اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قصاص | قصة قصيرة ...*وحيدة نجار

⏪⏬
تفتح عينيها بصعوبة كأنها عائدة من حلم طويل، سحابة رمادية تغطي المكان فلا تكاد تتبين شيئا، تحاول أن تتحرك فتسري موجة من
الألم داخل جسدها، تكتفي برفع يد مرتعشة لتتحسس وجهها . بقايا دموع وتراب تلتصق بأصابعها . تبدأ حواسها باسترجاع وظائفها شيئا فشيئا ، فترفع رأسها قليلا لتكتشف المكان خرابة مهجورة جدرانها متداعية ،وخيط ضعيف من الضوء يشير إلى مخرج لا يبدو واضحا لعينيها . تراب أسود قذر يغطي الأرضية، ورائحة غريبة تنبعث من زاوية ما . حاولت أن تدعك جبينها بعنف لتتذكر من أتى بها الى هنا ، ولكن يدها توقفت تتحسس سائلا لزجا ينبئ بوجود جرح ما في ذلك المكان، ضغطت عليه لتوقف الألم ، وفجأة إذ بصوت غريب يمزق الصمت حولها كأنما لينبهها أنها ليست وحدها في المكان، عندما التفتت لتكتشف مصدره ، كانت هناك صرخة مكتومة تشق صدرها نحو حلقها غير أنها أخرستها في ثانية ، ذلك أن عينيها وقعتا على جسد ضخم ملقى غير بعيد عنها يغط في نوم عميق ، وما ذاك الصوت إلا شخيره يهز أرجاء المكان ، في اللحظة نفسها إسترجعت ذكرى ما حدث و كأنما ذاكرتها كانت مغيبة لوهلة ،وعادت لتنبئها بهول ما حل بها. يدق قلبها بعنف بينما تسترجع ما حدث منذ البداية ،عندما كانت جالسة القرفصاء فوق إحدى الهضاب تتأمل غنماتها يلتقطن ما جادت به الأرض، تسرح النظر نحو الجبال البعيدة ، وتفكر بما يمكن أن يكون وراءها ، لا يسعفها خيالها لترسم صورة واضحة عما يمكن أن يكون هناك ، ربما مدن ضخمة كالتي تقرأ عنها أختها الصغرى في القصص وتخبرها شذرات مما تقرأ ، أما هي فلا تحسن فك الحرف، ولم تذهب إلى المدرسة قط ، ولم يحدث أن غادرت قريتهم الصغيرة أبدا،عالمها ينحصر بين بيتهم الصغير والمراعي، ولا رفقة لها سوى غنماتها ، تُرى هل سيأتي اليوم الذي ترى فيه ما خلف تلك الجبال وتكتشف حياة أخرى غير هاته...تفكر، بينما تترنم بموال قديم كانت قد حفظته عن جدتها النائمة طويلا تحت اللحود.. ، فجأة كتمت يد غليظة أنفاسها وألجمت صوتها الشجي، أحست بالاختناق وبرعب شديد يغزو روحها، حاولت التنصل من اليد والهرب بعيدا، لكن عبثا ، لأن يدا أخرى تكفلت بشل حركتها وجرها بعيدا عن غنماتها وسلامها ، لم تستطع أن تتبين هوية هذا الوحش الذي انقض عليها فجأة ، حتى الطريق الذي كان يجرها إلى مكان ما من خلاله لم تتبين ملامحه ، كأنما غلالة شفافة كانت تمنعها من الرؤية ، ربما بسبب الدموع الخرساء ، ربما بسبب الخوف ، لا تدري كل ما تدريه أنها كانت تلقي بقدميها حيثما اتفق ، وحده جسدها الصغير ظل يقاوم ويعافر، لكن يدي الغريب كانتا قويتين بما يكفي لقتل كل مقاومة تعيق ما أزمع فعله، عندما ولج بها إلى الداخل، ورماها بقسوة على التراب ، أحست بحصى الأرضية يستقبل جسدها الغض كإبَر تحاول النفاذ إلى جلدها واختراقه ، في تلك اللحظة فقط أدركت هول ما ينتظرها ، رجته بدموعها و كلماتها وصراخها أن يرحمها ولكن بدا وكأنه لم يسمع شيئا مما تقول ، وعندما مد نحوها يده ليتحسس وجهها بتشف من ظفر بفريسته أخيرا انقضت بما بقي لديها من قوة لتعض تلك اليد، لكنه عاجلها بضربة على جبينها حتى أحست بشيء حاد يفصد جبينها ويحدث به ألما حادا، وعندما انبرى ليثبت رسغيها إلى جانبها أدركت بمرارة أن قواها قد خارت ، فرمت برأسها على التراب ، بينما بقي جسدها ينتفض كالذبيحة تحت ثقله، كان آخر عهدها به ألم حاد مزق جسدها فجأة، وأخذها عنوة إلى دهليز اسود في غياهب اللاوعي ، الألم نفسه عاودها وهي تحاول النهوض من رقدتها تلك ، قدماها ترتجفان بالكاد تحملانها ، تأملت هيئتها لوهلة من خلال غلالة الدموع ؛ ثيابها ممزقة، المنديل المزركش انحسر عن رأسها ليسقط عند قدميها، رعشة باردة تسري بأوصالها ، تجعلها ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها ، تشعر كأن عظامها دُقت بحجر غليظ عظما عظما، جرح نازف في جسدها وأخر في روحها، بعصبية غريبة تبعد غمامة الدموع عن عينيها لتترك مكانها لقناع بارد تلبّس فجأة ملامحها، حتى صارت عيناها فراغين كبيرين لا يبينان عن شيء ، رغم ذلك تتقدم بخطوات متعثرة باحثة بعينيها عن شيء ما ، وفي زاوية من الخرابة تنحني وتغرس أصابعها النحيلة في التراب الأسود حيث حجر ضخم قد ترك مكانه من زمن في الحائط المتداعي واستقر هناك ، تحاول رفعه بما أوتيت من جهد ، لكنه ثقيل.. ثقيل جدا .. تتنفس بعمق ، تلتفت إلى حيث يتمدد جلادها ؛ صوت شخيره يطمئنها قليلا ، فتنبري لتعيد المحاولة ، ولكن هذه المرة بعزيمة أصلب ، وخطة مختلفة ، فبدل رفع الحجر تقوم بزحزحته شيئا فشيئا حتى يصبح بجانب الجسد الممدد ، تتوقف لوهلة ، تتأمله في رقدته الأخيرة ، سحنة شيطانية تتوسط رأسا ضخما يعلو كتفين عريضين وبطنا شديد الضخامة ، رجلاه تتمددان باستسلام ، وبالاستسلام ذاته أسبل يديه القذرتين حيث يتوسط إحداهما خاتم اسود ضخم ، أدركت للتو أنه المسؤول عن الندبة في جبينها ، ملابسه المنفوشة بعشوائية تحكي بشاعة ما أتاه ، لا شيء فيه يتحرك سوى فمه الكبير الذي يتكفل بعزف سمفونية شخير كريهة ، من أعطاه الحق ليسلب براءتها ويلون أيامها بالسواد..من شرع له قتل الحلم.. لا احد سوى حيوانيته.. يخطر ببالها أن تودعه ببصقة لكن تخشى أن يستفيق ، تصرّ بأسنانها على غيظ كظيم ، شفتاها زرقاوان لكثرة ما شدّت عليهما ، تتأمل يديها المرتجفتين ، تكورهما بعصبية من لم تترك له الحياة خيارا آخر سوى الانتقام ، فجأة وكأنما أدركت أن الوقت قد حان، فجأة ما عادت الطفلة التي ترعى غنماتها بسلام ، ولا الذبيحة التي ترجوه أن يخلي سبيلها ، فجأة صارت كتلة من كرْه وانتقام ، فجأة صار لها من القوة ما جعلها تنحني بثبات و تحتضن الحجر بكل ما أوتيت من جهد ومن رغبة في القصاص ، وبسرعة البرق سمحت له أن ينفلت باتجاه الرأس الضخم لتراه يتهشم ولترى الصدر الذي يعلو ويهبط وقد خمد نهائيا وإلى الأبد .

* كاتبة ومترجمة من تونس.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...