⏪(( وأَوحى رَبُكَ إلى النحلِ أن اتخِذي من الجبال بيوتا ومن الشجرِ ومما يَعرِشُون ))
سورة النحل الآية "٦٧"
إلا على قبلةٍ في الصبحِ وابتردا
صبحتهِ فصحا نشوان مبتسماً
إلاكِ والشمسُ ما والى وما نشدا
بكرتِ تجنينَ ما تخفي الزهورُ ضحى
من الرحيقِ وما في ثغرها احتشدا
لملمت ِ كل عبيرٍ من خزائنها
وحملتكِ الشذا والحسنَ والرأدا
وما شكوتِ بحملِ العطرِ من تعبٍ
يوماً ولا جهدك المشكورُ قد نفدا
صغيرةٌ حَمَلت وداً لعالمها
وهيأت من جناها العونَ والمددا
أدت من الضعفِ إبداعاً وما برِحَت
تسمو عطاءً وتُرضي الواحدَ الأحدا
وحولته دواءً ناجعاً وحلا
يشفي العليل ويغني الروحَ والجسدا
جادت بأكرمِ عِطرٍ من جنائنها
تبارك َ اللهُ في آياته وردا
---
سبحان من خلقَ الدنيا وعَمَرَها
وكلُ شيءٍ إلى إعجازهِ سجدا
من علمَ النحلَ أن العطرَ مختبىءٌ
عند الزهورِ وفي أكمامها رقدا
وكيف تختارُ أحلاها وأجملها
وكيفَ تجني ومن أهدى ومن رشدا؟
وكيفَ تخلقُ من أطيابها عسلاً
أصفى من النورِ لولاها لما وُجدا
ما مَسهُ بشرٌ في حسنِ صنعته
ووحدهُ اللهُ كان العونُ والسندا
---
كم حاولَ العلم أن يجلو حقيقتها
وكلما اقتربوا من سرها ابتعدا
حتى تَخَلوا وقالوا أنها عجبٌ
وضاعَ كلُ دليلٍ أوجدوهُ سدى
ففي الخليةِ إبداعٌ ومعجزة ٌ
هذا النظامُ بخلقِ الخالقِ اتحدا
هذا النظامُ عجيبٌ في تناغمه
ما شابه خللٌ يوما ولا فسدا
---
وقفتُ أجمعُ في ذهني عجائِبهُ
والطرفُ يسرحُ مذهولاً بما شهدا
ورحتُ أسألُ عن أسرار حكمته
فما اهتديتُ وفكري في الورى شردا
وقلتُ يارب زدني في هواكَ تقى
فأنتَ من نظمَ الأكوانَ والأبدا
تجاوز الخلقُ والإبداعُ قدرتنا
على الوصولِ وهذا القلبُ ماهَمَدا
هذي الأعاجيبُ من خلقٍ ومن صورٍ
تزيد في خافقي الإيمان والرشدا
من وز عَ العمل الجبارَ وانتظمت
فيه الحقيقة نوراً كالصباحِ بدا
فالعاملاتُ اللواتي عمَرَت وطناً
تجني الرحيقَ ويغدو ما جَنت شهدا
راحت تكابدُ لا شكوى ولا مللَ
والله يخلقُ فيها الصبرَ والجلدا
فلا حسيبٌ عليها في تصرفها
ولا تخاف عيون الناس والرصدا
وإنما أَدت الدورَ الذي خُلِقَت
من أَجلهِ ونفت من عمرها الفندا
" وللعياسيبِ" دورٌ بارزٌ خطرٌ
فمن تكاسل في تنفيذه وئِدا
حياتُهم كلها رهنٌ بتجربةٍ
فمن تخلفَ غير الموتِ ما حصدا
تمتعوا برغيدِ العيشِ واقتنصوا
ما في النعيمِ ونالوا العزَ والرغدا
هاموا بحبِ التي بالتاجِ زاهيةً
وهيأوا لرضاها النفسَ والعددا
حتى إذا جاءَ يومُ الوعدِ وانطلقت
وهاجها للوصالِ الشوقَ واتقدا
شدوا الركابَ وطاروا خلفها زمراً
وشمروا للحاقِ الساقِ والعضدا
لكنها ورياحُ الشوقِ تحملها
لا تمنحِ الحبَ إلا الفارسَ النجدا
تأبى المليكة إلا عاشقاً بطلاً
ولا ينالُ الرضى إلا الذي صمدا
---
أدت جلالتها جذلى وظيفتها
وحولها مَن يَرشُ العطرَ والبردا
تربعت فوق عرشِ الحكمِ عادلةً
"والحاكمُ العَدلُ يوفي الشعبَ ما وعدا"
سادت خليتها بالودِ ما جَحَدَت
يوماً ولا شعبها للودِ ما جحدا
ضمت إلى صدرها شعباً وحاشيةً
"كالأمِ تحضنُ بعد الغربة ِ الولدا "
هذا النظامُ تسامى في عدالتهِ
عبر العصورِ ويبقى خالداً تلدا
تفردَ الله في إبداعِ ما صَنَعَت
ولم يُشارك به من دونِهِ أحدا
سبحانَهُ قد تجلى في خَليقتهِ
أعطى وأغنى وفي إعجازِهِ انفردا
*جابر سابا شنيكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق