اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أما نحن فنفنى.. وكلماتنا تبقى ...*ريم سامح



⏪⏬إلى أبي المهاجر منذ عشرين عاماً
أغبط كرهك للوطن، عزمك الكامل على الرحيل دون الالتفات ولو لنظرة أخيرة. أغبط جرأتك وقلبك الذي استفتيته فأفتاك وما تلعثم. ظننت أني مثلك؛ أن ظُلم وطني قد نزع من قلبي كل حنين إليه. أني قطعت كل روابط الوصْل وأنتظر الرحيل المؤبد.

حتى حان الوقت، والهجرة أصبحت خطة وورق وتذكرة طيران، بعد أن كانت حلم بعيد أُعلّق عليه كل شماعات الأمل والخطيئة وسوء الحظ.

الهجرة مُخيفة والرحيل مُقبض، كيف كُنتَ حينها؟ فيمَ فكرت ومَن تذكَّرت؟ قل لي، لأنني تائهة. لم أشعر بالسعادة التي طالما حلمت بها. ترك كل ما هو جزءاً مني يُشعرني بالغُربة.. الاغتراب في النفس أعظم من كل غربة يا أبي، بل هو الغربة بعينها وكل ما سواه تباعد مسافات وتواجد في حدود تحت مُسميات.

أخشى هجرها فتهجرني. أخشى ارتحالي عني.. فلا يبق لي شيئ يذكّرني بنفسي، أخشى ترك بعضي هنا وأخذ بعضي معي فأتهجّر في نفسي! لا أريد أن أكون ذكرى، أو صفحة مقلوبة في حياة مَن أحببت.

لا أريد أن أُرفَع بفعل ماض. ولا أن يطول علىّ الأمد، فيغشو التراب ملامح ذاكرتي.
أي طمأنينة وأي حياة في الهجرة يا أبي؟ فالمهاجر يأخذ من وطنه متاعه، ويترك فيه جزءاً من روحه! هب لي أمي وإخوتي، أصدقائي، وشوارعي.. ثم قل لي اللهم هجرة، وأنا والله سأكون أول الراحلين.


لا طاقة لي ببدء حياة جديدة كما تزعم، لستُ طفلة صغيرة صحيفتها بيضاء يُنقش عليها من بادئ البدء. بل صحيفتي مملوءة، مُعفّرة، داكنة ومحفّرة. طُبع عليها بما لا يُمحى. بل أخاف أن يبهت، فيشوّه كل جديد يُرسَم عليه، ويطفئ كل قديمٍ نُقش عليه. قلْب الصفحات ها هنا مُحالاً، كتابي مُعنون ومُفهرَس. قد يحتمل مزيد من التفاصيل في كل فصلٍ، بل ومتروك لها مسافات وأسطر، لكن لا يحتمل الشطب والمزق.. لا يحتمل البَدَل والبدء.

ينقبض قلبي بمجرد تخيل أن يكون وصْلي مع أقرب المقرّبين إلىّ خلال هواتف يتخللها تشويش شبكات الانترنت، فلا أسمعهم ولا يسمعون. مجرد انحصارنا ها هنا يُميت جزءاً مني. أنتظر بضع ثوان لأسمع صوتهم، وتسقط مني كلمة ها هنا وضحكة ها هناك.
شهور تلو شهور.. وسيملّوا، وربما أنا سأملّ. سأكون ذكرى باقية لهم في هاتف.. لا جسد له ولا روح.

سأُنسى بمرور الوقت.. وسأنسى. الرسائل لن تفي، والصور لن تنطق. العبارات لن تُبارك، والهدايا لن تُقرّب. هم كلي وجزئي.. هم أنا.. ماضي وحاضري ومستقبلي.

لا أريد أن أرحل واترك وطني. وطني الذي أنقم عليه كثيراً. نعم، لا سامح الله وطناً فرّقنا عن أحبابنا ونزع من قلوبهم كل تعلّق به، لكني اعتدته.

وطني بات جزءاً مني لا يريد لي الخلاص.. مهما أردتُ منه الخلاص. عبق شوارعه، وضيق أزقّته، ظلمه وقهره، فقر أهله وتفاوت المستويات، ضياع حقوقنا فيه، وضياع كلنا! عِشت فيه، وعاش فيّ.

الوطن انتماء يا أبي.. هو آخر ما تبقى لي من انتماء. أنتمي فيه لأهلي، لبيوتهم البسيطة وأصواتهم العالية، لأصدقائي وشوارعهم وذكرياتنا المتناثرة فيها، حتى أن انتماءاتي ليست لأشخاص وحسب! بل إني متعلقة بالثلاث أشجار الضِخام أمام بيتنا، حاكيتهم ليالٍ طوال وأسررت معهم نجواي، بشارع بيتنا الذي أحتمي فيه وأشعر فيه إني أمِنت، بصوري المُعلقة على الحائط ذي الشقّ المجعّد، بغرفتي التي تعرفني وأعرفها، التي أسكنت صخب ذهني وشاركتني تيهي ورُشدي، تعلمُ أصدقائي ولها معهم ما يربطها بهم ويكفي، لأوراقي المدفونة في أدراج مكتبي الحاملة لأسراري في صمت، لطُرق تهت فيها من أمي وسمِعَت بكائي، للمسجد القريب من بيتنا حيثُ يسكنُ سَكني، الذي سمع مناجاتي وتعلق به قلبي فأويت له كلما ضاقت علىّ الأرض بما رحبت.. ورحب هو.

لمدرستي ذات الرائحة القريبة للروح، تُطمئني مهما غِبت عنها. أنتمي في وطني لمن فقدتُ من أحبتي تحت ترابه، أعلم مكانهم وهم يتحسسون قدومي، لرمضان ودفئه، لصلاة العيد فيه وجيراننا والزينة وصوت الأطفال، لمقعد في الزاوية أعرفه ويعرفني. أنتمي فيه.. لنفسي! لكتبي ونظْمها، لسيارتي الصغيرة تحمل أفضل موسيقاي وحكاياي وتصادق صديقاتي. لكل قِبلة يحج إليها قلبي في وطني.

وطني ظالمٌ يا أبي، ابتلع أحلامنا وقبر أحبابنا. ولكنه كان معي منذ رحلتَ، بقي مكاني وملجأي ومهربي، به سوّرت حزني وقبضتُ عليه، قد شهدني ولم يؤازرني. ظلمني ولكنه لم يهجرني. نعم، لا مستقبل هنا ولا خير.. كما تقول. لم أقل أنه مريح، بل هو كما هو عليه.. أجد فيه تفاصيلي، ماضيّ وحاضري، رسمتُ عليه مستقبلي. بقيّتي هنا!

الهجرة شفاءً لكل جُرح في طموحنا وكل ما فاتنا، ولكنها تحمل سقمنا بألم جديد؛ بألم طويل، وذكريات أدق، وتفاصيل أخصّ. الحياة لديك أريح وأهدأ.. وأبرد! لا أعلم من أي نُكتَة في كتابي، حان ميعاد قلب الموازيين رأساً على عقب. ولِم الآن؟ وإلى أين المآل؟ أي طمأنينة وأي حياة في الهجرة يا أبي؟ فالمهاجر يأخذ من وطنه متاعه، ويترك فيه جزءاً من روحه! هب لي أمي وإخوتي، أصدقائي، وشوارعي.. ثم قل لي اللهم هجرة، وأنا والله سأكون أول الراحلين.
-
*ريم سامح

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...