اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

الشاعرة التونسية لمياء المقدم “في الزمن وخارجه”: سيرة ذات مغتربة ومهشمة


⏪⏬
من مسرحيته “أبواب مغلقة ” التي كتبها جون بول سارتر بين 1943 و1944 ظهرت العبارة الشهيرة “الجحيم هو الآخرون” والتي أراد من خلالها سارتر أن يقول إنه إذا كانت العلاقات مع الآخر ملتوية وفاسدة، إذن فلن يكون الآخر سوى الجحيم. وذلك لأننا في
أعماقنا نعتبر دائما الآخرين أهم ما لدينا لنتعرف على ذواتنا. فعندما نفكر في أنفسنا، ونحاول معرفتها، نستخدم في أعماقنا المعلومات التي كونها الآخرون عنّا. وبذلك نحن نصدر أحكاما على ذواتنا بالوسائل التي قدمت لنا من هؤلاء. فمهما كان شعورنا تجاه أنفسنا فإن حكم الاخر يكون جزءا منه. وهذا يعني إذا كانت علاقاتي سيئة سأضع نفسي في تبعية للآخر ومن ثمة بالفعل سأكون في الجحيم.



من خلال هذه الفكرة وهذه العلاقة الملتبسة بالآخر يتنزل ديوان “في الزمن وخارجه” للشاعرة التونسية لمياء المقدم. في 56 نصا تصوّر الشاعرة سيرة ذات مغتربة ومهشمة على مدى الزمن. سيرة تشوبها الانكسارات والخذلان وسوء الفهم. علاقتها الملتبسة بذاتها وبالآخر. تروي شغفها، احتقانها واغترابها الدائم. وتقودنا أحيانا إلى عوالم سريالية ونفسية معقدة.

دائما ما يكون العنوان هو العتبة الأولى التي نقرأ من خلالها عوالم المجموعة الشعرية. وفي هذا الكتاب نتبيّن، منذ البداية، النزعة الوجودية التي ستحملها النصوص. ونتقصى من خلاله صراع الذات مع الزمن، فمنذ القدم إلى الآن مازال سؤال الزمن حاضرا في ذهن الإنسان. وكانت الفلسفة الهندية واليونانية قد شغلت أفكارها مثل هذه الأسئلة: هل الزمن موجود فعلا، وهل يسير في خط مستقيم أم دائري؟ كما يتغير الاحساس بالزمن من شاعر إلى آخر ضمن وعيه الحاد بوجوده وتجربته الإنسانية. وفي هذه المجموعة سيتداخل الزمن بين زمن فيزيائي وزمن نفسي.

ومنذ النصوص الأولى تنكشف علاقة الذات بالآخر قد يكون في شكل نداء:

“من المهم أن تكشف لأحبتك أعماقك، إذا ضعت نادوك، فردد شيء داخلك النداء، واذا مت، كتبوا على قبرك، ولد كالريح في قرية منسية ونائية، ومات كحجر بارد، في يد غريق”.

وسرعان ما تنقلب علاقة هذه الذات المهشمة بالآخر من نداء إلى خذلان في نص بائعة الخبر الذي تروي فيه الشاعرة بأسلوب سرديّ سيرتها:

“ذات شتاء قاس، كنت بائعة خبز، في قرية صغيرة جدا، جاء أحدهم، وكان جائعا، فمنحته رغيفا، وأخذته إلى بيتي…….ثم صحوت ولم أجده”.

في هذا النص سيرة بائعة الخبز واصطدامها بالزمن وبالآخر “صحوت ولم أجده” تصور لنا الشاعرة خذلانها ورعبها من الزمن والفقد والوحدة إذ تقول أيضا في نص “لا تذهب “:

“لا تذهب ولو ليوم واحد،
ولو لدقيقة واحدة،
ولو للحظة،
ليس من دوني،
وليس معي،
لا في الزمن ولا خارجه،
لا تذهب”.

سيرة ملتبسة بالآخر الذي تناديه أحيانا، وتصنعه في صورة سريالية أحيانا أخرى: “احتجت إلى رجل فصنعته”. وهو الذي تمنحه حكايتها: “سأحدثكم عن الغدر”، والذي يبكي كالأطفال وهو الذي يصلح ويفسد كل شيء.

أصوات أخرى مهشمة

ليس صوت الذات وحده هو الذي يبرز في هذه النصوص. ثمة صوت الجسد الذي يحضر بكثافة في المجموعة: “الأرجل، الأرداف، الأصابع، ركبتيّ، كتفي، شعري، يدين، صدري الفائض حبا”. إنها سيرة الجسد الذي تكتبه الشاعرة ويكتبها في اشتباك دائم مع الذات ومع الآخر ومع الطبيعة والزمن.

ومن الأصوات الأخرى، تبرز الطبيعة: “سمعتني الطبيعة ولم تبك”، والشجرة، والنهر: “لم أجر كالنهر”، والنباتات، والريح: “في انتظار الريح الأخيرة”، والأرض. يحضر معجم الطبيعة بكثافة كصوت من الأصوات التي تضج بها القصائد والأمكنة التي تعبرها الشاعرة حقيقة أو خيالا.

كما يحضر صوتي الحب (السعادة) والخذلان (الهجر والفقد)، صوتان لا تكاد نصوص لمياء المقدم تخلو منهما، وقد يصلان أحيانا إلى حدّ التوحد في صوت واحد كما في نص نبوءة: “سيقتلني حبيبي ذات يوم/ إذا لم تجدوا جثتي فتشوا في قصائده”.

الاغتراب والشقاء ثيمتان أساسيتان نسجتا عوالم الكتاب الشعري، إذ لا يكاد نص من النصوص يخلو منهما كتعبير صارخ عن الذات التي تعاني وترزح تحت وطأة وجودها، حيث كل الحيوات والأحلام تفسد وتنتهي وتتحطم في النهاية، وتصل جثة في صندوق:

“تصلكم الجثة كاملة بعد قليل
لا ينقصها شيء فاستلموا الصندوق،
تجدون داخله
أبناءنا الميتين
وأشجارنا المقطوعة من أسفل الجذع”.

إنها عبثية الحياة، فكل ما كان يوما صالحا وجميلا وحميميا ينطفئ في لحظة، كأنه لم يكن الحب، الأصدقاء، البيت، الحديقة، الجسد… كل شيء ينكسر في النهاية أو تسحبه يد الفناء. هكذا يزهر الموت في نص “الحديقة”:

“سيموت كلانا، وتبقى الحديقة مفتوحة على الفصل الأخير، ككتاب في يد عجوز داهمه الموت أمام مدفأة، كرسيّه يهتز لأيام، وعلى وجهه ظلال من عبروا… ذات صباح، سنخرج أنا وأنت إلى العشب لنستلقي بنيّة الحبّ، لكنه سيأكل أصابعنا، وأعيننا، ويطحن عظامنا”.

وسط كل هذا الخراب الذي يحل بالذات، وسط شقائها واغترابها وعبثية وجودها، يبقى الشعر خلاصا يتدفق من نهر مخيلة الشاعرة يصلح ما أفسدته الحياة ويقوّم اعوجاج الوقت. إنه النداء الخفي والواضح والمعبر عن المحنة والشقاء: “أكتب لتراني، لتعرف كم أحبك، هكذا تعلمت الشعر… من أجلكَ أشقى، ومن أجلكَ ألقي بالقطعة الأخيرة”.

في هذا الكتاب الشعري تلتبس فيه العلاقات، بين المشاعر والجسد بين الحب والخذلان، بين الذات وعلاقتها بنفسها وبالآخر وبالطبيعة التي هي الفضاء الواقعي أحيانا والمتخيل حينا، كما يلتبس الزمن بين الواقعي الفيزيائي وبين الزمن المتخيل. ويأتي الشعر متدفقا ومنسابا، لنجد أنفسنا أمام سيرة ذات مغتربة ومهشمة تتدافع داخلها المتناقضات جميعها، حيث يكون الشعر دائما هو المخلص من هذه العوالم النفسية المعقدة.

بامكان الشعر أن يفتح حلقة خارج الزمن وان يداوي الجسد والروح السقيمين، وأن يخرجنا من هذا الجحيم.

تجدر الإشارة إلى أن لمياء المقدم درست الأدب واللغة العربية، وتقيم منذ سنوات في هولندا. عملت صحافية ومقدمة برامج في إذاعة هولندا الدولية، وصدر لها مجموعتان شعريتان، “بطعم الفاكهة الشتوية” 2007، و”انتهت هذه القصيدة، انتهى هذا الحب” 2015. كما صدرت لها ترجمات عن اللغة الهولندية، ونالت في عام 2001 جائزة الهجرة للأدب بهولندا.

* محمد العربي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...