"... إن صمت القلب الحزين يؤلم، وسماع صوته وسط ضوضاء الكون له معنىً خاص، لعلك يا أمير تفهم المغزى المحزن، عندما تظل تكابد واقعك الرديء، يرى الجميع فيك الإنسان المثالي الطبيعي العادي، وأنت تصنع عالماً من ذاتك، يملأ جلّه الصفاء والنقاء، يخلو من الظلم والأخطاء.
لعلك يا أمير لا تفهم هذه الدنيا وما فيها، تريد أن تصنع شيئاً مختلفاً، تحلم به أنت وتفكر به وحدك، قد ظلمتك الدنيا أيها الأمير في واقعها، وأنت في كل يوم تستيقظ على مآسيها ووحشيتها.
إن عالمك الصافي هو العالم الحقيقي، إنك لن تجد أيها الأمير عالماً يضاهيه ويبارز جماله، أنت تحاول صنعه وحدك، تسلِّم في الأمر في داخلك ويشغَل به تفكيرك.
مع كل إشراقة فجرٍ جديد، الناس تستيقظ على نفس العالم، العالم المرير المليء بالظلم والقسوة، وأنت يا أمير تستيقظ على كونٍ جميل، لعلك تظن أنك ما زلت في أحلامك الوهمية، لربما تكون ما تزال نائماً عن عالمٍ أسير، في عالم آخر ليس له مثيل.
كيف ستغير أيها الأمير ذلك الواقع المرير، الذي يقتل الأطفال فيه بلا ذنب؟ كيف سترجع البسمة لأمٍ بكت ولا تزال تبكي؟ هل سيكون اليأس من التغيير مصيرك الأكيد؟؟ أم أنك فعلاً أمير نفسك، مثالياً حالماً مختلفاً عن الجميع؟؟
إن قلبك الذي يشرق كشمس الضحى أثار عقلك لتفتح عينيك على عالمٍ جميل، وتسلِّط كل اهتماماتك على تغيير ما اعتاد البشر عليه، هل سيكون الأمر صعباً عليك؟ هل حاول غيرك المضيَّ به وفشل؟ فلا تفشل أنت أيها الأمير، إنه عالمك، عشه وآمن به.
إن الظلم في الأرض قد عمَّ وانتشر، اسلُب ضحكة الظالم الصفراء على الفقراء، عش كأنك ملك الدنيا، حارب القسوة التي ملأت قلوب الكثير، عش أيها الأمير في عالم نظيف آمنت به وصدقه عقلك وجوهرك.
هل تشعر بالسعادة في أحلامك؟ كيف ذلك؟؟ فالحلم صعب التحقيق ما دمت جالساً، يجب أن تفيق على عالمك الأليم.
إن أعداءك ينعمون بالسعادة التي حرمت أنت منها وحرم منها كل بائس فقير.
فكر... ماذا يقصد الكبار بالكذب؟ ماذا تعني هذه الحياة لأناس كُثُر؟سرقوا كل شيء...الأرض.. المال..والحياة من كثيرين، فكر أيها الأمير... لماذا لا يتألمون مثلك؟ لعلهم خلقوا بلا قلبٍ أو رحمة، إن مثل هؤلاء لو فتحت صدورهم لوجدت أفئدةٌ متفحمة أو لربما لن تجد شيئاً..!!
عالمك الرائع ليس له مثيل، فهمت وعرفت فيه كل شيء، من خلاله صافحك النقاء واختارك لتحقيقه في الدنيا، فأنت منقذ" البسمة الضائعة" في قصور الظالمين.
سوف تدرك أيها الأمير ما خطط له أعداؤك وأعداء الدنيا، هل ستحاول إبادتهم والانتقام؟ لكي لا يضيع الحق ستفعل ذلك، لأجل حرية شعوبٍ أسرت كرامتها.. ستفعل ذلك..أليس كذلك؟...
إنك أيها الأمير شعلة النور في هذا الزمان، كم حسدك القساة على نظرتك الواثقة، إنهم لا يدركون مصير نهاية أعمالهم.
سيكونون في آخر الزمان كغبار متناثر في مهب الريح، فكن عوناً أيها الأمير للزمان وافعل ما لا يفعل.
صحيح أن الزمان غدّار، لكنه كذلك بمن يصنعه، لا تترك أيها الأمير المجال مفتوحاً لهم، أولئك من لعبوا به كالكرة في الملعب، وتحكموا بكل شيء، قد احتالوا وأخذوه معهم في صفهم.
إنهم سرقوا منك بسمتك في واقعك، لكنهم لم يسرقوها من قلبك وعقلك.
تساءل أيها الأمير لماذا سكت الضعفاء عن حقوقهم؟ لماذا تنتهك حرماتهم ومقدساتهم؟ ويظلون صامتين...لماذا جعلوا من الأرض فرشاً لهم ومن السماء لحفاً؟ لماذا يأسوا واستسلموا؟.. هل كانوا بانتظار أمير مثلك ينقذهم ويسترجع حقوقهم؟؟
اسأل نفسك لماذا رأيت القلوب خاشعة في وسط الضوضاء، ولبثت تستنهض الهمم بلا فائدة، ورأيت زمجرة الهموم تزداد صخباً دون أن يسمعها أحد، فقد عانيت من أن تَسمَعَ ولا تُسمَع.
هل ستبقى وحيداً أسير الحيرة أيها الأمير؟ هل ستستعيد ما سلب منك ومن غيرك وحدك؟ أنت أدركت وحدك.. فكرت وحدك.. تساءلت وحدك.. ما العمل في هذه الدنيا العنيدة.. في هذا العالم الغريب؟؟
إنك ترى حقيقة شفافة، صَعُبَ على الكثير إدراكها، فلك الفخر أيها الأمير.
هل إبرام السلام هو الحل برأيك؟ مع من قست قلوبهم بالحديد.. بالآليات والرصاص... بالسلام لن ينال الظلّام جزاءهم، سيظلون متباهين بالقوة..بالسلاح والقتل، سيجعلونه من انجازاتهم العظيمة،... فكر أيها الأمير بالمنطق الرزين.
إن شعبك الصامد يحتاج منك الكثير، يحتاج عقلك الفذ وفكرك المنظم، ليرى ضوء الحرية الحقيقي، لا أن يحلم به في أحلامٍ وهمية ..."
" ملاحظة : كتب هذا النص قبل أربع سنوات حين كنت أبلغ من العمر ثمانية عشر ربيعا "
يتبع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق