اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الفصل الثاني من رواية " ليلة السابع من مارس " للروائية أسماء الصياد


( الويل لكَ من المشاغبين ) 
الفصل الثاني
ـ أتتركُ كل ذكرياتك خلفكَ بهاتِه السهولة يا مصطفى ؟!
همسَ بها الشاب الطريد إلى نفسه شاردًا, فيما يُقِّله أتوبيس نقل عام, بالصباح الباكر, حتى مدخل "حي الحُسين" الشهير بالقاهرة, و من ثمَّ يترجل منه سيرًا حتى البناية القديمة ــ كما وصفها له "الريس جابر", الذي توسَّط له لدي سمسار عقارات, ليبحث له عن سكن مناسب ــ فاهتدى السمسار إلى هذه البناية التي لاتقِلُ عمرًا عن منزله السابق..

سأل بعض المارة, عن رقم البناية.. فتجاهله معظمهم, و كأنه يسألهم عن مبنىً أثري دفين تحت الأرض منذ قرون..
حتى أولئكَ المسنين الذين قابلوه, مابين سائر يعتمد عكازه, و مابين جالس يحتسي الشاي أمام
مقهىً يكتظ بالزبائن, وكأنهم لم يناموا ليلتهم لكثرتهم, و توافدهم الملحوظ على ذلك المقهى, يتلمسون دفء المشاريب الساخنة, و يتدثرون بدخان الأراجيل, و يتشاركون النِكات, و الأحاديث ..
كل هؤلاء لم يُدلوا له بمايفيده.. فمنهم من تجاهل الرد على سؤاله, و منهم من اكتفى بإشارةٍ من يده, اختلفت من واحد لأخر ..
أحدهم أشار ذات اليمين.. و أخر ذات اليسار.. و ثالث أشار له نحو موقف الأتوبيس, فتعجب, لأن تلك الإشارة كانت تعني؛ "أن عُد إلى حيث أتيت " ..

تكوَّمَ, و الصبح لم يُسفر عن وجهه الملثم بعد, و طلبَ كوبًا من "الينسون" الساخن, وعندها لاح له وجه "نجاة", السابح في فيضٍ من الطُهر, و القرب من الله ..
تلك الملَكْ الحنون, التى كانت تحس وجعه دون أن ينطق, و قبل أن يباغته الألم..

كوب الينسون الدافيء, كان و مازال المُسكِّن الذي ترتخي معه أوصاله المتيبسة, ثم يغط بعد احتسائه في نومٍ هاديء, و لو ضجَّ الحي حوله بالصخب ..

جاءه "القهوجي", فأنقدهُ ثمن الكوب, و زيادة.. فمازال بحوزته بقايا راتبه الضئيل منذ نهاية الشهر السالف..

نهضَ يتابع السؤال عن البناية المقصودة..حتى قاده إليها صبي صغير, ثم ذهب عَدوًا ليواصل لعب ماتش الكُرة "الشَّراب" مع أقرانه ..

دخل بهو البناية الواسع, فرأى غرفة مغلقة يمين سُلَّم البناية, كان بابها موصدًا, أيقنَ أنها غرفة خفير البناية, و حارسها, لقد قال له "جابر"؛ أن للبناية حارس أمين, سيلبي طلبهِ على الفور, و عليه أن يستعين به حتى يتأقلم على المسكن الجديد..
قال "مصطفى" في نفسه:
ــ لعلَّهُ مازال نائمًا..
فلم يحبذ إيقاظه, ليرافقه حتى الطابق السادس بهذه الساعة المبكرة..

كان الهدوء يُخيم على أرجاءِ المدخل الواسع.. و لا أثر لساكن صاعد, أو نازل..

عليه الآن أن يصعد يرتقي السُّلم حتى الطابق السادس, وهو الطابق قبل الأخير,
فالبناية مكونة من سبعة طوابق..
قال له "جابر" قبل أن يغادر:
ــ تذكِّر جيدًا؛ شقتك الجديدة, بالبناية رقم تسعة, كان يسكنها شاب بمثل عمرك تقريبًا, قد أنهى دراسة الهندسة, ثم التحق بعملٍ بإحدى دول الخليج.. العُقبى لك يا بُني.. لعله فأل خير عليك..

ثم استطرد "جابر":
ــ استقطِع من ساعات نومك من أجل المذاكرة.. لا بُد من أن تحصل على شهادة التخرج من كُلية التجارة, حتى تصبح محاسبً بإحدى الشركات, لا أريدك أن تظل عاملًا مثلي حتى يشيب رأسك, و ينحني ظهرك.. مازال العُمر أمامك يا بُني.. فابذل قصارى جهدك.. و لكل مجتهدٍ نصيب .. ماستفعله الآن؛ سيغدو لكَ ذُخرًا حين يمضي قطار عمركَ سريعًا..

أمام باب الشقة الوحيدة بالطابق السادس, توقف ليلتقطَ أنفاسه, و يستجمع أفكاره..
وخُيِّل إليهِ أنه قد نسي مفتاح الشقة, بمسكنه القديم, و لسوفَ يكبده نسيانه للمفتاح؛ العواقب الوخيمة, حال لقائه بِــ "فهيمة", و ابنتيها..

تنفس الصعداء, و قال في نفسه:
ــ الله معك يا عم "جابر", لعل العقارب الثلاثة قد استيقظن الآن, و سيفتكن بكَ.. إذا لم تخبرهن بعنواني الجديد !

عبثَ بيديه في جيبي بنطاله, بحثًا عن المفتاح.. علَّه يجده.. ولكن دون جدوى..
فأخذ يفتش بجيبي الجاكيت الخارجيين, فلاجديد.. و لكن ابتسامةٍ طيفيفة قد زارت محياه المُحمل بالآهات المُطمرة, فقد عثر عن ذلك المفتاح النحاسي القديم بالجيب الداخلي للجاكيت .. فحمدالله كثيرا ..

كل ما يرجوه الآن؛ هو سرير, يُلقي بجسده المُنهك فوقه, حتى يقترب موعد العمل بالمطبعة, فيعاود الهبوط, و انتظار الحافلة.. ليواصل عمله, و إلا استبدله "مدبولي", صاحب المطبعة بغيره, و هو الأحوج إلى كل قرشٍ من راتبه؛ ليواصل تعليمه بكُلية التجارة, تلك الكلية التي التحقَ بها منتسبًا بشق الأنفس, بعد أن أنهي دبلوم التجارة, ثم معهد تجاري درس به لعامين متتاليين في ظروفٍ معيشيةٍ عصيبة..

دار المفتاح بكالون الباب, مُحدثًا صريرًا مزعجًا..
فإذ به يقف لدى مدخل شقةٍ كالصحراء الجرداء..
شقةٌ خاويةٌ على عروشها من الأثاث, فيماعدا منضدة صغيرة تتوسطها, وقد خُلِّف فوقها طبقين, و كوب زجاجي واحد, و إبريق شاي مطلي بمادة المينا البيضاء, , ومروحةِ سقفٍ, ذات ذراعين فقط, أما ذراعها الثالث, فمنفصل عنها, و قد ارتكنَ بزاوية من زوايا الصالة.. إذًا عليه صيانتها بحلول الصيف القادم..

هالهُ مشهد الشقة غير المحفز على البقاء بها لأيامٍ.. فترك المفتاح بالباب, و ترك الباب مفتوحًا على حالهِ, و راح يتجول بجنباتها, فثمة صنبور ماء نحاسي كالمفتاح, بمحاذاة الخلاء.. ذي النافذة الصغيرة مكسورة الزجاج, و التي ينبعث الهواء من خلالها في صفيرٍ مزعج ..

أخيرًا قد وجدَ ضالته, سرير صغير, لايتسع إلا لفردٍ واحد, مغطىً بملاءةٍ باهتة, تعلوها طبقة من غبار ناعم دقيق ..

جذبَ الملاءة.. و همَّ بنفضها, فإذ بجرس الشقة يدق, في رنين متواصل, يبدو أن الطارق يريد أن يفاجئه..
تهللت أساريره, و همسَ مغتبطًا:
ــ عم "جابر".. لا بُد أنَّ قلبه لم يطاوعه, و جاء ليطمئنَ عليَّ.. يالكَ من عطوفٍ يا عم "جابر" ..

لدى الباب, رأي ثلاثة أولاد يلعبون, و يضحكون, و كل منهم يلاحق الأخر في مرحٍ, و ضوضاء لم يعتدها سوى بالشارع..
ما أن رأوه؛ حتى هبطوا مسرعين.. فأدركَ أنهم أبناء جيرانه بالطابق الخامس..

حمدالله؛ أن هؤلاء الأطفال لم يلمحوا المفتاح بالباب, فلايمكنه دخول الشقة بدونه بعد اليوم ..

مدَّ يده نحو المفتاح, فلم يجده..
عركَ جبينه.. و هو يقول في نفسه:
ــ لقد رأيت المفتاح.. و لكن عندما ممدت يدي نحوه لم أجد له أثرًا ..
يااا الله.. يبدو أن قِلة النوم ستقضي عليَّ !!!

أعاد المحاولة مراتٍ عِدة.. فلم يكن المفتاح بالباب حيث أودعه !

بسملَ كثيرًا.. و دار على عقبيه إلى داخل الشقة.. فإذ بالجرس يدق ثانيةً..
خرجَ مسرعًا ليرى أمامه طفلة بالسادسة تقريبًا, تبتسم في براءةٍ, ووداعة, تمد يدها الصغيرة نحوه بالمفتاح, دون أن تتفوه بكلمة .. ثم تهرول صاعدة صوب الطابق السابع ..

تبسمَ قائلًا:
ــ يبدو أنني لن أذُق طعم الراحة بين هؤلاء المشاغبين !

أعاد المفتاح إلى جيب الجاكيت حيث قراره المكين, و أغلقَ باب الشقة خلفه, ثم راح يرتب سريره, و يغط في نومٍ عميق..
ما أن أغمضَ عيناه حتى تخطَّفته الأضغاث..
رأى فيما يرى النائم.. فهيمة, و ابنتيها تحاولن الإمساك به..
و رأهُن ينهلنَ ضربًا فوق رأس, و جسد المسكين "جابر" ..
ثم رأي أمه, تريد إيقاظه.. و هى تقول:
ــ قُم يا وَلدي.. سيفوتكَ الامتحان .. ستتأخر ..

فزِعَ يطالع ساعة يده؛ فإذ بها قد جاوزت الثامنة ببضع دقائق..
أردف في توترٍ:
ــ العمل .. المطبعة.. الريس "مدبولي", سوف يقطع عيشي !

نضحَ بعض الماء في وجهه, و بحثَ عن منشفة, فتذكرَ أن ملابسه, و منشفته مازالت بالحقيبة.. تلك التي ألقى بها بجوار السرير كما هى..

ولكن !!!!

جحظتْ عيناه؛ عندما رأى كافة أغراضه, التي كانت داخل الحقيبة؛ مُبعثرة عن آخرها فوق أرضية الغرفة في عشوائيةٍ عجيبة!!!!

*أسماء الصياد

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...