وإن غيب الموت الروائي العتيق المخضرم في الصنعة الأدبية اسماعيل فهد اسماعيل ، الأديب الأكثر غزارة في نتاجه الادبي، فهو باق وحي في قلوبنا ووجداننا، نستعيد اعماله وقراءتنا لها تأكيدا لحضوره المميز ببصمته الثقافية في حياته وفي مماته، كان لأزمات مجتمع الوفرة والفورة النفطية محاور اساسية في عمله ((في حضرة العنقاء والخل الوفي ))من إصدار الدار العربية للعلوم –بيروت بادئاً عمله برسالة يخطها البطل لابنته زينب ..هذه الرسالة هي مجمل العمل حيث يتغلغل في نسيجه الروائي عبر مونولوج داخلي بين بطله الأساسي ((منسي )) وشخصيات الرواية الآخرين منطلقًا من تركيز الضوء على الحلقة الأضعف –الإنسان الفاقد الجنسية والذي اصطلح على تسميته بـ -البدون –التناقض المتضمن سوية اجتماعية أدنى وتناقضاً طبقياً كذلك ..فقدان هوية الانتماء لوطن يسكن في الروح والوجدان هو محرك صراع البطل مع محيطه حيث يصفه ناجي العلي بحنظلة الكويتي ليتسع بالحالة مضيئاَ على أزمة الهوية عند الإنسان الفلسطيني المحروم والمطارد والمنفي في بقاع الأرض
بطل الرواية كاتب له اسمه اللامع بالصحافة وهو مسرحي معروف ساعده على تطوير ملكاته المتعدَّدة اثنان من الأصدقاء ينتميان للفئة المثقفة والواعية بالكويت وهو رغم استقلالية شخصيته وأهميتها يظهر استلابا تجاه ((عهود)) المرأة الكويتية التي يستعرض الراوي تاريخها في الاضطهاد الذكوري والجنسي من زواج سابق رغم انتمائها لأسرة على قدر من العلم والانفتاح، عهود التي تختاره وتستبقيه في دمشق متخلفا عن أفراد طاقم المسرحية، وتتجول معه في عاصمة الأمويين وتستحوذ على اهتمامه وتفكيره وتتزوجه دون أن تتيح له مجالاً للاعتراض..مرة لانذهاله بسحر المرأة ومرة لشعوره بدونيته تجاهها وهو الإنسان البدون _تعود لتشعره بموقعه في السلم الاجتماعي عند اجتياح الكويت عندما تنكر عليه إحساسه بأزمة بلده مشككة بوطنيته وانتمائه وهو الموجوع والراوي للحدث الجلل ألا وهو الاحتلال الذي أثقل بوطأته على الجميع بدءاً من الجندي العراقي المغلوب على أمره والمساق رغما عنه إلى معركة ليست معركته وليس انتهاء بفئة المثقفين والقلة التي هبت لتدافع عن مقومات وجودها في المكان...صورة وجدانية جذابة يرسمها للموقف الوطني الغيور على حياض أراضيه عبر زمان ومكان الحدث الروائي مستخدما ما يسمى بالتخيل التاريخي مزاوجاً فيها بين الرغبة بالحدث وبين ما حدث فعلا حيث إن الحدث غير البعيد نسبياً يوحي بمواجهة كانت خجولة ومتواضعة ضمن حالة عدم تكافؤ عسكري بين القوات الغازية والمقاومة الشعبية التي أخذت بعداً نفسياً ووجدانياً ومر كذلك مروراً خجولاً عن التجاء أولي الأمر خارج الأزمة لكن لم يفته تصوير استقبالهم استقبال الفاتحين مع العلم أنهم استنجدوا بكل عتاة الأرض لهزيمة القوات المحتلَّة.
لعل الشرخ العميق الذي أحدثه الاجتياح في منظومة المبادىء القومية عند إنسان المنطقة و القومية العربية التي تجمع أبناء الجغرافيا الواحدة يعيد التساؤل حول مقولة: العروى الوثقى التي تربط أبناء تلك التخوم الجغرافيا، وماذا حلَّ بتلك الأواصر القريبة في لحظة مفصلية؟ فالشرخ كان مزلزلاً وأحدث انقلاباً في بنية المفاهيم والمسلمات الكائنة لديه، فالأخ والجار الذي يرتبط أفراده مع الطرف الآخر بوشائج القرابة والجيرة والتداخل العائلي، لم يعد كذلك فقد أصبح محتلاً، أسئلة كبيرة تمور في وجدان كل عربي ممثلة ببطله الذي بدا حائراً مرتبكاً بين موقفه المركب كمثقف وموقفه كبدون وموقفه المركب كذلك حيال المرأة حيث يشابه اضطهادها من قبل الأعراف والقوانين السائدة باضطهاد الإنسان البدون .....وهو الإشكالية باعتباره ذكراً و«بدون» في وقت واحد.
توغل الكاتب بعيداً في صلب المعاناة النفسية للبطل الأمر الذي جعله سلبياً في تردده ومواقفه المؤجلة، ولكنه في الوقت نفسه كان واضحاً وصريحاً بما يتعلق بالأزمة الوطنية للبلد الذي يعيش فيه، دون تمتعه بحق المواطنة الكاملة!
ورغم بعض المؤشرات على تفاصيل في العمل الروائي، إلا إنه لا يمكننا إلا الإشادة بالأسلوب السردي واللغة الخاصة التي يلعب بها ببراعة الروائي اسماعيل التي نرى بصماته واضحة فيها عبر ضمير المتكلم ((اجاهدني – اصرفني –تلفتني ..وغيرها ))استجابة لمونولوج الداخلي للشخصية مما يخلق حالة سردية تكافؤية بين الحدث العام والخاص والتجول بين الذاتي والموضوعي بخبرة نسَّاج عارف بأصول الصنعة الروائية مما يعكس تمكناً لافتاً من القبض على أعنة اللغة ...ولم لا وهو الأديب العتيق أدبًا وعمراً.
هل يمكن أن ندرج هذا العمل ضمن سياق الرواية الذاتية من خلال تطابق حياة الراوي مع حياة البطل ومعايشته للأحداث المروية خلال ثلاث عقود من الزمن ..خاصة لجهة اشتغاله بالمسرح من جهة ومعايشته لحدث الاجتياح من جهة أخرى وحتى لو كان الأمر كذلك، فهو تصدى لقضية إنسانية على قدر عال من الأهمية ضمنها عنوانه الجميل _في حضرة العنقاء والخل الوفي -بيقظة المستحيل وإعادة بعثه تأكيداً على بعث الحلم حياً في نفوس قارئيه.
بطل الرواية كاتب له اسمه اللامع بالصحافة وهو مسرحي معروف ساعده على تطوير ملكاته المتعدَّدة اثنان من الأصدقاء ينتميان للفئة المثقفة والواعية بالكويت وهو رغم استقلالية شخصيته وأهميتها يظهر استلابا تجاه ((عهود)) المرأة الكويتية التي يستعرض الراوي تاريخها في الاضطهاد الذكوري والجنسي من زواج سابق رغم انتمائها لأسرة على قدر من العلم والانفتاح، عهود التي تختاره وتستبقيه في دمشق متخلفا عن أفراد طاقم المسرحية، وتتجول معه في عاصمة الأمويين وتستحوذ على اهتمامه وتفكيره وتتزوجه دون أن تتيح له مجالاً للاعتراض..مرة لانذهاله بسحر المرأة ومرة لشعوره بدونيته تجاهها وهو الإنسان البدون _تعود لتشعره بموقعه في السلم الاجتماعي عند اجتياح الكويت عندما تنكر عليه إحساسه بأزمة بلده مشككة بوطنيته وانتمائه وهو الموجوع والراوي للحدث الجلل ألا وهو الاحتلال الذي أثقل بوطأته على الجميع بدءاً من الجندي العراقي المغلوب على أمره والمساق رغما عنه إلى معركة ليست معركته وليس انتهاء بفئة المثقفين والقلة التي هبت لتدافع عن مقومات وجودها في المكان...صورة وجدانية جذابة يرسمها للموقف الوطني الغيور على حياض أراضيه عبر زمان ومكان الحدث الروائي مستخدما ما يسمى بالتخيل التاريخي مزاوجاً فيها بين الرغبة بالحدث وبين ما حدث فعلا حيث إن الحدث غير البعيد نسبياً يوحي بمواجهة كانت خجولة ومتواضعة ضمن حالة عدم تكافؤ عسكري بين القوات الغازية والمقاومة الشعبية التي أخذت بعداً نفسياً ووجدانياً ومر كذلك مروراً خجولاً عن التجاء أولي الأمر خارج الأزمة لكن لم يفته تصوير استقبالهم استقبال الفاتحين مع العلم أنهم استنجدوا بكل عتاة الأرض لهزيمة القوات المحتلَّة.
لعل الشرخ العميق الذي أحدثه الاجتياح في منظومة المبادىء القومية عند إنسان المنطقة و القومية العربية التي تجمع أبناء الجغرافيا الواحدة يعيد التساؤل حول مقولة: العروى الوثقى التي تربط أبناء تلك التخوم الجغرافيا، وماذا حلَّ بتلك الأواصر القريبة في لحظة مفصلية؟ فالشرخ كان مزلزلاً وأحدث انقلاباً في بنية المفاهيم والمسلمات الكائنة لديه، فالأخ والجار الذي يرتبط أفراده مع الطرف الآخر بوشائج القرابة والجيرة والتداخل العائلي، لم يعد كذلك فقد أصبح محتلاً، أسئلة كبيرة تمور في وجدان كل عربي ممثلة ببطله الذي بدا حائراً مرتبكاً بين موقفه المركب كمثقف وموقفه كبدون وموقفه المركب كذلك حيال المرأة حيث يشابه اضطهادها من قبل الأعراف والقوانين السائدة باضطهاد الإنسان البدون .....وهو الإشكالية باعتباره ذكراً و«بدون» في وقت واحد.
توغل الكاتب بعيداً في صلب المعاناة النفسية للبطل الأمر الذي جعله سلبياً في تردده ومواقفه المؤجلة، ولكنه في الوقت نفسه كان واضحاً وصريحاً بما يتعلق بالأزمة الوطنية للبلد الذي يعيش فيه، دون تمتعه بحق المواطنة الكاملة!
ورغم بعض المؤشرات على تفاصيل في العمل الروائي، إلا إنه لا يمكننا إلا الإشادة بالأسلوب السردي واللغة الخاصة التي يلعب بها ببراعة الروائي اسماعيل التي نرى بصماته واضحة فيها عبر ضمير المتكلم ((اجاهدني – اصرفني –تلفتني ..وغيرها ))استجابة لمونولوج الداخلي للشخصية مما يخلق حالة سردية تكافؤية بين الحدث العام والخاص والتجول بين الذاتي والموضوعي بخبرة نسَّاج عارف بأصول الصنعة الروائية مما يعكس تمكناً لافتاً من القبض على أعنة اللغة ...ولم لا وهو الأديب العتيق أدبًا وعمراً.
هل يمكن أن ندرج هذا العمل ضمن سياق الرواية الذاتية من خلال تطابق حياة الراوي مع حياة البطل ومعايشته للأحداث المروية خلال ثلاث عقود من الزمن ..خاصة لجهة اشتغاله بالمسرح من جهة ومعايشته لحدث الاجتياح من جهة أخرى وحتى لو كان الأمر كذلك، فهو تصدى لقضية إنسانية على قدر عال من الأهمية ضمنها عنوانه الجميل _في حضرة العنقاء والخل الوفي -بيقظة المستحيل وإعادة بعثه تأكيداً على بعث الحلم حياً في نفوس قارئيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق