بقلم: د. لينا الشّيخ - حشمة
تأخذنا فردوس في رحلة وجدانيّة في واقع يغمره الاغتراب والتّشظّي، موجوعًا بقلق البحث عن الخلاص والسّكينة، ليمسي الشعر مخاضَ قصيدةٍ تشقُّ رحم معاناتها، خارجةً من صخب داخليّ نازفٍ، يضجّ باندفاعه نحو الكشف والاعتراف.
ولمّا كان العنوان أهمّ عناصر النّصّ الموازي، مثلما يعتبره "جينيت"، وعتبته الأولى، فإنّ الكاتبة لم تختر عنوانها بشكل اعتباطيٍّ، بل أجهدت نفسها في اختياره في عمليّة ميتاشعريّة نقديّة، لتختار عنوان قصيدتها الخامسة والعشرين "حبرٌ على قلق" عنوانًا لمجموعتها. ولعلّ العنوان يذكّرنا بالعبارة الشّائعة "حبرٌ على ورق"، والّتي تعني "الكلام الّذي لا يعتدّ به ولا فائدة منه". فهل حبرها الّذي تكتبه على قلق، سينزف دون فائدة أو طائل؟ أليست هناك من تضحية لأجل سكينةِ نفسٍ وخلاصِ روحٍ؟ ولأجل توقها هذا تهدي كتابها: "إلى من سكبوا أرواحهم ذهبًا في جروح النّاس".
وكمثل الحبر المذاب في الماء في أقلام الحبر، هكذا هو قلق فردوس مذاب في قلمها، فليس حبرها مكوّنًا من أصباغ كيماويّة، إنّما هو خليط من أوجاع وجوديّة وقلقٍ حزين. وما الحبر هنا إلّا فعل الحبر أي الكتابة، وما الكتابة إلّا بوح، والبوح انعتاقٌ وكشفٌ. وإذا كان الماء يوجع في "وجع الماء"، ديوانها السّابق، فإنّه هنا ما زال ينزف، لا بل تغلغل في حبر القلق. وإذا كان واقعنا ينزف حاضرًا دمويًّا ومستقبلًا قلِقًا، فكيف لا يغدو نصّ فردوس مرآة له لترسم بريشة كلّها قلق ووجع؟!
تتكشّف تفاعلات شعر فردوس الكيماويّة بأصباغها المكوّنة من الأرق والاضطراب والحيرة على لوحة الغلاف، إذ يتبدّى لنا شخص جالس كما يبدو إلى طاولة، لكنّه لا يجلس منتصب الظهر معتدلًا، بل منحني الظّهر باديًا في حالة من الاضطراب حيث يرفع يديه باتّجاه وجهه وكأنّه ينفضه عنه أو يحمي نفسه من أوجاع القلق، ليدلّ لون جسده الأسود على العتمة التي تسكن فيه، مقابل الأزرق الّذي يرشق وجهه وهو بلا شكّ الحبر. وعلى الرغم من أنّ اللّون الأزرق هو لون السّكينة والهدوء النّفسيّ، إلّا أنّه هنا اختير ليدلّ على الحبر الأزرق المستخدم للكتابة، دون أيّة دلالة للّون. والسّؤال الّذي قد يراود القارئ حول صاحب القلق ودوافعه: هل هو قلق شاعرة حيال تجربتها الشّعريّة؟ هل هو قلق أنثى في وجودٍ يقمعها ويهمّشها؟ أم هو قلق إنسانيٌّ في هذا الزمن؟ وقد يكون غياب المرأة عن صورة الغلاف هو الإجابة عن هذه التّساؤلات. فلماذا لم تكن المرأة هي سيّدة الغلاف؟! لأنّ الشّاعرة اختارت الرّجل لتعميم الدّلالة، ولأنّه قلق إنسانيٌّ عامّ. وتعكس فردوس هذا القلق للأنا الشّعريّة وسهادها في قصيدتها الّتي تحمل عنوان الكتاب. وليس القلق إلّا سمة بارزة للاغتراب النّفسيّ والّتي تكشفه في كثير من القصائد، ولعلّها تصل إلى أقسى درجات القلق والاغتراب في قصيدة "نكران" حين تنكر على نفسها أنوثتها بقولها: "فما حاجتي بالأنثى... وطني أنا لا ليس لي".
تكشف القصائد عن شعريّة التّضادّ كملمحٍ حداثيٍّ حيث تتشكّل القصائد من لوحات ذات ثنائيّة متناقضة، كاشفة عن الشّرخ والانشطار الذّاتيّ. فتكاد لا تخلو قصيدة من الثّنائيّة الضّدّيّة، لتكون عنصرًا فاعلًا في تكوين الصّورة الشّعريّة كتعبير عن حالة التّشظّي والتّشرذم الّتي يعيشها الفرد في زمننا هذا، فترسم القصائدُ صراعاتِ النّفس في متاهاتها وتساؤلاتها الكئيبة، مغتربة عن ذاتها وعن عالمها القبيح، ليكون الحلم في السّعي إلى الخلاص نحو عالم الخير والحقّ والجمال.
تأخذنا فردوس منذ صفحة الكتاب الأولى، وضمن عتبات كتابها المهمّة، إلى دائريّة التّضادّ، حيث تكشف فيها من خلال آليّة الميتاشعر عن رؤيتها للشّعر، وكأنّها تتقمّص دور النّاقدة، حيث تضع نفسها تحت المجهر، تغوص في دواخلها، متفحّصة: "ماذا يعني أن تكتب شعرًا"، كاشفة عن خفايا تجربتها الشّعريّة وما تحمله من كشف عنها، تصوّراتها، وتعريفها للشّعر. ولعلّها في قصيدة "سؤال" تجول في متاهات تساؤلات تغزوها عن جدوى الكتابة وجدوى الشعر، عمّن تكتب؟ ومن يستحقّ قصيدتها؟ إلّا أنّ الميتاشعريّة الأبرز نجدها في الصّفحة الأولى، والّتي تغلّفها بحضور تضادّ وجدليّة ثنائيّات.
وكأنّها تؤكّد قول الشّاعر أدونيس: إنّ "الشّعر لا ينمو إلّا في نوع من الجدليّة الضّدّيّة أو التّناقضيّة"(سياسة الشعر، 1985: ص 16)، لتصرح هي: "أن تكتب الشّعر يعني أنّ دفئًا ما يمور في عروقك أنت، يثير قشعريرة غيرك؛ يعني أنّ سلامًا ما هناك في عمق عمقك يعيث فيك حربًا... أن تكتب الشّعر يعني أنّك تموت وتحيا بكلمة وتُميت وتُحيي بكلمة".
وإذا كانت الشّاعرة تبحث عن جدوى وجودها وغاية شعرها، فإنّها تعكس تساؤلات الإنسان عن أسرار وجوده وبحثه عن اليقين. ولمّا أخذ الإنسان الحداثيّ يبحث عن جوهر مصيره اندفع إلى التّجربة الصّوفيّة كظاهرة إنسانيّة عامّة،ليست محصورة بدين أو حدود مادّيّة زمانيّة أو مكانيّة، وذلك لما تفتحه هذه التّجربة من آفاق جماليّة ومعرفيّة ووجوديّة جديدة، وعلى رأسها أفق السّؤال عن المصير الإنسانيّ.
فثمّة علاقة وثيقة بين هويّة الإنسان وهويّة الشّعر وهويّة التّصوّف؛ حيث يجمعها جميعًا روح السّؤال الإنسانيّ اللّا منتهي، والتّوق إلى الخلاص نحو عالمٍ أجمل.
وليس الشّعر بعيدًا عن المفهوم الإنسانيّ العامّ للتّصوّف بوصفه استبطانًا لتجربة روحيّة ومحاولة للبحث عن الحقيقة وتجاوز هذا الوجود؛ فالشّعر لا ينبع من جمودٍ وثبات، إنّه الرّفض والقلق المستمر الدّؤوب نحو اليقين، لتتعالق التّجربة الشّعريّة والصّوفيّة وتتماثلا.
وإذا كانت فردوس كشاعرة قد تأثّرت بالصّوفيّة في سعيها إلى الوصول إلى الحقيقة، وفي معاناة نفسها المتشوّقة إلى الخلاص، فإنّها تتقاطع كذلك مع ذاتها الأنثى، فهو توق الأنثى إلى الانعتاق من الاضطهاد والقهر في مجتمع ذكوريّ قامع، والتّحرّر من صليبٍ أنهكها بالنزف وكثرة الأوجاع.
وكأنّي بفردوس قد أدركت في خضمّ مسيرتها الشّعريّة مدى حضور التّصوّف في الشّعر المعاصر، وتوظيف ظواهر النّزعة الصّوفيّة فيه، فقد بدت متأثّرة بأفكار الصّوفيّة عامّة. ولعلّي أرى الشّاعر الصّوفيّ "الحلّاج" بأفكاره ومفرداته، حاضرًا في تجربتها، إذ يعتبر المبتكر الأوّل لمصطلحات التّصوّف، جاعلًا من الحبّ الإلهيّ فلسفة كاملة، فتعتمد فردوس الكثير من مفردات الصّوفيّة، جاعلة منها موتيفات تتكرّر في قصائدها. ومن قصائد النزعة الصوفية نجد "على أهبة الشّوق"، "على الطّريقة الصّوفيّة"، "معراج الرّوح"، "ملامح" وغيرها.
ولما كان الحبّ هو عنوان التّصوّف وأساس فلسفته فإنّها بدت مسكونة به، مثلما يتّضح في معظم قصائدها. وفي حبّها هي لا تستكين ولا تطمئنّ، كصوفيٍّ عاشقٍ. وعشقها رحلة من المعاناة والقلق. وفي قصيدة "في الحبّ" تقرن الحبّ بنبض الشّعر، فإذا ما صمت قلبها عن هوى الحبيب صمتت قصائدها. وفي قصيدة "اقتراف" تعلن اقترافها لهذا البوح، فهي ليست ممّن يتقنون الصّمت. من هنا ندرك أنّ فردوس، هي الأنثى التي تعي دورها في الواقع الذّكوريّ السّلطويّ، رافضة الصّمت والخضوع، مدركة أنّ قوتها في حرفها وبنبض الشّعر.
ولعلّنا هنا نكشف عن شهرزاد الّتي تتقمّصها فردوس؛ فالحرف كلمةٌ، والكلمة بوحٌ، والبوح قوّةٌ ورفضٌ، فتُخرِج صوت شهرزاد من داخلها، واعية لقوّة بوحها وسلاحها. وبدافع حرصها على وجوب استمرار معركتها كأنثى حتّى يتحقّق الانعتاق لها، توصي ابنتها في قصيدة تنظمها لها بعنوان "العروب": أن تكون صوت الحقّ مهما كان صوت الظلم أقوى. ولعلّها في قصيدة "هل نستحي؟" تكشف ازدواجيّة مجتمع يريد الأنثى حبيسة أعرافٍ وتقاليد، منشغلًا بالتّحريم والمنع، يرى صوت المرأة عورة، وسؤالها عيبًا، وحبّها حرامًا. ولعلّها في قصيدة "لكلّ إنس ما نوى" تعتمد التّناصّ مع قصيدة "خبز وحشيش وقمر" للشّاعر "نزار قبانيّ" ، ثمّ تنتقد العروبة في "جريمة حرف"، لتكشف فيها وفي غيرها من القصائد، حالة البؤس والخراب الّتي وصلنا إليها.
لا غرو إذًا أن نجدها في قصيدة "امرأة من ريح" تكشف عن تيهها وتشرذم ذواتها، تنبش صورها واحدةً واحدةً، تبحث عن ذاتها؛ عن واحدة تشبهها، متسائلةً: "كيف تكون داخلَها ولا تكون"؟ فلقد كانت هناك، لكنّها لم تكن هي. وليست هذه الحالة إلّا انفصال الذّات عن الذّات وانشطارها كسجينة في ذات متشظّية منكسرة، وكأنّي بها في ظلّ هذا التّيه الدّافع إلى الغثيان، تقع في متاهة السّؤال الشّكسبيريّ الوجوديّ نفسه الّذي طرحه هاملت: "أن تكون أو لا تكون"، كرمز مجسِّد لشخصيّة الفرد الحداثيّ التّائه الّذي لا يمثّل كينونة واحدة مطلقة.
هكذا نجحت فردوس في عدد من قصائدها، في تخطّي القصيدة التّقليديّة، من خلال قصيدة التّفعيلة وقصيدة النّثر، منطلقة نحو الحداثة كشكلٍ ورؤيا تساؤلٍ واحتجاج ورفضٍ، إنّها خطاب التّساؤل والتّعدّد الدّلاليّ، خطاب القراءة المفتوحة الآفاق.
وفي ملاحظة أخرى، تهمّني الإشارة إليها، وقد يكون ذلك للشّعراء والأدباء عامّة، حبّذا لو نهتمّ قبل إصدار ديوان أو رواية أو مجموعة قصصيّة، إضافة طبعًا إلى الاهتمام بالتّنقيح اللّغويّ النّحويّ، بوضع همزة القطع، لأنّه شتّان ما بين الألف والهمزة؛ ووضع الشدّة لأنّ الشدّة تعني إدغام حرفين، وعدم استخدامها يعتبر خطأ لغويًّا، إضافة إلى تنوين النّصب حيث يجب أن يوضع، وفي موقعه الصّحيح. وقد يكون هذا النداء أولى بدور النشر في أن تأخذ دورها، وتراقبَ ما تنشره.
كتب المحامي حسن عبّادي مقالة نقديّة في موقع "بقجة" في 2016/03/29 عن ديوانها السّابق "وجع الماء" مخاطبًا إيّاها: "آن الآوان يا فردوس لتتحرّري من تلك القيود، لتتحدّثي (من الحداثة) لتتحدّي كونك الضّحيّة لأنّك امرأة"، "فكّي القيود وانطلقي". ولا شكّ أنّ حسن عبادي كان محقًّا في ذلك بالنّسبة إلى ديوانها السّابق، إلّا أنّني أؤكّد أنّ فردوس في ديوانها هذا نجحت في الانطلاق، محقّقة قفزة نوعيّة واضحة في عدد من قصائدها، لكنّها في عددها الأكبر ما زالت تتخبّط بين الوضوح والشّعاراتيّة والأيديولوجيّة المباشرة.
من هنا، تتفاوت القصائد بين تقليديّة، وأخرى من شعر التفعيلة وقصيدة النّثر؛ وبين رمزيّة موحية، توحي أكثر ممّا تقول، تعتمد الحداثة، كتوظيف التّناصّ، التّراث، التّصوّف، التّضادّ، الرّمز الميتاشعريّة وغيرها، وأخرى تقول مصرّحة بخطابيّة واضحة، وبتكرار للأفكار والمفردات. الأمر الّذي يوضح أنّها، وإنْ بدأت تخطو خطواتها نحو الشّعر الحداثيّ، فإنها ما زالت تصقل هويّتها كشاعرة.
ولعلّها تصرّح بذكاء من خلال آليّة الميتاشعر في غلاف الكتاب الأخير، مشيرة إلى هذا، كنوع من الدّفاع قبل إصدار الحكم من قبل القارئ، فتقول: "ما زلت أقترف نصًّا بريئًا لا حول له ولا قوّة، نصًّا أشبه بطفل يعيش على سجيّته، يمارس حقّه في الخطأ والسّقوط. ومع كلّ خطوة تتّضح المسافات بين السّقوط والسقوط.. ليصير طفلي رجلًا يتقن الخطايا المباحة، ولتبق القصيدة حبرًا على قلق".
هكذا تكشف فردوس عن ممارستها لدور النّاقدة المعلّقة الأولى لشعرها، في عمليّة واعية ومحسوبة. وعليه، تؤكّد ما ذكرته من أنّ شعرها ما زال طفلًا، وهو في دروبه الأولى، يحبو متلمّسًا طريقه. لكن، لا بدّ يومًا، وبلا شكّ، وكما أعهد فردوس، أن ينضج طفلها ليمسي شاعرًا له حضوره المتميّز وقلمه المتألّق.
ولذا، عزيزتي الشّاعرة الأنثى، انطلقي أكثر، لا تتقيّدي، ثوري وحطّمي كلّ القيود، وليكن داخلك حريقًا من جدليّة الشّعر وحياة لا تستكين. حوّلي عبارتك في الصّفحة الأولى والّتي تقول: "الشّعر هو أنت وضدّك متصالحين"، اجعليها: "الشّعر هو أنت وضدّك والآلهة بينكما"، وعذرًا، إن كنت ستأخذين كلمتي على منحى الكفر، فما الآلهة الّتي أقصدها هنا إلّا كرمز للصّراعات الجدليّة المتضادّة، بين قوى متنازعة، لأنّك إنْ تصالحْتِ في الشّعر سكنْتِ، وإنْ سكنتِ خمد إبداعُك وصمت صوتُك. تذكّري ما قاله أدونيس عن جدليّة التّضادّ، وخذي من صلاح عبد الصبور حزنه الّذي لا يستكين، وخذي من صخب الآخرين، لأنّ شعرهم هو الصّخب في صمت الحياة وعدلها. دعي الآلهة بينك وبين ذاتك، فلا تستكيني في تصالح أناكِ وأناك الضّدّيّة، فهناك سيكون المخاض، وهناك ستنبع قدرتك على رسم هذا الوجود القلق بعلاقاته المتوترة وبإشكاليّاته دون خطابيّة وشعاراتيّة واضحة.
لا تجعلي جغرافيّة شعرك الّتي ذكرتها في الصّفحة الأولى "أن تقع في الشّعر يعني أن تملك القدرة على تطويع الحرف والجغرافيا"، جغرافيّةً محصورةً في حدود مكانيّة واضحة، فالحداثة تتخطّى حدود المكان كشكلٍ من أشكال القيود والسّلطة، وهي لا تعترف بالأبعاد والحدود، إنّه عالم التّخطّي والتّجاوز، والسّعي وراء المطلق. فطوّعي الألمَ الإنسانيّ الكونيّ، وانطلقي نحو الإنسانيّة العالميّة كالشّاعر محمود درويش. فما قتلنا غير الجغرافيّة المحدودة وخطابيّتها الملتزمة المباشرة، فتشوّهت القضيّة وقضايانا. لا تحصري شعرك يا فردوس في بوتقة الخطابيّة الأيديولوجيّة. واعملي بقول الشّاعر "أدونيس"، والذي قال في كتابه "سياسة الشّعر" (1985): "لا يجوز للشّاعر أن يخضع كتاباته للمقتضيات الأيديولوجيّة والسّياسيّة، فقيمة العمل الشّعريّ تكمن في مدى قدرته على جعل اللّغة تقول أكثر ممّا تقوله عادة، أي على خلق علاقات جديدة بين اللّغة والعالم، وبين الانسان والعالم... ودور الشّعر هو في كونه خرقًا مستمرًّا للمعطى السّائد" (ص 20-21)، وليكن نصّك يا فردوس نصًّا فردوسيًّا حقًّا، وطوباويًّا إنسانيًّا من غير مكان أو قيد.
تأخذنا فردوس في رحلة وجدانيّة في واقع يغمره الاغتراب والتّشظّي، موجوعًا بقلق البحث عن الخلاص والسّكينة، ليمسي الشعر مخاضَ قصيدةٍ تشقُّ رحم معاناتها، خارجةً من صخب داخليّ نازفٍ، يضجّ باندفاعه نحو الكشف والاعتراف.
ولمّا كان العنوان أهمّ عناصر النّصّ الموازي، مثلما يعتبره "جينيت"، وعتبته الأولى، فإنّ الكاتبة لم تختر عنوانها بشكل اعتباطيٍّ، بل أجهدت نفسها في اختياره في عمليّة ميتاشعريّة نقديّة، لتختار عنوان قصيدتها الخامسة والعشرين "حبرٌ على قلق" عنوانًا لمجموعتها. ولعلّ العنوان يذكّرنا بالعبارة الشّائعة "حبرٌ على ورق"، والّتي تعني "الكلام الّذي لا يعتدّ به ولا فائدة منه". فهل حبرها الّذي تكتبه على قلق، سينزف دون فائدة أو طائل؟ أليست هناك من تضحية لأجل سكينةِ نفسٍ وخلاصِ روحٍ؟ ولأجل توقها هذا تهدي كتابها: "إلى من سكبوا أرواحهم ذهبًا في جروح النّاس".
وكمثل الحبر المذاب في الماء في أقلام الحبر، هكذا هو قلق فردوس مذاب في قلمها، فليس حبرها مكوّنًا من أصباغ كيماويّة، إنّما هو خليط من أوجاع وجوديّة وقلقٍ حزين. وما الحبر هنا إلّا فعل الحبر أي الكتابة، وما الكتابة إلّا بوح، والبوح انعتاقٌ وكشفٌ. وإذا كان الماء يوجع في "وجع الماء"، ديوانها السّابق، فإنّه هنا ما زال ينزف، لا بل تغلغل في حبر القلق. وإذا كان واقعنا ينزف حاضرًا دمويًّا ومستقبلًا قلِقًا، فكيف لا يغدو نصّ فردوس مرآة له لترسم بريشة كلّها قلق ووجع؟!
تتكشّف تفاعلات شعر فردوس الكيماويّة بأصباغها المكوّنة من الأرق والاضطراب والحيرة على لوحة الغلاف، إذ يتبدّى لنا شخص جالس كما يبدو إلى طاولة، لكنّه لا يجلس منتصب الظهر معتدلًا، بل منحني الظّهر باديًا في حالة من الاضطراب حيث يرفع يديه باتّجاه وجهه وكأنّه ينفضه عنه أو يحمي نفسه من أوجاع القلق، ليدلّ لون جسده الأسود على العتمة التي تسكن فيه، مقابل الأزرق الّذي يرشق وجهه وهو بلا شكّ الحبر. وعلى الرغم من أنّ اللّون الأزرق هو لون السّكينة والهدوء النّفسيّ، إلّا أنّه هنا اختير ليدلّ على الحبر الأزرق المستخدم للكتابة، دون أيّة دلالة للّون. والسّؤال الّذي قد يراود القارئ حول صاحب القلق ودوافعه: هل هو قلق شاعرة حيال تجربتها الشّعريّة؟ هل هو قلق أنثى في وجودٍ يقمعها ويهمّشها؟ أم هو قلق إنسانيٌّ في هذا الزمن؟ وقد يكون غياب المرأة عن صورة الغلاف هو الإجابة عن هذه التّساؤلات. فلماذا لم تكن المرأة هي سيّدة الغلاف؟! لأنّ الشّاعرة اختارت الرّجل لتعميم الدّلالة، ولأنّه قلق إنسانيٌّ عامّ. وتعكس فردوس هذا القلق للأنا الشّعريّة وسهادها في قصيدتها الّتي تحمل عنوان الكتاب. وليس القلق إلّا سمة بارزة للاغتراب النّفسيّ والّتي تكشفه في كثير من القصائد، ولعلّها تصل إلى أقسى درجات القلق والاغتراب في قصيدة "نكران" حين تنكر على نفسها أنوثتها بقولها: "فما حاجتي بالأنثى... وطني أنا لا ليس لي".
تكشف القصائد عن شعريّة التّضادّ كملمحٍ حداثيٍّ حيث تتشكّل القصائد من لوحات ذات ثنائيّة متناقضة، كاشفة عن الشّرخ والانشطار الذّاتيّ. فتكاد لا تخلو قصيدة من الثّنائيّة الضّدّيّة، لتكون عنصرًا فاعلًا في تكوين الصّورة الشّعريّة كتعبير عن حالة التّشظّي والتّشرذم الّتي يعيشها الفرد في زمننا هذا، فترسم القصائدُ صراعاتِ النّفس في متاهاتها وتساؤلاتها الكئيبة، مغتربة عن ذاتها وعن عالمها القبيح، ليكون الحلم في السّعي إلى الخلاص نحو عالم الخير والحقّ والجمال.
تأخذنا فردوس منذ صفحة الكتاب الأولى، وضمن عتبات كتابها المهمّة، إلى دائريّة التّضادّ، حيث تكشف فيها من خلال آليّة الميتاشعر عن رؤيتها للشّعر، وكأنّها تتقمّص دور النّاقدة، حيث تضع نفسها تحت المجهر، تغوص في دواخلها، متفحّصة: "ماذا يعني أن تكتب شعرًا"، كاشفة عن خفايا تجربتها الشّعريّة وما تحمله من كشف عنها، تصوّراتها، وتعريفها للشّعر. ولعلّها في قصيدة "سؤال" تجول في متاهات تساؤلات تغزوها عن جدوى الكتابة وجدوى الشعر، عمّن تكتب؟ ومن يستحقّ قصيدتها؟ إلّا أنّ الميتاشعريّة الأبرز نجدها في الصّفحة الأولى، والّتي تغلّفها بحضور تضادّ وجدليّة ثنائيّات.
وكأنّها تؤكّد قول الشّاعر أدونيس: إنّ "الشّعر لا ينمو إلّا في نوع من الجدليّة الضّدّيّة أو التّناقضيّة"(سياسة الشعر، 1985: ص 16)، لتصرح هي: "أن تكتب الشّعر يعني أنّ دفئًا ما يمور في عروقك أنت، يثير قشعريرة غيرك؛ يعني أنّ سلامًا ما هناك في عمق عمقك يعيث فيك حربًا... أن تكتب الشّعر يعني أنّك تموت وتحيا بكلمة وتُميت وتُحيي بكلمة".
وإذا كانت الشّاعرة تبحث عن جدوى وجودها وغاية شعرها، فإنّها تعكس تساؤلات الإنسان عن أسرار وجوده وبحثه عن اليقين. ولمّا أخذ الإنسان الحداثيّ يبحث عن جوهر مصيره اندفع إلى التّجربة الصّوفيّة كظاهرة إنسانيّة عامّة،ليست محصورة بدين أو حدود مادّيّة زمانيّة أو مكانيّة، وذلك لما تفتحه هذه التّجربة من آفاق جماليّة ومعرفيّة ووجوديّة جديدة، وعلى رأسها أفق السّؤال عن المصير الإنسانيّ.
فثمّة علاقة وثيقة بين هويّة الإنسان وهويّة الشّعر وهويّة التّصوّف؛ حيث يجمعها جميعًا روح السّؤال الإنسانيّ اللّا منتهي، والتّوق إلى الخلاص نحو عالمٍ أجمل.
وليس الشّعر بعيدًا عن المفهوم الإنسانيّ العامّ للتّصوّف بوصفه استبطانًا لتجربة روحيّة ومحاولة للبحث عن الحقيقة وتجاوز هذا الوجود؛ فالشّعر لا ينبع من جمودٍ وثبات، إنّه الرّفض والقلق المستمر الدّؤوب نحو اليقين، لتتعالق التّجربة الشّعريّة والصّوفيّة وتتماثلا.
وإذا كانت فردوس كشاعرة قد تأثّرت بالصّوفيّة في سعيها إلى الوصول إلى الحقيقة، وفي معاناة نفسها المتشوّقة إلى الخلاص، فإنّها تتقاطع كذلك مع ذاتها الأنثى، فهو توق الأنثى إلى الانعتاق من الاضطهاد والقهر في مجتمع ذكوريّ قامع، والتّحرّر من صليبٍ أنهكها بالنزف وكثرة الأوجاع.
وكأنّي بفردوس قد أدركت في خضمّ مسيرتها الشّعريّة مدى حضور التّصوّف في الشّعر المعاصر، وتوظيف ظواهر النّزعة الصّوفيّة فيه، فقد بدت متأثّرة بأفكار الصّوفيّة عامّة. ولعلّي أرى الشّاعر الصّوفيّ "الحلّاج" بأفكاره ومفرداته، حاضرًا في تجربتها، إذ يعتبر المبتكر الأوّل لمصطلحات التّصوّف، جاعلًا من الحبّ الإلهيّ فلسفة كاملة، فتعتمد فردوس الكثير من مفردات الصّوفيّة، جاعلة منها موتيفات تتكرّر في قصائدها. ومن قصائد النزعة الصوفية نجد "على أهبة الشّوق"، "على الطّريقة الصّوفيّة"، "معراج الرّوح"، "ملامح" وغيرها.
