فاضتْ روحُها بعد أن أطلقتْ وليدَها إلى الحياة , كان الوقتُ أضيقَ من أن تراه أو تلْقمه الثديَّ الذي جمع له حليباً صافياً , لم يُكتبْ له أنْ يذُقْ طعمَه أبداً .
بُهتَ والدُه واستلبتْهُ الحيرةُ المفاجئةُ , ماذا سيفعل ُبهذا الوليدِ , وهو الفلاحُ المأجورُ القادمُ من مكان بعيد ٍللعملِ وكسْبِ لقمةِ العيشِ ؟
سرعان ما تكفّلتْ إحدى الأسرِ بتبنّي الوليدِ , بينما هاجرَ الأبُ المفجوع ُإلى مكان مجهول . ترعرع ٌ الوليدُ باسمِ (عبدِ الموجود ) الذي أطلقته عليه أسرتُه بالتبنّي , في جوٍّ من الدَّعة والرخاء , كان كلُّ ما يحتاجه موفوراً ومجاباً .
بدأت علائمُ النبوغِ تظهرُ عليه , أحرزَ تفوّقاً لافتاً في سِنيِّ دراستِه الابتدائية , مرّت الأيامُ والسنوات ُوعبدُ الموجود لم يكن يعرفُ حقيقةَ وجودِه في هذه الحياة
أوحقيقةَ نسَبِه وحقيقةَ الذين يعيش بينهم .
كان في أعماق ذاته يشعر على الدّوام بأنّ سرّاً ما يدوّمُ فوق رأسه كلّما آوى إلى
النّوم , شعورٌ غامضٌ بالفقد والحنين يرتاد عوالمه الجوّانية , فيوقدُ فيها لوعةً إلى شيء مجهولٍ لا يدري كنهه .
لم يكن ليرضى أن لا يشارك َأسرته هذه بمساعدة من أيّ نوع , رغم إعفائه من أيّة مسؤولياتٍ لانتفاء ِالاحتياج إليها , فوضعُ الأسرة المادّي والاجتماعي تسوده الوفرةُ
الدائمة . غير أنّه وقد شارفَ على مرحلة البلوغ , أخذتْ فكرةُ البحث عن عمل تلقي عليه بثقلِها , وتدفعه إلى تجسيدِها في الواقع .
كانت الأسرة تتنقّل بين بلدٍ وآخرَ بحكم طبيعةِ عملِها في التجارة , فقد كان والدُه بالتبنّي من كبارِ رجال الأعمال . وكان عبد الموجود بحكم تفوّقه في دراسته يقوم بدور المترجم بين والده وعملائه . مما يزيد في حبّ والديه له .
ترى لماذا لا يشعرُ بالاستقرار ؟ وما هذا الأرق الذي يخيّم على لياليه ؟
كان جوابُ السؤال هذا صاعقاً حين تلقّاه من أحد أقرانه ذات لحظة خارجة عن مدارها في ناموس النّفس الإنسانية التي تأبى إلّا أن تتدخّل فيما لا يعنيها متطوّعة لإسداء معلومات قد تدمّر كوناً بأسره من خلال تدمير إنسان لا ذنب له في مجريات قدر له حكمته على كلّ حال .
علم عبد الموجود بأن أسرته هذه التي يعيش في كنَفها لم تكنْ فيها الأمّ أمّه التي ولدته وكان خروجُه منها إلى الحياة سبباً في موتها . ولم يكن هذا الأبُ الذي يتفانى في رعايته أباه الحقيقيّ الذي تخلّى عنه وهجره دون أن يكلّف نفسه عناء السّؤالِ عنه , ومعرفة مصيره بعد كلّ هذه السّنوات .
خرج من حصار ذهوله إلى فضاءِ عالمٍ آخرَ امتطى فيه صهوةَ بحثه متقلّداً جملةَ مفاتيح صاغها خياله علّه يستجلي ما خفيَّ عليه من ملابسات .
كانت فجيعتُه بمعرفة واقعه أشدَّ وأدهى من كلّ كوارثِ الوجود , فأيّ انتماءٍ هذا الذي يكبّله بجميلِ أسرة لم تكن أبداً من لحمه ودمه , وما أشدَّ ضراوةَ هذا الحنين إلى معرفة أبويه الحقيقيين !
استقرّ رأيُه أخيراً على مفارقةِ أهلهِ بالتبنّي والبحث عن قبرِ أمّه ِالتي ولدتهُ .
ترك رسالةً لمربييه يخبرهما فيها بعزمه على شقّ طريقه إلى تلمّس سبيله بنفسه , دون أن يحتاجَ منهما أيةَ مساعدة . شاكراً لهما كلّ ما قدّماه إليه كلَّ هذه السنوات .
عمل مساعداً مع دفّان القرية التي وِلدَ فيها , بغيةَ العثور على مثوى والدتِه .
حتى تمّ له العثورُ على قبرها , وفي غفلة من الدفّان أخذ ينبشُ القبرَ , بعد أن لبِسَ الكفنَ الذي أعدَّ هُ ليرتمي إلى جانبِ جثمانِ والدتِه ِمهيلاً عليه وعليها تراباً جديداً مبلّلاً بدموع الحرقة والأسى ولوعة َاللقاءِ بعد طول افتراق .
بُهتَ والدُه واستلبتْهُ الحيرةُ المفاجئةُ , ماذا سيفعل ُبهذا الوليدِ , وهو الفلاحُ المأجورُ القادمُ من مكان بعيد ٍللعملِ وكسْبِ لقمةِ العيشِ ؟
سرعان ما تكفّلتْ إحدى الأسرِ بتبنّي الوليدِ , بينما هاجرَ الأبُ المفجوع ُإلى مكان مجهول . ترعرع ٌ الوليدُ باسمِ (عبدِ الموجود ) الذي أطلقته عليه أسرتُه بالتبنّي , في جوٍّ من الدَّعة والرخاء , كان كلُّ ما يحتاجه موفوراً ومجاباً .
بدأت علائمُ النبوغِ تظهرُ عليه , أحرزَ تفوّقاً لافتاً في سِنيِّ دراستِه الابتدائية , مرّت الأيامُ والسنوات ُوعبدُ الموجود لم يكن يعرفُ حقيقةَ وجودِه في هذه الحياة
أوحقيقةَ نسَبِه وحقيقةَ الذين يعيش بينهم .
كان في أعماق ذاته يشعر على الدّوام بأنّ سرّاً ما يدوّمُ فوق رأسه كلّما آوى إلى
النّوم , شعورٌ غامضٌ بالفقد والحنين يرتاد عوالمه الجوّانية , فيوقدُ فيها لوعةً إلى شيء مجهولٍ لا يدري كنهه .
لم يكن ليرضى أن لا يشارك َأسرته هذه بمساعدة من أيّ نوع , رغم إعفائه من أيّة مسؤولياتٍ لانتفاء ِالاحتياج إليها , فوضعُ الأسرة المادّي والاجتماعي تسوده الوفرةُ
الدائمة . غير أنّه وقد شارفَ على مرحلة البلوغ , أخذتْ فكرةُ البحث عن عمل تلقي عليه بثقلِها , وتدفعه إلى تجسيدِها في الواقع .
كانت الأسرة تتنقّل بين بلدٍ وآخرَ بحكم طبيعةِ عملِها في التجارة , فقد كان والدُه بالتبنّي من كبارِ رجال الأعمال . وكان عبد الموجود بحكم تفوّقه في دراسته يقوم بدور المترجم بين والده وعملائه . مما يزيد في حبّ والديه له .
ترى لماذا لا يشعرُ بالاستقرار ؟ وما هذا الأرق الذي يخيّم على لياليه ؟
كان جوابُ السؤال هذا صاعقاً حين تلقّاه من أحد أقرانه ذات لحظة خارجة عن مدارها في ناموس النّفس الإنسانية التي تأبى إلّا أن تتدخّل فيما لا يعنيها متطوّعة لإسداء معلومات قد تدمّر كوناً بأسره من خلال تدمير إنسان لا ذنب له في مجريات قدر له حكمته على كلّ حال .
علم عبد الموجود بأن أسرته هذه التي يعيش في كنَفها لم تكنْ فيها الأمّ أمّه التي ولدته وكان خروجُه منها إلى الحياة سبباً في موتها . ولم يكن هذا الأبُ الذي يتفانى في رعايته أباه الحقيقيّ الذي تخلّى عنه وهجره دون أن يكلّف نفسه عناء السّؤالِ عنه , ومعرفة مصيره بعد كلّ هذه السّنوات .
خرج من حصار ذهوله إلى فضاءِ عالمٍ آخرَ امتطى فيه صهوةَ بحثه متقلّداً جملةَ مفاتيح صاغها خياله علّه يستجلي ما خفيَّ عليه من ملابسات .
كانت فجيعتُه بمعرفة واقعه أشدَّ وأدهى من كلّ كوارثِ الوجود , فأيّ انتماءٍ هذا الذي يكبّله بجميلِ أسرة لم تكن أبداً من لحمه ودمه , وما أشدَّ ضراوةَ هذا الحنين إلى معرفة أبويه الحقيقيين !
استقرّ رأيُه أخيراً على مفارقةِ أهلهِ بالتبنّي والبحث عن قبرِ أمّه ِالتي ولدتهُ .
ترك رسالةً لمربييه يخبرهما فيها بعزمه على شقّ طريقه إلى تلمّس سبيله بنفسه , دون أن يحتاجَ منهما أيةَ مساعدة . شاكراً لهما كلّ ما قدّماه إليه كلَّ هذه السنوات .
عمل مساعداً مع دفّان القرية التي وِلدَ فيها , بغيةَ العثور على مثوى والدتِه .
حتى تمّ له العثورُ على قبرها , وفي غفلة من الدفّان أخذ ينبشُ القبرَ , بعد أن لبِسَ الكفنَ الذي أعدَّ هُ ليرتمي إلى جانبِ جثمانِ والدتِه ِمهيلاً عليه وعليها تراباً جديداً مبلّلاً بدموع الحرقة والأسى ولوعة َاللقاءِ بعد طول افتراق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق