⏪⏬
عندما عثر على ذلك الهاتف ، تركه مفتوحا عسى أن يتصل صاحبه ، فيعرف مكانه ، ويرده إليه .يبدو غالي َ الثمن ، يغري أي شخص ٍ باقتنائه ، ومع ذلك لم يطمع فيه ، بل إنه لم يحاول أن ينظر في الأرقام أو الصور والملفات الموجودة داخل الجهاز ، فقد كان يعتبر ذلك خيانة للأمانة !
لم ينتظر طويلا ، اتصل به صاحب الهاتف ، وطلب منه أن يحضره إليه ، وسوف يكافئه ! فرح كثيرا عندما سمع هذه الكلمة ، لكنه قرر ألا يأخذ إلا ثمن المواصلات فقط !
عندما نزل من الميكروباص ، سأل عن منزل الرجل ، وكان قد أخبره باسمه ، لكنه فوجئ بمن يسأله ، يقول له متعجبا : - أستغفر الله العظيم .. في عز الظهر ، والدنيا حر .. نار .. نار تحرقك يا ملعون ! اذهب بعيدا .. اذهب قلت لك أيها الشاب الفاسق !
جرى الشاب ُ من أمامه ، وهو لا يستطيع أن يستوعب ما حدث ، ماذا فعل حتى يشتمه ويلعنه ؟! ثم قال في نفسه " ربما يكون مجنونا ! " ومضى وهو يضرب كفا بكف ، ثم سأل شخصا آخر ، فوجده يرد عليه بازدراء قائلا : - من يراك َ يظنك ملاكا ! الله يخرب بيتك .. .. في عز النهار .. ألا تخجل من نفسك .. ألا تستحي ؟!
ورفع الرجل عكازه ، وهم َّ بأن يضربه ، ففر من أمامه مذهولا ، وهو لا يعرف ما الذي جعل الرجل يغضب منه بهذه الطريقة ، وجعله يهاجمه بتلك الوحشية ؟!
رن الهاتف ، سمع صوت صاحبه يقول له : - أنا أراك من البلكونة ، انظر للأعلى !
فنظر إلى أعلى فرآه يشير إليه بالصعود .
في حجرة الصالون ، تسلل القلق إلى قلبه من الصور الخليعة ، واللوحات الماجنة ، المعلقة على الحائط ، وضع الهاتف على المنضدة ، و قام مستأذنا في الانصراف، فضحك صاحب الهاتف ، و قال : - تمشي .. تنصرف هكذا بكل سهولة ، قبل أن تأخذ مكافأتك !
- مكافأة .. لا .. لا .. أنا لا أريد أي مكافأة .. أشكرك
- ها ها ها .. .. انتظر حتى تراها .. لقد قدمت إلي َّ معروفا لا يُنسى .. وأنا سأقدم لك مكافأة لن تنساها طول عمرك
- أشكرك .. لكنني لن آخذ أي مقابل ، كنت أريد أن أعيد إليك هاتفك فقط .. ..
قاطعه قائلا : - هل تعرف كم يساوي ؟!
- أعرف أنه غالي الثمن !
- أغلى مما تتصوَّر .. لا أقصد ثمنه ، إنما أقصد ثمن الأرقام والصور الموجودة فيه ، هذا الهاتف عبارة عن صندوق أسود ، ولو كان وقع في يد شخص آخر ، كانت وقعت كارثة .. لا ، بل كوارث وفضائح .. .. بيوت كثيرة كانت ستتحول إلى خراب !
قطع حديثهما صوت باب الشقة ، وهو ينفتح ، فوجئ بفتاة تدخل عليهما ، تخشب في مكانه ، واتسعت حدقتا عينيه عندما سمع صاحب الهاتف يقول له
- هذه هي مكافأتك .. ما رأيك .. ألا تريدها ؟!
لم يكن يصدق ما تراه عيناه ، فقد كانت تشبه ملكات الجمال التي لا يراها إلا على شاشة التلفاز ، لو رآها في مكان ٍ آخر بملامح وجهها هذه لخدعته براءتها الكاذبة ، يا للعجب ! كيف يجتمع كل هذا الجمال و كل هذه القذارة ؟!
مرق كالسهم من بينهما ، لكنه وهو يفتح الباب علق طرف قميصه في المزلاج فتمزق ، تذكر وهو ينزل الدرج كالبرق – صورة " محفوظ عبد الدايم " ! لو كان يعلم أن صاحب الهاتف قوادا لأحرقه إحراقا .
-
*متولي محمد متولي بصل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق