اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

من " أزهار الخشخاش " | صفيّة قم بن عبد الجليل، تونس.


... عندما تتصحّرُ أيّامي وتبيضُّ لياليَّ وتكتظّ بكَ أنفاسي ويستبدّ بي الحنينُ إليكَ... أهرعُ إلى لقائكَ لقاءً به تبتلُّ جوانحي وترقص جوارحي: أهيّئ لي ولكَ مجلسا أبهى من مجلس هارون الرّشيد وأشدَّ سحرا من مجلس بلقيس وآنق من مجلس " مدام دي ستايل"! أتدري لماذا؟! لأنّه سيضمّنا نحن الاثنين، أنا وأنتَ لا غير، لا غير... عفوا، بل سيكون زادنا، زادي ذكريات، ذكريات تتأجّج أنواؤها فتُمطر رذاذ شوق وبَرَدَ تَوْقٍ لذاك الماضي الجميل...

ها أنا أعلّق على نافذة الغرفة المطلّة على حديقتنا تلك السّتائر السندسيّة الشّفيفة الّتي تُحبُّها وأضع المفارش والطّنافس الّتي تهواها وبالرّكن المقابل للنّافذة أتعهّد تلك المزهريّة الكبيرة بذات الزّهور التّي تروق لك؛ أتدري كم طفتُ بالمدينة لاقتنائها؟! جلّ بائعي الزّهور سألتهم عنكَ، عفوا عنها فما ظفرتُ بأدنى ريح حتّى أنّي فكّرتُ في زرعها بحديقة البيت حتّى يظلّ بأريجكَ، بأريجها يتضوّعُ، لولا أن وجدتُ بعضها عند أحدهم، ذاك الّذي في ركن من نهج قصيّ! كانت فرحتي بها كمن ظفر بكَ بعد طول سفر! سألته عنها وكأنّي أسأل نفسي عنك، فأجابني باقتضاب شديد: "هي نادرة، سيّدتي وخاصّة في هذا الفصل!"
تعمّدت الإلحاح في السؤال: " ولمَ هي نادرة؟ وكيف ظفرت بها دون بقيّة باعة الزّهور في كامل أرجاء المدينة؟! "
نظر إليّ مليّا وقال: "هي تشبه أزهار الخشخاش... ويُخشى... ! "
قاطعته: "أزهار الخشخاش؟! أتقول أزهار الخشخاش؟!"
ظلّ يحملق فيّ ببلاهة بينما دفعتُ له ثمنها وقفزتُ إلى الخارج برشاقة طفلة لمّا تُدرك كنه الحياة وأسرارها...
" أزهار الخشخاش " ياه، ياه... إنّها لتذكر جيّدا سانية أبيها وأعمامها وجلّ السّواني المجاورة لها. هناك، كانت تنبت أزهار الخشخاش بكثافة. مجاريف عدّة تكتسحها وما كانوا يستطيعون لها صدّا ولا يجدون لوجودها نفعا، وكلّما اقتلعوها مع الأعشاب الطفيليّة نبتت من جديد وربت... وكنّا نحن الأطفال نقطف منها باقات ونتبارى في من يكون أبرعنا في تزيين باقته بشتّى الزّهور البرّيّة الأخرى كشقائق النّعمان والشيح والزعتر والأقحوان... كنّا نجتهد أيّما اجتهاد في تأليف الألوان وتناسقها وكثيرا ما كان يغيظ بعضُنا بعضَنا فتتوتّر الأعصاب وتكون خصومات تنتهي برفس بعض الباقات أو نثرها للريح تعبث بها! أمّا الباقة الأجمل فكانت تُهدى إلى أمّنا أو جدّتنا الّتي نحبّها حبّا جمّا إذ كانت تؤثرنا بكلّ ما لذّ وطاب من فطائر " السفنج والملاوي والملثوثة والرّفيسة و... " رحمها الله لقد كانت بارعة وحنونا.
... أفقنا ذات يوم ربيعيّ صحو على أصوات كثيرة وهرج ومرج ودخان يصّاعد هنا وهناك... لم يكن أحدٌ بالدّار غير الأطفال: أنا وإخوتي وأبناء أعمامي. تساءلنا عمّا يحدث! أين الأمّهات والآباء والجدّة؟! أتراهم نزلوا جميعا إلى المدينة وتركونا هنا بالسّانية؟! ولكن ما ذا يحدث هنا وهناك؟! رائحة الدّخان تزداد واللّون الرّماديّ يتكاثف ونحن نتناظر في خوف ورهبة...
بعد مداولات وتخمينات قرّرنا أن ننزل حيث البئر ونستطلع الأمر، رغم تحذيرنا دوما من الاقتراب منها!
عبر موجات الدّخان المستشرية في كلّ الحقول لمحنا أشباحا تزيد النيران اشتعالا! حثثنا الخطى، السانية تحترق! أبي وأعمامي ومعهم جمع من الخمّاسة والربّاعة الّذين ألفناهم يحملون أكياس التبن والقرط وأغصان الأشجار اليابسة لتزداد النّارُ اضطراما في حقلنا! صحنا وصرخنا جميعنا حتّى بحّت حناجرنا ونحن نرى أفواه النيران المتوحّشة تلتهم بشراهة ضارية أزهار الخشخاش الّتي أحببنا لونها الورديّ المائل إلى البنفسجيّ وبراعمها الشبيهة ببراعم الرمّان أوّلَ نشأتها! وما إن تفطّن إلينا الرّجال حتّى صرخوا بنا مهدّدين أن عودوا إلى الدّار حيثُ الأمّهاتُ! يومها بكى بعضنا حسرة على أزهار الخشخاش وبكى بعضنا خوفا من النّار ورهبة، أمّا أنا فقد أصابني ذهول لا أدري مأتاه وظللتُ سنين أسأل والدتي عن سرّ الحريق فلا تزداد إلّا حرصا على كتمانه وإمعانا في تهديدي بأشدّ العقاب لو أخبرتُ أحدا بما حدث!
حتّى التقيتُكَ، ذات ربيع، أتذكر...؟!
هناك، بشارع الحبيب بورقيبة العظيم، كانت أولى هداياك تلك الزّهرة الورديّة البنفسجيّة البديعة! تلك الزّهرة ارتجّ لها كياني! أهي المفاجأة؟! أهي الذّكرى؟! أهو سطوك عليَّ غرّة؟! ما كنتُ مستعدّة لأيّ مغامرة عاطفيّة وكان كلّ همّي ومنايَ أن أدرس وأن أتفقّه في علوم لغة عشقتُها منذ طفولتي المبكّرة وأن أقطف الشّهادات وأن أفي بوعد قطعته على نفسي، بِرِّ والديَّ ومساعدتهما على تربيّة إخوتي زغب الحواصل، وأن أحقّق مطمحا بات حلمي اليتيم: نبوءةَ معلّميّ وأساتذتي!
تلك الزّهرة أوقفت دمي في شراييني وتسارع لها نبضي وركض... ركض ركضا حتّى صرتُ أسمعُ إيقاع سنابكه فيتلوّن عليه الكلام المتلجلج في صدري! يومها لفّتني دهشة وخدر ما عهدتهما وما استطعتُ لزهرتك ردّا! لم تكن الزهرة المفضّلة عندي؛ كنتُ أميل إلى الورود الحمراء الدّاكنة وكنتُ أحلم بزنابق سوداء! ما فكّرتُ يوما في فصيلة الزهرة التي سيهدينيها حبيبي ولا في لونها، لأنّي ما فكّرتُ يوما في أن أٌحبَّ، بل كنتُ حذرةً كلَّ الحذر من أن أقع في " تلك المصيبة الزرقاء " الّتي ابتلي بها بعضهم حتّى جُنّوا وتاهت بهم السُّبلُ... ما أذكره ليلتها وقد لذتُ بفراشي بالمبيت الجامعيّ باكرا، على غير عادتي أنّ زهرتك تلك أسرت بي على أجنحة من قوس قزح إلى غابر طفولتي المنسيّة... فإذا بي أطير معك وأحلّق شاهقا في أجواء رومنسيّة ساحرة، وأُصغي إلى كلماتك المتلعثمة الحييّة حينا والجريئة آخر وكأنّي أُصغي إلى تراتيل آتية من السّماوات العليّة... بوحكَ كان وحيا وكنتُ أنا النبيّة! زهرتكَ تلكَ حوّلتني إلى فراشة بهيّة تباهي بألوانها السنيّة كلّ لِداتها وجميع خلايا النّحل التّي أضحت تطنّ بأذنيّ فلا يصلني نداؤك إلّا همسا رفيقا شفيفا...!
أفّ، أفّ... لقد نسيتُ أن أقتنص لك الفراشات من الحقول المجاورة لبيتنا إن لم أجد بعضها بحديقتنا! أعلم أنّك مثلي يروق لك طيرانها وحطّها وتنقّلها من زهرة إلى أخرى... ها أنّي أراها ترتع جذلى قرب شجيرات البرتقال والبرقوق... أُوشْتْ! سأحتال عليها وهي تتبختر مختالة بجمالها! سأقتنص لك أبهاها! لن أضعها بين دفّتي كتاب أو كرّاس حتّى تقضي نحبها ولن أحبسَها في صناديق الكبريت كما كنّا نفعل ونحن أطفال بالصرّار منتظرين شدوه! ذاك الصرّار كان مذياعنا عند القيلولة، كم كنّا نطرب عندما يغنّي من سجنه الذي أحكمنا غلقه! سأمنحها حرّيتها وسأجعلها زينة المجلس، وسأضع لها الزّهور في كلّ مكان حتّى أوهمها بأنّها لا تزال بالحديقة! كم أنا محتالة لئيمة! تاللّه ما فعلتُ هذا إلّا من أجلك! ما حيلتي وأنتَ البعيدُ القريبُ ، الغائب الحاضر؟!
ـ يتبع ـ

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...