⏪⏬
أمرر بيدي على حبيبات الرمال.. أتحسسها.. أتلمس حرارة.. أتمنى عبثاً وجودها.. لاشيء سوى البرودة... هنا الشمال القطبي... برد قارس يغلف الحلم بشرائح من جليد شفيف يتواطأ بقسوة مزرية مع بقايا ما تبقى من الآمال التي باتت واهية ليجعلني أرى أشكالاً لأيام
قد كانت بشكل شرائح كسلايدات متوالية مغلفة بصقيع يجعل الرؤية صوراً ضبابية مبهمة ممتدة بتوال مؤلم على شاشة بحجم البحر والسماء.
تعذبني هذه الصور التي ما تنفك تخذني وهي تنسحب بشكل سريالي بطيء لتغوص في عمق بحر ستوكهولم الرمادي الذي سرعان ما سيؤول لونه أبيضاً ناصعاً بتجمده....
أرتجف.... أسير... وهل لي إلا أن أسير؟
لا شيء ُينبئُ عن الحياة إلا هذه الخطوات ... ربما تآخياً مع بعثرة هذا العصر الجنوني أصبحنا روبوتات تحرك بإشارة.... إمض ِ... ولا أقصد بها ذاك الإمضاء التعس الذي كان آمراً واقعاً بحينه... بل أن نمضي بالمسير دون إدراك... دون فقه لما جرى وما يجري... فقط... أن نمضي... صامتين... مذهولين... بل وربما أيضاً.. زاهدين..
لا شيء يستحق.... ربما.. قد كان سابقاً...
لكن الآن.... ؟... لا أظن.. غجر القرن الواحد والعشرين... نحن... نعم.... نحن... هكذا.. بقرار يلغي كل ما كنا عليه من قبل
وتبرز أمامي ملامح ذاك البائع الصربي وهو يحدثني بالسويدية قائلاً باعتزاز أنه صربي، سائلاً إياي عن جنسيتي ومن أي بلد أتيت
_ عربية...
ينظر إلي بحقد مستهزءاً ملتفتاً إلى صديقه محدثاً إياه... بلغته الأم.... يلتفت الآخر إليه وهو ينظر بوضاعة متمتماً بما يبدو أنه شتائم...
_ أصرخ بألم.... أقول أنني سورية من سوريا
تتردد إلى مسامعي..... كلمات.. لا تترجم.. تبقى على حالها.... عرب.... إسلام... يعيدون تكرار هاتين الكلمتين
اللعنة على كل من شوه وأساء اللعنةعلى كل من خطط لهذا ...
أنظر... بحيرة... بشيء من الضعف أقول
_ عربية... سورية .... وأردف.. مسلمة
أرمي بكيس الفاكهة .... أستعيد توازني من جديد.... مايرونه وما يعتقدونه ليس هو الحقيقة.....
الحقيقةها هنا بقلبي وبروحي كما نشأت وتعلمت وآمنت.... قبل أن يشوهوا ويتآمروا ويتفقوا ويختلسوا
الحقيقة.... ليس ما يريدون تشويهه وليس مايريدون إلغاءه فينا..
أعود إلى ذاتي..... بقوة، أنظر بثقة أقول بصوت عال وساخر: عربية، سورية، مسلمة... لكن بكل نقاء الإنسانية، لا كما يريدونكم أن تروا.
أسير بعيدا ً بعيداً... لا شيء أصدق من الطبيعة.
أضرب بيدي بحنق على الرمال... يتطاير بعضها على عيني...
أردد ببلادة أو ذهول ربما... وأنا أفرك عيني
قذى بعينك أم بالعين عوار
كأن عيني لذكراه إذا خطرت
هي العبرى وقد ولهت....
كلنا أمسينا خنساوات... نعم. ... كم من صخر نذكره.. كل ما نذكر يخرش الذاكرة والمآقي.
أنهض من جديد.... أقهقه... وأنا أردد لا بد لنا من أن ننهض... ستعود... (بلادنا)...
مضحكون نحن إلى حدود الغباء.. الأطفال مازالوا يقتلون... وتستل منهم أعضاؤهم... وتقطع رؤوسهم... هناك... في حلب .... ومؤكد في غيرها أيضاً... لا بد للسلسلة أن تكتمل.. لتشكل خارطة جديدة.. ألا تباً لكل شيء.... ونقول ستعود.... إنتهت.... لا بل نحن من انتهينا
يا لهذا التردد والتردي في مغابن الحيرة.. أين نحن الآن.....
أمسك بصدفة....... أقلبها بيدي.... أمرر أناملي على خطوطها الحلزونية دوائر متاهة لم تكتمل
أو ربما بترت ماقبل الإكتمال.... كما أرواحنا...
أقربها من وجهي... أرفعها إلى مافوق رأسي ينهمر منها بعض من رمل كان قد استقر في جوفها بين تلافيفها... ينساب ببطء لذيذ على وجهي.... أحس بنوع من السكينة تربت على وجنتي وجبيني تستقر بعض حبيباته على أطراف شفتي وأنتبه إلى أنها التصقت بها وكذلك على وجهي متخذة شكل خيوط... لاريب أنني كنت........ أبكي.
أرفع تلك القوقعة إلى أذني أبعدها.... ثم أدنيها من جديد.... قد سحبت ما أحاط بها من هواء وابتدأت تهامسني بموج ينتشلني بعيدا ً بعيداً إلى حيث البداية.... في ذاك القارب في رحلة كرحلة المقلة بين جفنين أحدهما حياة والآخر موت........ كم همست وهمست صدفتي هذه... كم أخبرتني عن الزيف وعن الحقيقة.... كم أحسست بها تتغلغل بصوتها بروحي... كأنها سحبت كل مافي محيطها من وجود ولخصته بهذا الصوت.... كأنها استنشقت الكون ونفثته بداخلي كزفير يعيد تحريك روحي من الداخل لأنتفض من جديد وأستعيد أنفاسي....... سكبت بداخلي روحاً جديدة..... خلاصة الإنسان جزء من كون والكون كله بداخله...
بعيداً عن كل التلوث في الحياة... يبقى لنا الوجود بهذه العلاقة الفردية الخاصة... حيث الإنتماء الحقيقي لهذه الوحدة المتكاملة مابين جزء وكل....
الصراخ.. والحرب...... تشويه الحقائق... تزييف الواقع... ماعدت قادرة إلا على مايمنحني القوة كإنسانة ألا وهو الإيمان بأن هنالك ثمة ما هو أبعد من المادة بكثير....
ومابين المرئي واللا مرئي... تستمر الرحلة
*نضال سواس
أمرر بيدي على حبيبات الرمال.. أتحسسها.. أتلمس حرارة.. أتمنى عبثاً وجودها.. لاشيء سوى البرودة... هنا الشمال القطبي... برد قارس يغلف الحلم بشرائح من جليد شفيف يتواطأ بقسوة مزرية مع بقايا ما تبقى من الآمال التي باتت واهية ليجعلني أرى أشكالاً لأيام
قد كانت بشكل شرائح كسلايدات متوالية مغلفة بصقيع يجعل الرؤية صوراً ضبابية مبهمة ممتدة بتوال مؤلم على شاشة بحجم البحر والسماء.
تعذبني هذه الصور التي ما تنفك تخذني وهي تنسحب بشكل سريالي بطيء لتغوص في عمق بحر ستوكهولم الرمادي الذي سرعان ما سيؤول لونه أبيضاً ناصعاً بتجمده....
أرتجف.... أسير... وهل لي إلا أن أسير؟
لا شيء ُينبئُ عن الحياة إلا هذه الخطوات ... ربما تآخياً مع بعثرة هذا العصر الجنوني أصبحنا روبوتات تحرك بإشارة.... إمض ِ... ولا أقصد بها ذاك الإمضاء التعس الذي كان آمراً واقعاً بحينه... بل أن نمضي بالمسير دون إدراك... دون فقه لما جرى وما يجري... فقط... أن نمضي... صامتين... مذهولين... بل وربما أيضاً.. زاهدين..
لا شيء يستحق.... ربما.. قد كان سابقاً...
لكن الآن.... ؟... لا أظن.. غجر القرن الواحد والعشرين... نحن... نعم.... نحن... هكذا.. بقرار يلغي كل ما كنا عليه من قبل
وتبرز أمامي ملامح ذاك البائع الصربي وهو يحدثني بالسويدية قائلاً باعتزاز أنه صربي، سائلاً إياي عن جنسيتي ومن أي بلد أتيت
_ عربية...
ينظر إلي بحقد مستهزءاً ملتفتاً إلى صديقه محدثاً إياه... بلغته الأم.... يلتفت الآخر إليه وهو ينظر بوضاعة متمتماً بما يبدو أنه شتائم...
_ أصرخ بألم.... أقول أنني سورية من سوريا
تتردد إلى مسامعي..... كلمات.. لا تترجم.. تبقى على حالها.... عرب.... إسلام... يعيدون تكرار هاتين الكلمتين
اللعنة على كل من شوه وأساء اللعنةعلى كل من خطط لهذا ...
أنظر... بحيرة... بشيء من الضعف أقول
_ عربية... سورية .... وأردف.. مسلمة
أرمي بكيس الفاكهة .... أستعيد توازني من جديد.... مايرونه وما يعتقدونه ليس هو الحقيقة.....
الحقيقةها هنا بقلبي وبروحي كما نشأت وتعلمت وآمنت.... قبل أن يشوهوا ويتآمروا ويتفقوا ويختلسوا
الحقيقة.... ليس ما يريدون تشويهه وليس مايريدون إلغاءه فينا..
أعود إلى ذاتي..... بقوة، أنظر بثقة أقول بصوت عال وساخر: عربية، سورية، مسلمة... لكن بكل نقاء الإنسانية، لا كما يريدونكم أن تروا.
أسير بعيدا ً بعيداً... لا شيء أصدق من الطبيعة.
أضرب بيدي بحنق على الرمال... يتطاير بعضها على عيني...
أردد ببلادة أو ذهول ربما... وأنا أفرك عيني
قذى بعينك أم بالعين عوار
كأن عيني لذكراه إذا خطرت
هي العبرى وقد ولهت....
كلنا أمسينا خنساوات... نعم. ... كم من صخر نذكره.. كل ما نذكر يخرش الذاكرة والمآقي.
أنهض من جديد.... أقهقه... وأنا أردد لا بد لنا من أن ننهض... ستعود... (بلادنا)...
مضحكون نحن إلى حدود الغباء.. الأطفال مازالوا يقتلون... وتستل منهم أعضاؤهم... وتقطع رؤوسهم... هناك... في حلب .... ومؤكد في غيرها أيضاً... لا بد للسلسلة أن تكتمل.. لتشكل خارطة جديدة.. ألا تباً لكل شيء.... ونقول ستعود.... إنتهت.... لا بل نحن من انتهينا
يا لهذا التردد والتردي في مغابن الحيرة.. أين نحن الآن.....
أمسك بصدفة....... أقلبها بيدي.... أمرر أناملي على خطوطها الحلزونية دوائر متاهة لم تكتمل
أو ربما بترت ماقبل الإكتمال.... كما أرواحنا...
أقربها من وجهي... أرفعها إلى مافوق رأسي ينهمر منها بعض من رمل كان قد استقر في جوفها بين تلافيفها... ينساب ببطء لذيذ على وجهي.... أحس بنوع من السكينة تربت على وجنتي وجبيني تستقر بعض حبيباته على أطراف شفتي وأنتبه إلى أنها التصقت بها وكذلك على وجهي متخذة شكل خيوط... لاريب أنني كنت........ أبكي.
أرفع تلك القوقعة إلى أذني أبعدها.... ثم أدنيها من جديد.... قد سحبت ما أحاط بها من هواء وابتدأت تهامسني بموج ينتشلني بعيدا ً بعيداً إلى حيث البداية.... في ذاك القارب في رحلة كرحلة المقلة بين جفنين أحدهما حياة والآخر موت........ كم همست وهمست صدفتي هذه... كم أخبرتني عن الزيف وعن الحقيقة.... كم أحسست بها تتغلغل بصوتها بروحي... كأنها سحبت كل مافي محيطها من وجود ولخصته بهذا الصوت.... كأنها استنشقت الكون ونفثته بداخلي كزفير يعيد تحريك روحي من الداخل لأنتفض من جديد وأستعيد أنفاسي....... سكبت بداخلي روحاً جديدة..... خلاصة الإنسان جزء من كون والكون كله بداخله...
بعيداً عن كل التلوث في الحياة... يبقى لنا الوجود بهذه العلاقة الفردية الخاصة... حيث الإنتماء الحقيقي لهذه الوحدة المتكاملة مابين جزء وكل....
الصراخ.. والحرب...... تشويه الحقائق... تزييف الواقع... ماعدت قادرة إلا على مايمنحني القوة كإنسانة ألا وهو الإيمان بأن هنالك ثمة ما هو أبعد من المادة بكثير....
ومابين المرئي واللا مرئي... تستمر الرحلة
*نضال سواس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق