كعادتي أتنقل وحدي ببطء سلحفاة وملل يتسربل جسدي ..
أمشي فوق طريق ممتلئة بأنواع خلق وهموم، أحمل بيدي مخطوط روايتي الأخيرة، ألتفت يميني أرى ملعب النضال يضجّ بأصوات فريق كرة القدم، أبحث عن ابني بين الأولاد ..
فجأة تعمّ عتمة مُفزعة ..
جانبي شادر كبير، كأنّ في هذه الدار عزاء. بينما أحادث نفسي أفقدُ الأوراق التي حسبتها ملك يميني.
أفتشُ حولي لا أجدها فأبكي بصوت مسموع، يظنّ البعض أنّني قريبة للميت، يقول أحدهم: - من هذه المرأة التي تبكي بحرقة، الميت كبير في السن، كان مريضاً ما عاد الأمر يستحق.
غيره يهمس: - من يموت يرتاح هذه الأيّام.
وآخر:- ما عاد شيء يستحق الاهتمام في هذه الحياة أصبح الموت أكثر من التراب.
بصراحة لا أبكي الميت، أصلاً لا أعرفه لكن فقدت مسوّدة روايتي، عنوانها قتل الحقيقة، غلافها رقيق شفّاف.
بشكل غير منطقي أتابع ذرف دموع متوجعة، يتعاطف معي شاب جسيم، يبحث في أرجاء المكان ولا أثر للرواية، كأنّ أحدهم خطف الأوراق وطار إلى فضاء يستحق.
يأتي شخص بأوراق ملوّنة كي يهدئ روعي، كأنّني في نظره طفلة تلحّ في طلب عنيد، أخبره بعناد وإصرار:
- أريد روايتي ذات الغلاف الشفّاف أرجوك.
أبكي وتربت يد دافئة على كتفي. أستيقظ مِن سحب الحلم المزعج على يد ابني يسألني:
- ماما أين قميص الرياضة عندنا لعبة كرة قدم في نادي النضال.
أرى جانبي مسودة الرواية التي قفلت بابها قبل نومي بلحظات ..
أذكر أنني كتبت: لدينا براعم حلوة جديرة بالحياة مهما تعملقت الآلام واستفحل الظلام علينا أنْ نستمر ..
أقبّل رأس ابني الذي أنقذني من عناء بحث وبكاء ثمّ أنهض وأسحب القميص عن حبل الغسيل، أناوله إياه وأحاول العودة إلى شريط النوم قبل هرب النعاس مِن بين جفوني.
أتقلب في فراشي بعد سماع صوت رصاص ينقر رأسي ثمّ فجأة (بوف) يصعقني صوت انفجار قريب يرعب الأموات قبل الأحياء.
تدخل جارتي بثياب الصلاة مفزوعة :
- الله يستر يا بنتي يقولون الانفجار وقع بين جامع بلال ونادي النضال، الله يحمي الشام وكلّ سوريا يا ربّ.
يقشعر بدني وأنتفض، أنهض بقفزة واحدة:
- هل سيتفسر حلمي على هذه الطريقة؟ لا يا ربّي أرجوك.
أسأل روحي بجنون وأنا أركض حافية تجاه النادي القريب و أردد بصوت مسموع:
- تباً لنا والله الأمر يستحق.
هُدى محمد وجيه الجلاّب
{مِن قصص مجموعتي خارج المدار عام 2014/}
أمشي فوق طريق ممتلئة بأنواع خلق وهموم، أحمل بيدي مخطوط روايتي الأخيرة، ألتفت يميني أرى ملعب النضال يضجّ بأصوات فريق كرة القدم، أبحث عن ابني بين الأولاد ..
فجأة تعمّ عتمة مُفزعة ..
جانبي شادر كبير، كأنّ في هذه الدار عزاء. بينما أحادث نفسي أفقدُ الأوراق التي حسبتها ملك يميني.
أفتشُ حولي لا أجدها فأبكي بصوت مسموع، يظنّ البعض أنّني قريبة للميت، يقول أحدهم: - من هذه المرأة التي تبكي بحرقة، الميت كبير في السن، كان مريضاً ما عاد الأمر يستحق.
غيره يهمس: - من يموت يرتاح هذه الأيّام.
وآخر:- ما عاد شيء يستحق الاهتمام في هذه الحياة أصبح الموت أكثر من التراب.
بصراحة لا أبكي الميت، أصلاً لا أعرفه لكن فقدت مسوّدة روايتي، عنوانها قتل الحقيقة، غلافها رقيق شفّاف.
بشكل غير منطقي أتابع ذرف دموع متوجعة، يتعاطف معي شاب جسيم، يبحث في أرجاء المكان ولا أثر للرواية، كأنّ أحدهم خطف الأوراق وطار إلى فضاء يستحق.
يأتي شخص بأوراق ملوّنة كي يهدئ روعي، كأنّني في نظره طفلة تلحّ في طلب عنيد، أخبره بعناد وإصرار:
- أريد روايتي ذات الغلاف الشفّاف أرجوك.
أبكي وتربت يد دافئة على كتفي. أستيقظ مِن سحب الحلم المزعج على يد ابني يسألني:
- ماما أين قميص الرياضة عندنا لعبة كرة قدم في نادي النضال.
أرى جانبي مسودة الرواية التي قفلت بابها قبل نومي بلحظات ..
أذكر أنني كتبت: لدينا براعم حلوة جديرة بالحياة مهما تعملقت الآلام واستفحل الظلام علينا أنْ نستمر ..
أقبّل رأس ابني الذي أنقذني من عناء بحث وبكاء ثمّ أنهض وأسحب القميص عن حبل الغسيل، أناوله إياه وأحاول العودة إلى شريط النوم قبل هرب النعاس مِن بين جفوني.
أتقلب في فراشي بعد سماع صوت رصاص ينقر رأسي ثمّ فجأة (بوف) يصعقني صوت انفجار قريب يرعب الأموات قبل الأحياء.
تدخل جارتي بثياب الصلاة مفزوعة :
- الله يستر يا بنتي يقولون الانفجار وقع بين جامع بلال ونادي النضال، الله يحمي الشام وكلّ سوريا يا ربّ.
يقشعر بدني وأنتفض، أنهض بقفزة واحدة:
- هل سيتفسر حلمي على هذه الطريقة؟ لا يا ربّي أرجوك.
أسأل روحي بجنون وأنا أركض حافية تجاه النادي القريب و أردد بصوت مسموع:
- تباً لنا والله الأمر يستحق.
هُدى محمد وجيه الجلاّب
{مِن قصص مجموعتي خارج المدار عام 2014/}
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق