اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

تسعون درجة وعكاز | قصة قصيرة ...*سوسن عبد الجواد رضوان

⏪⏬
لطالما جلس على الكرسي المتطرف القريب من المطبخ يصيخ السمع لمن ينده عليه من المدراء أو الموظفين فجواله الذي يحمله في جيبه قديم جداً ، وبالكاد يسمع رنينه إذا فعل.

بدا متعباً وهو يسند ركبتيه إلى صينية فارغة ، يعتصر ألماً غيَّب لون عينيه التي ماأن تلتقي بأحد المدراء حتى يبتسم له عن أسنان نخرها الهم .

ثلاثةَ عقودٍ خرساء حملها على ظهره حتى عرج زمانُه ومال . لم يكن ليشتكي أبداً فهو فقط صبي القهوة على رغم الشيب الذي انسكب على رأسه ففاحت منه رائحةُ الهرم .

كان خروجه من المخيم مع عائلته يوازي الموت حرقاً بنارٍ لن يطفئها إلا أمل.

ساعتان بالكاد تكفيه ليصل إلى بيته الذي استأجره بأربعين ألفاً اقتسم نصفها من راتب ابنه الأسبوعي الذي تزوج يافعاً ليرى أباه سعيداً بأولادٍ خلفها ليفاخر بهم .

كاملٌ هذا كان يسقي ساعات يومه من عرق جبينه كي تنمو وتنبت ساعة أو ساعتين أطول ليعمل بثمن أوقية لحمة أو قنينة زيت لقلي البطاطا فالراتب المقطوع كان أعرجاً كزمان أبيه لايكفي إلا الكفاف .

لقد امتطى أبو كامل صهوة غيمةٍ عاقر لم تنجب ، فَصُلب على صدر الرجاء مئة ألف وجع .

لمعت عيناه حين رآنا فعرفت لتوي أنها دموع تحاول الاختباء لتداري سوءة انكسارها .اقتربنا منه مسلمين فمدَّ كفاً نظيفةً كروحه ، ارتجف غطاء السرير بقوة من جانبه الأيسر ،وهو يحاول النهوض تأدباً . أمسك بفخذه المتبقي من ساق وربت عليه حتى هدأ ثم التفت كمن يتفقد عيوننا وقال : فقر المال انكسار ياأولادي ثم استطرد مبحوحاً لكن فقر الوطن موت .

تحلقنا واجمين حول مائدة من رجاء بهتَ لكنه لم يته قبل أن تقبل علينا رحمة ابنة الثماني سنوات.

دخلت بابتسام بريء تحمل لعبةً وقصة للأطفال مرت بها علينا جميعاً لنراها ونثني عليها.

قالت لنا وقد فاض الفرح من عينيها : هذه أول مرة يحضر فيها ضيوف إلى بيتنا ثم تابعت : أنتم أصدقاء جدي أعلم ذلك قاطعتها السيدة وداد : كيف عرفت ذلك ياحلوتي ؟

ـ عرفته لوحدي فجدي فرحٌ بكم وهو لم يصرخ من الألم من حين دخلتم عليه

ضحك أبو كامل وقال لها : نادي أمك يارحمة لتصنع القهوة للضيوف .

خرجت لتفعل وفي البهو الخارجي كانت تبدو لنا جميعاً إلا جدها فنادتنا همساً لنأتيها فاكتشف أبو كامل براءة تصرفها ادعينا رؤية الجبل الذي يطل قبالة البيت لنخرج إليها ، فاقتربت منا لترينا شيئاً أخفته عن جدها وقالت : لقد اشتريت هذه الحصالة بخمسين ليرة ووضعت داخلها خمس وثلاثين ليرة وغدا سأضع عشرين وبعد غدٍ سأضع عشرين وهكذا إلى يوم العيد وسأذهب إلى السوق لأشتري لجدي عكازاً . قالتها همساً كي لاينتبه إليها فتحرق المفاجأة . ثم تابعت ببراءة : لن أشتري الحلوى بعد الآن سأدخر ثمنها لذلك .

أخرج كل منا شيئاً وطلبنا مستأنسين أن نساهم بمشروعها فرفضت واتفقنا أن نكون شركاء باسم صداقتنا لجدها فعاد لها البشر وحضنت رجاءها وغادرت .

شربنا قهوةً كما لم نذقها يوماً ثم بدأ يحكي لنا قصة الخطأ الطبي الذي أودى بساقه وركبته . كان الأمر مؤسفاً جداً وبخاصة أن أحداً لم يعترف بهذا الخطأ الذي كان من الممكن تلافيه لكن أبو كامل فقيراً معدماً كما أمثاله . فوصف لنا شعوره عندما خرج بعد ساعتين ونصف من غرفة العمليات وهو لا يدري إن كان حياً أم أن الموت سهلٌ هكذا كما التخدير .

خيم العتم على صحراء حزننا فأخذنا نثرثر لنفتح طريقاً تسلكه السيارة علها تعثر على أملٍ سقط في جبِّ الرجاء .

وكأنه لم يسمع لغونا فقد غيبته الذاكرة ليس بعيداً عن ساقه التي سبقته إلى قبرٍ بعيداً عن مدفن المخيم . فتابع حديثه وقد غص حلقه بمرارة الذكرى . قال:

ـ صحوت ولم أجدها تحملني فصرخت كطفل اغتالوا أمه أمام عينيه . أحسست بمرارة الفقد . تذكرت المخيم ليلة هروبنا . أجل هروبنا من موتٍ قد يغدرنا من ظهورنا . تناول الجميع ليلتها عشاء الخيبة والحسرة وأخذت زوجتي المكلومة تعض على شفةِ القهر ولأول مرة لم أستطع أن أواسي ضعفها ، هنا صمت والتفت إلى شرفة على يمينه ونظر بعيداً حيثُ قاسيون ولكأنه يتبين أمراً .. اقترب منه أبو زيد وكان موظفاً في الدائرة ذاتها ومسح عن خديه دمعةً قد جمدها المشهد الأخير،وسأله بصوتٍ مبحوح : ألم يحضر الأستاذ عادل لزيارتك ؟

ـ لقد أرسلَ لي مع المستخدم الجديد مظروفاً فيه ورقةً بأسماء المتبرعين والمبلغ المدفوع

ـ كرر عليه السؤال بعجبٍ : ألم يحضر الأستاذ عادل إليك

ـ باب بيتي عالٍ يا ولدي تسعون درجةً لن يقدر على صعودها وهو يشكو من ألم في ظهره وفي عينيه . ثم التفت إلى تلك النافذة وقد وقف في محجره أبو هولٍ كبير.

جال صمتنا في الغرفةِ النظيفة وخبى عندما صرخ كمن استفرغ قيء روحه دفعةً واحدة وقال : أم كامل حضري الغداء لضيوفنا فنحن من طينةٍ واحدة وسيحبون طعامنا . لاتنسي الباذنجان المقلي والصلطة . ثم التفت إلينا وهو يحاول أن يسحبَ مابقي من ساقه من تحت الغطاء وقال مدارياً قهر قلبه : إن الفقر هو آفةُ الإنسانية وذلها ونحن قومٌ فقراء ..هل تفهموني ياأحبتي ؟

لم نجهد أنفسنا كثيراً لفهم ماعناه لكننا جلسنا مجتمعين على أريكة الذهول قبالة رجل حكيم بدا أنه يتقن الكثير غير عمل القهوة.

قاربت زيارتنا على الوداع وكان الجميع متحلقين حولنا يغبطهم وجودنا فهم لم يعتادوا إلا زيارة القطط اللاهثة

لم يزل أبو كامل ينظر عبر النافذة إلى قمة قاسيون حين غفا من تأثير المسكن، وقد فتح الألم فمهُ فابتلع ألوان الفرح . سقطت دمعتان باردتان على وجنتين من تعب وبدأ يهذي كالمحموم:

لاتطارد الريح يا كامل. اسق حاكورة القمح وضع الماء لصغار النسر الجريح.

*سوسن عبد الجواد رضوان
سورية

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...