لمحته قادما ، يمشى منفرجا ، بتؤدة وتمهل ، ممسكا بمقدمة جلبابه الفضفاض ، مباعدا به عن نصفه الاسفل ، كنت اظنه شخصا آخر ، رجل مسن ضارب فى شيخوخته ، فهو ، عادة ، يسير متقافزا ، ويجعلنا نلهث وراءه ، مثل طائر رشيق ، مع اقترابه لاحظت عليه انحناءة بسيطة ، وأنه يباعد بين ساقيه ، متألما مع كل خطوة ، حتى توقف امامى منهكا .
__ سلامتك .
قلت مجاملا
وقبل ان أقوم بالاستفسار عن حالته فوجئت بوصول أحد أصدقائنا الذى بادره بعد هنيهة .
__ كنت عائدا من مسكنكم ، أمك تقول إنك مريض ، ترفض العلاج ، وتكتفى بمراهم مرطبة للبشرة ، وإنك تصرخ أحيانا عندما تكون وحدك .
__ نعم ، لقد آذيت نفسى بغباء لاحدود له .
اجاب ، وهو يغتصب ابتسامة واهنة ، مشحونة بالألم والتوجع ، قبل أن يقص علينا أكثر المواقف طرافة فى محيطنا الضيق .
كان يعمل مساعدا لدى أحد مقاولى البياض ، يقوم بتحضير المواد اللازمة ، يغربل الرمل ، يغربل الجير ، داعكا بقاياه من الكرات الصغيرة فوق سلك الغربال ، حتى يمر من الثقوب الضيقة ، ثم يخلطهما بعد ذلك بمقدار كاف من الإسمنت .
الطابق الذى يعمل به ، فى البناية الحديثة يطل على مشهد بانورامى لبيوت قديمة ومنخفضة ،تقع تحت سماء لاهبة ، الأسطح المتربة ، كابية اللون ، تتكدس فوقها أكوام من الأثاث القديم ، والكراكيب المتهالكة . تشده أبراج الحمام ، المحلق على مرمى البصر ، كان يعمل بعض الوقت ، ثم يخرج إلى الهواء ، محاولا التخلص من رائحة الغبار ، يستنشق قليلا من الأوكسجين وهو يتأمل هذا المشهد ، يعود بعدها لمواصلة مهمته .
مع انسحاب خيوط النهار ، من الأفق المترامى ، قادته قدماه إلى إحدى الغرف الخلفية ، كان شيش النافذة مواربا ، اقترب منه ، ناظرا إلى أسفل ، لاشئ قبالته غير الشفق ، وجد رجلا فى أواسط العمر ، يجلس فى شرفته ، مرتديا سروالا قصيرا وفانلة داخلية ، واضعا ساقا فوق أخرى ، عندما حدق فيه جيدا ، لمح بين أصابعه لفافة تبغ متورمة ، مخروطية الشكل ، ينطلق دخانها كثيفا ومتشابكا ، فعرف انها محشوة بالحشيش .
ابتعد عن النافذة ، حاسدا الرجل على اختياره ، متشوقا لسيجارة مماثلة ، ثم انهمك فى عمله ، لكن إرهاقا مفاجئا ، ألجأه للراحة فوق الرمل المكوم بالصالة ، ودون أن يشعر استغرق فى نوم عميق ، أفاق بعده منزعجا ، لا يدرى كم مر من وقت ، فنهض مسرعا لإنهاء ماتبقى ، حتى يستطيع الانصراف إلى بيته ، بينما الفضول القاهر قاده مرة أخرى إلى الغرفة المعتمة ، اقترب من النافذة ، نظر من الفرجة الصغيرة ، اصطدمت عيناه بمؤخرة تتهادى بإيقاع رتيب فوق جثة هامدة ، صعق فى الحال ، ولم يحتمل ، فانسحب إلى الوراء ، متوترا ومربكا ، حاول النظر ثانية ، وجد جثة تتلوى تحت الرجل ، تبين ملامحها ، وهما يشتبكان فى لعبة فاتنة ، يصيران كتلة واحدة ، راح يلهث وراء المشهد الواقعى ، حتى دخل فى نوبة جنون كاد على إثرها يفتح النافذة ، ويقفز منها كحصان خرافى مجنح ، يعبر المسافات للتحقق من اللامعقول فى دروب المتعة ، بدأ جسده يهتز بارتجافات مدوخة ، إنها المرة الأولى التى يرى فيها هذا الفعل مجسدا ، كاملا ، لجأ الى الهدوء قليلا ، فك سرواله ، عاود النظر ، بدا له الرجل العارى خبيرا متمرسا ، الحشيش يفتح له ابواب الخيالات الباذخة ، لم يحتمل هذا السيرك المنصوب على مقربة منه ، بصق فى كفه وبدأ المداعبة ، كانت الرؤية تنطوى على أقصى مايمكن تصوره من معنى جمالى ، وفقا لأفكاره ، حواسه تسيطر عليه ، وترغمه على التحديق فى المشهد المثير لاكتشاف التناغم المستقر فيه ، صار الكون أكثر اكتمالا مع اختلاجة كل عضلة فى جسده ، كان يضغط مسحورا، ومنذهلا ، بفوران حسى متأجج ، وجد العالم جميلا ، وهو يشاهد كرم الرجل مع أنثاه الضائعة فى ضباب رغبتها ، وجعل يتذكر ماكان يراه فى نومه ، ويقوم بعده ، مبللا ، تعيسا ، ومكتئبا ، كانت المرأة فاتنة تحت الإضاءة الخافتة ، تسرب إليه إحساس غامض أن هناك جسرا ذهبيا مفروشا بالسحر ، يربط بين الموت والإثارة الجنسية ، لم يكن واعيا بذاته ، أو حقيقته ، كان عبدا للذة وتحولاتها المدهشة فى هذه اللحظات الخارقة .
أخيرا ، أغلق المشهد ، بانسحاب المرأة والرجل ، وانسحابه أيضا إلى الحمام ، غير مصدق أن ماجرى كان أمرا حقيقيا ، عاينه أثناء يقظته .
بعدها ، وفى غضون دقائق قليلة ، حدث مالا يمكن تصوره ، وجد نفسه يتلوى ، يصرخ متقافزا : نار ، نار ، شعر أن قضيبه منقوع فى خامض كبريتيك ، أخذ يتألم ويدور حول نفسه كقط احترق ذيله ، خلع السروال الداخلى ، تجنبا للاحتكاك ، نزل إلى الشارع ، متحركا بصعوبة تحت ألم كاو ، فجر فى ذهنه الأسباب ، تذكر الجير الذى كان يدعكه فوق سطح الغربال ، الإسمنت ، بصقه فى كفه ، اللعاب الرطب ، الذى تفاعل مع هذه العناصر الكاوية أثناء بحثه عن اللذة فيما وراء النافذة .
__ سلامتك .
قلت مجاملا
وقبل ان أقوم بالاستفسار عن حالته فوجئت بوصول أحد أصدقائنا الذى بادره بعد هنيهة .
__ كنت عائدا من مسكنكم ، أمك تقول إنك مريض ، ترفض العلاج ، وتكتفى بمراهم مرطبة للبشرة ، وإنك تصرخ أحيانا عندما تكون وحدك .
__ نعم ، لقد آذيت نفسى بغباء لاحدود له .
اجاب ، وهو يغتصب ابتسامة واهنة ، مشحونة بالألم والتوجع ، قبل أن يقص علينا أكثر المواقف طرافة فى محيطنا الضيق .
كان يعمل مساعدا لدى أحد مقاولى البياض ، يقوم بتحضير المواد اللازمة ، يغربل الرمل ، يغربل الجير ، داعكا بقاياه من الكرات الصغيرة فوق سلك الغربال ، حتى يمر من الثقوب الضيقة ، ثم يخلطهما بعد ذلك بمقدار كاف من الإسمنت .
الطابق الذى يعمل به ، فى البناية الحديثة يطل على مشهد بانورامى لبيوت قديمة ومنخفضة ،تقع تحت سماء لاهبة ، الأسطح المتربة ، كابية اللون ، تتكدس فوقها أكوام من الأثاث القديم ، والكراكيب المتهالكة . تشده أبراج الحمام ، المحلق على مرمى البصر ، كان يعمل بعض الوقت ، ثم يخرج إلى الهواء ، محاولا التخلص من رائحة الغبار ، يستنشق قليلا من الأوكسجين وهو يتأمل هذا المشهد ، يعود بعدها لمواصلة مهمته .
مع انسحاب خيوط النهار ، من الأفق المترامى ، قادته قدماه إلى إحدى الغرف الخلفية ، كان شيش النافذة مواربا ، اقترب منه ، ناظرا إلى أسفل ، لاشئ قبالته غير الشفق ، وجد رجلا فى أواسط العمر ، يجلس فى شرفته ، مرتديا سروالا قصيرا وفانلة داخلية ، واضعا ساقا فوق أخرى ، عندما حدق فيه جيدا ، لمح بين أصابعه لفافة تبغ متورمة ، مخروطية الشكل ، ينطلق دخانها كثيفا ومتشابكا ، فعرف انها محشوة بالحشيش .
ابتعد عن النافذة ، حاسدا الرجل على اختياره ، متشوقا لسيجارة مماثلة ، ثم انهمك فى عمله ، لكن إرهاقا مفاجئا ، ألجأه للراحة فوق الرمل المكوم بالصالة ، ودون أن يشعر استغرق فى نوم عميق ، أفاق بعده منزعجا ، لا يدرى كم مر من وقت ، فنهض مسرعا لإنهاء ماتبقى ، حتى يستطيع الانصراف إلى بيته ، بينما الفضول القاهر قاده مرة أخرى إلى الغرفة المعتمة ، اقترب من النافذة ، نظر من الفرجة الصغيرة ، اصطدمت عيناه بمؤخرة تتهادى بإيقاع رتيب فوق جثة هامدة ، صعق فى الحال ، ولم يحتمل ، فانسحب إلى الوراء ، متوترا ومربكا ، حاول النظر ثانية ، وجد جثة تتلوى تحت الرجل ، تبين ملامحها ، وهما يشتبكان فى لعبة فاتنة ، يصيران كتلة واحدة ، راح يلهث وراء المشهد الواقعى ، حتى دخل فى نوبة جنون كاد على إثرها يفتح النافذة ، ويقفز منها كحصان خرافى مجنح ، يعبر المسافات للتحقق من اللامعقول فى دروب المتعة ، بدأ جسده يهتز بارتجافات مدوخة ، إنها المرة الأولى التى يرى فيها هذا الفعل مجسدا ، كاملا ، لجأ الى الهدوء قليلا ، فك سرواله ، عاود النظر ، بدا له الرجل العارى خبيرا متمرسا ، الحشيش يفتح له ابواب الخيالات الباذخة ، لم يحتمل هذا السيرك المنصوب على مقربة منه ، بصق فى كفه وبدأ المداعبة ، كانت الرؤية تنطوى على أقصى مايمكن تصوره من معنى جمالى ، وفقا لأفكاره ، حواسه تسيطر عليه ، وترغمه على التحديق فى المشهد المثير لاكتشاف التناغم المستقر فيه ، صار الكون أكثر اكتمالا مع اختلاجة كل عضلة فى جسده ، كان يضغط مسحورا، ومنذهلا ، بفوران حسى متأجج ، وجد العالم جميلا ، وهو يشاهد كرم الرجل مع أنثاه الضائعة فى ضباب رغبتها ، وجعل يتذكر ماكان يراه فى نومه ، ويقوم بعده ، مبللا ، تعيسا ، ومكتئبا ، كانت المرأة فاتنة تحت الإضاءة الخافتة ، تسرب إليه إحساس غامض أن هناك جسرا ذهبيا مفروشا بالسحر ، يربط بين الموت والإثارة الجنسية ، لم يكن واعيا بذاته ، أو حقيقته ، كان عبدا للذة وتحولاتها المدهشة فى هذه اللحظات الخارقة .
أخيرا ، أغلق المشهد ، بانسحاب المرأة والرجل ، وانسحابه أيضا إلى الحمام ، غير مصدق أن ماجرى كان أمرا حقيقيا ، عاينه أثناء يقظته .
بعدها ، وفى غضون دقائق قليلة ، حدث مالا يمكن تصوره ، وجد نفسه يتلوى ، يصرخ متقافزا : نار ، نار ، شعر أن قضيبه منقوع فى خامض كبريتيك ، أخذ يتألم ويدور حول نفسه كقط احترق ذيله ، خلع السروال الداخلى ، تجنبا للاحتكاك ، نزل إلى الشارع ، متحركا بصعوبة تحت ألم كاو ، فجر فى ذهنه الأسباب ، تذكر الجير الذى كان يدعكه فوق سطح الغربال ، الإسمنت ، بصقه فى كفه ، اللعاب الرطب ، الذى تفاعل مع هذه العناصر الكاوية أثناء بحثه عن اللذة فيما وراء النافذة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق