اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

السّيّاب يُبعث من جديد ـ دراسة ذرائعية لنص ـ السّيّاب يموت غداً للشاعر الفيلسوف عبد الجبار الفياض | بقلم الناقدة البراغماتية الدكتورة عبير خالد يحيي

أولاً – المقدمة :
عيناك ِ غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناكِ حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر
لم أملك نفسي – وأنا أبدأ بكتابة دراستي عن هذه القصيدة – عندما وقع نظري على كلمة ( السّيّاب ) إلّا أن أكتب هذين البيتين من قصيدة (أنشودة المطر) التي سطرها ذلك العملاق لتكون هويةً يُذكر بها, دون أن نقلّل من عظمة روائعه الأخرى ... إن اختيار الشاعر
الفيلسوف عبد الجبار الفياض لرمز وطني وأدبي بقامة بدر شاكر السياب, ليكتب عنه قصيدة رثاء, تعكس الوفاء والعرفان والوطنية والذائقة الأدبية الرفيعة عند الشاعر الفيلسوف ...
شهادتي بالدكتور الشاعر الفيلسوف عبد الجبار الفياض أنه من المجدّدين الجدد في عصرنا هذا, ولا يقل عن السياب أو نازك الملائكة في عصرهم, فلقد استطاع إدخال الفلسفة على الشعر بطريقة مبتكرة, دون أن يمس بالأغراض الوجدانية الأخرى التي يتناولها, يخوض في كل أغراض الشعر مضيفاً إليها الفلسفة ! الغريب أن يكون عنده درجة الشاعرية تتجاوز ال 90% , مع أن الفلسفة جافة عادة ! إلّا أن الشاعر الفذ عبد الجبار الفياض استطاع تطويعها بما يملك من شاعرية وجدانية شفيفة, ومخزون بياني وبلاغي ولغوي كبير, قام بصهر كل ذلك في قوالب مبتكرة من قصائد النثر, فكان مؤشر كل من المعنى والخيال والرمزية والشاعرية عنده عالياً جداً...
لنرى كيف يرثي شاعرٌ فيلسوفٌ هو عبد الجبار الفياض, شاعراً مجدّداً من وطنه العراق هو بدر شاكر السياب(1926- 1964), الذي يُعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي ...
ثانياً- البؤرة الأساسية الثابتة في النص Static Core:
رثاء يبدأه الشاعر عبد الجبار الفياض, وينهيه الشاعر بدرشاكر السياب ...!
الأول بدأ رثاءه بعنوان ( نقش على شاهدة ) والثاني بدأها بعنوان ( السياب يموت غداً), قصيدتان لكل واحدة منها مقوماتها من بناء فني وبناء جمالي, يجمعهما غرض واحد هو الرثاء ...! الأول يرثي الثاني معدّداً مناقبه و شيئاً من سيرته, والثاني يرثي الوطنَ, وحاضراً عاشه ماضياً, ولم يتغير .. بل ازداد سوءاً حتى قارب الموت, ولم يمت ! مبشّراً بامتداد... لا تخلو القصيدة من الفخر بالسلف الذين صنعوا حضارات ما زالت خالدة في ذاكرة التاريخ, تخالطها الحسرة على ما فرّط به الخلف...من هذه البؤرة الثابتة أنطلق باحثة لأكشف مخبوءات النص, أجري وراء الدلالات السيميائية, لأنتهي بالدلالات البراغماتية الرمزية, ضمن حقل واسع من الاحتمالات المؤجلة, أحصد بعضها, وأترك لغيري حصاد الباقي ...
ثالثاً- الاحتمالات المتحركة في النص شكلاً ومضموناً Dynamic Possibilities:
نلاحق مجريات القصيدة الداخلية والخارجية, نتناولها بالتحليل, نتتبع حلقات الأفكار المتصلة فيما بينها شكلاً ومضموناً, ونجري خلف الدلالات والرموز والمدلولات والمفاهيم, سيمانتيكياً و براغماتيكياً, و نغوص في أعماقها لاستخراج المخبوءات .
قلنا أن القصيدة هي في الحقيقة قصيدتان, الأولى : قصيدة عنوانها (نقش على شاهدة) يرثي فيها الشاعرُ الفيلسوف عبد الجبار الفياض, الشاعرَ القامة بدر شاكر السياب, ولعله وقف على قبره وأنشد قصيدته هذه.. وأرادها نقشاً على الشاهدة, و لا يُنقَش على الشاهدة إلا سيرةٌ قصيرة عطرة, يُذكر فيها محاسن الميت مع الدعاء بالمغفرة وآيات من الذكر الحكيم, لكن الشاعر أراد النقش قصيدة, و كان له ما أراد... وهنا نكون قد ولجنا من باب القصيدة الأولى, حيث أن العنوان هو الباب الخارجي للقصيدة, لننتقل إلى الاستهلال...
بدأ بالفعل (ألقى): فعل ماض بمعنى قذف عندما يكون الإلقاء من أعلى إلى أسفل وعلى مسافة فارقة كبيرة, أو طرح عندما تكون مسافة الإلقاء قليلة نسبياً, ويدلنا السياق أن الإلقاء هو بمعنى ( طرح) دلنا عليها لفظة ( الخليج) حيث طرح فيه السياب كل شوقه الثقيل للعراق في قصيدة ( غريب على الخليج) والتي كتبها في غربته, حين كان يقاسي الألم والمرض والجوع والحنين , قال فيها :
البحر أوسع ما يكون وأنت أبعد ما يكون
والبحر دونك يا عراق
واحسرتاه ..فلن أعود إلى العراق
وهل يعود
من كان تعوزه النقود؟ وكيف تدّخر النقود
وأنت تأكل إذ تجوع ؟ وأنت تنفق ما تجود
به الكرام , على الطعام ؟
والشاعر طرح سفطاً, والسفط متعدد المعاني, ولعلّ أنّه الوعاء الذي يُعبّأ فيه الطيب, هو المعنى الذي ملتُ إليه, وما كان طيبه إلا آلاماً من مرضه الذي هدّه وأنهى حياته بسن مبكرة, مات بعمر 38 سنة, فقيراً, مثقلاً بألقاب حازها نتاجاً لإبداعه الأدبي, ولكنها ألقاب لا تسمن ولا تغني من جوع, عملة لا يُشترى بها ولا يُباع, كل ما قاله من روائع عاد إليه وكأنه كأس فارغة حين صارت الروح عطشى لشربة ماء باردة, قد تكون آخر رزق من الدنيا التي غادرها عارياً كما جاءها, فهل كان عاري الذِّكْر أيضاً ؟ لعلّه .. ولعلّه عاش في دنياه غريباً, هو الذي كان لا يألف إلا بلدته جيكور, ويعتبر خروجه منها ولو إلى بغداد غربة ما بعدها غربة ..
سلّم الأمانة ودفن في البصرة, موطن قومه وأجداده, أهل علم وفقه استقوه من الجد الأكبر الحسن البصري, الذي رضع من أم المؤمنين أم سلمة رضى الله عنها وأوتي من الحكمة والعلوم الشيء الكثير...
عندما يموت الإنسان يسبقه عمله, وتتلقاه ملائكة التّضاد , تسائله, وتحاسبه على بعض ما فعل في حياته, وقد أناب الشاعر الفيلسوف عبد الجبار الفياض بالمساءلة مَن خرج الشاعرُ المرثي عن نهجهم, فمن أولى بهذه المهمة أكثر من الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي وضع علم العروض؟ وقد كان السياب قد خرج من بحوره الستة عشر إلى فضاءات الشعر الحر, شعر التفعيلة, وهذه دالّة من الشاعر فياض على أبرز أعمال السياب, في معرض سيرته الأدبية...
ويعوم الشاعر الفيلسوف في بحر السياب, ويجدّف بنا في واسع شطآنه, يأخذنا بدلالات تراثية أكثر من ذِكرها في قصائده ( الشناشيل البصرية الشهيرة) و حضارة تاريخية ( سومرية, ديموزي, عشتار), وهنا أجد أن الشاعر يستكمل عتاب الخليل بن أحمد الفراهيدي للسياب, حين يذكّره بالتراث البصري القديم الذي خرج السياب من تحت عباءته, معروف أن الشناشيل هي المتعارف عليها ب ( المشربية أو المشرفية) وهي شرفات خشبية مزخرفة بزخارف هندسية مطعمة بالزجاج, يبدع الشاعر في توظيف الخيال والوصف, في محاولة إقناع الخليل للسياب بخطئه عندما خرج عن خطّه:
شناشيلُه
الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ
تنقشُ السّمرةَ على جلودِ الحُفاة
مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي
أثداءِ عشتار . . .
ليكون ردّ السياب: أنها كانت تحتاج إلى أن تستعيد ألوان الحياة, التي أبهتها توالي العصور, تحتاج إلى تجديد, تحتاج إلى دهان.
أنَ تُعادَ لها الألوان
والدُهان . . .
ثم يبدأ صوت السّياب بالعلو, ليصدح بقصيدة ( شناشيل ابنة الشلبي ) يردّ بها على العتاب, فمازالت عشتار يتردّد ذكرها عبر الزمن, ومازالت في أشعار السياب ابنة الشلبي هي عشتار العصر, عصر الكولا, الرخاء والبذخ, تغني للمطر أهازيج عشتار, وتنتظر على شرفتها حبيباً ما عاد كما وعد, ولا بعد ثلاثين سنة, اشتاقها فقط وحفر اسمها على جذع شجرة ميتة:
ثلاثون انقضت , وكبرت كم حب وكم وجد
توهج في فؤادي!
غير أني كلما صفقت يدا الرعد
مددت الطرف أرقب : ربما ائتلق الشناشيل
فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة إلى وعدي!
ولم أرها . هواء كل أشواقي أباطيل
ونبت دونما ثمر ولا ورد
(شناشيل ابنة الجلبي)
ما زالتْ ابنةُ الچلبي
تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ الكولا والمطر
تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار
غادرَهُ الرّصيفُ
الظّلُ
يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً
يحفرُ أسماءً على جذعِ شجرةٍ ميّتة !
وهنا تنتهي القصيدة الأولى, لتبدأ القصيدة الثانية...
والقصيدة الثانية أجراها الشاعر عبد الجبار الفياض على لسان الشاعر بدر شكر السياب ... وعنوانها ( السياب يموت غداً)
العنوان عتبة عالية, اختارها الشاعر لينفي أنه مات, وليجعل ما سيقوله في دائرة المعقول, لأعتبره أنا كناقدة في دائرة العجائبية, إذ كيف لميت أن يعود ويتحدث, ثم يقرر أنه سيموت غداً, فلسفة ما يمكن أن يقوله الميت لو عاد, قد لا نصدق ما قد يرويه لنا عن برزخه, لكن مؤكد سنصدق ما قد يقوله عن واقع عاشه, وآخر لم يعشه, لكن عاشه غيره ..ولا أجد إلا أن الشاعر عبد الجبار الفياض قد قصد نفسه...! فهو السّيّاب الذي سيموت غداً ! وهو السياب الذي يُبعث من جديد ! وحُقّ له ذلك, فهو ماثل السياب في حركة التجديد, إذ أراه ينتهج منهجاً مبتكراً في قصيدة النثر, للفلسفة الحصّة الكبرى فيها , دون أن يقلل من ثقل الأغراض الأخرى...
جيكور – بلدته الصغيرة في محافظة البصرة - كانت حاضرة في معظم قصائده, وتعد قصيدة (تموز جيكور) من أبدع ما كتب فيها, وهنا نجد أن السياب يشخصن جيكور, لتغدو الجمادات أشخاصاً بكل السمات الشكلية والانفعالية, لنعود إلى الغرائبية , جيكور شخص يمكن أن ينام, إن طلب منه السياب ذلك, ننظر إلى الدلالات التي يضخّها الشاعر في القصيدة لتخدم معانيه , عندما أراد استحضار غربته صنع مزيجاً رائعاً بين الحنين والغربة, وكأن الشاعر أم تخاطب ولدها, تكررعليه لفظ ( نم ) وتلفظ اسمه بتدليل, ثم تبلع صوتها لتتابع بوحها الحزين,( لفجر قد لا يريكني) أليس هذا ما تفعله الأمهات ؟ ليُنطِق الغربة في غفوة بعيدة ( غفوت بعيداً عنك, لم أتعبك بعد لغسل عيوني كل صباح ) تبدّلت الأدوار, صار جيكور الأم التي تغسل عيون طفلها في الصباح,(السياب فقد أمه في عمر الست سنوات ),ثم يصبح جيكور صديق طفولة غاب عنه منذ تلك الأيام , لقد أخذنا الشاعر في هذه الجمل النثرية القليلة عبر انتقالات نفسية عديدة, هي إرهاصات وانفعالات داخلية أتقن إخراجها, كما برع في نقلها إلينا لنشعر بها كما كانت في داخله, شخصنة وقولبة وأطوار متبدلة, كلها وظفها لتكون دالّة لمضمون واحد .. الغربة, غربته الجسدية والنفسية ...
نمْ نمْ جيكورَ
لفجرٍ قد لا يُريكَني
غفوتُ عنكَ بعيداً
لم أتعبْكَ بعدُ لغسلِ عيوني كُلَّ صباح
فقد غسلتُها للمرّةِ الأخيرةِ من ماءِ طفولتِنا معاً دونَ أنْ تدري
الخفة والسلاسة التي يستخدمها الشاعر في انتقال بين أغراض قصيدته, بتماسك وترابط لا يخفى على من يقرأها بكلّيّته, حيث أن على المتلقي أن يتحضّر لقصيدة النثر بكل دواخله, لأن موسيقيتها تنبع من تأثيرها الشعوري الداخلي, وبهذه السلاسة نقلنا إلى مضمونه التالي, الواقع العربي بالعموم, وواقع العراق طوال الفترة الممتدة على سنين حياة الشاعر, تلك الفترة التي شهدت زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي , في فلسطين -انتقال من الهم الخاص إلى الهم العام- وهي فترة رآها الشاعر أطول من كل عهود الظلام التي مرّ بها الوطن منذ فجر التاريخ, تبوّأت فيها آلام الشعوب مراكز عليا فاقت آلام بروموثيوس عندما عاقبه زيوس بتقييده بالسلاسل إلى صخرة كبيرة, وسلّط عليه نسراً جارحاً ينهش كبده كل يوم.. كما فاقت آلام أيوب النبي, وكذلك آلام فارتر في رواية الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته...
ليعتبر الشاعر آلام أؤلئك الثلاثة مثلث, انضم إليه بضلع رابع ليتشكل مربعاً يطبق عليه تابوتاً أغلقه عليه, وآخر القصائد ! يعلو صوته بضآلة ما هو, ليس بفخامة محسن السعدون ( رمز وطني من مدينة الناصرية عضو المجلس التأسيسي وثاني رئيس وزراء في العهد الملكي ) ولا بشهرة همنغواي, بل مُطارَد يعرف أن الرصاصة ستستقر في رئته لتقطع أنفاسه, ويأتي الدور على سيرة مرضه, ألم في الظهر أتعب قدميه الناحلتين حتى ما عاد يقوى على المشي , فكان السرير المرقد, تنقلّ للعلاج بين سوريا ولبنان والهند ولندن ( السندباد يبحر على الأرض) وما من علاج, سلّم الأمانة في الخليج, في الكويت تحديداً...
كيف فعلها شاعرنا ؟ نقلنا مرة أخرى إلى نفسه وشخصه ! لقد شق قناة سينقّلنا عبرها من الخاص إلى العام وبالعكس, ولنا أن نلهث جراء هذه التنقلات ..ولا يغفل عن الاعتذار لجابي الضرائب ( عشاري الجميل) , فما عنده من مال يُجبى سوى جسد هزيل على سريريتذمر من معتليه, رَقّت عروقه حتى شابهت لفافة التبغ, ولا أخفي عليكم , المعنى الذي قدّمته آنفاً هو معنى سيمانتيكي بالمعنى القاموسي لكلمة ( عشّار) , ثم عرفت بعدها أن هناك شارع مشهور في البصرة يسمى ( العشّار ) وبذلك ينبثق أمامي معنى مؤجلاً آخر, معنى براغماتيكي, هو أن الشاعر يعتذر بحنين إلى شارعه الحبيب الذي ما عاد يمشي به, إذ حال بينهما مرض أقعد الشاعر في سريره, وهو الذي كان يمشيه يومياً مسافة لفافة التبغ التي تنتهي بانتهاء جولته فيه... يستطيع الراقد في فراش الضجر أن يستحضر كل الحنين بأمكنته وأشخاصه وأزمنته , وهكذا استحضر السياب سوق الهنود بكل من فيه من صاحبات النهود , حيث أن معظم من يعمل به هن سيدات هنديات, تفوح من دكاكينهم وبسطاتهم رائحة البخور والبهار والقهوة ...
نقلة أخرى, بأسلوب شيق جداً, يبدأ بسرد حكائي ( أنبأني راءٍ), يجذبنا لمعرفة الإخبار ( أن أخوة يأكلون على بساطي ما حرمه إسرائيل على نفسه)...! وكأني به يقصد من كانوا يجابهونه, من عارضوا منهجه وتوجهاته, وربما من عارضوا التجديد الذي أحدثه في القصيدة, عملوا به, بل وألبسوا القصيدة حللاً باذخة, طعّموها بطعم غربي, وكأني أراه يلمح لقصيدة النثر, كأني أراه يلمح إلى أجناس أخرى غريبة, محسنات غربية مترفة زوّقوا بها القصيدة بزينة مقنّعة, وهي العذراء البكر الجميلة التي لا تحتاج زينة, فطمروا رسالتها, وأفرغوها من مضمونها, وبعدوا بها عن الواقع فكانت ( السريالية), ولو أرادوا استحضار الماضي, استحضروه مشوهاً ( ينبشون الذكريات بسكين صدئة) ...
إن السرياليين جمّلوا حتى الموت, وزينوا سكراته, فاعتبروها تحليقاً للروح في فضاءات أخرى, وشاعرنا يدعوهم إلى الهبوط على الأرض, والوقوف أمام مرآة الذات, والإقرار بأن الموت حق, وأن الميت مستقره الأرض, وعشيره الدود...
مقاربة رائعة يعرضها الشاعر الفذ: سليمان الملك مات متكئاً على منسأته و بقي على حاله زمناً, ما دلّ قومَه على موته إلا الإرضة تأكل منسأته فيقع ... وكان هو مثله, ما مرّ ببابه كريم كعروة بن الورد, الذي كان يسطو على القوافل, قاطعاً الطريق, ولكن كل ما كان يغنمه يضعه في فم جائع وحجر فقير, ولا يبقي لنفسه إلا ماءً يحتسيه ليشبع...
يحكي السياب قصة النهاية, ليلة عاد إلى بلدته وبيته , في ليلة ماطرة يصحبه سائق وصديق وحفار قبور, بجنازة متواضعة لم يمش فيها إلا نفر قليل من أهله وأهل بلدته.. وسؤال يطرحه دون أن يكمله ( ألم يكن له ...) نقاط ثلاث كل واحدة دالّة لمن شاء أن يكمل السؤال ...
يستشرف المستقبل, ربما سيكون له ضريحاً يُزار بعد سنين, أو يُطلق اسمه على مدرسة أو شارع أو مشفى أو مطعم أو حتى حانة, أو مسجد ... دالّات ذكرها لندرك المفهوم (مذخر أدوية- قصاعاً من ثريد – بعض زجاجات من معتق – ربما سورة الفاتحة).
وعلامَ يتأوه السياب ؟ على ( منزلنا الكبير ) ...! الوطن الكبير الذي ما زال غارقاً في ظلمته, مازالت نوافذه مغلقة في وجه الشمس والحق, سجن كبير مفتوح الأبواب, بلا أقفال, ولمَ الأقفال ؟ إن كانت المفاتيح مع ( علي بابا ) وعصابته المليونية من الحرامية؟ بإشارة واضحة إلى ذوي السلطة, ( حاميها حراميها)..ثم ينتقل منتقداً الحالة الفكرية والثقافية الضحلة, التي سُطّحت حد التفاهة, مستخسراً ما قدّم من روائع القصائد, وكانت ( المومس العمياء ) من تلك الروائع ...وكذلك كل ما كتبه عن المخبر السري, و المخبر السري هو الذي يقدّم وشاية كاذبة في حق أحدهم, فيغيب بأقبية الجهات الأمنية بقية عمره...
وأخيراً.. ذكره باسمه بلا إشارات , مجرداً حتى من أل التعريف .. ( عراق).. ولأن القصيدة نُظمت من ألم وأمل, ولأن الألم كان البداية والعرض, كان لابد للأمل أن يكون النهاية والحلم, لذلك حلم السياب أن تعود روحه, وآلية ذلك أن تشرب عين ال( عراق) عتمة قبره, تبتلعها, فتبدو كالقمر في أحد أطواره, هلال – بدر – محاق, صورة متحركة في قمة الروعة يسوقها لنا الشاعر, لم يقل أن الأمل سيكون مضيئاً كالبدر, وإنما قال أنه يكون بصيصاً كالمحاق, لكن له استمرارية الإشراق على مراحل وأدوار إشراق القمر, وقد يكون في ذلك إشارة للحضارات الثلاث التي قامت في العراق العريق.
وللثقة مكانها أيضاً, (إن أرضي ولود) حقيقة مقرورة,
رحم خصب + فحولة = أنثى ولودة تهز إليها بجذع النخلة تساقط عليها رطباً تأكل منه وتقر عينها بوليد طاهر يكبر حتى يضيق عليه المهد, وتترك للشيطان دم المخاض, إن آلام الأمة لابد أن تكون مخاضاً لولادة جديدة .. طاهرة, يلتهي الشيطان عنها بشرب دمائها الفاسدة ...
أكتفي بهذا القدر من التحليل, والفتح الناعم للفافات القصيدة, تاركة لغيري من النقاد والمتلقين فتح المزيد منها, وإغناءنا بكنوز مخبوءاتها ...
أعرّج على تفصيل الاحتمالات من خلال المداخل العلمية التالية :
أ- المدخل البصريExternal Trend:
قصيدة نثرية, دلّنا عليها قالبها, فهي ممشوقة بتضاريس متباينة, عمود يضيق ويتسع, بين سطر من عدة كلمات, وآخر من كلمة واحدة, الجمل متوافقة لا كسر فيها, علامات الترقيم تمثّلت بكثرة علامات التعجب المعبرة عن المعاني الفلسفية الحائرة, والنقاط المتتالية بدلالات رمزية مخبوءة فيها.
- الموسيقى والصور الشعرية :
موسيقية القصيدة كانت داخلية, تحققت بالأثر والشعور الوجداني الذي أثارته الصور والمعاني والعاطفة, الألفاظ والمفردات مفهومة من نوع السهل الممتنع, التي لا يجيد توظيفها إلا من أوتي قدرة إبداعية كبيرة في النظم الشعري النثري, لا نجد حرفاً زائداً, كما لا نجد أي نقص, وما يُظن نقصاً هو بالحقيقة ملفات عديدة مخزونة في النقاط المتتالية المرتبة في مواضعها ...
اختيار الشاعر للتراكيب في صيغة (الصفة والموصوف والتمييز والحال ), ساهمت في اختزال الكثير من الشرح الذي يعتمده بعض الشعراء لإشباع المعاني, هذا الاقتضاب أعطى إيقاعاً مميزاً في القصيدة, نقرات متتالية على مفتاح أسود تصاحب انسياب أنغام حزينة مرافقة :
ألقى ما أثقلَهُ سَفَطاً في جوفِ الخليج
آلامَه
جيوبَهُ الخاوية
ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير
عملةً مُلغاة
رُدّتْ بوجهِه
شربَها كأساً فارغة . . .
عادَ عارياً
ليتوسّدَ ذراعَ الحسنِ البصريّ
يقبّلهُ الخليلُ معاتباً . . .
وعندما يتحدّث عن بيئة السياب الحضارية, ترق الألفاظ وتتزيّن, وتنزاح الصور نحو الخيال كثيراً, حتى تحلق بنا في عالم أساطير حضارته القديمة بدلالات أسماء أبطالها, وأبرز معالمها ( شناشيل ,سومرية , ديموزي , عشتار)
شناشيلُه
الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ
تنقشُ السّمرةَ على جلودِ الحُفاة
مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي
أثداءِ عشتار . . .
أنَ تُعادَ لها الألوان
والدُهان . . .
أما الصور الشعرية التي نلمس بها انزياحاً للرمز فهي التي ساقها في الحديث عن الواقع, لتكون من سبيل التورية, وهو أسلوب يعطي عمقاً أدبياً كبيراً, ولا يعتبر النص أدباً ما لم يكن منزاحاً إما نحو الخيال أو نحو الرمز, وما يميز شاعراً عن آخر هو مدى براعته في أخذ المتلقي إما تحليقاً باتجاه الخيال, وإما عميقاً باتجاه الرمز, فكيف إن كان في النص العمقان معاً ؟ وأشهد للشاعر بالحرفنة والبراعة في كليهما ...
أوّاه
ما زالَ منزلُنا الكبيرُ يغرقُ بالظّلام
أرى النّوافذَ مُغلقة
لكنَّما الأبوابُ مُشرعة
بلا أقفال
كُلُّ المفاتيحِ في حوزةِ علي بابا والمليون . . !!
كما قرأتُ ذلكَ في شريطِ الألمِ اليومي
كنْ سخيفاً تعشْ سعيداً !
مسحتُ كُلَّ ما كتبتُهُ عن المومسِ العمياء
المخبرِ السّريّ
السبعِ اللائي عشقتْ . . .
قصيدة وجدانية تتبع نظرية الفن للمجتمع, حافلة بالعديد من الأغراض, بدأت بالرثاء وانتهت بالأمل, استعرضت السيرة الذاتية للمرثي فكانت تعداد للمناقب وإنجازات وسرد حياتي, كما استعرضت التاريخ الحضاري للمكان فكانت فخر تاريخي, تناولت عشق الوطن فكانت وطنية , كما عرّجت على حاضره بكل متحولاته فكانت سياسية , طرحت جدليات أدبية وفكرية فمالت للفلسفة .
ما زالتْ ابنةُ الشّلبي
تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ كولا والمطر
تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار
غادرَهُ الرّصيفُ
الظّلُ
يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً
يحفرُ أسماءً على جذعِ شجرةٍ ميّتة !
. . . .
امتزاج بديع بين الأماكن و الألوان والظلال والكلمات, الجماد والإنسان .
- البيئة الشعرية :
البيئة المكانية في القصيدة الأولى هي قبر السياب, في القصيدة الثانية هي العراق والأمكنة التي تنقل بينها ...
البيئة الداخلية هي بيئة الشاعرين النفسية والفكرية والثقافية والفلسفية والأدبية .
- الموضوع أو الثيمة ومقاييس الدقة في الإبداع الشعري:
الرسالة الإنسانية التي أراد الشاعر إرسالها من خلال قصيدته أوقصيدتيه هي رسالة عرفان وتأبين ورثاء لشاعر معاصر, أرسى أسس الشعر الحر, عاش فقيراً ومات غريباً, ولم ينسى الشاعر أن يضمّن قصيدته حسه الوطني, و اعتلاله من أوجاع الوطن, كما لم يغفل عن بث الأمل رغم كل الظلمة المحيطة, نلمس تلك الرسالة من خلال نقد المعنى والعاطفة , وندرس ذلك انطلاقاً من مقاييس تحكم كليهما ..
مقاييس نقد المعنى :
-1مقياس الصحة والخطأ :
التزم الشاعر بالحقائق التي ساقها في القصيدة, السيرة الذاتية للشاعر بدر شاكر السياب, دقيقة وحقيقية, الحقائق التاريخية والحضارية و الأسطورية والمعاصرة التي ذكرها أيضاً صحيحة, لغته سليمة من أي خطأ وكذلك المعارف الثقافية وتراجم الشخصيات التي ذكرها لربطها بالمضمون, فهو شاعر ثري بكنوزه المعرفية واللغوية .
-2مقياس الجدة والابتكار :
إن الموضوع الذي تطرق إليه الشاعر ليس جديداً, فهو رثاء, يجيده الشعراء العرب كثيراً, ولا يشترط أن يقدم الشاعر معانٍ جديدة لم يتطرق لها أحد قبله, فذلك شبه مستحيل ...
لكن المطلوب أن يقدم الشاعر معانيه بطريقة جديدة, بأسلوب مبتكر تبدو فيه كالجديدة, أما القالب الذي حمل فيه الشاعر معانيه وأغراض قصيدته , فهو المدهش ...! إذ حمّل قصيدته في قالبين, القالب الأول ملأه بلسانه هو, والقالب الثاني ملأه بلسان السياب نفسه , وهذا أدهشني حقيقة ...!
-3مقياس العمق والسطحية :
لقد جعلنا الشاعر نواكب القصيدتين, بكل المعاني التي حمّلها بالصور التي استدعت إلى مخيلتنا الكثير من المعاني والمفاهيم, بدلالاتها السيميائية المستشفة من الموجودات والمخبوءات التي انطوى عليها النص, وهذا يعكس موهبة الشاعر ومقدرته وملكاته الذهنية وثقافته العالية, الصور الرمزية والخيالية التي فاض بها النص تدلّنا على مدى هذا العمق...
أما على صعيد العاطفة فنقدها يكون على مقاييس :
-1 مقياس الصدق والكذب :
العاطفة صادقة لأن الدافع الذي دفع الشاعر لنظم هذه القصيدة كان صادقاً وحقيقياً و لا يستطيع أحد أن ينكره, فهو من محبي السياب الأوفياء له كشخص وكشاعر, وقد علمت أنه قال هذه القصيدة عندما زار ضريح السياب منذ فترة قريبة ...
-2مقياس القوة والضعف :
لا شك أن هذه القصيدة قد أثرت بمعظم من سمعها, حتى بمن لا يحب الرثاء ,هذا المقياس يتبع لأمزجة الناس, وأكاد أجزم أن القصيدة شدّت انتباه كل من قرأها لغزارة وعمق الأغراض التي طُرحت من خلال الصور الجمالية اللافتة ...
ب - المدخل اللساني Linguistic Trend:
القصيدة غنية جداً بالألفاظ اللغوية والجمل والتراكيب التي ينبغي الوقوف عليها, في محاولة لاستنباط هوية الشاعر وتكنيكه الخاص به دون غيره من الشعراء, والحقيقة أنني وجدت ذلك واضحاً , إذ وضع الشاعر كلَّه في قصيدته هذه, فلسفته ومعارفه الفلسفية العميقة والتاريخية والأدبية كانت توشّي القصيدة بالأعلام ( ديموزي, عشتار, بروموثيوس, فارتر, السندباد,علي بابا, حسن البصري, الخليل, عروة, همنغواي, محسن السعدون, ماكبث , أيوب , سليمان... ).
كما كان للأماكن فلسفة ذكر خاصة في هذه القصيدة , عدّدها الشاعر بكثرة, وكأنه يوثِّق لها( الخليج , جيكور , ساعة السورين , سوق الهنود...).
عناوين القصائد التي نظمها السياب أيضاً كانت حاضرة من باب السيرة والتوثيق ( الخليج, شناشيل, ابنة الشلبي , المومس العمياء , المخبر السري...)
ميّزت عند الشاعر قدرة كبيرة على التنصيص, يستخدم قدراته ومعارفه وثقافته العميقة, ويوظّفها بإدراك كامل منه وذكاء وحنكة في كل ما يكتب, حيث لا مجال للثغرات, لا في الألفاظ الظاهرة ولا في المعاني الباطنة, أما التراكيب فنسجٌ على منول يدوي لا يغفل عنه صاحبه, ليكون النسج بساطاً بهياً من الصور البلاغية يزينها الاقتباس ...
الصور البلاغية :
كان للاستعارة الاحتلال الأكبر في القصيدة, حيث جعل المعاني محسوسات ملموسة:
- ألقى ما أثقلَهُ سَفَطاً في جوفِ الخليج
آلامَه
جيوبَهُ الخاوية
ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير
الآلام والجيوب الفارغة والألقاب جعلها أثقالاً تُلقى في جوف الخليج
- عملة ملغاة رُدّتْ بوجهِه جعل هذه المعنويات قطعة نقود باطلة رُدّت بوجهه
- تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ كولا والمطر: جعل الزمن شراباً في زجاجة
- تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار: جعل للانتظار شرفة
- الظل يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً جعل الظل شيئاً قابلاً للذوبان, كما جعل الظلام مذيباً, وجعل ناتج الذوبان شعراً.
- وهم يلّفون سكراتِ الموتِ بورقِ الزّينة جعل سكرات الموت حلوى أو هدية تلف بورق الزينة
كما جعل الجمادات حية:
- نمْ نمْ جيكورَ
- لم أردْ أنْ أيقظَك من اغفاءةٍ تحتَ ظلال باسقاتٍ جيكور بلدته تنام كطفل تحت ظل النخيل
- عُذراً شريانَ قصائدي جعل للقصائد شرياناً
- ما عدا المطر
يتجوّلُ في الشوارعِ منفرداً. . . جعل المطر شخصاً يتجول في الشوارع وحيداً
- أنْ أرضي ولود جعل الأرض أنثى تلد
- سيضاجعُها المطرُ ذاتَ يوم جعل المطر ذكر يضاجعها
- ينبشون الذّكرياتِ بسكينٍ صدئِة ! جعل الذكريات جماداً ينبش بسكين
الكناية :
شربَها كأساً فارغة .... كناية عن موصوف ( دنياه)
عاد عارياً : كناية عن موصوف ( ميت)
شناشيلُه
الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ كناية عن موصوف ( حضارة سومرية )
غفوتُ عنكَ بعيداً كناية عن الغربة
هُنَّ الأطولُ من كُلِّ عهودِ الظّلام كناية عن الاستبداد
بسطْنَ أمامَنا النظرَ إلى السّماء كناية عن الترقب وانتظار الفرج
ما دونَهُ تسوّل في دروبِ الإنحناء ! كناية عن الفقر

الاقتباس :تضمين أبيات الشعر شيئاً من القرآن أو الحديث الشريف
-
- تقذفاني في بطنِ سوقِ الهنود ( سورة يونس)
- أنبأني راءٍ ( سورة الجن)
- أنَّ اخوةً يأكلونَ على بساطي
- ما حرّمهُ اسرائيلُ على نفسه . . .( سورة آل عمران)
- بينكم مَنْ يتكئُ على منسأةِ سليمانَ النّبيّ ( سورة سبأ)
- يهزُّ نخلتَها
جاء
المهدُ يضيق ( سورة مريم)
القليل من المحسنات البديعية :
قفوا – توقفوا : جناس
ما كان ما كان : إطناب
نم نم : إطناب
ج- المدخل الاستنباطي ( التقمّصي ) Infernce and Empathy Trend:
- مجموعة العبر والحكم والدلالات الإنسانية التي حفلت بها أركان القصيدة التعبيرية والسردية , موضوع الرثاء حمل بين طياته الكثير من الوعظ والحكمة, وحده الموت بحد ذاته وعظاً و وقد نقش عمربن الخطاب رضي الله عنه على خاتمه :( كفى بالموت واعظاً يا عمر ) .
وقد بدأ الشاعر الفذ قصيدته بحكمة الحقيقة التي لا يختلف اثنان عليها, كل من يموت يترك كل أثقال الدنيا وأمتعتها ويغادرها عارياً:
- ألقى ما أثقلَهُ سَفَطاً في جوفِ الخليج
آلامَه
جيوبَهُ الخاوية
ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير
عملةً مُلغاة
رُدّتْ بوجهِه
شربَها كأساً فارغة . . .
عادَ عارياً
و دعوة من الشاعر لكل إنسان , وقفة أمام مرآة الذات واستطلاع الآتي , وكل ما هو آت ينتهي عند دود الأرض, وآخر رزق الدنيا شربة ماء باردة تشبع بطن جائع ...
توقّفوا
قفوا أمامَ المرايا قليلاً
لو . . .
ما كانَ ما كان . . .
بينكم مَنْ يتكئُ على منسأةِ سليمانَ النّبيّ
مَنْ يعاشرهُ الدودُ
من غيرِ نداءِ نُدبة
لم يمرْ ببابهِ عروةُ بن الوردِ أيّاماً
فاحتسى الماءَ بارداً. . .
وحكمة من من خبر الموت والحياة , إن الحياة تمنح السعادة لمن يدفع لها, وعملتها كل شيء,غير قابل للاسترداد, مال وعقل وقلب :
كنْ سخيفاً تعشْ سعيداً !
د-المدخل العقلانيMentalism Trend :
نقصد به تجربة الأديب المكتسبة من الاتجاهات الأدبية الفكرية من قراءاته وثقافاته السابقة , والتي أثرت على إنتاجه الأدبي بالتوازي أو بالتناص مع أدباء آخرين , مضافاً إليها إرهاصاته الإنسانية الحاضرة... لقد أصابتني الدهشة من كم التناص الذي وجدته في القصائد, حتى أنني أستطيع أن أجزم أنه تكنيك يعتمده الشاعر واعياً ليس صدفة, ثقافته الدينية المستقاة من القرآن الكريم, مسكوبة سكباً في القصائد, بتنسيق موزون, وحرفنة عالية..والأمثلة على ذلك كثيرة جداً, أوردتها عندما تكلمت عن الاقتباس, وأتكلم عن تناصه مع الموروث الشعبي والأسطوري من حكايات وأمثال :
-شناشيلُه
الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ تراث سومري
-مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي
أثداءِ عشتار . . . أساطير سومرية
-السندُباد يُبحرُ على الأرض . . . حكايا شعبية
-كُلُّ المفاتيحِ في حوزةِ علي بابا والمليون . . !! حكايا شعبية
-آلام بروموثيوس حكايا أسطورية
-ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير مثل قديم
-لم يمرْ ببابهِ عروةُ بن الوردِ أيّاماً سيرة لشاعر قديم
رابعاً - الخلفية الأخلاقية للنص : Moral Background
تشتهر النصوص و الأعمال الأدبية الرصينة برمتها على موضوع خاص يبنى عليه النص بشكل كامل, لكونه يثبت القوائم الأخلاقية في المجتمع وذلك هو واجب الأدب والأديب الرصين الاساسي ، والمتوجب الالتزام به وبقيم الأخلاق والمثل الإنسانية العليا، ولا يحق له التعرض لمنظومة الأخلاق العامة والأديان والأعراف والقوانين بشكل هدّام، يشترط أن ينضوي الأديب الرصين تحت خيمة المنطلق الأخلاقي ويخضع لمقومات مذهب التعويض الأدبي الأخلاقي (Doctrine of Compensation) وهذا المبدأ يفرض على الأديب القواعد والقوانين الأخلاقية في ديباجة المنظومة الأخلاقية العالمية، ولا يسمح له، في نهاية عمله الأدبي، أن يعطي نفاذاً للمجرم من العقاب أو الانزلاق من طائلة القانون مهما كانت شدة ذكائه، أو يؤيد مصطلح الجريمة الكاملة، على الأديب أن يبحث عن ثغرة ليجعل الرجحان دائماً لكفة العدالة، ولا يجوز أن يتعرض نص من النصوص، لكاتب في أقصى الشرق لعرف يحكم, ولو مجموعة صغيرة من الناس تسكن في أقصى الغرب من المعمورة ، و النقد هو الحارس الأمين لتلك التجاوزات الأدبية الهدامة ، التي تخترق بنية الأعراف والقوانين والأخلاق لعالمنا بكل طوائفه وأجناسه, ولا يعد أديباً من يخترق منظومة الأخلاق والأجناس والطائفية، وينشر العداء والفرقة بين الناس... ومن هذه المنطلقات أجد أن الشاعر الفيلسوف عبد الجبار الفياض من أكثر الشعراء رصانة, ومن أكثرهم التزاماً أدبياً وأخلاقياً .
خامساً- التحليل الرقمي الذرائعي الساند: Digital Analysis Supporting
الدالات الفلسفية :
شناشيلُه
الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ
تنقشُ السّمرةَ على جلودِ الحُفاة
مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي
أثداءِ عشتار . . . +19
أنَ تُعادَ لها الألوان
والدُهان . . . +8
ما زالتْ ابنةُ الشّلبي
تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ كولا والمطر +8
تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار
غادرَهُ الرّصيفُ +7
الظّلُ
يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً +5
يحفرُ أسماءً على جذعِ شجرةٍ ميّتة !
. . . . . +12
لم أردْ أنْ أيقظَك من اغفاءةٍ تحتَ ظلال باسقاتٍ +9
هُنَّ الأطولُ من كُلِّ عهودِ الظّلام
بسطْنَ أمامَنا النظرَ إلى السّماء +11
ما دونَهُ تسوّل في دروبِ الإنحناء !
. . . . . +12
آلامُ بروموثيوس +2
أيوبِ النّبيّ +2
فارتر +1
مثلثٌ +1
صارَ معي مُربّعاً مُغلقَ الجّهات +5
حدَّ الاختناق +2
تابوتاً +1
أودعتْهُ أنا +2
وآخرَ القصائد . . . +6
ما فتئتُ بينهم أحتضر +4
وهم يلّفون سكراتِ الموتِ بورقِ الزّينة +7
كي لا أموتَ ثانيةً +4
ثالثة . . . +4
رصاصتي
لم أزلْ أحشو بها ثُقباً في رئتي . . .
. . . . . +16
عُذراً شريانَ قصائدي +3
عشّاري الجّميل +2
أرسمُكَ على مساحةِ سريري +4
أمشيكَ كُلَّ يومٍ بلفافةِ تبغٍ من وريد . . . +10
السندُباد يُبحرُ على الأرض . . . +7
كُوّتي الصغيرة +2
ألبسوها مِعطفَ ماكبث +3
أفرغوا عُلبَ المكياجِ على عذراواتِ الطّين +6
ينبشون الذّكرياتِ بسكينٍ صدئِة ! +6
ما زالَ منزلُنا الكبيرُ يغرقُ بالظّلام +5
أرى النّوافذَ مُغلقة +3
لكنَّما الأبوابُ مُشرعة +3
بلا أقفال +2
كُلُّ المفاتيحِ في حوزةِ علي بابا والمليون . . !! +12
كما قرأتُ ذلكَ في شريطِ الألمِ اليومي +7
كنْ سخيفاً تعشْ سعيداً ! +5
مسحتُ كُلَّ ما كتبتُهُ عن المومسِ العمياء +7
المخبرِ السّريّ +2
السبعِ اللائي عشقتْ . . . +6
احتفظتُ باسمٍ تدورُ به الاسطوانة +5
مجموع الدوال الفلسفية =269
دوال الحكمة :
ألقى ما أثقلَهُ سَفَطاً في جوفِ الخليج +7
آلامَه
جيوبَهُ الخاوية
ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير +8
عملةً مُلغاة
رُدّتْ بوجهِه +4
شربَها كأساً فارغة . . . +6
عادَ عارياً +2
كنْ سخيفاً تعشْ سعيداً ! +5
مجموع دوال الحكمة =32
دوال الموعظة :
توقّفوا +1
قفوا أمامَ المرايا قليلاً +4
لو . . . +4
ما كانَ ما كان . . . +7
بينكم مَنْ يتكئُ على منسأةِ سليمانَ النّبيّ +7
مَنْ يعاشرهُ الدودُ +3
من غيرِ نداءِ نُدبة +4
لم يمرْ ببابهِ عروةُ بن الوردِ أيّاماً +7
فاحتسى الماءَ بارداً. . . +6
مجموع دوال الوعظ = 43
دوال العاطفة الوجدانية :
نمْ نمْ جيكورَ +3
لفجرٍ قد لا يُريكَني +4
غفوتُ عنكَ بعيداً +3
لم أتعبْكَ بعدُ لغسلِ عيوني كُلَّ صباح +7
فقد غسلتُها للمرّةِ الأخيرةِ من ماءِ طفولتِنا معاً دونَ أنْ تدري +11
رجلاي متعبتان +2
تحملاني من فراشٍ مُتذمرٍ لطولِ رقاد +6
تطوفانِ بي +2
أقفُ متوسّلاً بأنفاس +3
تختفي بدهاليزَ مظلمةٍ تحتَ ساعةِ السّورين ومضاتٍ بعدَ وهج . . . +12
تقذفاني في بطنِ سوقِ الهنود +5
ما ازدحمتْ به النهودُ +4
ممالك البهار
البخور
القهوة +4
كلٌ في بيته +3
ما عدا المطر +3
يتجوّلُ في الشوارعِ منفرداً. . . +7
قفوا قبلَ أنْ تحملَهم سيارةٌ مُستأجرة +7
سائقٌ وصديقان +2
حفّارُ القبورِ يتثاءب . . . +6
جنازةٌ بائسة +2
ألم يكنْ لهُ . . . +6
. . . . . +5
مجموع دوال العاطفة الوجدانية = 107
دوال الوطنية :
عراق +1
وإذا روحي تعود +4
تشربُ عينُهُ عَتمةَ قبري +4
فيشرقُ من محاق +3
أنْ أرضي ولود +3
سيضاجعُها المطرُ ذاتَ يوم +4
يهزُّ نخلتَها +2
جاء +1
المهدُ يضيق +2
فلْيشربِ الشّيطانُ دمَ المَخاض !! +6
. . . . +4
مجموع دوال الوطنية = 34
المجموع الكلي للدلالات الحسية = 4٨٥
سادساً-حساب الميل البراغماتي لرصانة النص وشاعرية الشاعر
٤٨٥÷5=٩٧٪‏ درجة الشاعرية
٢،٥ فلسفة /
و١،٥ حكمة وموعظة ووطنية
ووجدانية =١
فيكون الميل البراغماتيكي كاملاً للشاعر ٥/٥ درجة
ونعني بالميل البراغماتيكي الاستخدام الشعري والانتقاء للمفردات التي كونت الدوال في عموم القصيدة وبراعة الشاعر في الحبك الشعري واستخدام أدواته الشعرية ويحسب الميل البراغماتي بنسبة ١٠٠= ١
أما التصنيف الشعري للشاعر فهو شاعر فلسفي وجداني حكيم برصانة شعرية كاملة على الميل البراغماتيك
سابعاً- الخاتمة :
أنهي دراستي هذه, وفي نفسي الكثيرمن المفاصل التي كنت أرغب بالتعريج عليها , لكن البراغماتية سمحت لي بتحليل أولي أكتفي به وأترك لغيري متعة المحاولة والإكمال , فأنا مطبقة لهذه النظرية الرائدة...
أود بالنهاية أن أقدّم شهادتي بالدكتور الشاعر الفيلسوف عبد الجبار الفياض لأقول أنه من المجدّدين الجدد في عصرنا هذا, ولا يقل عن السياب أو نازك الملائكة في عصرهم, فلقد استطاع إدخال الفلسفة على الشعر بطريقة مبتكرة, دون أن يمس بالأغراض الوجدانية الأخرى التي يتناولها, يخوض في كل أغراض الشعر مضيفاً إليها الفلسفة ! الغريب أن يكون عنده درجة الشاعرية تتجاوز ال 90% , مع أن الفلسفة جافة عادة ! إلّا أن الشاعر الفذ عبد الجبار الفياض استطاع تطويعها بما يملك من شاعرية وجدانية شفيفة, ومخزون بياني وبلاغي ولغوي كبير, قام بصهر كل ذلك في قوالب مبتكرة من قصائد النثر, فكان مؤشر كل من المعنى والخيال والرمزية والشاعرية عنده عالياً جداً...
لعل آيات الشكر الكثيرة قد لا تفي حق الدكتور عبد الرزاق عوده الغالبي , المنظّر العراقي الكبير الذي فتح باب المنهج الذرائعي على مصراعيه, مبتدئاً بالنظرية الذرائعية التي كان لي شرف أن كنت أول المطبقين لها في دراساتي النقدية ...
تحياتي وجل احترامي لكل المبدعين والأفاضل ...
د.عبير خالد يحيي
2/8/2017
النص الأصلي نقش على شاهدة
( السّيابُ يموتُ غداً )
ألقى ما أثقلَهُ سَفَطاً في جوفِ الخليج
آلامَه
جيوبَهُ الخاوية
ألقابَاً لم تأْتهِ بشروى نقير
عملةً مُلغاة
رُدّتْ بوجهِه
شربَها كأساً فارغة . . .
عادَ عارياً
ليتوسّدَ ذراعَ الحسنِ البصريّ
يقبّلهُ الخليلُ معاتباً . . .
. . . . .
شناشيلُه
الموشّاة بخيوطِ شمسٍ سومريّةٍ
تنقشُ السّمرةَ على جلودِ الحُفاة
مشقتْها من قبلُ على جبهةِ ديموزي
أثداءِ عشتار . . .
أنَ تُعادَ لها الألوان
والدُهان . . .
ما زالتْ ابنةُ الشّلبي
تشربُ الزّمنَ بزجاجةِ كولا والمطر
تضعُ كرّاسَها على شرفةِ انتظار
غادرَهُ الرّصيفُ
الظّلُ
يذوبُ بظلامِ يأسٍ شعراً
يحفرُ أسماءً على جذعِ شجرةٍ ميّتة !
. . . . .
نمْ نمْ جيكورَ
لفجرٍ قد لا يُريكَني
غفوتُ عنكَ بعيداً
لم أتعبْكَ بعدُ لغسلِ عيوني كُلَّ صباح
فقد غسلتُها للمرّةِ الأخيرةِ من ماءِ طفولتِنا معاً دونَ أنْ تدري
لم أردْ أنْ أيقظَك من اغفاءةٍ تحتَ ظلال باسقاتٍ
هُنَّ الأطولُ من كُلِّ عهودِ الظّلام
بسطْنَ أمامَنا النظرَ إلى السّماء
ما دونَهُ تسوّل في دروبِ الإنحناء !
. . . . .
آلامُ بروموثيوس
أيوبِ النّبيّ
فارتر
مثلثٌ
صارَ معي مُربّعاً مُغلقَ الجّهات
حدَّ الاختناق
تابوتاً
أودعتْهُ أنا
وآخرَ القصائد . . .
لستُ محسنَ السعدون
همنغواي
رصاصتي
لم أزلْ أحشو بها ثُقباً في رئتي . . .
. . . . .
عُذراً شريانَ قصائدي
عشّاري الجّميل
أرسمُكَ على مساحةِ سريري
أمشيكَ كُلَّ يومٍ بلفافةِ تبغٍ من وريد . . .
رجلاي متعبتان
تحملاني من فراشٍ مُتذمرٍ لطولِ رقاد
تطوفانِ بي
أقفُ متوسّلاً بأنفاس
تختفي بدهاليزَ مظلمةٍ تحتَ ساعةِ السّورين ومضاتٍ بعدَ وهج . . .
تقذفاني في بطنِ سوقِ الهنود
ما ازدحمتْ به النهودُ
ممالك البهار
البخور
القهوة
السندُباد يُبحرُ على الأرض . . .
. . . . .
أنبأني راءٍ
أنَّ اخوةً يأكلونَ على بساطي
ما حرّمهُ اسرائيلُ على نفسه . . .
يزورونَ بيتي
كُوّتي الصغيرة
ألبسوها مِعطفَ ماكبث
أفرغوا عُلبَ المكياجِ على عذراواتِ الطّين
ينبشون الذّكرياتِ بسكينٍ صدئِة !
. . . . .
ما فتئتُ بينهم أحتضر
وهم يلّفون سكراتِ الموتِ بورقِ الزّينة
كي لا أموتَ ثانيةً
ثالثة . . .
توقّفوا
قفوا أمامَ المرايا قليلاً
لو . . .
ما كانَ ما كان . . .
بينكم مَنْ يتكئُ على منسأةِ سليمانَ النّبيّ
مَنْ يعاشرهُ الدودُ
من غيرِ نداءِ نُدبة
لم يمرْ ببابهِ عروةُ بن الوردِ أيّاماً
فاحتسى الماءَ بارداً. . .
. . . . .
كلٌ في بيته
ما عدا المطر
يتجوّلُ في الشوارعِ منفرداً. . .
قفوا قبلَ أنْ تحملَهم سيارةٌ مُستأجرة
سائقٌ وصديقان
حفّارُ القبورِ
يتثاءب . . .
جنازةٌ بائسة
ألم يكنْ لهُ . . .
. . . . .
سيزارُ بعدَ سنين
يُعطى مدرسة
شارعاً
مذخرَ أدوية
قصاعاً من ثريد
بعضَ زجاجاتٍ من مُعتّق
رُبَما سورةِ الفاتحة !
. . . . .
أوّاه
ما زالَ منزلُنا الكبيرُ يغرقُ بالظّلام
أرى النّوافذَ مُغلقة
لكنَّما الأبوابُ مُشرعة
بلا أقفال
كُلُّ المفاتيحِ في حوزةِ علي بابا والمليون . . !!
كما قرأتُ ذلكَ في شريطِ الألمِ اليومي
كنْ سخيفاً تعشْ سعيداً !
مسحتُ كُلَّ ما كتبتُهُ عن المومسِ العمياء
المخبرِ السّريّ
السبعِ اللائي عشقتْ . . .
احتفظتُ باسمٍ تدورُ به الاسطوانة
عراق
وإذا روحي تعود
تشربُ عينُهُ عَتمةَ قبري
فيشرقُ من محاق
أنْ أرضي ولود
سيضاجعُها المطرُ ذاتَ يوم
يهزُّ نخلتَها
جاء
المهدُ يضيق
فلْيشربِ الشّيطانُ دمَ المَخاض !!
. . . .
عبد الجبار الفياض

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...