* واقع القصة القصيرة في الوطن العربي
أدت الكثير من القصص القصيرة دورا هاما في إثراء الثقافة العربية وفي تهذيب الذوق العام وإشباع القيم الجمالية في المتعة الفكرية الراقية والاستفادة من التجارب ، وتميز الأداء بالبراعة والدفء والإقناع المصحوب بالجمال الخاص والجاذبية ،ومجال القصة القصيرة المحدود أدى إلى الاهتمام بالترشيح اللفظي لتكثيف المغزى و المعنى دون الإسهاب في التوظيف البنائي والبناء الداخلي للشخصيات الذي قد يستهلكها على حساب الإيحاءات التي تستفز قوة الحياة ، ومازال هناك حاجة لتجاوز القصة التي تدور أحداثها بلونين متنافرين أي
بشخصيتين متضادين لمجرد إحداث التفاعل المطلوب للتعبير عن قلق الوجود إلى ما يمكن أن يمنح بعدا إنسانيا وروحا من التعايش بين عديد الأطراف الذي يكسب القصة القصيرة الكثير من الدلالات .
* الألوان الأدبية المستحدثة على القصة القصيرة
تعددت الأصوات في بعض القصص القصيرة كتقنية جديدة تمنح القصة مزيدا من الحيوية وفرصة أكبر لتمثيل الواقع تمثيلا يمنح القارئ هامشا واسعا من الحرية في تأويل المواقف والحكم على الشخصيات بعدما يجد نفسه أمام حدث يروى من مواقع مختلفة فتتشكل لديه وجهة نظر خاصة ويميل بكل حرية إلى ما خلص إليه اعتقاده .
يميل بعض الكتاب إلى القصة التاريخية القصيرة فظهرت محاولات مزج الملحمي بالواقعي ، والأسطوري بالحقيقي ، والكاتب لا يستطيع أن يتجرد من خياله وهو في نفس الوقت لا يكتب تاريخا ولا يعمد في أعماله أن يكون مؤرخا ،هو يوظف التاريخ ويعتمد على التخيل الذي يرفع العمل الروائي إلى عمل إبداعي ، وهنا تكمن المعاناة لأنه لا يسمح مجال القصة القصيرة إلى الذهاب بالنص إلى أقاصي بعيدة حيث سيصعب تقريب العنوان الذي يرمز لدلالة المعنى مع المدخل الذي يعبر عن المغزى القوي
2
للقصة ومن ثمة يحدث التأويل في الكتابات التاريخية ومعها يفتح الباب واسعا أمام مفهوم الغرور الحضاري.
دفعت الرغبة في ولوج عالم ما وراء الطبيعة إلى ظهور القصة الغرائبية ، حيث تأخذ غواية الكتابة الكاتب إلى أفاق التجريب على الفانتازيا حيث يستند سرده إلى الحالة النفسية المؤدية إلى الوهم والاستغراق في متاهات حلم حيث تتعاقب الأحداث في صور على غير الصورة الطبيعية وهي غالبا تنتهي بمفاجأة تتجاوز حدود الاكتراث بأي عواقب ، ومثل هذا اللون يعتمد على أن التخيل بحد ذاته تركيبا فنيا يحاول أن يحاكي ما هو قائم في الكون ولكنه في الحقيقة يبدو من حيث الواقع مجرد إيهام به .
* القصة القصيرة ملأت فراغا أوجدته ندرة الروايات العربية
تختزل القصة القصيرة بتفاصيلها الحياة بأفراحها وأحزانها ، وتستدرج القارئ بقدر ما تتمتع به من روعة التراكيب اللفظية وكثافة اللغة الشعرية والحس الإبداعي للقاص ، لذلك وجدت القصة القصيرة سبيلها للانتشار سريعا بالرغم من ان للرواية دور هام في إثراء الثقافة وتهذيب الذوق العام وإشباع القيم الجمالية في المتعة الفكرية الراقية والاستفادة من التجارب إلا أن توجه بعض الكتاب إلى تفضيل تحويلها إلى عمل درامي سينمائي أو تلفزيوني قد أثر في شكلها بعدما أصبح موجه لمعدي السيناريو اكثر من القراء.
* موقع قصة الومضة من معايير القصة القصيرة
قصة الومضة هي ظاهرة سردية جديدة ، وهي لدي المتلقي كمن يعد الأيام بالدقائق ،وتمثل بالنسبة للقصة القصيرة نقلة في الشكل والمضمون ،لا تتجاوز مجرد موقف واحد غالبا مالا تكون له مقدمة وينتهي بغموض ، لذلك فهي تقوم على الإيجاز والتكثيف ،وتحتاج إلى جهد أكبر في حبك أحداثها وصياغتها ، ومهارة التوفيق في تجنب الوقوع في فخ المختصر المخل والتطويل الممل ، وقد تعتمد كثيرا على شعرية المجاز أكثر من شعرية اللغة التي تدفع في الحقيقة إلى شعرية العمل الأدبي وذلك لحبك السرد التخيلي أو الكذب الفني الإبداعي ،وبذلك فهي تبتعد عن معايير القصة القصيرة القائمة على وضوح العلاقة بين الدال والمدلول.
* المنتج الأدبي في عصر السرعة
يدفعنا الاعتراف بأننا نعيش فعلا عصر السرعة في كل مفردات حياتنا اليومية إلى التأكيد على فضائل استغلال الوقت بل واستثماره بأمثل ما يمكن من جهة ، ومن جهة أخرى إلى ضرورة توخي الحذر من الوقوع في فخ العجلة والهرولة غير المتبصرة ، وينصرف هذا المعنى على طبيعة المنتج الأدبي حيث أصبحت المكتبات تعج بالمؤلفات في مختلف المجالات ولكنها دخلت في إطار ليس كل ما يكتب يمكن أن يقرأ ، فتسابق دور النشر في ظل التنافس القائم بينهم دفع بالكثير منهم إلى تعمد التوسع في النشر بأساليب إثارة غير حقيقية وضعت القارئ للأسف في كثير من الحالات أمام صدمة عنوان عمل أدبي بمحتوى فارغ ومضمون ضعيف .
3
* مكانة الأدب في المجتمعات
لا يزال الأدب يحتفظ بمكانة محترمة في الكثير من المجتمعات بل وتقاس رهافة الحس الحضاري بمدى تذوق أفراده لمختلف ألوان الآداب والفنون ،وما اهتمام الدول والحكومات بتنظيم المهرجانات والمسابقات الفنية والأدبية والأمسيات والتشجيع على إصدار المجلات المتخصصة في النقد والتحليل.. إلا دليل على إدراك أهميتها في تنمية الذوق السليم وترقية الفكر وتطوير الثقافة الإنسانية.
**صبحة بغورة
أدت الكثير من القصص القصيرة دورا هاما في إثراء الثقافة العربية وفي تهذيب الذوق العام وإشباع القيم الجمالية في المتعة الفكرية الراقية والاستفادة من التجارب ، وتميز الأداء بالبراعة والدفء والإقناع المصحوب بالجمال الخاص والجاذبية ،ومجال القصة القصيرة المحدود أدى إلى الاهتمام بالترشيح اللفظي لتكثيف المغزى و المعنى دون الإسهاب في التوظيف البنائي والبناء الداخلي للشخصيات الذي قد يستهلكها على حساب الإيحاءات التي تستفز قوة الحياة ، ومازال هناك حاجة لتجاوز القصة التي تدور أحداثها بلونين متنافرين أي
بشخصيتين متضادين لمجرد إحداث التفاعل المطلوب للتعبير عن قلق الوجود إلى ما يمكن أن يمنح بعدا إنسانيا وروحا من التعايش بين عديد الأطراف الذي يكسب القصة القصيرة الكثير من الدلالات .
* الألوان الأدبية المستحدثة على القصة القصيرة
تعددت الأصوات في بعض القصص القصيرة كتقنية جديدة تمنح القصة مزيدا من الحيوية وفرصة أكبر لتمثيل الواقع تمثيلا يمنح القارئ هامشا واسعا من الحرية في تأويل المواقف والحكم على الشخصيات بعدما يجد نفسه أمام حدث يروى من مواقع مختلفة فتتشكل لديه وجهة نظر خاصة ويميل بكل حرية إلى ما خلص إليه اعتقاده .
يميل بعض الكتاب إلى القصة التاريخية القصيرة فظهرت محاولات مزج الملحمي بالواقعي ، والأسطوري بالحقيقي ، والكاتب لا يستطيع أن يتجرد من خياله وهو في نفس الوقت لا يكتب تاريخا ولا يعمد في أعماله أن يكون مؤرخا ،هو يوظف التاريخ ويعتمد على التخيل الذي يرفع العمل الروائي إلى عمل إبداعي ، وهنا تكمن المعاناة لأنه لا يسمح مجال القصة القصيرة إلى الذهاب بالنص إلى أقاصي بعيدة حيث سيصعب تقريب العنوان الذي يرمز لدلالة المعنى مع المدخل الذي يعبر عن المغزى القوي
2
للقصة ومن ثمة يحدث التأويل في الكتابات التاريخية ومعها يفتح الباب واسعا أمام مفهوم الغرور الحضاري.
دفعت الرغبة في ولوج عالم ما وراء الطبيعة إلى ظهور القصة الغرائبية ، حيث تأخذ غواية الكتابة الكاتب إلى أفاق التجريب على الفانتازيا حيث يستند سرده إلى الحالة النفسية المؤدية إلى الوهم والاستغراق في متاهات حلم حيث تتعاقب الأحداث في صور على غير الصورة الطبيعية وهي غالبا تنتهي بمفاجأة تتجاوز حدود الاكتراث بأي عواقب ، ومثل هذا اللون يعتمد على أن التخيل بحد ذاته تركيبا فنيا يحاول أن يحاكي ما هو قائم في الكون ولكنه في الحقيقة يبدو من حيث الواقع مجرد إيهام به .
* القصة القصيرة ملأت فراغا أوجدته ندرة الروايات العربية
تختزل القصة القصيرة بتفاصيلها الحياة بأفراحها وأحزانها ، وتستدرج القارئ بقدر ما تتمتع به من روعة التراكيب اللفظية وكثافة اللغة الشعرية والحس الإبداعي للقاص ، لذلك وجدت القصة القصيرة سبيلها للانتشار سريعا بالرغم من ان للرواية دور هام في إثراء الثقافة وتهذيب الذوق العام وإشباع القيم الجمالية في المتعة الفكرية الراقية والاستفادة من التجارب إلا أن توجه بعض الكتاب إلى تفضيل تحويلها إلى عمل درامي سينمائي أو تلفزيوني قد أثر في شكلها بعدما أصبح موجه لمعدي السيناريو اكثر من القراء.
* موقع قصة الومضة من معايير القصة القصيرة
قصة الومضة هي ظاهرة سردية جديدة ، وهي لدي المتلقي كمن يعد الأيام بالدقائق ،وتمثل بالنسبة للقصة القصيرة نقلة في الشكل والمضمون ،لا تتجاوز مجرد موقف واحد غالبا مالا تكون له مقدمة وينتهي بغموض ، لذلك فهي تقوم على الإيجاز والتكثيف ،وتحتاج إلى جهد أكبر في حبك أحداثها وصياغتها ، ومهارة التوفيق في تجنب الوقوع في فخ المختصر المخل والتطويل الممل ، وقد تعتمد كثيرا على شعرية المجاز أكثر من شعرية اللغة التي تدفع في الحقيقة إلى شعرية العمل الأدبي وذلك لحبك السرد التخيلي أو الكذب الفني الإبداعي ،وبذلك فهي تبتعد عن معايير القصة القصيرة القائمة على وضوح العلاقة بين الدال والمدلول.
* المنتج الأدبي في عصر السرعة
يدفعنا الاعتراف بأننا نعيش فعلا عصر السرعة في كل مفردات حياتنا اليومية إلى التأكيد على فضائل استغلال الوقت بل واستثماره بأمثل ما يمكن من جهة ، ومن جهة أخرى إلى ضرورة توخي الحذر من الوقوع في فخ العجلة والهرولة غير المتبصرة ، وينصرف هذا المعنى على طبيعة المنتج الأدبي حيث أصبحت المكتبات تعج بالمؤلفات في مختلف المجالات ولكنها دخلت في إطار ليس كل ما يكتب يمكن أن يقرأ ، فتسابق دور النشر في ظل التنافس القائم بينهم دفع بالكثير منهم إلى تعمد التوسع في النشر بأساليب إثارة غير حقيقية وضعت القارئ للأسف في كثير من الحالات أمام صدمة عنوان عمل أدبي بمحتوى فارغ ومضمون ضعيف .
3
* مكانة الأدب في المجتمعات
لا يزال الأدب يحتفظ بمكانة محترمة في الكثير من المجتمعات بل وتقاس رهافة الحس الحضاري بمدى تذوق أفراده لمختلف ألوان الآداب والفنون ،وما اهتمام الدول والحكومات بتنظيم المهرجانات والمسابقات الفنية والأدبية والأمسيات والتشجيع على إصدار المجلات المتخصصة في النقد والتحليل.. إلا دليل على إدراك أهميتها في تنمية الذوق السليم وترقية الفكر وتطوير الثقافة الإنسانية.
**صبحة بغورة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق