⏪⏬
وتزحف هضاب الضباب فوق السماء البعيدة عن وطني ، أمواج الأطياف تتلاطم على أصدقاء الطفولة والصبا بعيدا عن بيتي العتيق الأليف ، جذوري العارية تمتد وهي ترتجف بردا في شوارع الغربة...
في رأس السنة أنزل إلى وسط المدينة لأراهم يرتدون أسمال أقنعة الزيف وهم يستقبلون السنة بغصة جديدة ، مثل فراشات ملونة معلقة بالدبابيس على جدران الوحشة ، يراقصون الحنين ، وأنا أرقص بينهم أنزف بشرياني المفتوح أمامهم ، كنت كالأحياء الأموات أدور وأنا أذوي صمتا وأموت كمدا ، والصدأ يعتلي حنجرتي ، أتوسد مترنحة ذراعيه وهو يمدها لي بين الجموع يحملني وكلي لا يشبه بعضي بين يديه ...كان زورق الوقت هائما ، وأنا أشعل سفينة الشمس خلف البحر لتنهض من سباتها ، صحوت على السرير متسائلة من عساي أكون ؟!!!
جلست وحيدة أعزف التقاسيم لنغمات روحي ، أنفخ في قصبة الناي على عود ذاكرتي وأفتقدك ، أوثق على الورقة البيضاء بخط أحمر ..قاني " أشاطركم الدمع العصي" ولا تنسوا تلك الأصوات الخافتة بالليل ، وانشطار الروح بيننا إلى شخصين ، شخص يبقى هنا يتابع سهرة الغرب ، وشخص يتلبسني بالصمت ، وتدثرني الريح الغامضة ، وأنا أحاول الإمساك به فينفلت من بين يدي راكضا إلى شوارع الذاكرة ، خطاه تمشي على طرف ليلي ، شفافة لا مرئية ، وبين بيوت طين الحنين وكأني به حاضرا في المكانين معا.
واحد أراه يدبك على (دلعونا... على دلعونا ) والثاني يرقص الروك....
يندى زمني وأنا أشاطره نزف الروح خلف ابتسامات الكبرياء .
كان حاضرا حين قلت له: تذكر إنني لست وحيدة كما تتخيل ، كيف أكون وأنا أستحم معك تحت شلال المطر وهذيان التوق المستحيل... ؟!
أركض إليه وهو فاتحا ذراعيه أضمه إلى قلب أبجديتي كمدفأة المحبة في ميتم كوكب الأرض في برد غربتي وصقيع المجهول...ألقيت برأسي على صدره...!!
رمقني مليا وهو يهمس لي : ليس سوى وجهك ما يترك الوسن حائرا فضحت أسرار الزبد وهي تشي للرمل ، سكون همسك طبول ورد الخلاخيل خاوية تعود إلىَّ ولا أحد !!!
ثم أخذ يركض في اتجاه قطار منتصف الليل الماطر ، لحقته عندما اقتربت منه حاولت أن أجفف قطرات المطر عن وجهه ، فسقطت على شفتي قطرة بطعم الملح همست في أذنه ميلاد مجيد أيها الوحيد مثلي ، وأنت تحاول أن ترتدي قميص السنة الجديدة بخوف ،
أعرف أنها تمطر سرا بين قميصك ونحرك وتنهمر بين لحمك وعظامك .
أعترف الآن أمامك ولا أنكر أني تلصصت عليك وأنت ترمم بيدك أزمنتك المهلهلة في الوطن ، تلبسها ثوب فضائل لم تكن كلها لها ...
أعلم أنك لم تتخيل أنني أعرف ذلك حين بقي قلمي يزحف مشلولا على خصر السطر ، أكتب بحروف نخرها المنفى ، حين بقى الغصن المقطوع مقطوعا ، ومشلوحا على أرصفة الطريق ، معك أدركت ليست القبور وحدها من تجبرنا على الصمت .
أمسكت بيده ثم أخذنا نركض في اتجاهين متعاكسين كأننا متوازيان لا يلتقيان ..صرخت بصوت عال ليسمعني : أعلم ، أنك مثلي .. وأعرف أيتام الأيام حملت فأسها وأخذت تحفر في صدورنا بئرا سرية وعميقة نهبط باستمرار إلى قاعها.
في سراديبها أمسكت أطيافنا متلبسة في الظلمة تهذي بالعربية وأخيلتها تراقص الروك وترطن بالإنجليزية... !
مددت يدي لأمسك بيده وشوقي مثل طيور البحيرات تمر فوق ضفافه أخيلة ولا أحد ...
هل ما زلت معلقا بإطار الصورة على الجدار...... ؟؟!!!!!
*حنان بدران
وتزحف هضاب الضباب فوق السماء البعيدة عن وطني ، أمواج الأطياف تتلاطم على أصدقاء الطفولة والصبا بعيدا عن بيتي العتيق الأليف ، جذوري العارية تمتد وهي ترتجف بردا في شوارع الغربة...
في رأس السنة أنزل إلى وسط المدينة لأراهم يرتدون أسمال أقنعة الزيف وهم يستقبلون السنة بغصة جديدة ، مثل فراشات ملونة معلقة بالدبابيس على جدران الوحشة ، يراقصون الحنين ، وأنا أرقص بينهم أنزف بشرياني المفتوح أمامهم ، كنت كالأحياء الأموات أدور وأنا أذوي صمتا وأموت كمدا ، والصدأ يعتلي حنجرتي ، أتوسد مترنحة ذراعيه وهو يمدها لي بين الجموع يحملني وكلي لا يشبه بعضي بين يديه ...كان زورق الوقت هائما ، وأنا أشعل سفينة الشمس خلف البحر لتنهض من سباتها ، صحوت على السرير متسائلة من عساي أكون ؟!!!
جلست وحيدة أعزف التقاسيم لنغمات روحي ، أنفخ في قصبة الناي على عود ذاكرتي وأفتقدك ، أوثق على الورقة البيضاء بخط أحمر ..قاني " أشاطركم الدمع العصي" ولا تنسوا تلك الأصوات الخافتة بالليل ، وانشطار الروح بيننا إلى شخصين ، شخص يبقى هنا يتابع سهرة الغرب ، وشخص يتلبسني بالصمت ، وتدثرني الريح الغامضة ، وأنا أحاول الإمساك به فينفلت من بين يدي راكضا إلى شوارع الذاكرة ، خطاه تمشي على طرف ليلي ، شفافة لا مرئية ، وبين بيوت طين الحنين وكأني به حاضرا في المكانين معا.
واحد أراه يدبك على (دلعونا... على دلعونا ) والثاني يرقص الروك....
يندى زمني وأنا أشاطره نزف الروح خلف ابتسامات الكبرياء .
كان حاضرا حين قلت له: تذكر إنني لست وحيدة كما تتخيل ، كيف أكون وأنا أستحم معك تحت شلال المطر وهذيان التوق المستحيل... ؟!
أركض إليه وهو فاتحا ذراعيه أضمه إلى قلب أبجديتي كمدفأة المحبة في ميتم كوكب الأرض في برد غربتي وصقيع المجهول...ألقيت برأسي على صدره...!!
رمقني مليا وهو يهمس لي : ليس سوى وجهك ما يترك الوسن حائرا فضحت أسرار الزبد وهي تشي للرمل ، سكون همسك طبول ورد الخلاخيل خاوية تعود إلىَّ ولا أحد !!!
ثم أخذ يركض في اتجاه قطار منتصف الليل الماطر ، لحقته عندما اقتربت منه حاولت أن أجفف قطرات المطر عن وجهه ، فسقطت على شفتي قطرة بطعم الملح همست في أذنه ميلاد مجيد أيها الوحيد مثلي ، وأنت تحاول أن ترتدي قميص السنة الجديدة بخوف ،
أعرف أنها تمطر سرا بين قميصك ونحرك وتنهمر بين لحمك وعظامك .
أعترف الآن أمامك ولا أنكر أني تلصصت عليك وأنت ترمم بيدك أزمنتك المهلهلة في الوطن ، تلبسها ثوب فضائل لم تكن كلها لها ...
أعلم أنك لم تتخيل أنني أعرف ذلك حين بقي قلمي يزحف مشلولا على خصر السطر ، أكتب بحروف نخرها المنفى ، حين بقى الغصن المقطوع مقطوعا ، ومشلوحا على أرصفة الطريق ، معك أدركت ليست القبور وحدها من تجبرنا على الصمت .
أمسكت بيده ثم أخذنا نركض في اتجاهين متعاكسين كأننا متوازيان لا يلتقيان ..صرخت بصوت عال ليسمعني : أعلم ، أنك مثلي .. وأعرف أيتام الأيام حملت فأسها وأخذت تحفر في صدورنا بئرا سرية وعميقة نهبط باستمرار إلى قاعها.
في سراديبها أمسكت أطيافنا متلبسة في الظلمة تهذي بالعربية وأخيلتها تراقص الروك وترطن بالإنجليزية... !
مددت يدي لأمسك بيده وشوقي مثل طيور البحيرات تمر فوق ضفافه أخيلة ولا أحد ...
هل ما زلت معلقا بإطار الصورة على الجدار...... ؟؟!!!!!
*حنان بدران
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق