من عادتي أنني أستقل الباص في طريقي إلى القدس أو العودة منها إلى البيت، ومع أنني لا أغادر البيت ولا أرتاد المدينة المقدسة إلا للضرورة القصوى، فإنني أجلس على أحد مقاعد الباص بجانب إحدى السيدات، ولا ألتفت إلا إلى ناحية النافذة التي بجانبي لأروي ناظري من بلادنا التي لا شبيه لها في الكون، وبالأمس وأثناء عودتي من يوم عمل مع أطفال في مخيّم صيفي، وإذا بعجوز من بلدتي تناديني باسمي بصوت مرتفع حتى أجلس بجانبها، فلم أستطع أن أرفض طلبها احتراما لشيخوختها، وما أن جلست حتى بادرتني بأسئلتها وبصوتها المرتفع الذي يسمعه كل من في الباص، ولم تترك امرأة أو رجلا في حارتنا إلا واغتابته، ومن أسئلتها:
فلانه كم ولد معها؟ كم ولد؟ وكم بنت؟ وبعدها بتخلف وللا وقفت؟ وفلانه ليش ما تزوجت؟ والله عمرها زاد على ثلاثين سنة؟ وصحيح فلان بدّه يتزوّج على مرته؟
لم أستطع الانتقال إلى مقعد آخر لعدم وجود مقاعد خالية، ولا أعرف إجابة لأسئلتها، وقبل أن أصل بيتي بحوالي كيلومتر نزلت من الباص بحجة أنني أريد ممارسة رياضة المشي، ومع ذلك لم أنج من لسانها، فقد شتمتني شتيمة مقذعة أضحكت من كانوا في الحافلة.
-
*حلوة زحايكة
القدس العربية المحتلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق