اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

يوميات رمضان _ الرجلُ الذي توارى | وليد.ع.العايش

 يوميات رمضان 
1- ربان وسيدة -

وأخيرا اكتمل العقد ، المحرك يضج فجأة ليعلن عن وجوده هنا ، بينما الربان بدأ يشمر عن زنود سمر ، طويل القامة ، عضلاته بين بين ، لكن ابتسامته الدائمة جعلت منه رجلا مختلفا ، - استعدوا فنحن على وشك الانهيار ... عفوا عفوا هل قلت الانهيار !!! لا إننا على وشك الاقلاع ...
ابتسم من خطأه اللامقصود ، أمسك المقود بين كلتا يديه ثم غادرت السفينة المرسى ، تصفيق حاد داخل البيت الكبير ، مزاح هنا ، وضحك هناك ، وفي زاوية مهملة عناق وقبلات مثيرة ، استقبلت المياه المالحة لتوها السفينة الخضراء القادمة من الشرق ، ساعات العصر تمضي مسرعة ، لم يعد للبر من تواجد ، اللون السماوي يعتنق شغف العيون ...
- متى نصل أيها الربان ؟
- الرحلة ماتزال تقاوم البداية سيدتي ، لكن تأكدي بأننا سنصل ، ساعات فقط ...
- إذن لا تأخير على الموعد ...
- الجو يوحي بالخير ، سنصل في الموعد إن شاء الله ، لا تخشي التأخير ...
- لكني أخشى البحر ، فكم سمعت ورأيت من أناس ابتلعهم ، ولم يصلوا ...
صمت الربان الشاب هنيهة ، تنفس بهدوء ، في تلك اللحظة كانت عيناه تتعلقان بالسماء ، بينما الريح تداعب شعره الأسود ...
- إنه البحر سيدتي ، إنه البحر ...
ومالبث أن توارى عن ناظريها ، فلم يعد بمقدوره النظر إلى وجهها الشاحب الجميل .
ساعات الفجر تفجر قنبلة موقوتة ، السكون الذي أحبه معظم الركاب امتطى صهوة الرحيل ، الأمواج تتغلغل في قلب السفينة الخضراء ، الربان كان يكتب شيئا ما ...
عندما أتى الصباح شاهد بعض البحارة ، خشبة وبقايا ثياب ، وطفلة لم تبلغ عامها الخامس ...
...........
١١/رمضان/2017م

2
_ جِنيُّ المذياع _

وصلت الرحلةُ بعد مُنتصفِ الليلْ ، السكونُ الذي طالما أحببتهُ كان هنا ، بينما حفيفُ الأوراق يُقلقُ راحة الليل الذي يحاول أن يغفو قليلا ، حملتُ حقيبتي الصغيرة المُهشّمةَ الأضلاع ، كلّ ما فيها أمسى مجرد بقايا ، وانطلقتُ برُفقةِ أخي الصغير الذي مازال في سنواتهِ العشرِ الأولى ، مذياعٌ صغيرٌ كانَ بحوزتي ، تكْسِرُ أمّ كلثوم بصوتها المتراخي بعضَ السكون والخوف ، الذي لم يكنْ قد حضرَ بعدْ ، البيتُ هُناكَ خلفَ تلَّةٍ مُنخفضة ، الدربُ الترابيُّ يكادُ لا ينتهي ، حوافَّهُ تتأرجحُ بين شجيرات وساقية ، دارٌ قديمةٌ مازالت تتشبثُ بالحياة ، رغمَ ويلاتِ الوهنِ التي أصابتها ، تطلُّ عليها شجرة الكينا ، تلك الشجرةُ التي طالما جلسنا تحت ظلالها ونحنُ في طريقِ العودة من مدرستنا كل يومْ ، لم تكن كما عَهِدْتُّها ، بدأ الخوف يتسربلُ خِفّية ، رفعتُ صوتَ المذياع ، حثثَنا الخُطا أكثرَ وأكثرْ ، ضجّةٌ ما ... تثور فجأة منْ خلفنا ، تشبثَ أخي بمريولي المدرسي ...
- لا تخف إنه صريرُ ريح ...
ربما لم يُصدّقني ، سمعتُ هسيسَ بُكاءهِ الخافتْ ، انتابني الخوفُ هذه المرّة...
- إنه جِنيُّ الدارْ ... هكذا حكى لنا والدي ذات ليلة...
قال أخي وهو يزددْ تشبثاً بي ، كلماته أعادتني سنوات إلى الوراء ( نعمْ قالها والدي ... هنا يَقطنُ الجانُ ، والكلُ يخشى العبورَ ليلاً ... يتحاشى هذا الدرب ... ) أسْرَرتُ في نفسي...
- إنها حكايةٌ ليس إلاّ ... لا تُصدق كلّ ما تسمعْ ، فمعظم الحكايا نَسْجُ خيال ، لا وجود للجانِ يا أخي ... ( هل كنتُ أواسيه أم أواسي نفسي ... )...
- لكن ألا تسمع صوت قدميه ، إنه خلفنا تماما ....
نظرت إلى الوراء خلسة ، لا شيء يظهر في العتمة ، فالليلة هي من أواخر ليالي الشهر القمريّ ، لكنَّ خبطَ الأقدام يطنُّ في أذنيَّ رغمَ صوتِ المذياع...
كانت المسافة تطول أكثر ، ضجيجُ القدمين أصبح أمامنا ، يا للرعبْ ، هل حقاً هو الجنيُّ الذي أخبرنا به والدي ؟ ... لم يعدْ يسير كما نحن ، كانت قدماه تخبطانِ الأرضَ بقسوةْ ، قلبي حينها كادَ يفرُّ هارباً ، بينما بُكاءُ أخي أمسى مسموعاً...
خيالٌ أسودُ يلوحُ ثُمَّ يختفي ، مرّةً في الأمامْ , وأخرى منْ الخلف ، يدنو أكثرَ مِنّا ، المِذياع يضْطربُ ، كلماتهُ أصبحتْ شعثاءَ الشعرِ ، الليلُ يضرِبُ موعداً مع الخوفْ ، لا بُدَّ منْ قرارٍ ما ، (قلتُ)
- هاتِ يدكَ ... وحين أشدُّ عليها تجري معي بكل ما تملكُ منْ سرعة ولا تنظر خلفكْ...
استجابَ أخي ، الآنَ فقط اختفى ذاكَ الشبحُ الجنيُّ ، فضجيجُ أقدامنا أصبحَ يركِلُ الخوفَ ، البيتُ يلوحُ في العتمةْ ، تنفسّنا قليلاً , كُنّا نلهثُ كما كلبين صغيرين...
- أين المذياع ، أين المذياع ... سألتُ ... ضحِكَ الطفلُ بعدما بللَ بِنطاله بشيءٍ ما
- سرقهُ الجنيُّ , سرقهُ الجنيُّ ... الليلُ يُشهرُ سيفهُ !!! ...
__________

١٦/رمضان/2017م

.3
_ الرجلُ الذي توارى _

كأن عقارب الساعة أمست دبيباً بلا صوت , فلا هي تسير , ولا هي تتوارى من أمام ناظري أبو عامر , يومٌ من أيام نيسان , لا حرّ ولا قرّ , الجو يوحي بالجمال في هذا الصباح , لكن ليس مع الكلّ فهناك من لم يكن على هذا الديدبان ...
- لماذا تأخرتي يامرأة , ألم أقل لك بأني سأذهب باكراً إلى الدائرة ... أريد أن أنهي أموري اليوم , الرحلة ستنطلق صباح الغد 0
- مازال الوقت متسعاً أمامك , العاملون لا يأتون لأعمالهم قبل التاسعة , لا تتسرع وكنْ هادئاً يا أبا عامر ...
- ذاك الرجل إن وقف بطريقي اليوم فسوف ألعن ...
لم يكمل عبارته , وربما أكملها في سرّه خجلاً من زوجته , ارتدى ثيابه , بذّةٌ سوداء , ربطةُ عنق رمادية , بعدما كان قد اقتلع شعيرات ذقنه , ورشّ العطر الفاخر على ملابسه , لم يتبقَ إلا الحذاء , جلس على أريكةٍ صفراء , بدت شاحبة في هذا اليوم , هل أصابها المرض , أم أنّ الأيام تلاعبت بساقيها , أمسك فنجان القهوة بيدٍ ترتعش , بينما اليد الأخرى تتشبث بسيجارة حمراء طويلة , كانتْ سحبُ الدُخان وكأنها متصاعدة من مدخنة مدفأة في ليلةِ يومٍ كانوني , رمى بها قبل أن تنتهي ثُمّ أشعل غيرها ...
- صبيّ قهوة يامرأة ... ( قالها بلهجة فلاحٍ مُنهك ) ...
- القهوة مفيدة في الصباح , ولكن لاتكثر منها ...
- اصمتي ... اصمتي ... هل تزوجتُ طبيبة دونَ أن أدري ...
ضحك من كلماته المتعثرة , كما خطوات شيخٍ هَرِم , أو كما طفلٍ يتعلّم المشي لتوّه , ركنَ الفُنجان على طاولة صغيرة مدورة , قذف بسيجارته إلى اللاعودة , هل أصابت أحداً في الشارع !!! قال في نفسه ...
- يا إلهي لن نتعلم معنى الحضارة , حتى بقايا السيجارة نرميها من النافذة , وسلّة المهملات أمامنا , لن نتخلى عن عروبتنا ...
قالها مستهزأً هذه المرّة , فهل سيتصرفُ هكذا عندما تطأ قدماه أرض البلد العجوز , تساءل سّراً , احتسى حذاءه الأسود على مهلٍ , ربما أدرك بأنّ الوقت مازال باكراً , أو أنه عاد لعادته القديمة , فلال قيمة للوقت لدى فلاح تمرُّ عليه الأيام متشابهة ...
ولجَ الطريق بحلّتهِ الجديدة ( سوف يخشى مني الموظف , فهم يخافون ممن يرتدي بذّةَ رسمية وربطة عنق ... ) لابدّ بأن أموري ستنتهي بسرعة كي ألحق مكتب تذاكر الباص المغادر إلى بيروت , لن أركب التاكسي فالمسافة قريبة والوقت مازال مُتسِعاً ...
جلست الزوجةُ وحيدة تنتظرُ قدوم جارتها لتشاركها بعض القهوة التي تركها زوجها , كانت ترتدي قميصاً شفافاً يظهر مفاتنها بقسوة , مثيرة هي تلك الريفية , بينما شعرها يستنكفُ بعدما ابتعد عنه المشط الأسود , لحظات والباب يُفتحُ وتدخل الجارة ...
- يالك من أنثى جميلة ...
- دعكِ من هذا فأنا أخجل , أولستِ بأجمل مني ...
- كيف كانت سهرتكِ بالأمس , بالتأكيد كانت مميزة وجميلة ...
- لا وحياتك , زوجي مشغول بأوراق السفر , لم يُحرك ساكناً حتى الصباح .
القهوة تنتحر على شفاه مجمّرة , وتبدأ رحلة قراءة الفناجين الوردية اللون , ضجّة الأولاد تبدأ بالتعالي شيئاً فشيئاً , الجارة تغادر إلى اللارجعة , هكذا كانت تظنُّ يومها ...
وقف أبو عامر أمام الموظف الذي مازال في مقتبل العمر , لم يتجاوزه عقده الثالث , متأنقٌ جداً , كان يراقبهُ عن كثب وهو يوزع ابتساماته على زميلاته , وعلى بعض المراجعات الجميلات ...
- الحمد لله يبدو منفرج الأسارير اليوم , لن يؤخرني , بذّتي أجمل من بذّته , لا ذوقَ لديه ...
عندما وصله الدور , كانت قدماه تؤلمانه وجداً , فثلاثةُ ساعات من الوقوف والتوقف كفيلة بإسدال ستارة التعب على منكبي رجلٍ تجاوز الخمسين بقليل , مع أنّه يحتفظُ بكامل قوته , ناول أوراقه إلى الشاب المتأنق دون أن ينبس ببنت شفة , كان لا يريد أن يزعجه بشيء , لعلّ الأمور تسير دون أخذٍ وردّ ...
تأفف الموظفُ قبل أن يبتدئ بتقليب الأوراق , ممسكاً بقلمه بيده اليسرى , يضع إشارة هنا , وأخرى هناك , يكرر التأفف , الوقت يمرُّ متثاقلاً كسلحفاةٍ هرمة , المؤذن يعلن صلاة الظهر ...
- انتصف النهار , ربما لن ألحق بمكتب القطع , خليها على الله ...
الشاب يحتسي رشفة قهوة كانت متبقية بقعر فنجانه السماوي , رمق الرجل بنظرات لم يعهدها من قبلُ , تمتطّى كما إبلٍ لتوها استفاقت من نومها , انسكبَ فوق كرسيه الكبير متراجعاً إلى الخلف , زفرة طويلة , تنهيدة تحتسي كل حقارات الكون , الرجلُ بدأ يلهث , قلبه يركض كما لم يفعل من قبل , حبيبات العرق تخرّ ساجدة على جبينه المحْمَر , تلعثم في كلماته ...
- ماذا , ماذا يابني ... هل هناك خطبٌ ما لاسمح الله ...
- لاتقل يابني , فأنا لي أب لا يشبهك , وأنت لست بمقامه
بلع الرجلُ لُعابه حتى كاد يبتلع لسانه , تراجع خطوة إلى الوراء , ثم عاود السؤال ...
- لا يهم , لا يهم , ما المشكلة الآن ...
ألا تعرف بأنّ أوراقك ناقصة ؟ يبدو بأنك لم تتعلم , خذها واغربْ عن وجهي ...
ورمى بحفنة الأوراق صوب الرجل , بعضها لفح وجههُ , وبعضها الآخر تناثر في أرجاء الغرفة , على الطاولة المقابلة دوّت قهقهات أنثيين جميلتين من هزليّة المشهد ...
- ياحرام , انظري إليه , انظري , يبدو ساذجاً جداً ...
- معك حق يا شادية , إنّه ساذجٌ فعلاً , لكنّهُ لطيفٌ وأنيق ...
لملم أبو عامر أوراقه , أمسكها بكلتا يديه , عيناه تبرقان كعينا نسرٍ آتٍ من صحراء بعيدة , مزّقَ الأوراق كلها دفعة واحدة , ثم اقترب من ذاك الشاب المتأنق الذي تراجع قليلا لكن الجدار استوقفه ...
- لا يمكنك التراجع أكثر ... ( قالها الجدار الأخرس ) 0
- اصرخي , اطلبي الشُرطة , إنّه رجلٌ متوحش ... ( قهقهَ أبو عامر)
- الشرطة قال ... !!! ... لستُ أنا المتوحش أيُّها الوغد , أنتَ التوحش بعينه .
صرخت الموظفة , كان كل شيءٍ قد تلاشى , العتمة تلفُ الغرفة بجدرانها السوداء , الرجل غادر بهدوء ...
- لن نسافر يامرأة , البلد بحاجة لي , لكن الآن احزمي لي حقيبة صغيرة , ولا تنسي بعض الملابس الداخلية , سأغيبُ لفترة ...
- ما الذي حصل , كم ستغيب , لما ألغيت فكرة السفر ... أسئلتها لم تكن ذات

وليد.ع.العايش

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...