سأنتقل بكم إلى محطة أخرى في حكايتي مع الكتب وهي المرحلة الإعدادية. كان ذلك في الثمانينات من القرن الماضي ، وكنت قد قرأت العديد من الكتب مما تيسر لي في مكتبة البيت أو بعض الأصدقاء... لعل أبرز ما قرأت إلى حدود السنة الاولى إعدادي كان الأجزاء الأربعة ل "ألف ليلة وليلة"، ثم قصة "زوربا" للكاتب اليوناني نيكولاس كازانتزاكي، وقد تركت أثرا بالغا في نفسي ولازلت أتذكرها إلى الآن.
ابتداء من السنة الثانية إعدادي ، سيطرأ تطور جديد وهو انفتاح عقلي على عالمين. من جهة ، بداية المراهقة مع اكتشاف الذات ومظاهر الأنوثة ، ونمو المشاعر المرهفة وعواطف الحب الأولى. ومن جهة أخرى ، حب الاستقلالية والتفرد في الرأي مع التمرد والثورة على كل أنواع القيود الأسرية والمجتمعية.
فكيف تخطيت هذه المرحلة الحساسة بسلام ودون وقوع أضرار تذكر ؟... إنها الكتب ! طبعا فقد كانت طوق النجاة بالنسبة لي...
تعرفت من خلال صديقة لي على كتابات الدكتورة نوال السعداوي وقرأت كل إصداراتها آنذاك. فغذت أفكارها الجانب الثوري في شخصيتي وساعدتني على فهم وضعية المرأة في المجتمع عموما، واستيعاب بعض مشاكل التمييز في المعاملة، والتي كنت أعاني منها في محيطي الأسري مقارنة مع إخواني الذكور.
أما جانب الخيال المرهف والعواطف الجياشة ، فكنت أغذيه عبر قراءة قصص رومانسية او ما يعرف بقصص ماء الورد. تعرفت على هذه القصص عبر صديقة لي كانت تشتريها بنهم وتقرضني إياها فور انتهائها من قراءتها. قرأت منها الكثير ، فقد كانت صغيرة الحجم ولها دائما غلاف جميل يحمل صورة أبطال القصة ، وأحداثها غالبا ما تدور في بلاد بعيدة وتنتقل بالبطلة من أجواء انجلترا الباردة إلى إحدى الجزر اليونانية الدافئة...
هكذا وجدت بعض التوازن في مرحلة المراهقة بفضل الكتب التي قرأتها... واستمرت الرحلة...
نعيمة السي أعراب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق