
طال مكوثي بين أحلام الزهور، حتى ثملتُ وارتويت من شفاه القبل، وأنفاسي امتلأت بعبير الحب، وبت لا أرى سوى الضحكات ونور السعادة، وكان هناك الصقيع متكوراً في رجل الثلج، مقيتاً ومستبداً فأخرجني قصراً من الحلم ورماني من فوق سور القلعة، فسقط متدحرجاً بين الصخور نحو الوادي، وفارقتُ الحياة لساعات، وبعدها صحوت فقلت الحمد لله إنها كانت حالة إغماء، وبعدها كانت الثمالة قد رحلت، فقمت لأكمل سهرتي وأبحث عن الربيع الضال، فتفاجأت بالشتاء قد وطَأَتْ أقدامُه حياتي، وأطراف من خيوط الشمس تلوح بحزن مغادرة، فغادرت الطيف بقطار الشوق مع حلول الليل، ومن نافذة القدر أخرجت رأسي لأتفرج لكن الظلام دامس، فكانت بيدي تفاحة رميتها إلى الظلام، ولاح من بين ظلال الشجر ضوء خافت يلوح، كأنه بصيص ضوء القمر، فأعجب بتفاحتي وأخذها قبل أن تبلغ الأرض، واحتضنها بشوق، وقال: إنها مدورة شبهي حينما أكون بدرا، لكنها تحمل ألوان قوس قزح، فهل كانت تسبح في المطر؟ فما أجملها من تفاحة غريبة، وبعد وقت قصير بدأتُ أقشر موزة أَسُدّ بها جوعي، بكت وقالت: أنا كذلك أشبه القمر وهو هلال، أسكتُها خوفا من أن يراها ويأخذها أيضا، وتبقى معدتي خاوية تئن من الجوع، وفي أخر الرحلة ترجلت من القطار ودخلت بستاناً قرب المحطة مليئاً بالأشجار، ومن بين الثمر برتقالة ناضجة ضحكت بصوت عالٍ، وقهقهت، فهرب الندى وحل مكانه قطرات المطر، فلم أتوانَ، وعلى عجل اقتربت منها ووشوشتها، هل تقبلين يا جميلتي أن تكوني صديقتي، وتكاتفت الأصابع وتحت زخات المطر مشينا وقفزنا ورقصنا كأننا في أجواء فيلم هندي، وفي آخر المشوار رحل السرور برحيل صديقتي، وكانت هناك حفرة خبّأها الماء انزلقت قدمي وسقطت لكنني لم أصب بمكروه، وقفت وأنا في أطرف حالة مزرية، لم أبالِ لأن منزلي قريب، دخلته، أخذت حماماَ وذهبت لأنام، طرقات على الباب تحول بيني وبين راحة مستحقة، فتحته لأجد صديقي، هو كذلك سقط في الحفرة نفسها بعدما تبلل بالمطر، ضحكنا وطار النعاس من أعيننا حتى الصباح، الشمس كانت غاضبة لأني صادقت القمر، أرسلت خيوطا ذهبية وعلقتني بين نخلتين في حديقة المنزل دون حراك طفقت أتأرجح وأطلق الأغاني والصفير حتى المغيب، نهض من سباته ظلي وقال :اعذرني يا صاحبي كنت معك طوال الليل يقظاً ونمت بعد ذلك وأنا غير دارٍ، قلت له: قم أيها الكسلان وأنزلني، أجابني: لا أستطيع أنا ظل شفاف لا أمسك شيئا ولا أحدَ يمسكني، فقامت إحدى النجمات التي سمعتني أغني وأحدث ظلي، بإرسال شعاع من بريقها الأزرق كأنه سيف بتار إلى ظلي، وقام بقطع خيوط الشمس وحررني، جلست على الأرض متعبا جوعان، تركت كل شيء وذهبت للنوم عندها توقف سرد الحديث وغابت الأحلام.
وسام السقا
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق