أَنْهَتِ المُعلِّمَةُ دَرْسَ العُلومِ قَائِلَةً:
إذَاً..الحَليبُ يَاصِغَارِي يُفِيدُ أجسَادَنا، فَفِيهِ مَادَّةَ الكالسيوم الّتي تُقوّي عظَامَنَا، وَأَظَافِرَنَا.
هَل تَعِدُونَنِي أَنَّكُم سَتَشْرَبُونَ الحَلِيبَ يَومِيَّاً، وَسَأحكِي لَكُم حِكايَةً جَمِيلَةً؟
قَالَ التَّلامِيذُ بِصَوتٍ واحِدٍ: نَعَم نَعِدُكِ.
فَقَالَتْ: هَيَّا أَنصِتُوا يَاأَحِبَّتِي إلَى حِكَايَةِ
(مَيْمُونُ المَلعُونُ) فَضَحِكَ الأَطفَالُ لِهَذَاالاسمِ الغَرِيبِ، فَأَردَفَتِ المُعَلِّمَةُ: سَتَعْرِفُونَ الآنَ لِمَ أَسْمَاهُ أَصْدِقَاؤُهُ هَذَاالاسْمَ المُضْحِكَ.
" لَقَدْ كَانَ مَيمُونُ يَستَيقِظُ صَبَاحَاً بِكَسَلٍ شَديدٍ.
أَمَّاشَقيقَتُهُ مِيرَةُ كَانَتْ تَسْتَيقِظُ بِنَشَاطٍ، وَحَيَويَّةٍ، تُرتِّبُ سَرَيرَهَا، تَغسِلُ وَجهَهَا، ثُمَّ تَشْرَبُ كُوبَ الحَلِيبِ المُحَلَّى بِالقَليلِ منَ العَسَلِ.
فِيمَا مَيمونُ يَلبَسُ ثِيابَ المَدرَسَةِ، دونَ أَنْ يغْسِلَ وَجهَهُ، أو يَشرَبَ الحَليبَ، مُتَجَاهِلاً نَصَائِحَ أُمِّهِ
الَّتِي تُوبِّخُهُ كُلَّ صَبَاحٍ دُونَ جَدْوى.
فِي الطَّرِيقِ إِلى المَدرَسَةِ القَرِيبَةِ، سَارَا مَعَاً هُو وَشَقيقَتُهُ. بَعدَ بِضعَةِ خُطُواتٍ؛ تَوَقَّفَتْ عَلَى الجَانِبِ المُقَابلِ سَيَّارةٌ غَرِيبَةٌ، أَطَلَّ مِن نَافِذَتِهَا رَجُلٌ قَائِلاً: الجَوُّ بَارِدٌ..
هَلْ أُوصِلُكُما أيُّهَاالصَّغِيرَانِ؟
فَسُرَّ مَيمونُ الكَسولُ، وَكَادَ يَذهَبُ إلى الرَّجُلِ، لكِنَّ مِيرَةَ شَدَّتْهُ مِن ثِيابِهِ قَائلَةً:
أَلَمْ يُحَذِّرْنَا أَبَوَانَا مِنَ الغُرَبَاءِ؟
هَيَّا، فَلنُكمِلْ طَرِيقَنَا، نَكادُ نَصِلُ!
فِي الصَّفِّ..كَانَ مَيمونُ الوَحيدَ الَّذِي لَمْ يَكْتُبْ وَظِيفَتَهُ، فَعَاقَبَتْهُ المُعلِّمَةُ بِالوقُوفِ طِيلَةَ الحِصَّةِ
عِندَ السّبُّورَةِ، وَلَمْ يُجْدِ اعتِذَارُهُ.
فِي الحِصَّةِ التَّالِيَةِ، أنزَلَتهُمُ المُعلِّمَةُ إلَى الحَديقَةِ الصَّغِيرَةِ، لِيَقوموا بِرَسْمِ مَنظَرٍ طَبِيعِيٍّ.
فَجْأَةً..اختَفَى مَيمونُ دقِيقَتِينِ
نَادَتِ المُعلِّمَةُ: أّينَ أَنتَ يَامَيمونُ؟
فَجَاءَ مُسرِعَاً، وَبِيَدِهِ بَاقَةُ وَردٍ صَغِيرَةٍ!
قَطَّبَتِ المُعلِّمَةُ حَاجِبَيهَا، وَقَالَتْ:
هَذِهِ الحَديقَةُ مُلْكٌ لِجَمِِيعِ مَنْ فِي المَدرَسَةِ.
لَقَدْ أخطَأْتَ يَامَيمونُ حِينَ قَطَفْتَ الأَزهَارَ، هَلْ سَتفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّةً ثَانِيَةً؟
رَدَّ بِامتِعاضٍ: لَا..أَعتَذِرُ!
فِي طَرِيقِ العَودَةِ، كَانَ يُحَدِّثُ شَقيقَتَهُ بِسُرورٍ
عَنِ الرِّحلَةِ الَّتِي سَتَقُومُ بِهَاالمَدرَسَةُ يَومَ غَدٍ.
وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ، رَأَيَا قِطَّةً صَغِيرَةً تَمُوءُ، فَالتَقَطَ حَجَرَاً، وَهَمَّ بِضَربِهَا، لَكِنَّ سَيِّدَةًوَبَّخَتْهُ، فَاحمَرَّ وَجهُهُ، وَرَمَى الحَجَرَ.
قُبَيلَ الوصُولِ..رَأَيَا بَائِعَاً يَبيعُ حَلوَىً مَكشُوفَةً، فَسَارَعَ مَيمُونُ وَنَقَدَ البَائِعَ قِطعَةً نَقدِيَّةً، وَطَلبَ قِطعَةَ حَلوَى، فَوَشْوَشَتْهُ مِيرَةُ:
ألَمْ تَقُلْ أُمِّي لَاتَأكُلَا الحَلوَى المَكشُوفَةَ؟
لَكِنَّهُ لَمْ يُبَالِ، التَهمَ القِطعَةَ الصَّغِيرَةَ، وَلَمَّا سَألَتْهُ شَقيقَتُهُ:
مِنْ أينَ لَكَ القِطعَةَ النَّقدِيَّةَ؟
أَجابَ بِزَهوٍ: لَقَدْ وَجَدتُهَا فِي بَاحَةِ المَدرَسَةِ!
فَقَالَتْ مِيرَةُ:
لكِنَّكَ قُمتَ بِِعَمَلٍ مُشِينٍ، كَانَ عَلَيكَ أَنْ تَضَعَهَا فِي غُرفَةِ الإدَارَةِ، كَي تُعطَى لِصَاحِبِهَا إنْ سَألَ عَنْهَا. فَبَدَأَ يُصَفِّرُ مُستَهتِرَاً بِكلَامِهَا.
فِي المَنزِلِ..نَادَتِ الأُمُّ:
هَيَّا..طَعَامُ الغَدَاءِ جَاهِزٌ يَاأَحِبَّتِي!
لَكِنَّ مَيمونَ لَمْ يَذهَبْ لِتَنَاولِ الطَّعَامِ، فَقَدْ كَانَتْ حَرَارَتُهُ مُرتَفِعَةٌ، وَهُوَ
مُستَلْقٍ عَلَى سَريرِهِ، وَقَدْ وَهنَتْ قُوَاهُ.
فِي اليَومِ التَّالِي..
كَانَتْ مَيرَةُ، وَجَمِيعُ الطُّلَّابِ مَسرورِينَ بِالرِّحلَةِ المَدرَسِيَّةِ إِلَى حَديقَةِ الحَيَوانَاتِ، بِاستِثنَاءِ مَيمونُ الَّذِي لَزِمَ الفِرَاشَ بِأَمرٍ منَ الطَّبيبِ الّذي كَتبَ لَهُ أدوِيَةً كَي يُشفَى منَ التَّسَمُّمِ الّذي أَصَابَهُ بِسَبَبِ الحَلوَى المَكشُوفَةِ، وَعَدَمِ الاهتِمَامِ بِنَظَافَتِهِ الشَّخصِيَّةِ، الَّتِي أَضعَفَتْ مَنَاعَةَ جِسمِهِ."
وهَذِهِ يَاصِغَارِي حَكَايَةُ (مَيمونُ المَلعُونُ )
هَلْ أَعجَبَتْكُمُ؟
رَدَّ الأطفَالُ بِفَرَحٍ عَارِمٍ: نَعَمْ.
ثُمَّ رَنَّ جَرَسُ الفُرصَةِ، فَخَرَجوا، وَهُم يَتَحدَّثونَ فِيمَابَينَهُم عَن بَطَلِ الحِكَايَةَِ، وَيَضحَكونَ، مُرَنِّمِينَ بِأصْوَاتِهِمُ العَذبَةِ:
مَيمونُ المَلعُونُ..مَيمونُ المَلعونُ..
ميَّادة مهنَّا سليمان/سورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق