![]() |
رباب حسين |
مع ضيفتنا رباب حسين سنناقش بعض القضايا المهمة لنتعرف على وجهة نظر الشباب كوننا بحاجة ماسة لمثل هذه النقاشات الهادئة لمعرفة طريقة تفكير هذا الجيل فالمتابع للفضاء الإفتراضي يجد الحماس والرغبة لقول أشياء كثيرة مستخدما الأساليب السريعة كالخاطرة والومضة والاقصوصة فسهولة النشر والتواصل منحته سلاحا جديدا وقوة تخترق جميع الجبهات.
حدثينا بشكل موجز عن بحثكِ في رسالتكِ للدكتوراة؟
أنا طالبة دكتوراة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أدرس خلال بحثي الأفلام الباراسيكولوجية وعلاقاتها بسلوكيات الشباب، والأفلام الباراسيكولوجية تلك التي تتناول ظواهر فوق طبيعية؛ وفي سبيل ذلك أقارن بين الدراما المصرية والأمريكية والبريطانية والكورية واليابانية، في محاولة لإثبات أن تكرار الرسائل الإعلامية وعلى المستوى العالمي يؤكد على معتقد ما ويجعله راسخا ءوإن كان غير منطقيء وهو ما يؤثر على سلوكيات الشباب فيما بعد.
تدرسين اللغة اليابانية والكورية نود توضيح نقطة هامة فالكثير يعتقد أنها من اللغات الصعبة علينا كعرب..ما ردكِ؟ وما الذي دفعك لهذا المسار؟
تعد اللغة الكورية من أسهل اللغات الموضوعة على الإطلاق؛ حيث يمكنك قراءة أي نص خلال أسبوعين لا أكثر، كما أن كتابتها سهلة جدا إن اتبعت الخطوات الصحيحة، ففي القرن الخامس عشر أمر الملك سيجونغ العظيم علماء عصره بإختراع هذه الرموز وتسمى الهانجول حتى يقضي على أمية الكتابة نظرا لصعوبة الكتابة باللغة الصينية آنذاك، وقد أكد على القومية الكورية بهذا الاختراع، وبالفعل قضت كوريا على أمية الكتابة تماما.
أما اللغة اليابانية فهي أصعب قليلا فهناك حروف الهيراجانا وهي الأسهل، وحروف الكاتاكانا المستخدمة مع الأسماء الأجنبية وأحيانا نلجأ إليها لإبراز بعض الكلمات، بالإضافة إلى الكانجي وهي شخصيات من اللغة الصينية تحمل معنى متشابها غير أنها تنطق باليابانية.
وقد درست اللغة الكورية بسفارة كوريا الجنوبية كما أدرس الآن اليابانية بمؤسسة اليابان لأثري بحثي وكتاباتي.
ما تأثير الثقافة اليابانية والكورية في كتاباتكِ؟
اشتركت في العديد من المسابقات الكورية في مصر كالتحدث وغيرها، كما حصلت على المركز الثاني في مقالة كُتب للتعليق على ديوان”رحلة إلى سيول” بفضل الله، وقد رسمت وكتبت قصصا بالكورية للأطفال، وكذلك أنشر في مؤسسة اليابان بعض المقالات والقصص وإن كانت بالعربية إلا أنني أطمع أن أكتب باليابانية فيما بعد برغم علمي باختلاف نظام النشر هنا عنه في اليابان.
فقد ساهمت في تحرير كتاب مترجم من اليابانية للعربية، كما أنني بصدد تكملة روايتين عن اليابان وكوريا الجنوبية كذلك مجموعتي القصصية تحتوي على قصص تقع أحداثها في كوريا واليابان؛ آملة أن أعرّف القاريء العربي بتجارب تستحق الاستفادة منها.
كباحثة في مجال الدراما..برأيك ما أسباب تراجع الدراما المصرية؟ وهل من حلول لإنقاذها؟
يعد ضعف النص وقلة الإمكانات المالية وضعف القدرات التمثيلة آفات تعوق ريادة مصر في مجال الدراما؛ فلا توجد دراما في العالم بنص ركيك الأفكار ضعيف الحبكة غير مرسوم الشخصيات بدقة، كما أن الصورة الآن أصبحت جاذبة بشكل ملفت لهذا فإن الديكورات والأكسسوارات وماكياج وكذلك الملابس بالإضافة إلى الإضاءة تعد دعامات أساسية لتقديم دراما قوية، أما ضعف القدرات التمثيلية فحدث ولا حرج.
ومن أكثر الدرامات انتشارا هي دراما البطل الأوحد التي تستغل شهرة ممثل مخضرم لا يمت للشخصية بصلة لا في العمر ولا في استحضار مكنونات الشخصية، وهو ما يضعف العمل ككل.
إن تلافينا هذه العيوب ونقحنا النصوص واخترنا الممثلين واهتممنا بالصورة وأكدنا عليها بحوار قوي ووضعنا ميزانية للإنتاج معقولة سترجع لنا ريادتنا مرة أخرى.
كانت لدى الصحف المصرية ملاحق وصفحات أدبية فخمة ولها شعبية كبيرة..لماذا خف وهج هذه الصفحات والملاحق؟
قد يكون إيقاع الحياة هو السبب، فالسرعة وانتشار التكنولوجيا جعل من الصحيفة وسيلة أبطأ كمصدر للمعلومات، كما أنها تعتمد على إيرادات البيع كمعيار للنجاح والانتشار، وقد تراجعت نسبة الإيرادات في بداية انتشار التكنولوجيا مما جعل عددها يتقلص، كما أن النشر الأدبي يتطلب متابعة من قبل القاريء بتوافر الأعداد المتتالية عند نشر رواية على أجزاء مثلا، ولا يجب أن ننسى أنه من الصعب الحفاظ على هذه الأعمال نظرا لرداءة الورق الذي لا يحافظ على حبره لفترة طويلة مما يجعل البديل الإلكتروني رائجا جدا.
ما التأثيرات التي حدثت في كتابة الشباب خلال هذه الفترة المرتبكة التي تعيشها مصر؟
الأدب كغيره من عناصر الثقافة يرتبط بما يقع في المجتمع من أحداث ويعكس بدوره اضطرابا في فترات الثورات وما بعدها، وكما رأينا في أمم متشابهة ككوريا الجنوبية حيث قامت ثورة عام 1986م ضد الفساد ومرت بسنوات تعقبها اضطرابات ثم استطاعت أن تبني نفسها من جديد وتستعيد عافيتها لتكون من الدول ذات الاقتصاد القوي.
ولا يلوم أحد على الشباب حين يفقد القدوة بصدمته في فساد الكبير والمؤتمن ولكي يستعيد توازنه عليه أن يعبر عما يجيش بصدره وعلى المجتمع احتوائه وتحفيزه وأرشاده للطريق الصحيح.
هل يوجد مسار واضح منهجي وجمالي للكاتبات المصريات؟
للأسف هناك منهن من تفتقرن إلى المنهجية وإن قدمن أحداثا جديدة ومتماسكة إلى حد ما، وهناك من تفتقرن للقيمة وإن كان لها منهجية واضحة، وهناك من تفتقرن للإثنتين معا، وهو ما يغلب على الساحة الآن، غير أن منهن من أفتخر بالقراءة لهن لكنني لا أخص بالذكر أحدا، فقط أتمنى أن نعمل جميعا بجد وألا نترك القراءة والبحث أبدا.
نلاحظ كثرة وجود كتب الخواطر التي تنشر إليكترونيا…كيف تنظرين لهذه الظاهرة وإلى أي صنف يمكن أن تدرج هذا النوع؟
تعد كتب الخواطر أكثر أنواع الأدب إنعكاسا للغة العصر لما لها من سرعة في الأداء ويهرب إليها كثيرون لا ينظموا الشعر وأنا منهم ءوإن كنت ممن يلقونه فقد حصلت على المركز الأول مكرر في إلقاء الشعر وأنا بالصف الرابع الإبتدائيء وأعتقد أنها ظاهرة صحية، فحينما تطالعك المواقع الاجتماعية تجد مكانا لكتابة خاطرة كبرت كانت أم صغرت، لكن الخواطر يقاس أهميتها بمدى بلاغتها وتكثيفها وهو ما لا أراه معيارا اليوم مع كثرة القراءة وإفراز كتابات لا حصر لها.
نعيش عصر الصورة لكن قد يلاحظ ضعف الصورة في كتابات الشباب الأدبية … ما أسباب هذا الخلل من وجهة نظركِ؟
إن قلت القراءة ضعفت الصورة، وللأسف لا يتمتع شبابنا بحسن القراءة فهم يبتغون أقل الكلمات، ويريدون القشرة لا التعمق مما يخل بالميزان فتضعف الصور المرسومة في كتاباتهم الأدبية.
الكثير يرى أن النشر الإلكتروني هو المستقبل ..هل لكِ تجارب وكتب منشورة إليكترونياً؟ وكيف تنظرين لهذا الرأي؟
أعمل منذ تخرجي مساعد تدريس ببرنامج الإعلام بمركز جامعة القاهرة للتعليم المفتوح، وبالطبع أرى في النشر الإلكتروني مستقبلا واعدا، وأنا اليوم على مشارف إنهاء كتاب يتناول أسس المقال النقدي ونماذج من مقالاتي المنشورة بدورها على العديد من المواقع الإلكترونية، ومن الجائز جدا نشر روايتي القادمة إلكترونيا.
كيف تصفين لنا المشهد الروائي المصري اليوم؟
إن المشهد الروائي المصري اليوم يفتقر الهدف وإن كان هناك بعض الإرهاصات والأعمال التي تستحق القراءة وقد نشرت مقالات نقدية تفصيلية لكل عمل أدبي أراه يستحق، لكن الأمل يتزايد بتزايد الأفكار وإن كان بعضها سطحيا إلا أن القاريء يعلم أن عليه اليوم غربلة ما يقابله من أعمال.
هناك من يرى أن الكتابة موهبة ربانية ويستغل صفحات الفيس بوك ليطلق على نفسه الألقاب ويعدد الإنجازات ..هل تسببت مواقع التواصل الاجتماعي بحدوث أمراض نفسية لدي شبابنا وشاباتنا وحدوث مشهد أدبي إفتراضي خيالي ومبالغ فيه؟
إن التصالح مع النفس والتوافق النفسي أحد أهم أسباب السعادة كما أن معرفة القدرات لا توجد عند كل الناس، نعم إن الكتابة موهبة ربانية تظهر على السطح دون الارتباط بسن فهناك من يكتشف نفسه بعد سن الأربعين مثلا، كما أن هناك من لا يعرف بموهبته أبدا بل يتعرف عليه من حوله وهو ليس بخلل بل إن معرفة القدرات في حد ذاتها نعمة من المولى يهديها لمن يشاء، لكن الموهبة وحدها لا تكفي فثقل الموهبة أهم كثيرا من الموهبة ذاتها، لذا على كل واحد أن يعتني بموهبته كما يعتني بنبتة إن تركها تموت.
أما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي فإنها تدخلك في عالم افتراضي بلا رقيب تشارك في صنعه أنت واختياراتك، لذا فإن الكثير من البحوث أكدت على حدوث أمراض نفسية، لكن إطلاق الألقاب يعني افتقار في الذات ولا يدل على موهبة حقيقة.
رأي اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق