⏪⏬
يُقال حين حفل زفاف شاهد أحد الحضور معلمه الذي كان يدرسه في المرحلة الابتدائية قبل نحو عشري سنة، أقبل الطالب بكل لهفة واشتياق على معلمه وتقدّم بين يديه بكل تقدير واحترام، ثم قال له بشيء من الخجل هل تتذكرني يا أستاذي؟ قال له العجوز بصوت
متهدّج: لا يا بنيّ. فقال الطالب بصوت خافت كيف لا؟ فأنا ذلك الطالب الذي سرق ساعة زميله في الصف وبعد أن بدأ الطفل صاحب الساعة يبكي طلبت منا أن نقف جميعا لتفتّش جيوبنا، أيقنتُ حينها أنّ أمري سينفضح أمام التلاميذ والمعلمين وسأبقى موضع سخرية وستتحطّم شخصيتي إلى الأبد. أمرتنا أن نقف صفاً وأن نتوجّه إلى الحائط وأن نغمض أعيننا تماما، وأخذت تُفتّشُ جيوبنا، ولما أتى دوري في التفتيش سحبت الساعة من جيبي وواصلت التفتيش إلى أن وصلت إلى آخر طالب وبعد أن انتهيت، طلبت منّا الرجوع إلى مقاعدنا وأنا كنت مرتعبا لأنّك ستكشف أمري أمام الجميع، ثم أظهرت الساعة وأعطيتها إلى التلميذ لكنك لم تذكر اسم الذي أخرجتها من جيبه وطوال سنوات الدراسة الابتدائية لم تحدثني ولم تعاتبني ولم تُحدّث أحدا عنيّ وعن سرقتي للساعة ولذلك يا معلمي قررتُ منذ ذلك الحين أن لا أسرق شيئا مهما كان صغيرا. فكيف لا تذكرني يا سيّدي وأنا تلميذك وقصّتي مؤلمة ولا يمكن أن تنساها أو تنساني؟
ضرب المعلم على ظهر تلميذه وابتسم قائلا: بالطّبع أتذكّر تلك الواقعة يا بنيّ. صحيح أنني تعمّدتُ وقتها أن أفتشكم وأنتم مغمضي الأعين لكي لا ينفضح أمر السارق أمام زملائه ولكن ملا تعلمه يا بنيّ هو أنني أنا أيضا فتشتكم وأنا مغمض العينين ليكتمل السترُ على من أخذ الساعة ولا يترسّبَ في قلبي شيء ضدّه، سترته لأنّ الستر من أعظم نعم الله.
*حاتم المشي
يُقال حين حفل زفاف شاهد أحد الحضور معلمه الذي كان يدرسه في المرحلة الابتدائية قبل نحو عشري سنة، أقبل الطالب بكل لهفة واشتياق على معلمه وتقدّم بين يديه بكل تقدير واحترام، ثم قال له بشيء من الخجل هل تتذكرني يا أستاذي؟ قال له العجوز بصوت
متهدّج: لا يا بنيّ. فقال الطالب بصوت خافت كيف لا؟ فأنا ذلك الطالب الذي سرق ساعة زميله في الصف وبعد أن بدأ الطفل صاحب الساعة يبكي طلبت منا أن نقف جميعا لتفتّش جيوبنا، أيقنتُ حينها أنّ أمري سينفضح أمام التلاميذ والمعلمين وسأبقى موضع سخرية وستتحطّم شخصيتي إلى الأبد. أمرتنا أن نقف صفاً وأن نتوجّه إلى الحائط وأن نغمض أعيننا تماما، وأخذت تُفتّشُ جيوبنا، ولما أتى دوري في التفتيش سحبت الساعة من جيبي وواصلت التفتيش إلى أن وصلت إلى آخر طالب وبعد أن انتهيت، طلبت منّا الرجوع إلى مقاعدنا وأنا كنت مرتعبا لأنّك ستكشف أمري أمام الجميع، ثم أظهرت الساعة وأعطيتها إلى التلميذ لكنك لم تذكر اسم الذي أخرجتها من جيبه وطوال سنوات الدراسة الابتدائية لم تحدثني ولم تعاتبني ولم تُحدّث أحدا عنيّ وعن سرقتي للساعة ولذلك يا معلمي قررتُ منذ ذلك الحين أن لا أسرق شيئا مهما كان صغيرا. فكيف لا تذكرني يا سيّدي وأنا تلميذك وقصّتي مؤلمة ولا يمكن أن تنساها أو تنساني؟
ضرب المعلم على ظهر تلميذه وابتسم قائلا: بالطّبع أتذكّر تلك الواقعة يا بنيّ. صحيح أنني تعمّدتُ وقتها أن أفتشكم وأنتم مغمضي الأعين لكي لا ينفضح أمر السارق أمام زملائه ولكن ملا تعلمه يا بنيّ هو أنني أنا أيضا فتشتكم وأنا مغمض العينين ليكتمل السترُ على من أخذ الساعة ولا يترسّبَ في قلبي شيء ضدّه، سترته لأنّ الستر من أعظم نعم الله.
*حاتم المشي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق