اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

كعب عالٍ ــ قصّة قصيرة || سمر الزعبي

منظرٌ غير محبّب، ذاك الذي أبدو عليه وأنا جالس على الكرسي، قدماي لا تصلان إلى الأرض، فأزحف ما ينوفُ على عشر سنتمترات إلى الأمام، كي تستقرّا، لكنّ ظهري يظلُّ مستندًا على الهواء، فما أن تنفضّ الجلسة، أو ينتهي الدوام حتى أقوم من مكاني متصلّب العضلات.
اعتدت على وضع وسادة خلف ظهري، لكنني لم أشعر بالراحة قط، مهما يكن، فهذه طقوسي منذ أيام المدرسة، والجامعة أيضًا، لكن بلا وسادة طبعًا. ولا أشكّ البتّة أنّ قِصارَ القامةِ يعانون من مشاكلَ صحيّة في عامودهم الفقري، أو أن أغلبهم أكثر عرضة للإصابة بالدسك من الآخرين.


بحثت في عمرٍ أبكرَ عن أي مساعدٍ قد يفيد في زيادة الطول، طبّيٍّ أو مُستخلَصٍ من الأعشاب وما نحوَ ذلك، لكن أخفقت محاولاتي، طوّفتُ عن طريق شبكة النت على عمليّات جراحية للإطالة، وكنت مهووسًا بها لفترة، حتى أيقنت أن تكاليفها تفوق مسطاعي، مهما وفّرت من المال.

لو كان من الّلائق أن أنتعل الكعب العالي لفعلت، كم خامرتني هذه الفكرةُ إلى حدٍّ جعلني أنتقي حذاءً نسائيًّا مناسبًا لمقاس قدماي الصغيرتين نسبيًّا، أنتعله، أتجوّلُ داخلَ الغرفة، ثمّ أراقب طولي وهيأتي التي أبدو عليها بالحذاء النسائيّ أمام المرآة، أُفتَن بنفسي، رغم أنّي غير فاتن، فعضلاتي التي حرصت على تمرينها تبدو أكثر جاذبية، وكرشي المنتفخ الصغير يبدو مشدودًا، ومقبولًا أكثر.

تمنّيت لو أنّي على قدرٍ من الجرأة يخوّلني فعل ذلك على مرأى من الناس، عساها تنطلق صيحةً في مدينتنا الصاخبة. ألعن الفكرة الرعناء التي تدور في ذهني، وأطلق الأمنيات بأن يفعلها الشباب قبلي، فأتماهى مع الموظة فيما بعد، المهم ألّا أكون في "بوز المدفع".

فكّرت أن أفصّل حذاءً رجّاليًّا لدى المصنع، وليكن على ارتفاع عشر سانتيمترات باستقامة واحدة، انطلاقًا من مقدّمة القدم ووصولًا إلى الكعب، بطابع رجولي تام، كي لا يشبّهني أحدٌ بالنساء إن كان كعبًا رفيعًا، ثمّ أرتدي بنطالًا طويلًا يغطي الكعب.

أتخيل نفسي أقوم بذلك، لكني سرعان ما أُسكِت جنوني، رجلٌ أربعينيٌّ أنا، محاسبٌ في شركة اتّصالات محترمة، كيف لي أن أغامر بسمعتي، لا، لا أظنني أفعلها، سوف يشكُّكون برجولتي.

المرور على ذكر العمر يستفزّني، فالنساء لا يلتفتن إلي، يهربن من رجلٍ لا يتعدّى طوله مترًا وأربعين سانتيمتر، ويعتبرن مغازلتي وقاحةً وتقليلًا من شأنهن، بينما يرتمين في أحضان زملائي.

كم تمنيت أن تكون لديّ علاقة جادة بإحداهن، علاقة حقيقية، أن تحبّني أنثى من كلّ قلبها، وأعيش معها طقوس الحبّ والشوق والغيرة، لكن أيّان لي من هذه التفاصيل.

أيقنت من علاقاتي النادرة على مرّ سنيّ عمري أن هذا أمرٌ مستحيل، هنّ بصراحة يقرفنَ منّي، وإن حظيت بمجالسة ستكون من أجل أن أدفع الحساب، أيّ حساب: فاتورة غداء في مطعم مكلف، فاتورة ملابس لهنّ وإكسسوارات، حتى أن إحداهنّ جعلتني أسدّد فاتورتيّ الماء والكهرباء خاصّتها، وأخرى كلّفتني فاتورة عقد من ذهب، ولمّا يحين شوق القبلةِ يفتُرن، يفترن جميعهن، كأنّ حظّي ما زال عالقًا في سماء الفاتورة والفتور.

