اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قطرة حب ــ قصة قصيرة || صفوان محمود حنوف

كان أحمدُ مُطرقاً يفكّر ، يبحث في ذهنه عن كلماتٍ وصورٍ أجمل مما كتب قي قصيدته التي انتهى من تأليفها مؤخراً لتكتمل الّلوحة التي أراد ، لذلك لم تكن حواسّه مشدودةً لما يعرضه التلفاز حتى انقطع البثّ ، حيث ظهرت المذيعة لتُعلن عن حاجة مريض إلى دمٍ من زمرة O سلبي ، وترجو حامليها التبرّع لدى بنك الدّم .
ومع أنها زمرة دمه فلم يشترط في بادئ الأمر أن يكون معنيّاً بهذا النداء، لولا أنه لا يعرف عدد الذين
يهرعون منهم لتلبيته، ولهذا أحسّ أنه المعنيُّ الوحيد به ، خاصة أن المذيعة ظهرت ثانية لتعيد النداء نفسه .
غادر البيت فوراً ، ركب درّاجته وابتعد عن بيته في هذا الحيّ الشعبيّ باتجاه بنك الدّم . كان عليه أن يجتاز عدّة أزقةٍ ليصل إلى شارعٍ عريضٍ يفضي إلى مركز المدينة فيسهل بعده الوصول إلى مبتغاه . وكان بعض الصِّبية يلعبون كرة القدم في واحدٍ من هذه الأزقة كعادة أولاد الحارة ، فضغط على زرّ الجرس الذي يعمل بالبطّارية وأطلق لصوته العنان ، لكنّ الصِّبية لم يسمعوه أو إنهم قد تجاهلوه ، فراح يقود درّاجته بينهم بحسب ما يمكنه من اجتياز تلك المظاهرة حتى ابتلعه شارعٌ عريضٌ مكتظٌّ بالمارّةِ والسيارات الصغيرةِ والكبيرة .
كان يضغط زرّ الجرس كلما لزم الأمر ، لكن ذلك لم يُغنه عن السير بين تلك السيارات متنقلاً من يمين الطريق إلى يساره ثمّ إلى يمينه .....
راح يفكر في المريض ، ويحاول أن يرسم له صورةً في ذهنه ، فتخيّله أباً خرج يسعى على أولاده ، أو أمّاً يحتاجها أطفالها ، وربما كان صبيّةً أو شابّاً ينتظرهما مستقبلٌ ما ، أو طفلاً لم يذق بعد من حلاوة الحياة ، أو عجوزاً فيمدّ الله في عمره .
غذّ السير وزاد من سرعته لأن إنقاذ حياة المريض -كائناً من كان – أضحى في رقبته وحده . حين اقترب كثيراً من الساحة العامة التي تتوسط المدينة ، كان عليه أن يكون أكثر مهارةً في القيادة وهو يدخلها ، لأن السيارات التي تتدفق إليها من بعض شرايين المدينة تتوقف فجأةً بسبب الازدحام الشديد ، ثمّ تواصل سيرها ببطءٍ وهي تتوغّل في بعض شرايينها الأخرى . هنا أدرك أن درّاجته أكثر قدرةً على المناورة من سيارة أجرةٍ ربما كان عليه أن يستقلّها .
وصل إلى آخر شارعٍ يفضي إلى بنك الدّم ، وكان يسير على اليمين دون أن يخفّف من سرعته ، أما السيارات والحافلات الصغيرة فكانت تتجاوزه كالريح غير آبهةٍ بأحد .
قبل أن يصل إلى مفرق البنك بقليل تجاوزته واحدةٌ من تلك الحافلات ، ثمّ توقفت فجأة لتنزل منها شابّة ملهوفة ، فصار عليه في هذه اللحظة أن يكبح درّاجته لكي لا يصطدم بها ، وقام بذلك فتوقف إطاراها عن الدوران ، لكن الدراجة ظلّت تنزلق على إسفلت الشارع بسبب القوّة الدافعة حتى اصطدمت بالفتاة وأوقعتها أرضاً ، بينما كانت الحافلةُ تواصل سيرها .
تجمهر بعض المارّة حولهما فوراً ، وأكثرهم حولها ، وكان أسرع هؤلاء شابٌّ أخذ الفتاة من زندها يساعدها على النهوض، وكان يضغط عليه فسحبته من يده وهي تنظر إليه شزراً .
بعدما نهضت راحت تُصلح هندامها بينما كان أحمد يناولها ساعة يدها التي أفلتت منها ، وكانت الساعة تتصل بسلسلةٍ تنتهي بصورة معدنية صغيرة لمريم العذراء تحمل طفلها ، تناولتها منه بيدٍ بدت عليها آثار طلاءٍ مختلفٌ ألوانه ، وكانت تنظر إليه بغضب ، ثمّ تابعت طريقها وانعطفت يميناً وغابت عن الأنظار .
أما هو فقد كان محاطاً بمن يقرّعه ويرميه بالعمى ، وبعض هؤلاء اتهمه بأنه كان يريد التحرّش بالفتاة ، ولذلك لابدّ من أخذه إلى مخفر الشّرطة لتأديبه .
كان عليه في هذه الحال أن يتخلّص مما صار فيه بأقصى سرعة ، فحياة المريض لا تحتمل أيّ تأخير .
راح يشرح الأمر لهؤلاء ، ويخبرهم عن وجهته وهو يحلف لهم على صحّة ما يقول فتركوه .
امتطى درّاجته من جديدٍ وتابع سيره حتى انعطف إلى اليمين بسرعةٍ فائقةٍ ليعوّض الزمن الذي ضاع منه ، حتى وصل إلى مبتغاه .
ركنَ الدرّاجة في مدخل البناية التي يقع فيها البنك كيفما اتفق وصعد الدّرج بسرعة .
في غرفة الانتظار لم يكن هناك أحد ، وهذا لم يهمّه بأيّ حال لأنه على استعدادٍ للتبرّع بالمقدار الذي ينقذ حياة المريض إذا كان وضعه الصّحيّ يسمح بذلك .
قدّم نفسه للمسؤول كمتبرّع ، وبعد التأكّد من مطابقة زمرة دمه في المخبر أُدخل غرفة قطف الدّم .
كانت هذه الغرفة تحتوي على سريرين استلقت الفتاة إياها على أحدهما والدم يُقطف من ساعدها ، وكانت تنظر إلى السقف حين دخوله . استلقى هو على السرير الآخر وبدأ قطف الدم منه أيضاً ، وهو ينظر إليها.
ثمّ راحت الفتاة تجول بعينيها في أركان الغرفة حتى التقت بعينيه فأحسّت بأن شيئاً ما ... بدأ يسري في روحها .
رفع يده الأخرى يحييها وهو يبتسم فابتسمت أيضاً وهي تردّ عليه تحيّته بإيماءةٍ من رأسها .
سألها عن اسمها بصوتٍ خفيضٍ مسموعٍ قائلاً :
- O سلبي ؟؟
فزادت في ابتسامتها لسذاجة سؤاله وهي تومئ له موافقة .
كان كلٌّ منهما يحسّ بشيءٍ من السعادة لأنهما يحملان الاسم نفسه وهو يقطر من ساعده إلى كيس بلاستيكيٍّ خاصّ .
انتهت عملية قطف الدّم منهما معاً تقريباً ، خرجا من الغرفة ليجتازا غرفة الانتظار باتجاه المخرج ، وكانت هذه الغرفة تعجّ ببعض الرجال والنساء والصبايا والشباب ، وهم مختلفوا الملامح والأعمار والملابس .
كانت الفتاة تسبقه بخطوتين أو ثلاث ، استوقفها قائلاً :
- يا آنسة O ....!
استدارات إليه وهي تبتسم وقالت :
- O سلبي من فضلِك .
قدّم لها اعتذاره عن حادثٍ لم يرتكبه عمداً فقبلته ، ثم دعاها لتناول شيءٍ باردٍ فاعتذرت لأنها تريد العودة إلى البيت لتكمل لوحة كانت تقوم برسمها حين سمعت النداء .
افترقا مسرورين لأنهما قاما بصنع أجمل لوحة ، ومما زاد في سرورهما أن أيّاً منهما لا يعرف في أيّ شريانٍ سيجري دمه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
تموز 2004
القصة من مجموعتي القصصية ( لم تنشر بعد ) : رجل يخاف النوم .

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...