أنشغلَ عن الحرِ الشديد بمتابعة خنفساء كانت تبدو خائفة وحائرة في أختيار الطريق المنجي لها , كأنها شعرتْ بوجودهِ قربها, رأى في حركتها المتعرجة حباً للحياة لا يوازي حجمها ,حملَ بين أصابعهِ بعضاً من ذراتِ الرمل التي كانت تحيطُ بهِ وأهالها عليها, سكنتْ قليلاً ثم واصلتْ حركتها, ربما لها أحلامها, ربما الغد يعني لها شيئاً, ربما, صوت دوي أنفجار شغلهُ عنها, لم يكن ذلك الأنفجار قريباً, لكنهُ كافٍ لينسيهِ كل شيء, شيء واحد لا يستطيع نسيانه, في مثل هذا اليوم قبل ستةِ أعوام رزقَ بطفلةٍ جميلة, كأنها ملاك هبطَ من السماء, لتوصل إليه رسالة الإله, أصبحَ يرقبْ الحياة فيها , قهقهاتها غير المفهومة تنسيه أن العالم كبير, صمتها يعلمه أن هناك لغة أخرى لا يفهمها, تولعّه فيها بلغَ حد الجنون, أما فكرة ان أحداً قد يؤذيها, كانت تقّضُ عليهِ مضجعه, لم يَحسب حساباً للموت إلا بعد أن رأى الحياة في نظرة عينيها, مر شهران لم يرها فيه, أخرجَ صورتها, كم تبدو جميلة , صوت أطلاقات نارية متواصلة وأنفجارات متفرقة وأصوات بشرية تحثهم على تغيير أماكنهم , جعلهُ وبسرعة يعيد الصورة إلى مكانها ثم أمسكَ بسلاحهِ وأخذ وضع الترقب, لكن , عاد الهدوء من جديد بسرعة, ربما هذا اليوم سيشهد مناورات خفيفة فقط , فالأعداء, صناع الموت, كانت خسائرهم كبيرة , فكان متوقعاً أن اليوم سيشهد غارات مفاجئة, ربما رؤية أحدهم أسيراً قد جعلتْ فكرة مخيفة تدور في رأسه , فتخيل أن تقع ابنته في يد أحد هؤلاء المهووسيين بالجنس، المرضى بحبِ الصغيرات, هذه الفكرة انسته وهج الظهيرة لان النار التي أشتعلتْ به كانت أشد وأقوى, عادت أصوات الأنفجارات تملأ المكان وتثيرُ خوف الرمال وتشق ثوب الصمت الأسود , نار تشعل وجه الشمس, أستمرتْ المعركة ساعات , كانت الحصيلة عشرين شهيداً، وجدوا في يد أحدهم صورة طفلة .
تحميل كتاب مسمار جحا لـ على أحمد باكثير
-
تحميل كتاب مسمار جحا لـ على أحمد باكثير لتحميل الكتاب من قسم: مسرحيات عن
هذا الكتاب: هذه المسرحية نكتشف مذاق جديد يتجلى حس الفكاهة والسخرية على لسان
جحا و...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق