اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

مَشاهِدٌ...** فتحية دبش

“تونس…
سوسة…
توزر…توووزر….”
….
لم تكن واحدة من تلك الوجهات تناديه قط، بل كثيرا ما تساءل حتى إن كانت الأرصفة متشابهة و إن كان في هذه الأمكنة أطفال لحافهم الليل أيضا…

تسلل البرد إلى مفاصله، أعاد سحب بنطلونه إلى أعلى ثم إلى أسفل حين شعر بلسعة خفيفة بساقيه، و لكن البرد ظل يطارده و الصوت الأخرس يزداد قربا.
“سوسة؟”
رفع بصره من على الجريدة و تداعت ذراعه تتحسس حقيبته اليدوية المعلقة على كتفه الأيمن مخافة النشل و هزّ رأسه نفيا… ثم إيجابا .
تهللت أسارير السائق و انتعل ابتسامة جعلت فمه أشبه بحذاء قديم، و وثب على الحقيبة الكبيرة يرفعها ليلقي بها في آخر السيارة، ثم دعاه لاتباعه.
انتحى المقعد الذي يحاذي النافذة، كعادته يحبّ التحديق في المسافات و مراقبة الحصى تتقافز تحت ضغط العجلات.
بقربه جلست سيدة مكتنزة كانت بالكاد ترفع رأسها حين تخاطب السائق سائلة عن وجهة السيارة. تسترق النظر إليه و يباغته صوتها حنونا:

” هلاّ أفردت لأمك بعض مكان يا بني!”
كان يحاول ملاحقة حروف الجريدة و هي تتقافز عنوة أمامه، و تذكّره بمقاعد الدراسة التي فارقها باكرا.

غصّت السيارة البوجو 806 بالركّاب، بسمل السّائق و قذف بقامته الغليظة إلى المقعد، تمايلت العربة يمنة و يسرة قبل أن تستقرّ، و ارتفع صرير الكرسي ثم خفت، و خشعت كل العيون تنتظر أن يضغط على الدّوّاسة…
دفن رأسه ثانية بين صفحات الجريدة التي بدت مترهّلة من كثرة ما تداولتها الأعين و الأيدي، و راح يطارد الحروف المتقافزة و يمسك بخيطِ هذا لرتق ما تمزّق من ذاك…
تقترب جارته منه كثيرا، تكاد أن ترتمي بأحضانه، كان يبتعد، يبتعد حتى صار يشغل ربع مقعد سيدفع أجرته كاملة في ركن مظلم من أركان محطة نقل المسافرين …
همّ بها قليلا ثم عدل عن رأيه، و لكن حديد المقعد يؤلمه و يوشك أن يخترقه و يسقط تحت العجلات،
تحتكّ به، تسري بعض حرارة في ذراعه ثم سرعان ما تنتقل إلى فخذيه، يبتعد أكثر و لكن الحديد الذي يردّه إليها كان باردا و ساخرا…

رائحة البخور تضوع منها، تغزوه و تشاغب روائح المحطة التي حملها معه أنّا رحل … تحوّل هروبه إلى ربع المقعد إلى نوع من الإنتحار…
باغتته أحلام صباه بحضن دافئ غادرُه مذ وعى على الدنيا…
ماتت أمه و هي تصرخ بين أيدي حليمة القابلة، كان الوقت فجرا و كان ثلاثتهم كفراخ الطير، يفركون أعينهم و يهرولون يمنة و يسرة دون أن يدرون سرّ الصراخ الحاد المنبعث من خلف باب غرفتهم الوحيدة…
تجري النساء بأواني الماء الساخن، و أخريات يعقدن حبلا في حديد النافذة المتداعية و يسلمن طرفه الثاني إلى أمه، تمسك به، تجحظ عيناها، تعض على شفتيها قبل أن تطلق تلك الصرخة التي شقّت حياتهم نصفين، ثم .. صمْتٌ.
مال على جارته قليلا، غلب دفئها هواجسه، أغمض عينيه و استسلم للحنين الجارف الذي اجتاحه و عبث بيتمه، تدلّت ضحكات و تقاطرت كلمات يشتاقها قلبه المتعب…

حين همّ بلفّ ذراعه على رقبتها و تنفّس الأمومة التي أورثته يتما شقيا ارتطم بإسفلت القاعة باردا،
أيقظه ذلك الصوت الأخرس، و لم يفلح في فتح عينيه، كانت تنازعه و هو يحاول الفكاك من ثقل يجثم على جفون متعبة، تململ و عقد يدا بأخرى بعد أن استدار على جانبه الأيسر، جذب خرقة الغطاء ثانية و ثالثة و أعاد لفها حول رجليه و كلّه الذي بالكاد يشغل نصفة الكارتون الذي يأويه كل ليلة… ركله ذلك الدميم و هو يعيد ترتيب أزرار سرواله و يحفّ شواربه الغليظة:
“انهض!
أيها الكسول عليك اللعنة!
الشمس في كبد السماء، حسابك عسير إن لم تجلب رزق يومك…”
هبّ واقفا، تأبط أدوات عمله، و غادر الركن لينتشر في المحطات المجاورة و الأسواق لكن الليل ظلّ يطبق على روحه و يتناوبه اليتم أثناء النوم و الصحوة.

*فتحية دبش

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...