لا تصنع جميلاً .. في غير موضعه
فإنَّ نفوسَ الناس ، بين ما هو خبيثٌ
وما هو صالح
تلك معادنٌ ، فيها النفيسُ وفيها الرخيصُ
وفيها ما يبلسمُ الجراحَ ..
وفيها الجارح
إن فعلتَ ، ألقيتَ السكر في ماء يمٍ
وأضعتها ، إذا أضفتها ..
إلى مَنْ في طبعه ، هو مالح
إن فعلتَ ، فلا تحزن عليه تأسفاً
ولا تجزع
لا تراهن على ما مضى ، فلقد مضى
وما أنت متمسكٌ به دهراً ، وحافظٌ
لك الآن ، هو طارح
---
كم أحسنتَ ولم تلقَ إحساناً
وكم وهبتَ من فضلكَ ، ومن جودكَ
لوغدٍ ، وهو سافح
كم أساءَ إليكَ ، مَنْ كنتَ أنعمتَ عليه
كلُّ يدلو بما لديه ، وعنده
فهناك ، مَنْ هو مانعٌ لفضله وإحسانه
وهناك ، من هو جوادٌ مانح
كم متملقاً ، أتاك في حاجةٍ
يظهر محبته
يقسمُ أنه في مودتكَ مقيمٌ
وعند قضائك ما أراد ..
إذ عنكَ ، وعن معرفتكَ ..
هو فارٌ نازح
كم ناكراً في إنكاره ، ألفُ اعترافٍ
وكم من مقرٍ ، معترفٍ بذنبه
بريءٌ مما أبداه ، ومما هو طارح
---
كم امرىءٍ ، أخطأ في فهمكَ ..
من سوء ظنه
أنتَ ، من حسنِ أخلاقكَ ، تثني عليه مادحاً
ومن سوء أخلاقهِ .. هو ذامٌ قادح
كم من حبيبٍ ، ما عادَ لقربه معنىً
أنت وهبته أعزَّ ما ملكتََ ، أغلى ما لديكََ
وعنكَ ، هو محجمٌ كابح
كم أخفيتَ حزنَكَ بداخلكَ ، والوجهُ أبداه
القلبُ يكتمُ سِرَّكَ ..
ولكَ دمعُ العين .. هو فاضح
كم أسكنتَ بعض الكلمات ، حرَّ جمرٍ
فبكت أحرفها على الأسطر ، في حرقةٍ
ولعابها سالَ ، على ما هو قارح
---
كم غيمةً مثقلةً ، هربت بحملها
إلى الأرض العجاف
فأنبتت ، ما هو مفيدٌ ..
وما هو طالح
وكذلك الناسُ في طبعها وطباعها
منهم مَنْ هو ماسكٌ كفيه ، قابصٌ
ومنهم مَنْ هو باسطٌ فاتح
لا تؤجج ألماً مدفوناً ، ولا تستعذب طعم الوجع
إنَّ الوجوه . حسب مصالحها ،
بين ما هو مستبشرٌ فرحٌ ..
وبين ما هو مغبرٌ كالح
اختر من الخيول حرّها وأصيلها
واعلم ، بأن فيها .. ما هو أليف وادعٌ
وفيها ، ما هو نافرٌ جامح
---
إذا فسدت أخلاق قومٍ ، وقوانينهم
ترى صغيرهم لكبيرهم ، واعظاً راشداً
متبجحاً فيما يقول ، وهو ناصح
ليست الأشياءُ جميعاً تستحقُ البكاءَ
فالدنيا ، ما بين خاسرٍ مفلسٍ
وبين مَنْ هو رابح
الجرحُ ، يُبْصر لمَنْ أرادَ رؤيته
لكنّ طعم الألم ، يبقى لصاحبه
لا يشعر به ، ولا يحسُّ
مَنْ هو لامح
وما بين قلبٍ مطمئنٍ ، وقلبٍ سعيدٍ
دع حشو الكلام ، قليله وكثيره
ودع ما هو كابحٌ عنك ..
وما هو جانح
---
لا تقف على الأطلال ، حالماً متأملاً
فإنّها مساكن الأشباح والخفافيش ..
وما هو نائح
لا تؤذّن بين صلاتين ، ذلكَ باطلٌ
وكذا السجود ، في صلاة جنازةٍ
فما هو سانح
يا أيُّها المسافرُ في دمي ، كفاكَ عذاباً
مع وحدتي وغربتي ، لا طباً يستطبُ به
وما هو فالح
كن كما الكوكبُ الدُّري في مجرته
ثابتاً في كنهه
وفي فلكه يسير ، وهو سابح
كن على حذر ، من ذئبٍ مرواغ
ومن نجاسةٍ كلب
ذاكَ يعوي عليكَ ، تارة من طبعه
وتارةً ، من خبثه
وذاكَ في الحالتين ، هو نابح .
.*عدنان رجب ريشه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق