غداً ستفتح العصافير عيونها ولن تجدك.. سأكون قد انتهيت للتو من أكل قلبك… وشرب ملح ليلة كاملة من الأرق.. سأكون قد أكملت طلاء الجدار بلون عينيّ اللتين تحب.. ورفعت تعب النيكوتين عن قمصانك.. ستكون للتو قد أتممت دعائي لك وتلك الرسالة التي تقول.. انتبه حبيبي الحجر الذي تركله بحزن قدمك لن يتحول إلى فراشة.. إنه ببساطة قلبي.. ستكون هي.. هي حبيبي من هبطت بصورة أحبابك وتركت روحي هناك لتعتق السماء من شوقك.. هي من حملت العنكبوت وبيته وضعته على الشجرة التي تنظر لنافذتك.. كحّلت النجوم ورمتها على قبر حبيباتك الميتات.. ثم بكى طويلاً قبل أن يرسم زورقاً بلون الشقاء على تلك البقعة الصفراء في
السقف.. هي حبيبي.. هي وليس أنا من وشمت وجهك على ظهر الجياد وأطلقت عويلي للريح.. ربتت الغبار في زواياك الوحيدة وصنعت لك طائرة ورقية ترفعها خيوط روحي في كل مرة تمد فيها يدك لتتوسد جبين حبي الواسع… هي من أشعلت التنور وخبزت الحب لأطفال قرية لا تزورنا سوى على الورق.. خرجت بالقطيع وعادت بحليب القصائد ليروي شفتك التي لا تشبع… رفعت الزجاجة الرقيقة جداً عن فانوس قلبك ووضعتها في غرفة بعيدة كي لا تجرح أصابعك بحناني المفرط.. سقت دالية العنب وكتبت على كل ورقة فيها أحبك.. أعادت طوي ثيابك القديمة وأخرجت الملح من جيوبك.. وصففت شفاهها على النهر لتمشي على الماء.. ثم رمت العشب بحصى الضباب الذي لم يعرفك.. هي من فكت عقدة السكوت وحولها من كلام مذهب إلى فضة تطوق خصرك… سندت ذلك الطير الذي يقف طوال الليل على قدم واحدة كي لا تسقط السماء على قلبك.. أمسكت بشال الأغنية قبل أن تذبحك… وشدّت فم تلك الفتاة الجميلة ثم رفعت صدرها الصغير قبل أن تعبر وتبتسم لك… هي من عبثت بألوان الإشارة كي لا يقطع الشارع خيالك.. تعثرت بالظلام الغافي تحت إبطك.. قطعت جسور الأرض جميعها على شفتك السفلى ولم تصل.. أطلقت الصلاة عاليا للحب حتى تنتهي من كتابة تراتيلك.. هي من سقطت وليس أنا.. سقطت متعبة.. متعبة جداً من فرط الفرح المفتعل الذي حاولت أن توزعه عليك.. وضعت الغطاء على وجوه كل النساء اللواتي ستكلمهن كي لا تراها وبنفس القلب ابتسمت لك وبكت لغيابك… نعم حبيبي هي.. من نفخت اسمك على جسد المريا لينهض النهر ويحول قلبك لحبة لوز بسبعة أجنحة تحلق بروح الغابات الكئيبة… هي من كتبت صوتك على الضوء ليهدأ الغيم وتسحر الآلهة ثم تغدو نجوماً بيضاء تغمر شعرها الطويل في كل مرة يسقط فيها المطر هي من تدندن وجهك بحرقة منخفضة ليجتمع الحمام حول سريري يهدهد قلبك حتى تنام.. هي من غنت وجهك للدراويش للعتمة الضائعة.. لأطفال مثلنا يبكيهم الحب قبل الجوع.. فخرجت ثلاث جنات، أربع جنات، يجري من تحتها الحزن.. واحدة لي.. واحدة لها… واحدة لك.. وأخرى لجثة أبيها تحت التراب هي حبيبي.. من يهدها العشق لتبنيني.. هي من تتودد للشرارة التي يخلفها الشعر على حافة جرحك في كل مرة تكتبني وتحاول بصدق توزيع الحب بعدل على نساء الأرض جميعا كي تعشقها أكثر، هي من توقد روحي وروحها, لتطير على طول الشعر روحك الفينيق.. هي العاصية الوحيدة على وجه هذا الكوكب تركت الضوء وعادت لأصل النار في عينيك.. ثم صرخت في وجهي بصمت… امضِ.. امضِ أيها الليل… كلانا دون مخالب.. هي من تغني وجهك بصوت منخفض لا في سبيل الحب تغنيه… تغنيه هكذا.. صدقني فقط هكذا.. في سبيل الله.. هي هذا الضمير المهتوك الذي يجعلك تشعر أني امرأة واحدة.. امرأة مجنونة تعد لك كل شيء لتستيقظ بقلب واحد تهديه إليّ وتمضي للحياة… هي تلك المرأة الأمية التي لا تجيد قراءة روحك التي حفظتها عن ظهر حب.. بل تقبلها.. تقبلها ثم تضعها على صدري بجانب القرآن قبل أن يأخذها النوم إليك… هي حبيبي.. هي من أسرت رائحة والديك.. وانتظرت اختلاجاتك الأولى طويلا.. ثم فرشت عبق دعائهم على طاولتك قبل أن تستيقظ بلحظة.. بلحظة واحدة هذا الصباح… هي حبيبي.. هي وليس أنا.
* شاعرة من سوريا