اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

مُناضِل قديم | قصة قصيرة ...*أحمد غانم عبد الجليل

⏪⏬
خرج مبكراَ من مكتبه الكبير في الوزارة، تمنى عدم المرور بالحارس الذي يصر على أخذ التحية العسكرية بقوة تكاد تخسف الأرض من تحته، بالكاد يسيطر على ارتباكه أمام رهبة تلك التحية الصارمة، وكأنها تود تأكيد سطوة الثورة الوليدة.

استغرب سائقه لمّا همَ أن يفتح له باب السيارة الفارهة، مسدلة ستائر الشبابيك الخلفية، عندما طلب منه أن يأخذ بقية اليوم إجازة، قبل ذهابه أعطاه بعض النقود، وكأنه يقدم له رشوة عتقه من الوصاية الرسمية، كي يشتري ما يشاء لأولاده، أخذ السائق المال بابتسامةٍ ممتنة، مطّت شاربه الكث الذي يظلل شفته العليا، يشبه شارب ذلك الوجه مكفهر الملامح دوماً، الذي كان يهتز بعنف كلما علا صوت صياح مسجونيه داخل الزنازين الضيقة.
أراد أن تتسع خطاه ما استطاع، بعد أن رمى ربطة عنقه على الأرض في نفورٍ كبير، رغم الألم الذي يوخز ساقيه اللتين تورمتا مراراَ وكسرتا أكثر من مرة على مدار أكثر من خمس عشرة عاماً من الضرب وتهاوي السياط، كُفلتا تعيينه مستشاراً للوزير، أحد رفاقه العسكريين ممن اعتلوا الدبابات التي اقتحمت القصر الجمهوري.
لم تمضِ سنة واحدة على توظيفه في ذات المبنى الفخم قبل تعرضه للاعتقال أمام ارتعاب قلبٍ هجس باضطراب نبضاته عن بعد، في ذات اليوم الذي اتفقا فيه على تقدمه لخطبة صاحبته من والدها، رغم تخوفه من عدم موافقته بسبب نشاطه السياسي. ما أن استلَم مهام منصبه، التي لم يتبين منها شيئاً لحد الآن سوى تلقي مكالمات هاتفية، لم يستطع توطيد نفسه على الرد على مجاملتها بما يتطلب وضعه الجديد من لباقة، ورسائل التهاني والمباركة التقليدية، أخذ يبحث في سجلات الموظفين ويسأل من بقي من زملائهم عنها، فعلم أنها قد تزوجت منذ ما يقرب من إثنتي عشرة سنة، ثم سافرت مع زوجها وطفلتهما إلى الخارج، ظل يتوقع أن يراها في أي وقتٍ أو مكان، وليس فقط في غرفة مكتبه الخانقة، رغم تزويدها بشتى وسائل الراحة المرفهة التي لم تلج تفكيره يوماً، تتقدم منه، بعد أن تأخذ منه سكيرتيرته التي يثيره حسنها كفتىً مراهق الإذن بدخولها، وهي تنظر إليه بعينين يتمنى أن يبدد إشراقهما ضبابية أيامه دونها، تحملان حنو ابتسامتها التي كانت ترتب له تفاصيل عالمه، ينزاح عن ألقهما دمع ذلك الوداع الصامت حتى الباب الخارجي للوزارة، رغم خشونة تحذير رجال الأمن من التجمع، فيتمعن في ملامح وجهٍ لم تنل منه السنوات التي غيبته عنها، تتدلى فوق جبينه خصلٌ من شعرها الطويل فاحم السواد وذلك العطر الذي كان يغار أن يشمه سواه، رغم كل أفكاره التقدمية.
حين أتاه أحد الصحفيين لإجراء حوار معه حول سنوات القهر التي أمضاها داخل أقبية النظام السابق، والتي شق عليه ترجتمها إلى كلماتٍ ترضي فضول القرّاء المتشوقين لكشف أغوار الجراح النازفة داخله، وتقتات على أعصابه ليل نهار، كل ما تمناه عندها أن تطلِع هي على تلك الجريدة، ذات التوزيع المرتفع في كثير من دول العالم، وأن تشاهد صورته التي تصدرَت الصفحة، وإن أظهرته بعينين شبه مغمضتين، يحاول إخفاء جفلته أمام وميض الكاميرا الساطع، كوهج الضوء الذي كان يُسلَط على وجهه أثناء جلسات تحقيق كانت تنتهي دوماَ بإرغامه على التوقيع على أوراق لم يستطع معرفة ما دوِّن فيها من اعترافات، دون أن تتضمن الشتائم والصفعات والركل والبصق الممتزج بلزوجة عرق وجهه وخيوط الدماء النازفة من أنفه وشفتيه المتورمتين.
خطت أقدامه في شوارع لم يتوقع أن الحظ سيحالفه برؤيتها مجدداً، ولو من خلف القضبان التي تنتصب أمام عينيه، لم تخلُ من سيارات الجيش والقطعات العسكرية ورجال الأمن، أكثر ما لفت انتباهه المتخَفون منهم، وقد ظن لوهلة، ورعدةٌ خفية تتناوش أفكاره، أنهم يترصدون خطواته دون أي شخصٍ آخر، راح يتنقل، بلا وعيٍ منه، بين الأرصفة التي ألفت تسكعه الطويل في أعوامٍ مضت، بل كاد ينسل إلى الأزقة التي كان يلجأ إلى تشعبها هرباً من مطارداتهم، وكأنه سيجد كل أبواب البيوت مشرعة لإيوائه.
مرّ أثناء سيره، منهك القوى، من تحت الأعلام الخفاقة ولافتات بيضاء ترفرف بكلماتٍ متأججة الحماس، كبيرة الخط ومتوهجة الحمرة، فيما الأغاني الوطنية الجديدة، كما لو تم تأليفها وتلحينها خلال عدة دقائق، تصم الآذان، حتى وجد نفسه أمام ذلك المقهى القديم الذي اعتاد وأصحابٌ لا يعرف عن أخبار أغلبهم شيئاً الجلوس فيه، يخفون تحت حصير أرائكها المخلّعة منشورات الحزب قبل أن يوزعوها فيما بينهم بمنأى عن العيون، بينما تصخب قهقهة أحاديثهم التافهة ونكاتهم الفاضحة على مسمع من الجميع، وخاصةً المخبرين السريين الذين كانوا يميِزونهم جيداً، اتخذ ركناً قصيا عن الشارع الضاج بالحركة القلقة، يواجهه زعيم البلاد الجديد في صورةٍ من الصور التي باتت توَزع في كل مكان، بإطارٍ مذَهب، يتطلع إلى وجوه الجالسين المثقلة بشتى التساؤلات، لا يدري ما الذي جعله يظنهم يوجهونها إليه بالتحديد.
أخذ يرشف بيدٍ يعتريها شيء من الرجفة، في تمهلٍ وتلذذ شديد، من قدح الشاي الحار الذي قدَّمه إليه العامل الشاب، لم يتعرف عليه صاحب المقهى العجوز، المشغول بالإشراف على تعليق شرائط الزينة لامعة الألوان، بذات الهمة التي أعقبت الثورة الماضية، دخن سيجارة كاملة، دون أن يقتسمها مع آخرين، كما اعتاد، وشعر بنشوةٍ غريبة لمّا أعقبها بأخرى، راح ينفث أدخنتها قوياً في الهواء، عيناه لا تنفكان عن البحث في الوجوه عن أي شخصٍ يعرفه، أو حتى كان يتبادل معه سلاماً عابرا، ود أن يشارك الشابين الجالسين على مقربةٍ منه أحاديثهما قبل تلاشي همسها أمام توجسهما من تطفل نظراته، فأخذا يتطلعان، بعيونٍ مترقبة، إلى التلفاز المعلَق في إحدى زوايا المقهى، في صمتٍ ملبَد بذات تعبيرات وجهه ورفاقه في الماضي البعيد، وصوت ذات المذيع الهادر يعيد البيانات الأولى للثورة، يستعرض القوائم الجديدة المتضمنة أسماء المقالين والمحالين على التقاعد، وأولئك الذين صدرت بحقهم أحكام السجن، لفترات متفاوتة تصل إلى المؤبد، في ذات المعتقل الذي وأد جلّ سنوات شبابه، ومن أمرت المحكمة العسكرية ـ السرية ـ المشَكَلة على عجل بإعدامهم في أحد الميادين العامة، دون أن يتم التنويه عن الاستقالة التي أرسلها للوزير صباحاً، تلك التي أضافت إسمه، فيما بعد، إلى قائمة المعادين لمبادئ الثورة وتوجهاتها المباركة.


*أحمد غانم عبد الجليل
كاتب عراقي















ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...