لم تحبني فتاة أو امرأة لشخصي، بل لم يقعن في حبّي قط، وكنت كلّما عاكست إحداهنّ في صغري توبخني، تشتمني، ترمقني بسخرية، تبصق بوجهي، ولمّا تخطّيت العمر القانونيّ للشيطنة تظاهرت بشيء من الوقار. مررت بمواقف محرجة جرحت مشاعري، وكثيرًا ما أُهينت كرامتي، ولم أكن محظوظًا بزواج تقليدي، مهما بدوت أنيقًا، متعلّمًا، أو مؤهّلًا للزواج.

قبل أسبوعين سمعت من زملائي عن شركة أدوية عالميّة شهيرة، أعلنت عن حاجتها لأشخاص لديهم قابلية الخضوع تحت تجارب الأدوية، كي يتبيّنوا آثارها السلبية قبل طرحها في الأسواق، وذلك مقابل أجرٍ معيّن.

كنت مستهترًا أهوجًا لحظتها، ربّما لأنني مللت حياتي الفارغة، وسئمت من قضاء أوقات فراغي في المقاهي، وفي النوادي الرّياضيّة. فانضممت إلى الأسماء الموجودة، استعدادًا للتحوّل إلى فأر تجارب. أعرف أنه كان بإمكاني فعل أي شيء آخر، وأن هذا الجنون غير مبرّر، لكنني فضّلت خوض التجربة.

ابتدأت برنامجي مع الشركة، واليوم هو أول يوم لي، تناولت حبّتين من دواء تمّ تطويره مؤخّرًا، ثمّ جلست في غرفة الاستراحة أشغل نفسي بأي شيء: بمراقبة المراجعين (البنات تحديدًا)، أو بالهاتف، أو بتصفّح مجلّات موضوعة بشكل منظمٍ فوق طاولة تعلوها واجهة من زجاج، وتحملها أقدامٌ خشبيّة مذهّبة.

تعاطفت مع فتاة ترفع بكلتا يديها أكياسًا ممتلئة، وتضمّ بعضدها ملفًّا يشبه ملفّي، مما جعلني استدلُّ على أنها فأرة تجارب مثلي، عندما حان دورها لتسجيل الأوراق، حاولتْ أن تضع الأكياس على الأرض، كي تحرّر إحدى يديها، فسقط بعضٌ من أغراضها، قمتُ بدافع الشهامة أساعدها في التقاط الأوراق، وما تبعثر من مستحضرات تجميل فرّت من الأكياس، فشكرتني وهي ترتبها فور تقديمها لموظفة الاستقبال.

عرضت عليها أن أرافقها كي أدلّها على الإجراءات، بدت في حالٍ بالغةٍ من التّعب، فوافقت، وفيما كنّا نمضي بالمعاملة والفحوصات، كنت أحمل عنها الأكياس جميعها، متسائلًا عن محتوياتها، فأخبرتني أنها تبيع مستحضرات التجميل من خلال التجوال بين المحلّات، حتى عُرفت بجودة بضاعتها وتمّ اعتمادها من قِبل البعض.

تأمّلتُ نعومةَ تقاسيمها، بل تفاصيلِها كلّها، وتنبّهت إلى أنني أطولُ منها بقليل، حتى أن الأمر حدا بي للنظر إلى حذائها أكثر من مرة، ذاك الذي لم يكن بكعبٍ عالٍ كما تفعل الفتيات كي يُبرزنَ أجسادهن، وأظنّ أن طبيعة عملها تحتّم عليها ذلك.

استأذنتُ حينما آنَ موعدُ فحوصاتي، وقبل أن أبتعد اقترحتُ عليها أن نشرب القهوة في «كافيه» قُبالةَ الشركة، فوافقت والخجل بادٍ في حمرةِ خدّيها.

مرّت الفحوصات ببطء فيما كنت أنتظر لحظةَ لقائها، أستدعي تقاسيمها الناعمة، ثمّ جمعتنا طاولة بوجهٍ من زجاج، تحملها أقدام معدنية ذهبيّة، في «كافيه» هادئ. عمّا قليل رحتُ أغسل وجهي من حرارة الجو، أفرك يداي تحت الماء، بعدما صارتا دبقتين من التعرّق، أتذكّر قولها: "سمارك حلو"، الذي لم أسمعه من أي فتاة من قبل. وحينما عدت وجدت النادلَ يُقدّم إليها ما تبقّى من مال بعدما دفعتْ الحسابَ في غيابي.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...