اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

لقاح ــ قصة قصيرة ...**هُدى محمد وجيه الجلاّب

تتأمل وجهَه القمحي، شَعره الفحمي وتبعد نظرَها عنه عنوة نحو أثاث الغرفة الهادئة، كي لا تُمْعن أكثر وتغوص في ملامحه الحلوة، خشية أنْ تصيبَه بالعين. العين المُحبّة تصيب أكثر، حسب بساطة ظنّها ..
في صمتِها الطويل تبوح بمخاوفها لموج ذات مضطربة ..
قبل أن يلحظ ابنها البريق المتدفّق، تمسح زوايا عينيها بأطرافِ أصابع بيضاء قصيرة، بسرعة تلتقط دموعاً قادمة مِن سراديب القهر.
يُنهي تناول وجبته، يقوم مِن مكانه، تنتفض قائلة بعنف غريب: - تعال يا حيوان.
تتابع: - لا تهرب، عليك أنْ تحمل صحنك وتنظفه، إلى متى سأخدمكم؟ لقد تعبت.

يرمقها بعينيه ساكتاً، كأنّ حواجبه تحاولان الإقلاع والطيران عن أرض جبينه العريض ..
يلوك لقمته الأخيرة، يدورها في فمه محاولاً ابتلاعها ويوغل التفكير بسطر غريب عن قاموس العائلة.
ما بال حلقي لا يفتح، اللقمة كبيرة كما يبدو، لا إنّها كالعادة.
يفرك صفحة وجهه الناعم وهو ما يزال يحاول تمرير ما بفمه إلى مري رافض استقبال تلك اللقمة العصيّة. مِن غير سؤال يحمل صحناً فارغاً إلاّ من حبّتي أرز على طرفه أو أكثر ..
دون النظر إلى وجهها، يُغادر الغرفة العابسة مُتوجهاً إلى مطبخ ملاصق لغرفة معيشة تغيرت ملامحها دون سابق إنذار. في رأسه أسئلة تشوش ذهنه المنشغل: ما القصّة؟
ينظر ملامح مرآته: - يا إله الكون أنا حيوان؟ هذه أول مرّة أسمع هذا الوصف مِن أمّي.
يصل إليه صراخها من جديد فيشعره بالرعب (دو) يقع الصحن الزجاجي مِن يده مُحدثاً صخباً في أرجاء المطبخ الصغير، يراقب القطع المتناثرة على الأرض، يبعد أقدامه الحافية عن أجزاء الصحن المنتحر، يميل فيسند كتفه برهة إلى جدار بارد.
- تعال يا جحش خذ بقية الأطباق لتكسرها، ألا تستطيع القيام بعمل واحد دون تخريب؟
تكمل بصوت أعلى: - طبعاً الدلال لا ينفع مع جيل اليوم.
لماذا تحوّلت نبرتها؟ أصبح صوتها خشناً كصوت جارتنا أمّ ليث التي تصرخ طيلة النهار على أولاد الحارة وعلى زوجها المغفل أثناء الليل، إيه والله العظيم حيّ الزاهرة طوله وعرضه لا يهدأ مِن صراخها المُزعج.
يتفّ جانباً: - أعوذ بالله أخشى أنْ تحضر عند ذكرها، تزيد طيننا بللاً، لأنّها ستحشر أنفها العريض كالعادة في كل أمر.
يتخيل كيف كانت أمّه تعامله، يعود ذهنه إلى يوم كسر فيه التلفاز الكبير: - انكسر الشر فداك، عمره انتهى لا تخف، ابعدْ كي لا تجرح يديك.
يسمع صراخَها من جديد فيصحو من شد حبال العبث. يخطو بشكل متعرج كي يتفادى قطع الزجاج ..
يولجُ رأسَه قبل جسده النحيل إلى الغرفة التي كانت في الأمس حنونة، تلك التي اعتادت دلال الموسيقى الرومانسية، عزف العود المنفرد وكلّ ما يبعث الدفء في الأوصال.
يميل رأسه، يمدّ رقبته الطويلة سارقاً نظرة خاطفة، ويرجع خائفاً إلى الوراء: - كأنّ ضغطها مرتفع؟ لون وجهها غير طبيعي، ربّما لأنها تسمن هذه الأيام، يا إلهي كيف ذلك لا أراها تأكل جيداً هذه الفترة؟
أكثر الوجبات تأكل لقمتين وتتابع نشرة الأخبار أو المسلسل اليومي الذي لا أدري متى سينتهي ونرتاح؟
يدخل برفقة قلقه. يقترب منها، يضع يداً مترددة على كتفها، بصوت متقطع: - قومي معي إلى عيادة الدكتور أو إلى الصيدلية أريد قياس ضغطك.
- من قال إنني مريضة يا أبله؟ هلْ شكوت لك ضعفي؟ مالك تحدق في وجهي؟ كأنّك تراني أول مرّة في حياتك.
مُرتجفاً: - استلقي على الأريكة قليلاً ريثما أحضر كأس ليمون.
يحمل بقية الأطباق، يمسح سطح الطاولة بمنديل ورق أبيض.
- هذه المناديل لمسح اليدين يا غبي ليست لتنظيف الطاولة، اركضْ إلى المطبخ، هات الليفة الزرقاء.
يستغرب أكثر لكن مثل البرق يرجع حاملاً ليفة صفراء مبلولة، الماء مع سائل الصابون يسيل على الأرض في خط ملحوظ.
- انتبه يا غبي ثمّ أ لمْ تسمع قلت الزرقاء؟
يعود إلى مطبخٍ مذهولٍ لتدخل قطعة زجاج بأسفل قدمه، لا يبالي بالدم المنساب، يتمّ عملَه مطبقاً شفاهه كي لا تطير كلمة متمردة تثير غضبها، تزيد حدّة الموقف الطارئ ..
يجمع قطع الزجاج في برميل القمامة ويغسل يديه شارداً ثم يعصر ليمونتين.
تدّعي أنّها تتابع التلفاز. في واقع دهاليز معتمة تشتعل وتفور:- أصبح شاباً ما هي إلاّ أيام ويذهب إلى الخدمة العسكريّة خوفي أنْ أكون سبباً في بؤسه هُناك، ربيته على الدلال والمعاملة الطريّة كالبنات.
بخوف ملحوظ يلبس ملامحها:- ماذا لو جاء ضابط وقال له تقدّم يا .. لا أعرف ما هي لهجته؟ هل ستحتمل أعصابه؟ هو من اعتاد كلمة حبيبي ..
تلتقط دمعة، تحكي معه في كواليس دواخلها: - تقبر أمّك يجب أنْ تعتاد قسوة البشر، هذه جرعة أولية ربّما حين يأتي وقت الخدمة تكون عودت سمعك على تلك الألحان، كي لا تُجلط من أول نداء.
تبكي بصمت، تنظر إلى صورة زوجها المرحوم: - ألا يكفينا أبوك الذي مات بالجلطة من قسوة الحياة.
يقترب منها، يناولها كأس الليمون ..
تتناول دون شعور. تغبّ بشكل غير طبيعي ..
يجلس على أريكة مقابلة، يراقبها خلسة: - لمْ تشكرني، حتى لمْ تنظر في سحنة وجهي، ترى هل رأت علبة السجائر في درجي؟ كيف ودرجي مقفول، هل رأت فاتورة التلفون؟ ثمّ لم تشرب مثل عمّي، الله لا يسمح ويأتي الآخر. يتف جانباً: - يا ويلي هذا الناقص ..
تتابع سير أفكارها. لمْ تشعر كيف تناولت الكأس مِن يده، تشد رقبة عريضة إلى الأعلى: - من اليوم سأكون شديدة قويّة، عندما يعود الصغير مِن المدرسة، سأبدأ خطتي الجديدة في التربية معه أيضاً. لا أعلم إن كنتُ على صواب، لكنني أرى أن اللين لا ينفع مع قسوة هذه الأيام، لا أريد أن تصرعهما مفارقات الحياة.
تعض يدها نادمة: - لكن ليته قطع لساني قبل أن أنعته بالحيوان.
في أول إجازة له عاد شخصاً مُختلفاً، لون وجهه برونزي لامع مِن حرق شمس تموز، كلّ ما فيه يطفح رجولة طاغية، جسده الرقيق بدا أقوى بكثير عن ذي قبل وحين هرب منه أخوه الصغير، التفت بعنف نمر متوحش قوي وصاح عليه مُعنفاً بصوت أجش مبحوح:- ولا، تعال يا كرّ.
ضاحكاً بحيويّة: - عذبت أمّك في غيابي يا جحش. ويدخل مُسرعاً كأنّه يسابق قفزات الزمن كي يخلع ملابسه العسكرية المُغبَرة.

*هُدى محمد وجيه الجلاّب

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...