خرج وابنه إلى السوق ليؤمّنا احتياجات الوليمة التي دعا إليها الأصدقاء والأقارب , وكان من عادته أن يصطحب ابنه عبد الله إلى معظم الأمكنة التي يرتادها , حتى ليخيّل إلى البعض أنهما صديقين حميمين .
بعد أن ابتاعا ما يريدان , توجّها إلى البيت وقد أثقلت أيديهما الأحمال المتنوعة , وهما في غبطة لما سيسرّ الضيوف من أطايب أيدي أم عبد الله .
وفجأة اعترضت طريقهما سيّارة تهادت حتى امتدّ من نافذتها رأس رجل لا يعرفانه ,
بادرهما بالسلام والإطراء للكرم وحسن الضيافة لديهما , وطلب منهما أن يصعدا إلى السيّارة ليوصلهما إلى البيت , فالأغراض ثقيلة والبيت بعيد .
شكر الأب الرجل ومانع في طلبه قائلاً : لكم الشكر . نحن تعوّدنا على مثل هذه الأمور , ولا نشكو تعباً .
فصاح الرجل ومن معه : هيّا .. هيّا اصعدا ..فأنتما من الكرماء و المساعدة واجبة علينا , ولا أظنّ أنّكما ستتأخران أكثر بالأغراض على أمّ عبد الله . يظهر أنّكما لا تريدان استضافتنا .
بادر الأب : معاذ الله , على الرحب والسّعة , هيّا اصعد يا عبد الله , قبل أن يتهموننا بالبخل .
انحشرا بجانب رجل ضخم كعملاق , سرعان ما امتدت يده بعبوة مخدّرة نفث محتواها في وجهيهما , فراحا في سبات عقيم .
استيقظا على هدير محرّك السيّارة التي بدأت تخمد على باب أشبه بمدخل كهف كئيب . حاولا التحرك , لكنهما وجدا أيديهما مشدودة خلف ظهريهما ولاصق كاتم يسكت ما حاول أن ينطلق من فم كلّ منهما , اقتيدا إلى الداخل الأغبر الذي يعجّ برائحة جوف نتن , تزكم القلوب قبل الأنوف , كانت الظلال الشاحبة لهياكل عظمية تتراقص على وقع خطوات ثقيلة غاشمة لقتلة مأجورين , ماتت ضمائرهم حين باعوا إنسانيتهم بدراهم مشبوهة , مغتالين الأبرياء والبسطاء لمجرّد متعة سفك الدم الحلال بأداة من حرام .
زنزانات ملوّثة بالعهر , جدران مخضّبة بدم الأضحيات البشرية لرغبات دموية خرجت عن آدميتها إلى وحشية مرعبة .
أزيل اللاصق , وطلب منهما أن يختارا أحدهما للقتل , ليطلق سراح الآخر .
_ : لماذا ؟ ماذا فعلنا لكم ؟ أنتم طلبتم منا أن توصلوننا . لم نزعجكم في شيء .
_احمدا الله أننا اكتفينا بقتل أحدكما دون تعذيب طويل , فقد أكرمناكما بقتل سريع خاطف لا تكادان تشعران به إلّا وقد صرتما في عالم آخر . فنحن أيضاً كرماء مع الكرماء .
_ولكن لماذا .. لماذا ماهو ذنبنا ؟
_ نحن لا نعلم , هكذا طُلب منّا أن نفعل . اعطونا الأسماء والصور والعنوانين , بتنا نراقبكما حتى تمكّنا من خطفكما بهذه الطريقة . والآن سننفذ الطلب . هيّا اختارا من منكما ىسنقتل ؟ وإلّا قتلناكما معاً .
صرخ الابن :اقتلوني واتركوا والدي .
أسرع الأب _ : لا .. لا .. اتركوا ابني يذهب إلى أمّه , واقتلوني أنا , إن كان هذا يرضيكم .
وقع الابن مغشيّاً عليه حين انطلق دم الأب نافورة رقّطت جدران وعيه , الذي أطلّ على وليمة انقلبت إلى مجلس عزاء .
طاهر مهدي الهاشمي
بعد أن ابتاعا ما يريدان , توجّها إلى البيت وقد أثقلت أيديهما الأحمال المتنوعة , وهما في غبطة لما سيسرّ الضيوف من أطايب أيدي أم عبد الله .
وفجأة اعترضت طريقهما سيّارة تهادت حتى امتدّ من نافذتها رأس رجل لا يعرفانه ,
بادرهما بالسلام والإطراء للكرم وحسن الضيافة لديهما , وطلب منهما أن يصعدا إلى السيّارة ليوصلهما إلى البيت , فالأغراض ثقيلة والبيت بعيد .
شكر الأب الرجل ومانع في طلبه قائلاً : لكم الشكر . نحن تعوّدنا على مثل هذه الأمور , ولا نشكو تعباً .
فصاح الرجل ومن معه : هيّا .. هيّا اصعدا ..فأنتما من الكرماء و المساعدة واجبة علينا , ولا أظنّ أنّكما ستتأخران أكثر بالأغراض على أمّ عبد الله . يظهر أنّكما لا تريدان استضافتنا .
بادر الأب : معاذ الله , على الرحب والسّعة , هيّا اصعد يا عبد الله , قبل أن يتهموننا بالبخل .
انحشرا بجانب رجل ضخم كعملاق , سرعان ما امتدت يده بعبوة مخدّرة نفث محتواها في وجهيهما , فراحا في سبات عقيم .
استيقظا على هدير محرّك السيّارة التي بدأت تخمد على باب أشبه بمدخل كهف كئيب . حاولا التحرك , لكنهما وجدا أيديهما مشدودة خلف ظهريهما ولاصق كاتم يسكت ما حاول أن ينطلق من فم كلّ منهما , اقتيدا إلى الداخل الأغبر الذي يعجّ برائحة جوف نتن , تزكم القلوب قبل الأنوف , كانت الظلال الشاحبة لهياكل عظمية تتراقص على وقع خطوات ثقيلة غاشمة لقتلة مأجورين , ماتت ضمائرهم حين باعوا إنسانيتهم بدراهم مشبوهة , مغتالين الأبرياء والبسطاء لمجرّد متعة سفك الدم الحلال بأداة من حرام .
زنزانات ملوّثة بالعهر , جدران مخضّبة بدم الأضحيات البشرية لرغبات دموية خرجت عن آدميتها إلى وحشية مرعبة .
أزيل اللاصق , وطلب منهما أن يختارا أحدهما للقتل , ليطلق سراح الآخر .
_ : لماذا ؟ ماذا فعلنا لكم ؟ أنتم طلبتم منا أن توصلوننا . لم نزعجكم في شيء .
_احمدا الله أننا اكتفينا بقتل أحدكما دون تعذيب طويل , فقد أكرمناكما بقتل سريع خاطف لا تكادان تشعران به إلّا وقد صرتما في عالم آخر . فنحن أيضاً كرماء مع الكرماء .
_ولكن لماذا .. لماذا ماهو ذنبنا ؟
_ نحن لا نعلم , هكذا طُلب منّا أن نفعل . اعطونا الأسماء والصور والعنوانين , بتنا نراقبكما حتى تمكّنا من خطفكما بهذه الطريقة . والآن سننفذ الطلب . هيّا اختارا من منكما ىسنقتل ؟ وإلّا قتلناكما معاً .
صرخ الابن :اقتلوني واتركوا والدي .
أسرع الأب _ : لا .. لا .. اتركوا ابني يذهب إلى أمّه , واقتلوني أنا , إن كان هذا يرضيكم .
وقع الابن مغشيّاً عليه حين انطلق دم الأب نافورة رقّطت جدران وعيه , الذي أطلّ على وليمة انقلبت إلى مجلس عزاء .
طاهر مهدي الهاشمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق