اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب الأدب والأيديو

دعاء امرأة ــ قصة قصيرة | عايدة هنداوي مغربي- عكا ـ فلسطين

طرقت الباب مرتين بتردّد، وهي تحتبس أنفاسها بين الفينة والأخرى والعرق يسيل بحذر على وجنتيها.
هل تطرق الباب مجدّداً...أم تعود أدراجها إلى البيت، وبجرأةٍ قالت في نفسها: نعم وإن يكن ماذا سيحدث أكثر بعد...
وفي المرة الثالثة صفعت الباب بقوّة كأنما تصفع ماضياً خذلها بقوّة.
وفجأة...

فتح الباب رجلٌ ضخمٌ، جاحظ العينين، يتسمّر في وجهه العبوس. فقالت له: السلام عليكم يا سيادة القاضي! كيف حالك؟ فأجابها بسخرية: مَن أم محمّد؟! ها قد رجعتِ مرّة أخرى، أسمعت بنصيحتي وتزوّجتِ لتعيلي أطفالك التسعة وحماتك؟

ابتلعت ما قاله على مضض وأجابته: لا أريد أن أتزوّج مرّة أخرى. فقاطعها: لماذا لا! ما زلتِ في ريعان شبابك وجميلةٌ أنتِ، فما المشكلة إذاً؟

فقالت له: إنني لا أبغى الزواج مرّةً أخرى، أريد أن أربّي أطفالي اليتامى ولا أريد سوى بعض المساعدة منكَ أيّها القاضي لكي أستطيع توفير لقمة العيش لهم.

فسألها القاضي: وأين أهلكِ؟

فردّت أم محمّد وقلبها يعصره الأنين: تخلّى عنّي أهلي لأنني رفضت الزواج مرّةً أخرى بعد وفاة زوجي رحمه الله. وأخبروني بأنني إن لم أتزوّج بمن يعيلني وأطفالي، فسوف يتخلّون عنيّ، ويتركونني وحيدة، لأنّهم يرون أنّ شرف المرأة يكمن في سترها بالزواج.

سكتَ القاضي لبرهةٍ وقال لها بسخرية: وما دُمت لا تبغين الزواج، إذهبي وأطعمي عيالكِ بنفسك.

فردّت عليه أم محمّد والدمع يسيل من القلب قبل العين: لا تريد مساعدتي، وإن يكن! ولكنني أدعو الله أن يغنيني عن الناس أجمعين، ويحاسب أمثالك يوم الدين.

فدبّت كلماتها بأذنيه كالصاعقة، ثم أغلق باب السائل وقلبه يعجّ بالحجارة التي تأبى الانكسار.
ابتعدت عن بيت القاضي الذي كان يسكن بجوارها في حيّ المبلّطة في عكا، وأخذت تهرول إلى البيت لكي تُطعِم ابنتها الرضيعة التي ولدت قبل وفاة زوجها بأسبوعين. وفي خطواتها تجتمع ألف قطرة حنينٍ إلى زوجها الراحل، فجعلت تناجيه بروحها: إلى مَن تركتني يا قرّة عيني، أموج في بحرِ الحياة وحيدة، بدون رفيق ولا معين. لقد غاب الأهل والأصحاب وتفرّست الذئاب من حولي، سلبونا الأرضَ والطريق. وأسكنونا أنا وأطفالي التسعة وأمّك في بيتٍ يكاد أن ينهار. أجبني ماذا أفعل؟ كيف أطعم لحمك؟ قل لي: إلى أين سأذهب بعد وأطلب المساعدة، والكلّ قد تخلّى عنّي؟!
لقد رحلتَ مع الربيع وألبست فتاتك الصغيرة عباءةً ثقيلة تكبرها بعشرات السنين.

وعندها أخذت ذاكرتها تبحر عباب الماضي الذي تحنّ إليه من الصميم.

فبعد أن تزوّجت أم محمّد في الحادية عشرة من عمرها، عاشت مع زوجها عشر سنوات، كانت من أجمل أيام حياتها. لقد كان زوجها، الإبن الوحيد الذي تبقّى لأمّه بعد أن فقدت زوجها وكل أطفالها الآخرين، اللذين كانوا قد ماتوا صغارا،ً لا تتعدّى أعمارهم الثلاث سنوات.

ولهذا بقيت الأمّ الثاكلة تعيش مع ابنها وعائلته إلى أن توفيّ وهو لم يبلغ بعد ثمانيةً وعشرين ربيعاً. عندها أرادت الأم العجوز أن ترحل لتعيش وحدها في المزرعة - التي كانوا يقضون فيها عطلة الصيف- وهذا خشية أن تُثقل الحِمل أكثر على زوجة ابنها المسكينة.

لكنّ أم محمد أبَت ذلك وأغرقت نفسها بالبكاء لكي تبقى جدّة أطفالها معها. تُعينها ولو بكلمةٍ تبلسم جراح الحياة.

ومع أنّ أم محمّد ما زالت نفساء، ونيران الحرب والتهجير تعصف بالمدينة، خرجت لكي تبحث عن عمل تُعيل به أبنائها الصغار، أو ربّما تجد من يساعدها ولو قليلاً. توجّهت لجميع أئمة المساجد في المدينة فرفضوا مساعدتها، مدّعين أنّ دائرة الشؤون الإجتماعيّة تستطيع مساعدة الأرامل. فأبت الاستسلام واستمرّت في المحاولة، حيث توجّهت إلى هناك طالبةً المساعدة، فأخبرتها دائرة الشؤون الإجتماعيّة أنّهم يستطيعون المساعدة بوضع اثنين من أبنائها في ملجأ للأيتام. عندها انقسم قلبها إلى نصفين ورجعت إلى أطفالها منكسرة، تائهة، لا تدري ماذا تفعل. أتبلع حزنها على فراق اثنين من فلذات أكبادها، لكي تُطعم الباقين إن استطاعت. أم تجوع ويجوع معها أطفالها كلّهم. وفي صباح اليوم التالي قرّرت مع الجدّة اصطحاب طفلين من أطفالها إلى ملجأ الأيتام، فخرجت والجدّة تتثاقل خطواتهما إلى الأمام مرّةً وإلى الوراء مرّات والحزن يعصف قلبيهما. وعندما وصلوا إلى الملجأ جاء رجلٌ يريد استلام ابنيها منها. فبدأ صراخ الأطفال وبكاؤهم ينتزع قلب الأم والجدّة. عندها صاحت الجدّة بحرقة: لا يا أمّ محمّد، ما تفرطيش بلحمك، وما تخلّيهن يوخذوا اولادنا منّا، الله خلقنا هو اللي بعينّا وما بنسانا.

فانتفضت أم محمّد والدموع تجري منها كالأنهار، وركضت نحو طفليها الباكيين وعانقتهم بقوّة وقالت لهم: هيا يا أحبائي، فلنرجع إلى البيت والله لن ينسانا.

من قسوة الماضي إلى قسوة الحاضر تداعت لأم محمد كل تلك الأحداث في طريق عودتها إلى البيت بعد أن ردّها القاضي خائبةً، ولم يساعدها حتىّ ولو بكلمة يطيب لها الخاطر.

وقبل أن تصل إلى البيت توجّهت إلى البحر عسى أن يبرّد عليها نسيمه مآسي الحياة.

وهي واقفةٌ هناك على إحدى الصخور، هبطت على كتفها حمامة بيضاء وهدلت في أذنها كلماتٍ لم تفهمها وطارت الحمامة إلى البعيد. عندها أدركت أم محمّد أنّ الله معها، ولن يتركها وحيدة، وهي بذاتها كأم، تحمل رسالة كبيرة عليها أن تنثرها على الأنام مهما قست الظروف..

وما هي إلاّ لحظات حتّى سمعت صوت الأذان الذي انسكب كالبلسم على جروحها، وبعده سمعت صوت المؤذّن يقول: انتقل إلى رحمته تعالى قاضي المدينة..... إنّا لله وإناّ إليه راجعون.



- عكا

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...