ولما كان الحبّ هو عنوان التّصوّف وأساس فلسفته فإنّها بدت مسكونة به، مثلما يتّضح في معظم قصائدها. وفي حبّها هي لا تستكين ولا تطمئنّ، كصوفيٍّ عاشقٍ. وعشقها رحلة من المعاناة والقلق. وفي قصيدة "في الحبّ" تقرن الحبّ بنبض الشّعر، فإذا ما صمت قلبها عن هوى الحبيب صمتت قصائدها. وفي قصيدة "اقتراف" تعلن اقترافها لهذا البوح، فهي ليست ممّن يتقنون الصّمت. من هنا ندرك أنّ فردوس، هي الأنثى التي تعي دورها في الواقع الذّكوريّ السّلطويّ، رافضة الصّمت والخضوع، مدركة أنّ قوتها في حرفها وبنبض الشّعر.
ولعلّنا هنا نكشف عن شهرزاد الّتي تتقمّصها فردوس؛ فالحرف كلمةٌ، والكلمة بوحٌ، والبوح قوّةٌ ورفضٌ، فتُخرِج صوت شهرزاد من داخلها، واعية لقوّة بوحها وسلاحها. وبدافع حرصها على وجوب استمرار معركتها كأنثى حتّى يتحقّق الانعتاق لها، توصي ابنتها في قصيدة تنظمها لها بعنوان "العروب": أن تكون صوت الحقّ مهما كان صوت الظلم أقوى. ولعلّها في قصيدة "هل نستحي؟" تكشف ازدواجيّة مجتمع يريد الأنثى حبيسة أعرافٍ وتقاليد، منشغلًا بالتّحريم والمنع، يرى صوت المرأة عورة، وسؤالها عيبًا، وحبّها حرامًا. ولعلّها في قصيدة "لكلّ إنس ما نوى" تعتمد التّناصّ مع قصيدة "خبز وحشيش وقمر" للشّاعر "نزار قبانيّ" ، ثمّ تنتقد العروبة في "جريمة حرف"، لتكشف فيها وفي غيرها من القصائد، حالة البؤس والخراب الّتي وصلنا إليها.
لا غرو إذًا أن نجدها في قصيدة "امرأة من ريح" تكشف عن تيهها وتشرذم ذواتها، تنبش صورها واحدةً واحدةً، تبحث عن ذاتها؛ عن واحدة تشبهها، متسائلةً: "كيف تكون داخلَها ولا تكون"؟ فلقد كانت هناك، لكنّها لم تكن هي. وليست هذه الحالة إلّا انفصال الذّات عن الذّات وانشطارها كسجينة في ذات متشظّية منكسرة، وكأنّي بها في ظلّ هذا التّيه الدّافع إلى الغثيان، تقع في متاهة السّؤال الشّكسبيريّ الوجوديّ نفسه الّذي طرحه هاملت: "أن تكون أو لا تكون"، كرمز مجسِّد لشخصيّة الفرد الحداثيّ التّائه الّذي لا يمثّل كينونة واحدة مطلقة.
هكذا نجحت فردوس في عدد من قصائدها، في تخطّي القصيدة التّقليديّة، من خلال قصيدة التّفعيلة وقصيدة النّثر، منطلقة نحو الحداثة كشكلٍ ورؤيا تساؤلٍ واحتجاج ورفضٍ، إنّها خطاب التّساؤل والتّعدّد الدّلاليّ، خطاب القراءة المفتوحة الآفاق.
وفي ملاحظة أخرى، تهمّني الإشارة إليها، وقد يكون ذلك للشّعراء والأدباء عامّة، حبّذا لو نهتمّ قبل إصدار ديوان أو رواية أو مجموعة قصصيّة، إضافة طبعًا إلى الاهتمام بالتّنقيح اللّغويّ النّحويّ، بوضع همزة القطع، لأنّه شتّان ما بين الألف والهمزة؛ ووضع الشدّة لأنّ الشدّة تعني إدغام حرفين، وعدم استخدامها يعتبر خطأ لغويًّا، إضافة إلى تنوين النّصب حيث يجب أن يوضع، وفي موقعه الصّحيح. وقد يكون هذا النداء أولى بدور النشر في أن تأخذ دورها، وتراقبَ ما تنشره.
كتب المحامي حسن عبّادي مقالة نقديّة في موقع "بقجة" في 2016/03/29 عن ديوانها السّابق "وجع الماء" مخاطبًا إيّاها: "آن الآوان يا فردوس لتتحرّري من تلك القيود، لتتحدّثي (من الحداثة) لتتحدّي كونك الضّحيّة لأنّك امرأة"، "فكّي القيود وانطلقي". ولا شكّ أنّ حسن عبادي كان محقًّا في ذلك بالنّسبة إلى ديوانها السّابق، إلّا أنّني أؤكّد أنّ فردوس في ديوانها هذا نجحت في الانطلاق، محقّقة قفزة نوعيّة واضحة في عدد من قصائدها، لكنّها في عددها الأكبر ما زالت تتخبّط بين الوضوح والشّعاراتيّة والأيديولوجيّة المباشرة.
من هنا، تتفاوت القصائد بين تقليديّة، وأخرى من شعر التفعيلة وقصيدة النّثر؛ وبين رمزيّة موحية، توحي أكثر ممّا تقول، تعتمد الحداثة، كتوظيف التّناصّ، التّراث، التّصوّف، التّضادّ، الرّمز الميتاشعريّة وغيرها، وأخرى تقول مصرّحة بخطابيّة واضحة، وبتكرار للأفكار والمفردات. الأمر الّذي يوضح أنّها، وإنْ بدأت تخطو خطواتها نحو الشّعر الحداثيّ، فإنها ما زالت تصقل هويّتها كشاعرة.
ولعلّها تصرّح بذكاء من خلال آليّة الميتاشعر في غلاف الكتاب الأخير، مشيرة إلى هذا، كنوع من الدّفاع قبل إصدار الحكم من قبل القارئ، فتقول: "ما زلت أقترف نصًّا بريئًا لا حول له ولا قوّة، نصًّا أشبه بطفل يعيش على سجيّته، يمارس حقّه في الخطأ والسّقوط. ومع كلّ خطوة تتّضح المسافات بين السّقوط والسقوط.. ليصير طفلي رجلًا يتقن الخطايا المباحة، ولتبق القصيدة حبرًا على قلق".
هكذا تكشف فردوس عن ممارستها لدور النّاقدة المعلّقة الأولى لشعرها، في عمليّة واعية ومحسوبة. وعليه، تؤكّد ما ذكرته من أنّ شعرها ما زال طفلًا، وهو في دروبه الأولى، يحبو متلمّسًا طريقه. لكن، لا بدّ يومًا، وبلا شكّ، وكما أعهد فردوس، أن ينضج طفلها ليمسي شاعرًا له حضوره المتميّز وقلمه المتألّق.
ولذا، عزيزتي الشّاعرة الأنثى، انطلقي أكثر، لا تتقيّدي، ثوري وحطّمي كلّ القيود، وليكن داخلك حريقًا من جدليّة الشّعر وحياة لا تستكين. حوّلي عبارتك في الصّفحة الأولى والّتي تقول: "الشّعر هو أنت وضدّك متصالحين"، اجعليها: "الشّعر هو أنت وضدّك والآلهة بينكما"، وعذرًا، إن كنت ستأخذين كلمتي على منحى الكفر، فما الآلهة الّتي أقصدها هنا إلّا كرمز للصّراعات الجدليّة المتضادّة، بين قوى متنازعة، لأنّك إنْ تصالحْتِ في الشّعر سكنْتِ، وإنْ سكنتِ خمد إبداعُك وصمت صوتُك. تذكّري ما قاله أدونيس عن جدليّة التّضادّ، وخذي من صلاح عبد الصبور حزنه الّذي لا يستكين، وخذي من صخب الآخرين، لأنّ شعرهم هو الصّخب في صمت الحياة وعدلها. دعي الآلهة بينك وبين ذاتك، فلا تستكيني في تصالح أناكِ وأناك الضّدّيّة، فهناك سيكون المخاض، وهناك ستنبع قدرتك على رسم هذا الوجود القلق بعلاقاته المتوترة وبإشكاليّاته دون خطابيّة وشعاراتيّة واضحة.
لا تجعلي جغرافيّة شعرك الّتي ذكرتها في الصّفحة الأولى "أن تقع في الشّعر يعني أن تملك القدرة على تطويع الحرف والجغرافيا"، جغرافيّةً محصورةً في حدود مكانيّة واضحة، فالحداثة تتخطّى حدود المكان كشكلٍ من أشكال القيود والسّلطة، وهي لا تعترف بالأبعاد والحدود، إنّه عالم التّخطّي والتّجاوز، والسّعي وراء المطلق. فطوّعي الألمَ الإنسانيّ الكونيّ، وانطلقي نحو الإنسانيّة العالميّة كالشّاعر محمود درويش. فما قتلنا غير الجغرافيّة المحدودة وخطابيّتها الملتزمة المباشرة، فتشوّهت القضيّة وقضايانا. لا تحصري شعرك يا فردوس في بوتقة الخطابيّة الأيديولوجيّة. واعملي بقول الشّاعر "أدونيس"، والذي قال في كتابه "سياسة الشّعر" (1985): "لا يجوز للشّاعر أن يخضع كتاباته للمقتضيات الأيديولوجيّة والسّياسيّة، فقيمة العمل الشّعريّ تكمن في مدى قدرته على جعل اللّغة تقول أكثر ممّا تقوله عادة، أي على خلق علاقات جديدة بين اللّغة والعالم، وبين الانسان والعالم... ودور الشّعر هو في كونه خرقًا مستمرًّا للمعطى السّائد" (ص 20-21)، وليكن نصّك يا فردوس نصًّا فردوسيًّا حقًّا، وطوباويًّا إنسانيًّا من غير مكان أو قيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق