⏫⏬
تحالف سوء حظه مع قدر يعاكسه في كل خطاه، كلما يمم شطر نور في آخر النفق يخيم الظلام على روحه؛ فيتقلب على نار غيظ، وقهر؛ ليبدأ بعملية تطهير لمواضع الألم بصبر
_لا أدري من أين يستمده_ إنه يشبه الأرض في ثباتها رغم كل الكوارث الطبيعية، أو تلك التي يفتعلها البشر.
إنه مثل تلك الصخرة الصامدة في عرض البحر والتي كانت، وما زالت موطىء قدم لكل يائس، ولكل باحث عن حياة أخرى في انزلاقة قدم كفيلة بأن يبتلعه اليم، ويضع خاتمة لموته وهو على قيد الحياة، متتاليات عددية تعاقبت عليها وهي ما تزال في مكانها عصية على المياه المالحة التي تقتات من جسدها دون أن تفتتها.
إنها الشاهد، والقاضي، وكل من لجأ إليها ترك فيها ثقبًا، وغادرها إلى الأزرق العميق غير آسف.
كان يزورها كل يوم، ويعد تلك الثقوب، يسدها بحكاية، ويؤوب مكسور الجناح.
في آخر زيارة له كانت الثقوب قد امتلأت كلها بالقصص، بدأ يقرؤها بصوت عال:
وطن يبكي أبناءه، يشيعهم واحدا تلو الآخر.
وطن لم يبق منه سوى الذكريات.
الزهايمر انتشر كالوباء فيه، من بقي فيه يحتاج إلى خارطة جديدة كي يميز تضاريسه بعد الدمار.
الجوع مستشر كالنار في الهشيم.
المشردون، وأطفال النفايات يتوزعون على الحاويات، ويقتتلون فيما بينهم عليها.
المرضى من العجزة والكهول يلفظون أنفاسهم الأخيرة لانعدام الدواء، والعناية الصحية.
الفاسدون يتمددون، وتجار الحروب تمتلئ جيوبهم، وبطونهم.
المسؤولون يعيشون في كوكب آخر، ويمارسون حياة طبيعية وكأن الوطن سليم معاف.
المتحاربون فقدوا البوصلة واستعادوا وحشية إنسان الكهوف.
الغرباء يعيثون في البلاد وكأنهم أصحابها.
السماء باتت ساحة لطيور القتل، والخراب.
أطرق رأسه باكيا ثم أفرغ الثقوب من الحكايات، تفتتت الصخرة حزنًا، وتحولت إلى ذرات من رمل، أما هو؛ فقد تقطعت أوصاله وأصبح طعامًا لأسماك البحر.
*ريتا الحكيم
تحالف سوء حظه مع قدر يعاكسه في كل خطاه، كلما يمم شطر نور في آخر النفق يخيم الظلام على روحه؛ فيتقلب على نار غيظ، وقهر؛ ليبدأ بعملية تطهير لمواضع الألم بصبر
_لا أدري من أين يستمده_ إنه يشبه الأرض في ثباتها رغم كل الكوارث الطبيعية، أو تلك التي يفتعلها البشر.
إنه مثل تلك الصخرة الصامدة في عرض البحر والتي كانت، وما زالت موطىء قدم لكل يائس، ولكل باحث عن حياة أخرى في انزلاقة قدم كفيلة بأن يبتلعه اليم، ويضع خاتمة لموته وهو على قيد الحياة، متتاليات عددية تعاقبت عليها وهي ما تزال في مكانها عصية على المياه المالحة التي تقتات من جسدها دون أن تفتتها.
إنها الشاهد، والقاضي، وكل من لجأ إليها ترك فيها ثقبًا، وغادرها إلى الأزرق العميق غير آسف.
كان يزورها كل يوم، ويعد تلك الثقوب، يسدها بحكاية، ويؤوب مكسور الجناح.
في آخر زيارة له كانت الثقوب قد امتلأت كلها بالقصص، بدأ يقرؤها بصوت عال:
وطن يبكي أبناءه، يشيعهم واحدا تلو الآخر.
وطن لم يبق منه سوى الذكريات.
الزهايمر انتشر كالوباء فيه، من بقي فيه يحتاج إلى خارطة جديدة كي يميز تضاريسه بعد الدمار.
الجوع مستشر كالنار في الهشيم.
المشردون، وأطفال النفايات يتوزعون على الحاويات، ويقتتلون فيما بينهم عليها.
المرضى من العجزة والكهول يلفظون أنفاسهم الأخيرة لانعدام الدواء، والعناية الصحية.
الفاسدون يتمددون، وتجار الحروب تمتلئ جيوبهم، وبطونهم.
المسؤولون يعيشون في كوكب آخر، ويمارسون حياة طبيعية وكأن الوطن سليم معاف.
المتحاربون فقدوا البوصلة واستعادوا وحشية إنسان الكهوف.
الغرباء يعيثون في البلاد وكأنهم أصحابها.
السماء باتت ساحة لطيور القتل، والخراب.
أطرق رأسه باكيا ثم أفرغ الثقوب من الحكايات، تفتتت الصخرة حزنًا، وتحولت إلى ذرات من رمل، أما هو؛ فقد تقطعت أوصاله وأصبح طعامًا لأسماك البحر.
*ريتا الحكيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق