٍ لها بدافع الخوف عليها:
"ارجعي إلى بيتك حتى لا تتعرضين لمكروه".
لا تدري هي لِمَ قال لها هذه الكلمات؟ ولكن تدري أنها على ثقةٍ كاملةٍ في كلامهِ، نظرات حائرة بين عينيه وعينيها ورسائل حب وخوف وهلع وأمل ووعد باللحاق به إن ظلّ حياً.
وهرولت مسرعة إلى منزل والدها، تقابل الغريمان واستطاع "حمدان" التغلب علي ابن عم حبيبته وضربه على رأسه، ثم أطلق لساقيه العنان، لا يدري إلى أين تأْخذانه، ومن هذه الساعة وهو يتنقل من بلدة إلي أخرى ولكن بالقرب من قرية حبيبته حتى يعرف أخبارها، ومن هذا اليوم ترك كل شيء في الدنيا، وأصبح يلف علي القرى لبيع الحِنّاء، لعله في يومٍ يعثر علي حبيبته، والتي اعتقد أنها سوف تلحق به، وتخفّى بهذه الملابس سنوات وسنوات لا ينساها ولا يستقر في بلد، حتى تعب من كثرة السفر والبحث عنها في وجوه النساء، فآثر العودة إلي بلده حاملاً معه كيسًا من الحنّاء لعله يرتاح بلقائها، وما إن دخل قريته وانتشر خبر رجوعه حتى تحقق الكابوس الذي كان يؤرقه؛ أن يُقتل دون أن يعرف أخبار حبيبته، أمسكوه وأرقدوه على الأرض أمام منزل الفتاه، فسقط كيس الحنّاء وتناثر ما به أسفل نافذتها وتم ذبحه فاختلط دمه بالحنّاء التي عشقها من أجلها والتي خلدت ذكْراهما حيث ظَلّ لون الأرض أحمر لوقتٍ طويلٍ، يقول من حضر الواقعة "قبل أن تصل السكينة إلى رقبته رفع عينيه إلي نافذتها وابتسم".


بقلمي / د.حارص عبدالجابر عمّار النقيب - مصر

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...