اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

رؤية جديدة لمفهوم الشعر بقلم د. لامية مراكشي

« فهم العرب الشعر على أنه: "صناعة وضرب من النسج وجنس من التصوير»، وفي ظروف معقدة وملابسات مظلمة انتشر الشعر العربي الحديث متطورا تدريجيا وامتد سريعا معبرا عن حساسية التحول ورغبة التغيير، أصبح يفهم على أنه، « رؤيا والرؤيا بطبيعتها قفزة خارج المفاهيم السائدة، هي إذن تغيير في نظام الأشياء، وهي وسيلة الكشف عن القضايا الكلية التي تشغل الوجود البشري ».
أصبح أزلي، حيث وجد بوجود الإنسان ذاته «الشعر رافق الإنسان من أول نشأته، وتدرج معه من مهد حياته حتى ساعته الحاضرة، من الهمجية إلى البربرية إلى الحضارة إلى مدنية اليوم، تمشت الإنسانية والشّعر سميرها ومعزّيها ومشجعها ومقومها».

غير أنّ هذا الشّعر ليس بالضرورة أن يفهم على أساس الوزن والقافية أنّه كل نغمة ذات جرس موسيقي، ومشاعر إنسانية عمادها الكلمة أو الصورة.

وللشعر قيمة ووظيفة في الحياة، ومن ثم فعبثا يحاول النّاس التقليل من شأنه ما دام في الإنسان ميل إلى الغناء في حالتي الطرب والحزن، ومادامت اللّغة وسيلة التعبير عن العواطف والأفكار والآمال، وسيظل حاجة من الحاجات الإنسانية الروحية، إذ يجسم أحلامه عن الجمال والعدل والخير ومن خلاله يرسم الحياة كما تعشقها روحه .

من خلال ذلك فـ ـ: «عبثا حاول تولستوي* وسواه أن يحطّوا من مقام الشعر وينزلوه عن مملكته الإلهية إلى مملكة النسيان والخمول، عبثا نددوا به فعظموا آفاته وصغروا محاسنه ونهوا عن صرف الوقت في قرضه، مادام الإنسان إنسانا، مادام فيه ميل فطري إلى الغناء إن كان في الحزن أو الطرب ، ومادامت اللّغة واسطة لتصوير أفكاره والتّعبير عن عواطفه وآماله، فسيبقى الشّعر حاجة من حاجاته الرّوحيّة، لأنّه في الشّعر يجسّم أحلامه عن الجمال والعدل والحق والخير. وفيه يرسم الحياة الّتي تعشقها روحه ولا تراها عيناه ولا تسمعها أذناه حواليه بين هموم العالم الصّغيرة ومشاكله الكبيرة.

وللشّعر صفات وليس تعريفا دقيقا، إنه كلّ شيء في الحياة، لكن دون أن يقتصر على شيء معين؛ فهو يتبدى في نقطتين جوهريتين :
من حيث التركيب وتنسيق العبارات والأوزان والقوافي .
من حيث قوّة الحيويّة، القوّة خلاّقة، القوّة المندفعة دوما إلى الأمام.

فالشّعر في الحقيقة ليس الأوّل وحده ولا الثّاني فقط، بل هو كلاهما، الشّعر هو غلبة النّور على الظّلمة، والحق على الباطل، هو ترنيمة البلبل ونوح الورق، وخرير الجدول وقصف الرّعد..

الشّعر إذن انجذاب أبدي لمعانقة الكون بأسره والإتّحاد مع كل ما في الكون من جماد ونبات وحيوان، هو الذّات الرّوحية تتمدّد حتى تلامس أطرافها الذّات العالميّة»، ويضيف أنّ : الشّعر تعبير عن معاناة الإنسان وتجربته مع قوى الحياة من خير وشر، وتفاؤل وتشاؤم، وحق وباطل، وروح ومادة، وسعادة وشقاء، وبالإجمال، الشّعر هو الحياة باكية وضاحكة، وناطقة وصامتة، ومولولة ومهلّلة، وشاكية ومسبّحة، ومقبلة ومدبرة .

الشّعر: « تعرفه إبرة الخيّاط ومطرقة الحدّاد وزاوية البنّاء ومنجل الحاصد ومحراث الزّارع. تعرفه خلوات النّساك وقصور الملوك وأكواخ الفقراء. تعرفه القلوب المنكسرة المجرّدة من أفراح الدّنيا، والقلوب المفعمة بملذّات العالم وشهواته ».

إن الشّعر ليس شيئا محدّدا معيّنا. بل هو : كل ما في هذه الدّنيا من خير وشر، وسعادة وشقاء، وروح ومادة، هو الحياة جميعها بكلّ ما تتّسع له من ثنائيّة وتناقض، هو روح الكائنات وجوهرها، لفظها ومعناها، أولها وآخرها، هو في آخر الأمر التّجربة الإنسانية كلّها على هذه الأرض منذ ولد الإنسان إلى يوم يموت.

إن الشّعر يرتفع إلى أعلى مكان وأرفع منزلة وهو سبيل لتصوير الحياة بكل ما فيها، والشّاعر بواسطة الشّعر يستطيع أن يبلغ أرقى المراتب الإنسانيّة، ويستطيع كذلك أن يعانق الكون بواسطته، وهوإتّحاد صّوفي بالكون، وإنجذاب رّوحي في عالم الخيال، وتّطلع إلى المعلوم والمجهول، إلى ما هنالك من خطرات فلسفيّة.

فالشّعر قد يخاطب وجدان الإنسانيّة وبإمكان الشّاعر القدير أن يمسّ أحاسيسنا ويهزّ عواطفنا بالسّرور والإبتهاج، أو بالكآبة والحزن متى توفّر على الموهبة الشّعريّة، الّتي تخوّل له أن يعبّر عن العواطف والأحاسيس الإنسانيّة النبيلة، ومتى توفرت لديه المقدرة على الغوص في أعماق الإنسان ووجدانه .

عموما يمكن القول ، بأنّ – الشّعر– لم يعد مجرد تكلّف وصنعة، أو وسيلة من الوسائل ، الّـتي تقرّب الشّاعـر من بلوغ غاياتـه الماديّة كما كان سائدا في الـعصور غاياته المادية كما كان سائدا في العصور الماضية، بل أصبح يكشف عن طبيعته ودوره الجديدين، وفق رؤية أكثر تماسكا مع حساسية الحياة الحديثة.

والآن ماهي وظيفته أهي غاية في ذاتها "بمعنى الفن للفن" ؟ أم أنّ الشّعر ينبغي أن يكون خادما لحاجات الإنسانيّة ؟ أو أنّه لا يخرج عن كونه زخرفة كلاميّة؟ إذا لم يتوفّر فيه هذا الشّرط، : « فالشّاعر لا يجب أن يكون عبد زمانه ورهين إرادة قومه، ينظم ما يطلبونه منه فقط، ويفوه بما يروقهم سماعه. وإذا كان هذا ما يعنيه أصحاب المذهب الأوّل فلاشك إنّهم مصيبون . لكننا نعتقد في الوقت نفسه أنّ الشّاعر لا يطبق عينيه، ويصم أذنيه عن حاجات الحياة ... ».

هذا المفهوم يبيّن أنّ مزيّة الشّعر تكمن في الشّعر نفسه، أما مزيّته الكبرى فهي الجمع بين نظريّة" الفن للفن" و"الفن للمجتمع"؛ لذلك فإنّ الشّاعر لا يجب أن يكون عبد زمانه ورهين إرادة قومه ... لكن يلزم الإعتقاد في الوقت ذاته أنّه لا يجب أن يعرض عن حاجات الحياة، وينظم ما توحيه إليه نفسه فقط، ومادام يستمد غذاء لقريحته من الحياة فهو لا يقدر إلاّ أن يعكس أشعّة تلك الحياة في أشعاره.

لقد أعلن الشعر الجديد حربا على الشّعر الإحيائي* وانحطاطه حيث أنكر أن يكون للعرب شعراء يوازون الشّعراء الغربيّين أمثال شكسبير وموليير، لهذا فالإنحطاط الّذي انتهى إليه الشّعر إلى الشّاعر العربي نفسه لا يعود للشاعر بل للنظّام الذي يقلّد الأقدمين فيما جروا عليه من وصف أشعارهم واستعمال لغتهم الّتي لا تمسّ الحياة اليومية.

« أليست تلك الأجيال التي مرّت بنا ولم نبد في خلالها أمارات الحياة ولم تسمع لأنباظنا دقة في جسم الإنسانية، سببا كافيا لحمل العالم على الاعتقاد بموتنا الأدبي». لتفادي هذا الانحطاط، ريجب التركيز على مهمة الشّاعر وهي"الابتعاد عن التقريرية" أو التسّطيح ، لأنها توقع الشّاعر في شرك النظم، كما أنّه يجب الاهتمام بـ " صدق العاطفة " في كل أثر أدبي وفي الشعر على الخصوص ، لأن جمود الأدب العربي يرجع إلى انعدام هذه الخاصية ، وهي " الإخلاص" فيما يقول الشاعر أو الأديب أي الصوت الداخلي الذي يولد بين أنامله والقلم تجاذبا بين المغناطيس والحديد.

«فلو كان عندنا إخلاص فيما نقول وما نفعل وما نكتب، لو كنا نفهم بعضنا البعض لكانت حياتنا على غير ما هي اليوم. لكن ... بردون أفندم!».

إذن هناك عنصرا مهيمنا على عموم الشعر الجديد ، إنّه ارتباط الشعر بالحياة والتعبير عنها. لا بل الامتزاج بالكون، فيرى الشاعر نفسه في كل شيء، ويرى كل شيء في نفسه، ومادامت الحياة بكل معانيها وصورها ومشاهدها وكائناتها ليست إلاّ حقيقة واحدة، فالشعر إذن هو هذه الحياة ذات الحقيقة الواحدة.

« وإذ أنّ العواطف والأفكار هي كل ما تعرفه من مظاهر النفس، فالشعر إذن هو لغة النفس، والشاعر هو ترجمان النفس».

وهذا إعلان عن الثورة على الزحافات والعلل وما جرّته على الشعر العربي من تقليد وجمود . فمادام الشعر طيّ النفس فما على الشعراء إلاّ أن يعكفوا على درس أنفسهم ويتفقدوا زواياها وخباياها، ويعبروا عن عواطفها وأفكارها.

إذن الشعر يتجه أساسا إلى التعبير عن عوالم الشاعر وأحاسيسه الداخلية، بخلاف الشعر الكلاسيكي الذّي يركز جل عنايته على العالم الخارجي.

ربما يتوهم في نظر أي دارس للتعبير عن الأحاسيس والعواطف اتجاها للفردية في الفن.ولكن في الحقيقة يمكن القول إن هذا تلمسا للفردية، لكنها ليست الفردية التي تعنى العزلة عن روح الجماعة، لأن الفرد في المجتمع الإنساني الحديث قد أصبح جزء من بناء كبير، لا يستطيع أن ينسلخ عنه إلا بمقدار ما تستطيع الخلية أن تنسلخ عن بقية الخلايا في نسيج الكائن الحي، ولا يمكن أن يسمى الفن فنا إلاّ إذا قام على هذه الحقيقة التي أصبحت من مسلمات الدّراسات الأدبية والنقدية ، ولا سبيل الآن إلى وجود كاتب أو شاعر يقدم لنا عملا لا نرى فيه أنفسنا ولا نحس من خلاله بأنه يتحدث عنّا.

على ضوء هذه الحقيقة نتوصّل إلى أن ترجمة النفس والاتصال الوثيق بالحياة، وبما تشمل عليه من مظاهر وأشكال وأحوال هي بالضبط إحساس بالحياة، جزئياتها وكليّاتها، آلامها وآمالها، أشكالها المادية والروحية على السواء . فهي ليست شعورا ذاتيا محضا ، بل هي شعور إنساني عام يتكيف بنفس الشاعر الخاصة .

وعلى هذا فالقول بأن الشعر ترجمان النفس لا يدْعُ إلى الانكماش والذاتية، بل دعوة دائما إلى ألا يقول الشاعر شعرا في موضوع إلا ّ إذا شعر به ، شعورا صادقا في تعبيره، ومن أن ينظم بالتالي شعرا رفيعا، لأنه إذا فقد الشاعر هذا الصدق في التعبير نتيجة لفقدان الإحساس الصادق عجز عن تأدية رسالته المنتظرة منه.

لعل ذلك سر اهتمام الشعراء الحداثى الشديد بالأحاسيس والعواطف والأفكار وكذلك في الدراسات النقدية . وهذا الاهتمام نابع من مفهوم الشعر ، لأنه إذا كان الشعر " ترجمان النفس" ، فإنه ليس بغريب مطلقا أن يقوم هذا الشعر عن الأحاسيس والعواطف، الذين هما أساس كل تجربة إنسانية.

معنى هذا كله أنّه يسقط من حساب أي شاعر محدث شعر التقليد الذّي لا يمكنه أن يرقى إلى تلك الأهداف، فمن خلال هته الرؤية الجديدة إلى طبيعة الشعر ودوره، شاع مناخ شعري جديد ، بهذا فقد أدينت القصيدة التقليدية وأطلقت القصيدة الجديدة حداثتها من الداخل، أي من أعماق النص الشعري .

ففي إدراكنا لمصدر الشعر وجوهره فمصدره طي النفس وزواياها وخباياها، وجوهره التعبير عن الحياة والكشف عن آفاقها إلى ما يجعلنا نلمس تطورا في هذه القضية النقدية.

« لأن الشعر، في تطوره الأرقى صار، رؤيا للحياة والكون تختزل تجربة الشاعر الكيانية في شكل حسي شديد الدلالة. وهكذا تستمد القصيدة الحديثة حيويتها لا من إنجاز عروضي شكلي بل من تجسدها لرؤيا شعرية تخصّ الشاعر، ويترشح عنها موقفه الفني والفكري، في بنية حسية تعبيرية».

* د. لامية مراكشي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...