اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

و.. و وقعت في الحبِ ـ قصة قصيرة || ناهدة جابر جاسم ـ العراق

كنتُ في الصف الخامس الإعدادي حينما دخل بيتنا ابن عمي "حاكم" وكان يعمل قصاباً بملابسه الملطخة بالدماء كان ذلك بالضبط في أواخر عام 1977 وانتحى بي جانباً بعيداً عن أخواتي وأمي ليسلمني كراساً صغيراً ويقول:
- نهودة هذه مجلة الحزب التنظيمية!.
كان كراس (مناضل الحزب). وحاكم هو أخ "محمود" الأصغر. دأب بعدها على توصيل الكراس لي، وكأن الأمر مكرساً عائليا لكسبي لصفوف الحزب الشيوعي العراقي، كما أتصل بيّ "صالح حبيب" أبن خال أبي والذي كان عضواً في تنظيمات الحزب في تلك الفترة، ومن خلال ذلك دخلت في دهليز وعالم قراءة الفلسفة وموضيعها الملتبسة بالتنقيب في معنى الحياة والوجود والوعي والكون الغامض والطبيعة والإنسان، وسؤال لم يجب عليه بشكل قاطع لا فيلسوف ولا عالم فضاء.
سؤال: من يدير الكون وينظمه ويرسم حياة البشر؟!.


شغلني الأمر ونهلتُ من كتب الماركسية أعمقها، فقرأت عدة مرات كتاب أنجلس ( أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة) وكنتُ في سنٍ مبكرةٍ أذهلني الكتابُ، وأجد أن كلمة أذهلني متواضعةً بحق ما فعلَهُ بنفسي؛ رأيتني أنا الأنثى التي كنتُ أمتلك الحق الأُمومي في فجر الإنسانية، وكان المولود المترعرع في رحمي باسمي، لكن الرجل أنتزعه حينما صرنا ربات بيوت. صرتُ شبه مهوسة في البحثِ عن كينونة الإنسان بشكلٍ عام والمرأة بشكلٍ خاص بعد قراءة هذا الكتاب. من هنا وبعد هذا التراكم المعرفي والحسي بدأتْ ثورتي وتمردي على المجتمع العراقي من تقاليده التي تحتقر المرأة في مجتمع ثقافته رجولية بحتة. كان تمردي يعتبر شاذاً لا يتوافق مع المجتمع العراقي المحكوم بتقاليد وأعرف وقيم هي أقرب إلى البداوة والمتعصبة منه إلى الحضارة والأنفتاح.
وجدتُ نفسي في أخر المطاف أنفردُ عن بقية أخوتي وأخواتي، مقتربةً من زميلات دراستي الفقيرات فعكفتُ على لبس رداء المدرسة الموحد، ورفضتُ تجديده كل عام وهذا ما يفعلنه بنات الطبقة المتمكنة وأخواتي كذلك، كي أكون قريبة من زميلاتي الفقيرات وهمومهن وأفكارهن.
في العام أي في بحر 1978 أحسست أن صراعي مع قيم المجتمع والعائلة وصل إلى حدود التقاطع. كنتٌ أشعر، لا لست أشعر فحسب، بل كان الأقرب ليَّ في خضم صراعي ذاك مع الجميع هو أبي "حاج جابر القزمري" كان فخوراً بي، يتشاجر مع أمي البسيطة التي تقيم علاقات مع عائلات مهتمة بالبهرجة لا غير والتي أصبحتُ نقيض سلوكها مما أورثني معها علاقة متناقضة فيها من عقدة أوديب الكثير، فمرات أحس أنها كانت تكرهني، وهي تلاحظ شدة عناية أبي بيّ. أحسها تغار مني بلا معنى، وسلوك أمي جعلني أمقت كل ما يمت بصلةٍ لحياةِ الرفاه والتبطر ودفعني أكثر للالتصاق بالفقر والفقراء الذي جشمني عناء العمر الذي أحببته والذي تشردت وخضت الصعاب من أجله وجعلني أخيراً أعيش غريبة عن بلدي وأهلى مجاورة القطب الشمالي.
تصاعدَ تمردي مع توالي الأيام. صرتُ كتلةً متماسكةً مشتعلةً بالحوارِ. حلمي بوطن حر وشعب سعيد يمر عبر مقاومة فكر البعث القومي الضيق المعنى. وقتها في شبوبي ذاك الإنسان الوحيد الذي كان قريبا لي وأسر له بكل ما يجول في خاطري كان "أبي" .
كما تمّيزتُ عن زميلاتي في المدرسة بمشاكستي وطرحي الاسئلة الجريئة في حينها. أسأل عن كل شيء دون خجل البنات المعروف.. كنت أقضي جلَّ وقت فراغي في المطالعةِ والبحث عن أجوبة للكثير من الأسئلة التي كانت تشغل رأسي وكأي صبية متمردة.. قرأتُ كل ما وقع بين يدي من مؤلفات "نوال السعدواي" على سبيل المثال "المرأة والجنس" "الرجل والجنس" وكتباً حول موضوعة الاغتصابات" ووووو... كنتُ مشتعلةً بالأسئلةِ والبحث عن أسرارِ الحياةِ والكونِ والخالق وعلاقة المرأة بالرجل.
تتوجَ بحثي وشغفي في المعرفةِ وتمردي على السائدِ من تقاليدِ ومفاهيم باليةٍ بعشقِ أخ صديقة لي في مرحلةِ الثانويةِ وكانتْ من عائلةٍ شيوعيةٍ ومعروفةٍ في مواقفها من السلطة البعثية الدموية. عشقتهُ من خلال ما كانت ترويه لي أخته، عن رقة قلبه، ومعاملته الحانية معها، وأنكسار خاطره من حبيبة كانَ يظنُ بها رفيقةَ عمرٍ، ولكنها هُزمتْ في أولِ معركةٍ صادفتها في العائلة، أي بمعنى أستسلمت لرغبتهم في أختيار الزوج المناسب لها. كانت أخته تحكي كثيراً. كنت أعرف الصغيرة والكبيرة في بيتهم. كما تعرفتُ على أخيها الأخر "كفاح" الذي كان شعلةً من الحيويةِ والطهرانية، وما سحرني وجذبني أكثر عيناه الواسعتان والسوداويتان والعميقتان. أصبحنا صديقين حميمين نتبادل الأفكار والمعرفة، والجميل في تجربة علاقتي به كنا نتحاور في كل كتاب ننتهي من قراءته.. مثلا كتاب كارل ماركس موجز "رأس المال" قرأناه في نفس الوقت وتحاورنا، ويالجمال ذاك الحوار.. من هناك فهمتُ بعمقٍ ماذا يعني المال ورأس المال، وماذا تعني القيمة وفائضها. تعلمتُ الكثير وبعمقٍ جعلني متماسكة وشديدة في القرارِ، وفي مواقفِ الحياة. أحبك يا كفاح وأقدّسك لأنك كنت من معدنٍ خاصٍ وخاص جداً من البشر. كنتَ في التاسعة عشرة من عمركَ وكنتُ بنت الثامنة عشرة شمعة ولكننا لم نفكر؛ أنت رجل وأنا امرأة، بل كنا بشراً. أحترمنا وأحببنا بعض، وفي قمةِ الإنسانيةِ. يا صديقي ورفيقي في المعرفة والتجربة. أحبك وأصّلي لك يا جميل. كنت صديقاً أحبه وأقدسه وأصبحت عماً لولديَ وبنتي وأنتَ لاتدري. صلوات وشموع ومحبة وروح الصدق والأنسانية لكَ…
أعودُ الى قصتي مع أخيهما الأكبر وعشقي له.
أول جملة قلتها له:

- أسمعني بروحك يا رجل! أنا صبية ليست لديَ أسرار وخبايا ولكنني عاشقة مجنونة وأبحث عن اليقينِ.
روحي أبحرتْ في محيطاتِ المعرفةِ والبحث عن جواهر المعنى.
وتسلقتْ جبال الهَّمِ والحياةِ حتى التقيتكَ في زحمةِ الدنيا وشحة الحب وخوف البنات من اعلان حبهن لمن أحببن
سألني عن تاريخ ميلادي؟
أجبته:
- لا أعرف قد أكون ولدت منذ عشر ثواني! منذ خلق الطبيعة! الأنفجار الأول! ولكن عليك ان تتيقن من انني ولدتُ حينَ التقيتُ بعينيك اللتين لم ولن تعثر على امرأة تحسهما كما أنا.
قال:

- طيب يا صبيتي، أريدك رفيقة لعمري وروحي المبعثرة وذهني الداعر وقلبي الذي خابَ من يقين اسمه الحب وتعب من فقد ألأحباب!.
أجبته:

- بعينيّ وبقلبي الغض وروحي الطفلة بالتجربةِ والحياة!. قبلتُ بكَ وأريدكَ كما أنت عارٍ وبدون رتوش! ولكني يا حبيبي أريد ان أعيش حياة الطيور لا حياة البشر! وأن مت أريد أن أموت واقفة كالأشجار!.
عاريةً في الخريف
ومخضرةً في الربيع
ومانحةً الظل في الصيف
ومرتديةً أثوابَ النقاءِ في الشتاء
أنا حمامة تغني حين تريد تناغي حبيبها وتزق طفلها
صامتةً في عشها حين يعتريها البرد والوحشة.
أحسستُ بعينيه، كان معي ولي فشممتهُ وحضنتهُ وعبقتْ رائحته التي بتُّ أشمها أينما حللت.
قلتُ له:
أنا وأنت توؤمان
كالصحو والسكر توؤمان
روحي الطفلة المتجددة توؤم لجسدك العذب، ولروحك وخيالك الذي انهكتهما نساء الوهم والنزوات العابرة
نحن الأثنين توؤمان... كالفرحِ والحزنِ توؤمان
كالحياة والموت متلازمان
كالجد واللعب رفيقان
أنا حضنك الذي يطعمكَ الدفء والأمان
كما أنت دنياي
أنت الكلمة وأنا وَتَرها، يمنحها اللحن الذي يناغي كل قلوب البشر خيبة، خسارة، فرح، سعادة، حلم، نجاح، فشل!.
ولكن هل يوجد أبلغ من فرح روحي حين يكون توؤماً لحزنِ قلبكَ؟.
كان مرتبكً, خائفاً, قلقاً.!
غير واثقٍ، متأملاً، حائراً متردداً، خاسراً الكثير. ولكني أيقنت أنه كان عاشقاً يبحث عن حبيبةٍ ورفيقة عمرٍ تحتويه كلهُ بخساراته وذنوبه ودعره.
أربكني أنا الصبية التي كنت كالوردةِ التي تبحث عن نبعٍ يرويها. المهرة الجامحة التي كانت تركض في حقول الانسان والحب تبحثُ عن الفضاءات والحقول التي لا تحدها حدود. رقصتْ وطربتْ روحي وقلت:

- هذا هو ضالتي التي أظناني البحث عنه في قصص وروايات الحب وحديث الصبايا الخائبات!.
رقصتْ روحي... طارتْ في سماواتِ العشق والحبيب المستحيل!.
قلت:

- تعال ياحبيبي أغفو في حضني الدافئ...

ومن لحظتها أقسمتُ مع نفسي:

- سأحارب كل العادات والتقاليد ..لا بل الكون ومايحتويه من ممنوعات!.

لأنني كنت أشعر بانتصار وسعادة لايفهمها من حولي؛ سعادة العثور على مكملٍ لروحي المتمردة والجامحة، الفتية، الحالمة بالحبِ والصدقِ المطلقِ، الحبيب المطلق.طرتُ فرحاُ وأمعنتُ في كسرِ جدران الممنوعات، التي رسمتها العادات والتقاليد. كنت أشعر بها عثرة في طريق حريتي وخلاصي من عبودية مجتمع بدوي. كان كياني عبارة عن ثورة لاتحدها حدود!.
ووجدت به فارسي الذي رسمتهُ في خيال روحي التي كانت لاتعرف معنى الخوف أو التنازل... روحي التي كانت لاترسمها حدود سوى حدود العطاء والمنح المطلق لمن عشقتْ.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...