مكارم الأخلاق ... رزان القرواني

في الآونة الأخيرة بتنا نشهد ظاهرة انعدام الأخلاق التي تخلف الأعمال السيئة القبيحة من سرقة ونهب واستغلال ، وهذا يدل للأخلاق دور مهم وعامل أساسي في بناء المجتمع وتوجيهه نحو مسار رقي الأمم ،حيث لا يمكن لأمة تتحضر وتزدهر إلا بالأخلاق فذهاب الأخلاق يعني انزلاق الإنسان نحو الهاوية ...
يقول الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت       فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فما أجمل المرء عندما يتحلى بالأخلاق الحميدة وما أقبحه عندما تصدر عنه أفعالاً رذيلة فالأخلاق الفاضلة لها تأثير كبير في سلوك الفرد حيث تحثه على الطيبة والمحبة وحصن
الأمان في المجتمع، فهناك شريحة من الناس يعاملون سيئو الطباع بنفس المعاملة ،
يقول الشاعر:
إذا جاريت في خلق دنيئاً                فأنت ومن تجاريه سواء

فالأخلاق الكريمة هي التي تبقي للإنسان قدره والإنسان الحر هو الذي يبتعد عن العيوب بتصرفاته الحسنة وبوفائه يجعله بعيداً عن الغدر ،
 يقول الشاعر:
رأيت الحُرّ يجتنب المخازي               ويحميه عن الغدر والوفاء

الإنسان يستمد القوة في حياته من ثلاثة أمور: الشعور، والأخلاق، والعلم، ولاكتساب هذه الأمور الثلاثة طوال حياته يجب أن تنغرس وتأتّى في مرحلة الطفولة فمن شبّ على شيء شاب عليه،وللأصدقاء دور هام وأساسي في تحسين وتطوير الأخلاق لذلك يجب حسن انتقائهم، وقد وصانا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بانتقاء

الأصدقاء حيث قال:(( الصديق الصالح والصديق السوء كحامل المسك ونافخ الكير))
فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ،ونافخ الكير إما أن يؤذيك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)) فصدق رسولنا الكريم عندما حذرنا من أصدقاء السوء وإن ضعف التزام الفرد بالأخلاق الحميدة ستنعدم الثقة وتنتشر الفوضى في المجتمع وما أجمل أن يحتذي الشباب بأخلاق وسلوك الأنبياء ومنهم رسول الله الذي مدحه ربه فقال: "وإنك لعلى خلق عظيم"
فذات يوم رأى رسول الله إمرأة تحمل حملاً ثقيلاً ، فحمل عنها ورافقها الطريق حتى وصلت بيتها، فقالت له (وهي لا تعرفه) يا بني أريد أن أبلغك إنه في مكة رجل يقال له محمد هو كاذب ومجنون فلا تتبعه ،فقال لها أنا محمد رسول الله يا أماه ، فقالت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ،هذه حقاً أخلاق الأنبياء وبهذه الأخلاق يتقدم الوطن وتكون أمة حية راقية ،أمة مستقلة قوية تهابها الأمم وقوة الأخلاق تبدو حين يختلف الأصدقاء فيما بينهم ،فيستخدمون نقاط الضعف والفجور في خصومتهم ،فيرمون بكل القيم الأخلاقية ربما لأتفه سبب ،وهذا ما ذكره الشاعر راتب سكر في ديوانه (أقرب من الأصدقاء أبعد من الخصوم) حيث نادى بالقيم الايجابية قبل السلبية وذلك لأنه مهتم بعالمه الجميل (عالم الصداقة) وعندما تحدث عن الخصوم راح يبوح بقصيدته (بطاقات شكر للخصوم)على إيقاع الألم والحزن معبراً بلفظة الشكر ،يقول:
(شكراً لنمام القبيلة)-(شكراً لكل خصومة)
فحسن الخلق يرفع منزلة صاحبه في الدنيا ،ويكسب محبة الناس له
إذن...فلا بد من أن يتحلى المرء ويتزين بالأخلاق الحميدة فعظمتها وقوتها وسيادتها الفعلية تجعل منه إنساناً حقيقياً جميلاً يساهم في بناء وازدهار المجتمع نحو الخير والأمان....

رزان القرواني