طواعية ارتحل أهل المدينة إلى المصحات النفسية، موجات بشرية زحفت إلى هناك في صمت، تلفظ مخيلتهم مشاهد فجة لانتحار جماعي، ما أصعب الاختيار، إما هذا أو ذاك: الإقامة الاختيارية على الأسرة الغضة لمصحات نفسية، أو الانتحار الجماعي.
هذا ما جنته المدينة من جراء شطحات البروفسير "خليفة الطنانى" الأستاذ بالمعهد العالي للموسيقى، عندما حاول أن يثبت لنفسه، والمجتمع، والبشرية شيئًا ما: كيف يطوع كل وسائل الضجيج والإزعاج لصالح البشرية.
جاءته هذه الفكرة، بعد تجربة مريرة لصديق، راح ضحية لكلاكس سيارة.. كلاكس عنيف لا يرحم، لم يعثر صديقه على لغة تناسب حالة الانفلات العصبي الذي أصابه، إلا أن يضرب برأسه في مقدمة السيارة احتجاجًا على النغمة القبيحة، وها هو الآن يسكن في مصحة يعانى من ارتجاج في المخ، تلازمه تشنجات عصبية ما بين لحظة وأخري.عكف البروفسير خليفة الطنانى على اثنتي عشرة سيارة قديمة.. عجوز، استطاع الحصول عليها من مزاد له طابع شاذ، لم يهتم الرجل بأي شيء إلا أن تكون لهذه السيارات حناجر قبيحة، أعلن عن حاجته لسائقين اختارهم بعد أن اختبر فيهم رهافة الحس، بأن وجه إليهم العديد من الأسئلة التي تنبش بداخلهم عن الحب.. الرأفة.. الإيثار.. البشاشة.. الرحمة.
اختلى بالسيارات وسائقيها في مكان منعزل، هو نفسه لا يذكر كم مكث هناك يعلم السائقين كيف يمكن صياغة نغمة مكتملة بين كلاكسات السيارات جميعا.. نغمة طروب، تخلصت من أي نشاز يُذَكِّرْ بأن هذه الأبواق هي المصدر الرئيسي للتوتر والإزعاج والضجيج والانهيار.
كانت التجربة عصية، استنزفت منه جهدًا، وعملا، وفكرًا، كانت تعلن كل لحظة عن فشلها بسبب سماجة السائقين وعنادهم، ولولا صبر البروفسير "خليفة الطنانى" واتكاؤه على الإيقاع الفطري الموجود بداخل هؤلاء السائقين لأعلن تخليه عن هذه التجربة.
أخيرًا خرج البروفسير "خليفة الطنانى" إلى ساحة المدينة بعد أن أعلن أنه سيقدم لأهلها موسيقى فريق "البوب كار"
الرجل كان يعلم أنه يقدم خدمة جليلة للمجتمع، فقد تناقص في هذه الآونة- الفترة التي كانت تقام فيها حفلات "البوب كار"- رواد المصحات النفسية شيئًا فشيئًا، لكنه لم يكن يعلم أن مجموعة من الشباب الأرعن سوف يمتطى كل واحد منهم سيارة عجوز تتمتع حنجرتها بنعير شاذ، يهبطون كل ليلة إلى ساحة المدينة وهم يقلدون فريق" البوب كار"، يضرب كل واحد منهم على كلاكس سيارته بطريقة عشوائية.. مرتجلة.. فجة، فتخرج النغمة قبيحة.. متوترة.. مزعجة، استجار منها سكان المدينة، هذا الشباب العشوائي المنفلت ظل يمارس لعبته، رغم ارتحال نصف سكان المدينة إلى المصحات النفسية وانتحار النصف الآخر.
الاسم: عبد العزيز عبد المعز السيد محمد حسن دياب
الاسم الأدبى: عبد العزيز دياب
عضو اتحاد الكتاب
الموبايل : 01151523200
الإيميل : AZIZ-Diab2016@yahoo.com
الوظيفة : أخصائى اجتماعى بوزارة التربية والتعليم
العنوان : حمهورية مصر العربية- محافظة الشرقية- مركز منيا القمح- قرية سنهوت
كتب صدرت للكاتب
صبيحة تخرج من البحر- رواية- الهيئة العامة لقصور الثقافة- سلسلة الجوائز- 1999م
رسم الريح- مجموعة قصصية- مشروع النشر الإقليمى- فرع ثقافة الشرقية- 2003م
باب البحر- رواية- دار سندباد- 2012م
عين مسحورة- رواية- مشروع النشر الإقليمي- فرع ثقافة الشرقية- 2014م
ضرورة الساكسفون- مجموعة قصصية- الهيئة العامة للكتاب- 2017م
الجوائز الحاصل عليها
جائزة الإبدع الفنى والأدبى فى القصة القصيرة بمناسبة اليوبيل الفضى لاحتفالات أكتوبر 1998م
جائزة المسابقة الأدبية المركزية بهيئة قصور الثقافة عن رواية (صبيحة تخرج من البحر ) 1999م
جائزة مسابقة نجلاء محرم فى القصة القصيرة 2003م و 2008م
جائزة قصة الطفل فى مسابقة مجلة النصر للقوات المسلحة 2004م
جائزة نادى القصة فى القصة القصيرة 2005 و 2009 و 2010م
جائزة مسابقة ساقية الصاوى فى القصة القصيرة جدا 2010م و 2012م
جائزة مسابقة جمعية الأدباء فى القصة القصيرة 2010م
جائزة مسابقة نادي القصة في الرواية عن رواية (باب البحر) 2012م
جائزة مسابقة هيئة الشئون المعنوية في القصة القصيرة 2014م
جائزة مسابقة النشر الإقليمي عن رواية (عين مسحورة) 2016م
كتب قيد الطبع
ارقصي مازوربا- رواية
حكايات من بيتهوفن- مجموعة قصصية
أوبرا فريال- رواية
4- ساعة حضور بورخيس- مجموعة قصصية
هذا ما جنته المدينة من جراء شطحات البروفسير "خليفة الطنانى" الأستاذ بالمعهد العالي للموسيقى، عندما حاول أن يثبت لنفسه، والمجتمع، والبشرية شيئًا ما: كيف يطوع كل وسائل الضجيج والإزعاج لصالح البشرية.
جاءته هذه الفكرة، بعد تجربة مريرة لصديق، راح ضحية لكلاكس سيارة.. كلاكس عنيف لا يرحم، لم يعثر صديقه على لغة تناسب حالة الانفلات العصبي الذي أصابه، إلا أن يضرب برأسه في مقدمة السيارة احتجاجًا على النغمة القبيحة، وها هو الآن يسكن في مصحة يعانى من ارتجاج في المخ، تلازمه تشنجات عصبية ما بين لحظة وأخري.عكف البروفسير خليفة الطنانى على اثنتي عشرة سيارة قديمة.. عجوز، استطاع الحصول عليها من مزاد له طابع شاذ، لم يهتم الرجل بأي شيء إلا أن تكون لهذه السيارات حناجر قبيحة، أعلن عن حاجته لسائقين اختارهم بعد أن اختبر فيهم رهافة الحس، بأن وجه إليهم العديد من الأسئلة التي تنبش بداخلهم عن الحب.. الرأفة.. الإيثار.. البشاشة.. الرحمة.
اختلى بالسيارات وسائقيها في مكان منعزل، هو نفسه لا يذكر كم مكث هناك يعلم السائقين كيف يمكن صياغة نغمة مكتملة بين كلاكسات السيارات جميعا.. نغمة طروب، تخلصت من أي نشاز يُذَكِّرْ بأن هذه الأبواق هي المصدر الرئيسي للتوتر والإزعاج والضجيج والانهيار.
كانت التجربة عصية، استنزفت منه جهدًا، وعملا، وفكرًا، كانت تعلن كل لحظة عن فشلها بسبب سماجة السائقين وعنادهم، ولولا صبر البروفسير "خليفة الطنانى" واتكاؤه على الإيقاع الفطري الموجود بداخل هؤلاء السائقين لأعلن تخليه عن هذه التجربة.
أخيرًا خرج البروفسير "خليفة الطنانى" إلى ساحة المدينة بعد أن أعلن أنه سيقدم لأهلها موسيقى فريق "البوب كار"
الرجل كان يعلم أنه يقدم خدمة جليلة للمجتمع، فقد تناقص في هذه الآونة- الفترة التي كانت تقام فيها حفلات "البوب كار"- رواد المصحات النفسية شيئًا فشيئًا، لكنه لم يكن يعلم أن مجموعة من الشباب الأرعن سوف يمتطى كل واحد منهم سيارة عجوز تتمتع حنجرتها بنعير شاذ، يهبطون كل ليلة إلى ساحة المدينة وهم يقلدون فريق" البوب كار"، يضرب كل واحد منهم على كلاكس سيارته بطريقة عشوائية.. مرتجلة.. فجة، فتخرج النغمة قبيحة.. متوترة.. مزعجة، استجار منها سكان المدينة، هذا الشباب العشوائي المنفلت ظل يمارس لعبته، رغم ارتحال نصف سكان المدينة إلى المصحات النفسية وانتحار النصف الآخر.
*عبد العزيز دياب
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
***سيرة ذاتيةالاسم: عبد العزيز عبد المعز السيد محمد حسن دياب
الاسم الأدبى: عبد العزيز دياب
عضو اتحاد الكتاب
الموبايل : 01151523200
الإيميل : AZIZ-Diab2016@yahoo.com
الوظيفة : أخصائى اجتماعى بوزارة التربية والتعليم
العنوان : حمهورية مصر العربية- محافظة الشرقية- مركز منيا القمح- قرية سنهوت
كتب صدرت للكاتب
صبيحة تخرج من البحر- رواية- الهيئة العامة لقصور الثقافة- سلسلة الجوائز- 1999م
رسم الريح- مجموعة قصصية- مشروع النشر الإقليمى- فرع ثقافة الشرقية- 2003م
باب البحر- رواية- دار سندباد- 2012م
عين مسحورة- رواية- مشروع النشر الإقليمي- فرع ثقافة الشرقية- 2014م
ضرورة الساكسفون- مجموعة قصصية- الهيئة العامة للكتاب- 2017م
الجوائز الحاصل عليها
جائزة الإبدع الفنى والأدبى فى القصة القصيرة بمناسبة اليوبيل الفضى لاحتفالات أكتوبر 1998م
جائزة المسابقة الأدبية المركزية بهيئة قصور الثقافة عن رواية (صبيحة تخرج من البحر ) 1999م
جائزة مسابقة نجلاء محرم فى القصة القصيرة 2003م و 2008م
جائزة قصة الطفل فى مسابقة مجلة النصر للقوات المسلحة 2004م
جائزة نادى القصة فى القصة القصيرة 2005 و 2009 و 2010م
جائزة مسابقة ساقية الصاوى فى القصة القصيرة جدا 2010م و 2012م
جائزة مسابقة جمعية الأدباء فى القصة القصيرة 2010م
جائزة مسابقة نادي القصة في الرواية عن رواية (باب البحر) 2012م
جائزة مسابقة هيئة الشئون المعنوية في القصة القصيرة 2014م
جائزة مسابقة النشر الإقليمي عن رواية (عين مسحورة) 2016م
كتب قيد الطبع
ارقصي مازوربا- رواية
حكايات من بيتهوفن- مجموعة قصصية
أوبرا فريال- رواية
4- ساعة حضور بورخيس- مجموعة قصصية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق