اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

ديوان " وشم على شفاه القمر " لـ د. صديق محمد جوهر .. يستعيد الرومانسية المغرقة

 د. إبراهيم أحمد ملحم
كالكنز المنسي الذي فُتح فجأة؛ ليُبهر الأعين الناظرة، ويسبي القلوب، ويشغل الفكر.. نشر الدكتور صديق محمد جوهر قصائده القديمة في ديوان اتخذ العنوان "وشم على شفاه القمر" عن دار صفصافه بمصر عام 2018. و
قد كُتبت غالبيتها في فترة الدراسة الجامعية الأولى (البكالوريوس) حيث كان طالبًـا يدرس الأدب الإنجليزي في جامعة عين شمس، وفي فترة الدراسات العليا، وهو طالب يدرس الأدب الأميركي في الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد قليل من القصائد وهو يعمل أستاذًا للأدب الإنجليزي في المملكة العربية السعودية في فترة مبكرة من حياته الوظيفية. أما العتبة الأولى للنص (العنوان) فهو أحد عناوين القصائد التي تضمنها الديوان، وهو لافت للنظر في صياغته الرومانسية، وانحرافاته اللغوية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا انتظرت هذه القصائد كلَّ هذه الفترة لترى النور؟ للإجابة جوانب متعددة؛ فالشعر يبدأ شرارة يقدحا الزناد، ثم تمتد لتشعل أقصى ما يمكن أن تصل إليه ألسنة اللهب.
وهنا، لا يمكن للشاعر أن ينشر شعرًا منقطعًـا عن جذوره التي انبثق عنها، أو تطور عنها، لا بد من وجود البدايات حتى تكتمل الرؤية للتجربة، وتمضي في نسقها الطبيعي، وما دام الشعر كالحياة، أو هو الحياة بسموها وجلال قدرها، ينبغي أن تبقى على حالها، فلا يرقعها الشاعر بعد حين، ولا يزيد عليها.. إنها ولدت لتكون كما هي، وليست كما يريد الزمن الذي ستتحرك فيه.

في الفترة التي انبثقت فيه هذه القصائد كان تيار الرومانسية صوته هادرًا، وجريانه سلسًـا، ولهذا نجد ذلك الحب المقرون بحياة الذات الشاعرة حين تكون المحبوبة راضية عن عاشقها، وتبادله الشعور، ويكون مقرونًـا بالموت حين تلوِّح بالهجر، أو تهدد به، وفي كلتا الحالتين، يأخذ الشعر مجراه الطبيعي، ويتدفق رقراقًـا دون تكلُّف أو تصنُّع؛ فهو يقول مشيرًا إلى هذا الاقتران:

سأحفرُ قبريَ بين الدموعِ

وبين قصيدٍ شجيِّ الرنينْ

فإن تهجريني فإني سجين

فأنتِ المراسي.. وأنتِ اليقينْ

هذه الدموع والتوجعات التي نجدها لدى الشاعر، إضافة إلى الفرار للطبيعة؛ لكي تشاركه المشاعر عبر بث أحزانه لها، وشكواه من جور المحبوبة للبلابل والعنادل وغيرهما، وضرب الأمثلة على الذين قضوا من قبل في الحب من الشخصيات التراثية كقيس ليلى، وكثير عزة.. تستحضر الخطوط الكبرى للرومانسية حيث نجد تأثره بأعلامها الكبار من الشرق والغرب، بفعل اطلاع الشاعر الموسَّع على الأدب العربي، وبفعل دراسته المتواصلة للأدب الإنجليزي.

في زمن العولمة، اشتط خيال الشعراء، واغترفوا من معين الثقافة جرعة زائدة، ووظفوا التقنيات الفنية اللازمة للتأثير في القارئ، وللتعبير عمَّا لا يريدون قوله صراحة.. هذه الأمور، جعلت فاعلية الخيال التي تحرك العاطفة أقوى من فاعلية العاطفة التي تحرك الخيال؛ بمعنى أن القارئ يجب أن يكد الذهن ليصل إلى المعنى.

وهنا، وجد الشاعر صديق جوهر أن مهمته شاعرًا تقتضي أن يستعيد الإنسان المعاصر وسط هذه الماديات ـ التي تشكل الصورة ضمن سياق العولمة ـ ما فُقد منه، وما يتوق إليه، وهو صوت العاطفة العالي، هذا الصوت القديم الذي واكب مراحل مبكرة من حياته.

هل يمكن أن نعد ما فعله الدكتور صديق حداثةً؟ نعم يمكن ذلك؛ فالشاعر محمود سامي البارودي حينما نظر إلى الشعر حوله، وجد فيه بعض مظاهر الضعف، والركاكة، واستهداف نسبة منه بعض المناسبات الاجتماعية العابرة. دفعته الغيرة على الشعر إلى استعادة زمن الفحول حيث كانت القصيدة الرصينة، والبنى البلاغية العتيدة، والقيم الإنسانية ذات التأثير الإيجابي في المجتمع.. فاستعاد نمط القصيدة الكلاسيكية في زمن غير زمنها، وأطلق على نهجه تسمية "الإحياء" وكأنه بعث شعرًا من مرقده، فكان فاتحة لبوابة الحداثة في الشعر العربي.

وكذا يفعل الدكتور صديق جوهر؛ إذ يستعيد الرومانسية المغرقة؛ ليبث في داخل الإنسان العاطفة الصافية التي يستحضرها، لتؤثر فيه بقوة، وتجد صداها القوي في نفسه؛ لأنه بكل بساطة يستمع أو يقرأ شيئًـا مغايرًا.

أما الأساليب الفنية التي وظفها الدكتور صديق في شعره، فيقف على رأسها: التكرار، وهو يأخذ نمطين، الأول: الجزئي حيث يكرر بيت الشعر مغيرًا فيه كلمة واحدة، أو شطر بيت كقوله على لسان فتاة زوَّجها أهلها ممن لا تحب طمعًـا بالمال:

شراني اللصوص بمالٍ قليل

وداعًا حبيبي وعشقي الأخير

وقوله:

وثوبٍ وعطرٍ وقصرٍ صغير

وداعًا حبيبي وعشقي الأخير

وأما الآخر، فهو التكرار الكلي حيث يكرر البيت كاملاً، كقوله في القصيدة نفسها:

أما تدرين يا قمرُ

بأن لقاءَنا قدرُ؟

وقد اعتمد الأوزان القصيرة التي يتراوح امتداد الكلمات في الشطر الواحد من كلمتين إلى سبع كلمات، وهو في الأحوال كلها يوفر لكل قصيدة من قصائده عذوبة غنائية حتى ليبدو ما يقوله أنه صيغ ليُغنى، أو ليعلق بالذاكرة بسهولة، ومما يقوله في هذا الصدد:

أخيرًا جلسنا

وجاء القرارُ

وقالت وداعًا

وفات القطارُ

أما من حيث المحتوى، فإن الشاعر على الرغم من ترققه إلى المحبوبة، وخضوعه إليها من أجل الشعر، ومن أجل كونها مالكة للجمال الذي يبدو في عينيها، وكحلها، وعطرها، وثغرها، ورموشها.. حتى لا يدع لنا الشاعر منها شيئًـا إلاَّ وأضفى عليه ما يشرح الصدر، ويهيج العاطفة، ويستثير طاقة الشعر.. فإنه امتلك قيمة الإباء التي تجعل المحبوبة الخائنة خارج حسابات الشعر، وخارج إطار الحب الصافي. إضافة إلى ذلك، فإننا نجد توخيه الجمال الشرقي، ورفضه المحبوبة التي تفقد ما يُذكر بالعروبة أو يبرزها. إنه يبحث عما هو أصيل في زمن تدفع فيه مغريات الحياة إلى استلاب الهوية عن ملامح المرأة الشرقية؛ كي تقلد المرأة الغربية.

وفي هذا السياق، قد ترمز المرأة التي يتعلَّق بها، ويعبر لها عن حبه الكبير، ويؤكد وفاءه إليها، وإخلاصه في حبها إلى العروبة التي ينبغي التمسك بها حفاظًـا على الهوية العربية وسط ثورة المعلومات، والفضاءات المفتوحة.

وعلى غير العادة، يستهل الشاعر بعض قصائده بما يوحي بأن هناك كلامًا محذوفًـا، وأن على القارئ أن يسعى لتقديره، كقوله في البيت الأول من إحدى قصائده:

بل وداعًـا يا فتاتي

يا بقايا الذكريات

فالمحذوف هو قولها: إلى اللقاء، والمثبت هو قوله: بل وداعًـا، وهذا يعني أن الشاعر يريد قطع العلاقة التي تربطه بالمحبوبة؛ نظرًا لغرورها، وزيف حبها، وتجاهلها لاتقاد عاطفته تجاهها، وهذا ما يؤكد لنا مرة أخرى علو قيمة الإباء؛ لمواجهة تحولات المحبوبة التي يغدو الشعر تبعًـا لذلك معدومًـا؛ لأنه يريد المحبوبة والشعر معًـا، وشعره لن يكون إفرازًا لمثل هذه العلاقة التي تنال من قيمة الإباء سلبًـا.

لقد كان ديوان "وشم على شفاه القمر" نابضًـا بالحياة حين كُتبت قصائده في زمن مبكر من حياة الشاعر، وبقيت قابعة مع أوراقه القديمة، إلى أن بات الإنسان في زمن العولمة يفتقدها، ويشعر أنها ملاذه، فظهرت في ديوان نُشر مؤخرًا؛ ليقول للقارئ: إن الأصيل يفرض نفسه دائمًـا، وإن العاطفة السامية ستبقى تنبض في القلوب النقية ـ التي تعيش وسط الماديات وتحول العالم إلى قرية صغيرة بفعل التكنولوجيا ـ لكنها لا تفقد هويتها فيه.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...