⏬
إن كلمة حضارة مشتقة من كلمة الحضر و التي تقابل في معناها كلمة البدو.أما في الاصطلاح ،فتعني التقدم و الرقي و الازدهار في جميع نواحي الحياة المختلفة، وتختلف نظرة الانسان إلى الحضارة باختلاف البيئة التي يعيش فيها، والانتماء الذي ينتمي إليه ، والعقيدة التي يعتقد بها ...لذا نجد الناس على اختلاف أجناسهم ودياناتهم ،يصنفون السلوك إلى سلوك حضاري و سلوك غير حضاري. ويثنون على الاول ثناء حسنا ،ويقبحون الثاني. لكن هل يعني أن السلوك الحضاري هو دوما إيجابي يستحق المدح و الثناء؟ أم إن ما يراه الانسان إيجابيا هو فقط ما يتوافق مع قيمه وبيئته التي نشأ فيها وتعلم ،حتى و لو كان الآخر يختلف معه في تقييم هذا السلوك أو ذاك. إننا نرى أن الانسان الأروبي مثلا يعطي عناية فائقة للكلاب فيعتني بطعامها و شرابها ،و يتفنن في اقتناء أنواع المطهرات و المضادات الحيوية لاجلها ،و ربماأسكنها الغرفة التي ينام فيها...و يعتبر ذلك سلوكا حضاريا لا مراء فيه. بينما الانسان المسلم لا يرى في ذلك سلوكا حضاريا البتة، بالرغم من أن هناك قيما كونية يشترك فيها كل الناس على هذه المعمورة، فإذا كان الامر كذلك ،فلا ينبغي لأي إنسان أن يصنف ما هو حضاري و ما هو غير حضاري إنطلاقا من قناعاته أوموروثه العلمي، والذي لا يتبع هذا التصنيف فهو متخلف بالضرورة، لأن هذا لا يصح عقلا.ومن هنا فلا بد لنا من مرجعية نتفق عليها وهي العقل فهو الذي يفصل في الخلاف بعيدا عن الهوى والعناد الذي يصد عن الحق،وهو بدوره يقودنا إلى طرح قضية القدوة في المجتمعات الإنسانية،لأن القدوة هي الأنموذج القيمي الأعلى الذي ينصاع إليه كل إنسان مهما اختلف جنسه وشكله وإنتماؤه الديني والعقائدي،وتلتف حوله البشرية جمعاء ،ولأن القدوة هي التي تفصل في قضية الخلاف القيمي بين بني البشر، وإلا لاختلفوا في تحديد الحسن من القبيح .
لكن أين نجد هذه القدوة التي يزول عندها كل خلاف ويسلم لها الجميع ؟ فلا يمكن ذلك - في نظرنا - ولا يتحقق في واقع الناس إلا إذا كانت هذه القدوة تستمد قوتها من جهة تختلف عن بني البشر،قوة تهيمن على الكون برمته ،وتتصف بالكمال في ذاتها متنزهة عن كل نقصان ،ألا وهي قوة الخالق البارئ الذي بعث خاتم الأنبياء محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة حسنة للإنسانية جمعاء .
لكن قد يقول قائل :إن غير المسلمين و الملاحدة لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم مثلما هو الحال عند المسلمين، ولا يتخذونه قدوة لهم ، فنقول --- وبالله التوفيق – إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد شهد له غير واحد ممن لا يدينون بدين الإسلام من أمثال الفيلسوف الإنجليزي "شوبنهاور" وغيره،أنه الرجل الوحيد الذي يمكنه أن يحل مشاكل العالم في رشفة فنجان من القهوة ،وهذه الشهادة إن دلت على شئ فإنما تدل قناعة هؤلاء الناس جميعا ، على إختلاف مللهم ونحلهم بشخصية محمد والتي حيرت العلماء و الفلاسفة والقادة على مر الأحقاب والأزمنة ،وإذا كان الأمر كذلك فلا يسعنا إلا أن نجعله قدوة لنا لتجد البشرية السعادة التي تبحث عنها منذ الأزل . .
*نصر الدين بن نبي
الجزائر
هناك تعليق واحد:
الإسلام هو الحضارة والإنسان المسلم الذي يطبق تعاليم دينه في المعاملات والعيادات هو الإنسان المتحضر حقا.
إرسال تعليق