بلغة أنثوية نثرية قريبة من الشعر تحيك توفيقة خضّور روايتها الأولى "حريق البنفسج"،ومثل الغالبية العظمى من الكاتبات تطغى الرومنسيّة على السرد كلما قُدم الحكي من الراوي الذاتي (إسراء )،وهي الشخصيّة الرئيسيّة في الرواية تحكي الرواية عن حبيبين هما"قاسم" عراقي و"إسراء " فلسطينية تجمعهما المصيبة الواحدة وهي احتلال بلديهما،وسقوط بغداد ومجزرة جنين ومعاناتهما مع رجال الأمن.وتمر على مخيلتهما الذكريات فتستذكر الفلسطينية حبها من اليهودي "سابير" الذي أحبها،لكن المؤسسة الصهيونية تأبى لهذه العلاقة الدوام لذلك ضغطت على
سابير من أجل أن ينظم إسراء لصالح الموساد فاستغلت المؤسسه الصهيونية هذه العلاقة وصورت إسراء الفلسطينية صور عديدة أثناء اغتصابها من قبل العديدين من رفاق سابير،وتسببها بمقتل أخيها محمد بسبب إباحتها لسابير عن انتمائه إلى تنظيم فدائي.
قدمت الشخصية الرئيسية نفسها وحبيبها قاسم بطريقة مباشرة إلى القارئ مفوتة الكاتبة الفرصة عليه من التخمين والتحليق في عدة احتمالات عن جنسية البطلة:( أنا الفلسطينية وأنت العراقي ،التقينا هنا في دمشق)ص9 ذكرني هذا التقديم المباشر للشخصية برواية عبد الكريم ناصيف "الحلقة المفرغة"حين قدّم الكاتب فيها سحر الفلسطينية بنفس هذه الطريقة،مع تفصيل أكثر لسنّها وبلدها في فلسطين.ولا أعلم مدى التشابه بين حب إسراء ل"سابير" اليهودي وحب سحر ل"حنّا" المسيحي،ومدى ارتباط الاثنتين بالاستخبارات سواء بطريقة مباشرة كما سحر أو غير مباشرة كما إسراء؟؟!
تحاول الكاتبة أن توافق بين ما هو إنساني وما هو وطني فعلاقة الحب بين اليهودي سابير والفلسطينية إسراء كان إفراط بالرومنسيّة واللعب على الوتر الإنساني على الرغم من أن العلاقة بمثل سن إسراء وابن عمّها مدانة في مجتمع شرقي، يخضع لعادات وتقاليد تتحكم بالكثير من أموره الحياتيه،فكيف والحال مع يهودي يشكل بعقيدته وانتمائه العرقي ألد العداوة لمجتمع إسراء؟!فتنامي شخصية إسراء كان يدفع باتجاه اليهودي والابتعاد عن ما هو وطني وإن لم تصرح به الكاتبة،حتّى اغتصبت وهددت بإفشاء سرّها للجميع،عادت إليها وطنيتها بعدما فقدت شقيقها وشرفها الذي لا يقدّر بثمن.
ورغم أن الروائية حاولت بلغتها المتينة والشاعريّة إيصال فكرتها، إلا أن بعض المقاطع الخطابية والمباشرة في طرح الأفكار كانت طاغية على السرد: ( تصوري..!أيعقل أن يتعامل القتيل مع القاتل؟أيدخل في روعك أن عراقياً استبيحت أرضه..انتهكت مقدساته،وتعرض للاحتلال في عصر انقرض فيه الاستعمار أو كاد..
ويتعاون مع أعدائه أو أذنابهم،أتصدقي هذه الترهات؟ومن يتّهم بها..؟هؤلاء الجياع..الذين لم يسمعوا في حياتهم أصواتاً أعلى من أصوات أمعائهم الفارغة،وهي تتصارع من أجل البقاء..فكيف لهم أن ينصتوا لجنون "بوش"وعربدته،وهو يستعرض أدوات جنونه،وكيف لجائع أن يكن خائناً..! كيف له أن يتحزّب)ص22 وأعتقد أن تخديم المباشرة ليس عيباً حين تعكس انفعالات الشخصية وتوترها ومعاناتها الوطنية أو القوميّة،وربما هناك صعوبة بالغة في وصف مشهد عنف أو قتل بلغة رقيقة أو شعريّة.
تبوح توفيقة عن معاناة حقيقيّة يعانيها الشعب الفلسطيني والعراقي بعد الاحتلال وتجسدت هذه المعاناة بإسراء الفلسطينيّة وقاسم العراقي،وتسقط الروائيّة دلالات واضحة ، بحيث جعلت من دمشق الأم الرؤوم والحاضن للعروبة والأخ الحريص على القوميّة العربية والمساعد القوي لكل العرب،فقدوم إسراء من فلسطين هرباً من بطش الصهاينة وأساليبهم الدنيئة إلى دمشق يعني أنها البيت الأكثر أمناً وحماية للشرفاء العرب والمناضلين، وكذلك الأمر بالنسبة لقاسم العراقي الذي فرّ من المتآمرين على دولة عربيّة وبطشهم والذين سخّروه رغم أنفه في تدريب جماعات تقوم بأعمال إرهابية تخريبيّة :( حتّى سمعتهم تلك الليلة،يهنئون بعضهم على نجاح العمليّة،أية عمليّة سألتهم مستغرباً..!
تفجير عدّة حافلات في بلد عربي مجاور،وقتل كل من فيها..هكذا بكل برود أجابني أحدهم،وبنشوة المنتصر أكد الباقون..
ذهلت..صعقني ما سمعت،وسألتم:من الذين كانوا في الحافلات،أهم من الصهاينة؟!)ص45
وما هربه إلى دمشق والكشف عن هذ المخططات الدنيئة التي كانت تحاك من عصابة إرهابية ضد المدنيين وبمساعدة بعض أقطاب النظام ما هو إلا دلالة على التقاء العرب في العاصمة العربية الأكثر حفاظاً على العروبة.وهذا ما يؤكده المقتبس السابق في الصفحة ص9
بقي أن أقول أن رواية حريق البنفسج فيها من الشفافية النسائية الكثير ومن الأيدلوجية ما يدل على وطنية وقومية تنبض في عروق الروائية.
*حمد جميل الحسن
سابير من أجل أن ينظم إسراء لصالح الموساد فاستغلت المؤسسه الصهيونية هذه العلاقة وصورت إسراء الفلسطينية صور عديدة أثناء اغتصابها من قبل العديدين من رفاق سابير،وتسببها بمقتل أخيها محمد بسبب إباحتها لسابير عن انتمائه إلى تنظيم فدائي.
قدمت الشخصية الرئيسية نفسها وحبيبها قاسم بطريقة مباشرة إلى القارئ مفوتة الكاتبة الفرصة عليه من التخمين والتحليق في عدة احتمالات عن جنسية البطلة:( أنا الفلسطينية وأنت العراقي ،التقينا هنا في دمشق)ص9 ذكرني هذا التقديم المباشر للشخصية برواية عبد الكريم ناصيف "الحلقة المفرغة"حين قدّم الكاتب فيها سحر الفلسطينية بنفس هذه الطريقة،مع تفصيل أكثر لسنّها وبلدها في فلسطين.ولا أعلم مدى التشابه بين حب إسراء ل"سابير" اليهودي وحب سحر ل"حنّا" المسيحي،ومدى ارتباط الاثنتين بالاستخبارات سواء بطريقة مباشرة كما سحر أو غير مباشرة كما إسراء؟؟!
تحاول الكاتبة أن توافق بين ما هو إنساني وما هو وطني فعلاقة الحب بين اليهودي سابير والفلسطينية إسراء كان إفراط بالرومنسيّة واللعب على الوتر الإنساني على الرغم من أن العلاقة بمثل سن إسراء وابن عمّها مدانة في مجتمع شرقي، يخضع لعادات وتقاليد تتحكم بالكثير من أموره الحياتيه،فكيف والحال مع يهودي يشكل بعقيدته وانتمائه العرقي ألد العداوة لمجتمع إسراء؟!فتنامي شخصية إسراء كان يدفع باتجاه اليهودي والابتعاد عن ما هو وطني وإن لم تصرح به الكاتبة،حتّى اغتصبت وهددت بإفشاء سرّها للجميع،عادت إليها وطنيتها بعدما فقدت شقيقها وشرفها الذي لا يقدّر بثمن.
ورغم أن الروائية حاولت بلغتها المتينة والشاعريّة إيصال فكرتها، إلا أن بعض المقاطع الخطابية والمباشرة في طرح الأفكار كانت طاغية على السرد: ( تصوري..!أيعقل أن يتعامل القتيل مع القاتل؟أيدخل في روعك أن عراقياً استبيحت أرضه..انتهكت مقدساته،وتعرض للاحتلال في عصر انقرض فيه الاستعمار أو كاد..
ويتعاون مع أعدائه أو أذنابهم،أتصدقي هذه الترهات؟ومن يتّهم بها..؟هؤلاء الجياع..الذين لم يسمعوا في حياتهم أصواتاً أعلى من أصوات أمعائهم الفارغة،وهي تتصارع من أجل البقاء..فكيف لهم أن ينصتوا لجنون "بوش"وعربدته،وهو يستعرض أدوات جنونه،وكيف لجائع أن يكن خائناً..! كيف له أن يتحزّب)ص22 وأعتقد أن تخديم المباشرة ليس عيباً حين تعكس انفعالات الشخصية وتوترها ومعاناتها الوطنية أو القوميّة،وربما هناك صعوبة بالغة في وصف مشهد عنف أو قتل بلغة رقيقة أو شعريّة.
تبوح توفيقة عن معاناة حقيقيّة يعانيها الشعب الفلسطيني والعراقي بعد الاحتلال وتجسدت هذه المعاناة بإسراء الفلسطينيّة وقاسم العراقي،وتسقط الروائيّة دلالات واضحة ، بحيث جعلت من دمشق الأم الرؤوم والحاضن للعروبة والأخ الحريص على القوميّة العربية والمساعد القوي لكل العرب،فقدوم إسراء من فلسطين هرباً من بطش الصهاينة وأساليبهم الدنيئة إلى دمشق يعني أنها البيت الأكثر أمناً وحماية للشرفاء العرب والمناضلين، وكذلك الأمر بالنسبة لقاسم العراقي الذي فرّ من المتآمرين على دولة عربيّة وبطشهم والذين سخّروه رغم أنفه في تدريب جماعات تقوم بأعمال إرهابية تخريبيّة :( حتّى سمعتهم تلك الليلة،يهنئون بعضهم على نجاح العمليّة،أية عمليّة سألتهم مستغرباً..!
تفجير عدّة حافلات في بلد عربي مجاور،وقتل كل من فيها..هكذا بكل برود أجابني أحدهم،وبنشوة المنتصر أكد الباقون..
ذهلت..صعقني ما سمعت،وسألتم:من الذين كانوا في الحافلات،أهم من الصهاينة؟!)ص45
وما هربه إلى دمشق والكشف عن هذ المخططات الدنيئة التي كانت تحاك من عصابة إرهابية ضد المدنيين وبمساعدة بعض أقطاب النظام ما هو إلا دلالة على التقاء العرب في العاصمة العربية الأكثر حفاظاً على العروبة.وهذا ما يؤكده المقتبس السابق في الصفحة ص9
بقي أن أقول أن رواية حريق البنفسج فيها من الشفافية النسائية الكثير ومن الأيدلوجية ما يدل على وطنية وقومية تنبض في عروق الروائية.
*حمد جميل الحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق