اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قصة قصبرة | الحجاب الأخضر...* بقلم: علياء يسري

⏪⏬
إنها حقا ليلة رائعة لنبدأ فيها ما كنت أفكر فيه لوقت طويل وما كان يخططه عقلي ،
يُخيل لي أن السماء الآن قد ختمت راضية عن فعلتي ، فالسحب المتراكمة كحشد الجماهير تنتظر المباراة ، تنتظر حدثا صخبا ، نعم
إنها الليلة فقلبي يعلم ، ونبضاته الثائرة تعلم أيضا ، إنه بمثابة سر كبير أعلن في تلك الساعة عن نفسه ، كعروس تعلن عن رغبات الجسد ساعة الزفاف ، و كملك يعلن عن سلطانه حين يُضع التاج على رأسه فتقف شعيراتها مُعلنة عن المجد وترتفع حاجباه في كبرياء لا يبالي باخر ولن يبالي ..

بشرتي الآن مسماتها ترتعش ، قد جاءت من بعيد ساعتي والآن قد اقتربت حتي صرت استنشق أنفاسها وكأنها تتنفس خوفي ، هزعي واضطرابي الداخلي و شكواهما ، تتغذي على كلي . فلم يعد لي من كل ، انا الآن هائم بالروح أما جسدي ف مُنقاد للبعيد ، للبعيد جدا ، نحو شيء مخيف رهيب ..
كانت أمي دائما التحذير لي ، ابتعد عنه ، إنه ذلك الهلاك المُغلف حتي تظنه حلوى و هو المر بعينه ، " إنه الخداع يا بني " الوهم الذي يروج له من يداهم ليست في النار ، الأغنياء ، الساسة ، ومن يتفلسفون علينا ليحصلون عن مجد ذاتي ، ونحن الفقراء من نشتريه ، اتعلم لماذا ؟ لأن كل ما هو هلاك هو بلا ثمن ! ،

كانت تحذرني منه من الآنبطاح له ، وكأنها رغبة شهوانية حقيرة تفتك بالقيمة وربما بالحياة نفسها ، ولكني كنت أسألها لماذا اشتهيه ؟ ولماذا نفسي تحلق له ؟ في كل مرة اجلس مع نفسي ، اجد ضوابطي تسقط ، وسقف ما هو أعلاي يترنح ، أما عرشهم فيسقط أمامي دون هوادة ، فأجده إما لي ساجدا أو متخفيا عن عيني بالخجل ..

هي دوما كثيرة الأحكام دون داعي ، تقول على شهوتي شر محض ، وأنها شهوة إبليس التي اسقطته من حيث ارتفع ، ولكن لذة هذا الشيء تجعلني لا اسمعها ، تجعل أذناي كالأجنحة التي تطير فحسب لتلتقط همسات سماوية ، وأصوات تكسير الحواجز ، وتهشيم الحدود ، ولعن الزوايا الميتة التي اعمتنا عن الرؤية ..

إنها ليلتي ، تلك التي اثبت بها لوالدتي إني على حق ، وأن ما من شيء يقدر أن يمنعني ، وان ما من شيء أكثر لذة من أن نتلاشى في الفضاء كأشلاء لوحات فنية ممزقة، وأن الحدود ما هي إلا أوهام تعبث بعقولنا فتطيح بنا أرضا ، وأن تلك الأوهام هي التي تسقطنا من حيث ارتفعنا لا العكس .

هاتفت صديقي كي يأتي ، كان ينتظر مني أن تأتي ساعتي ، وها الآن قد أتت فماذا انتظر ؟
صديقي جاف بعض الشيء حين يتحدث تجده ناظرا لأسف وكأنه يتجاهلك ، ربما خجول ولكنه حاد أيضا ، حين يقرر شيئا فهو يفعله ، لقد قرر أن يساعدني في التجربة ، كان يتفق معي في معظم ما قلته ، وهو حين يتفق تجده يهز رأسه بجمود ملامحه الشاحبة ، ووجهه الأصفر وكأن الشمس قد ضربت وجهه بالصواعق حين وُلد أول مرة منذ الأزل ،
كان أملسا ناعما ، ذو شعر خشن ، وكأنه يناصف بين القُبح و الجمال ، العذوبة و القسوة ، كخداع الأيام كان يخدعنا ، يعطينا ثم يأخذ ، بعين سوداء و أخرى بيضاء تظنها لا تعمل ولكنها تُبصر سرا ..

جاء لي هاديا كبرودة الثلج مُحدقا في عيني راسما بعض الابتسام على شفتين حمراوتين يجري فيهما دماء عذراوات ، تصافحنا ، فشعرت بيديه وكأنها تأكل يداي ، رعشة ما تملكت جسدي واستحوذت عليه ، التفت إلي بؤبؤ عينيه فوجدته ناظرا وكأنه يعلم بأمر جسدي ، ولكنني عدت إلى طبيعتي مجددا ..

ذهبنا إلى سيارته حيث بداية الرحلة ، رحلة الوجود من البداية إلى النهاية ، من الخلق إلى التناثر في العدم ، و الخروج كالدخان ، جلس كل واحد منت في مقعده ، كنت أنا السائق وهو ضيفي ، وربما كان هو السائق الحقيقي ، ولكني تظاهرت بأني أقود !
شعرت بمن يتحكم حقا ، جميلة تلك المشاعر ، القيادة السيطرة .. بلاهة السلطة و كل تلك الأمور الأخرى التي تجعل أنانية الآنسان و حماقاته تنتشي بأهازيج كاملة الدسم ! ،

وانا الآن انتشي ك أحمق سعيد ، يتطاير شعر رأسي مع الهواء ، وتترنح مشاعري وتهتز مع الشفق ، وخطوط وجهي تتبدل بسرعة كخريطة تتغير معالمها ، وكأن حدثا ما يحدث ، وكأن كل شيء يأخذ صورا جديدة ، ثم يعود كل شيء كما كان و هكذا دواليك ..
انطلقنا بالسيارة ، وكأن الهواء يحملنا لا الأرض ، نسيت الأرض تماما ، فأنا لستُ من هنا ، صديقي أيضا مسرور ، وكأن حالنا واحدا ، أظنه من خارج الأرض ، هيئته ليست أرضية على كل حال ، أما أنا فمشكوك بي !
اظنني اسمع الساعة وعقاربها تدق في رأسي ، نظرت له فوجدته كأنه ساعة حائط كبيرة وعقاربها كعقارب حية تُخرج لي لسانها ، ففُزعت فزعا شديدا مما جعلني اقف بالسيارة ، أغمضت عيناي و اشرقتهما من جديد لأجده جالسا لا يهتم كعادته وكل شيء عاديا كالعادة ،

انطلقت من جديد بسرعة أكبر تلك المرة ، لا أريد قيودا ، فالعقارب تلك كأنها تقول لي أنني لا استطيع ان أمضي ، لا استطيع أن انتزع ما أريد ، تسخر من عجزي ، ولكنني لست بعاجز ، ساُثبت لها أني قادر على ما أنا ماضي فيه ، سأحرق البنزين كله حتي لا احترق أنا ، حتي لا يحترق وجودي قهرا ..

انطلقت بأقصى سرعة ممكنة ، بسرعة تفوق الملائكة في إرسال الوحي ، بسرعة تعدت سرعة ملك الموت في انتزاعه للأرواح المُعذبة ، تلك السرعة التي فاقت انطفاء أنوار الوعي بطلقات دبابات الحروب ، مضيت بسرعة وكأني أسرع من الضوء ، اسرع حتي من الظلام إن كان له من سرعة ، نظرت علي يساري لاجد صديقي ، فوجدت فتاة علي الكرسي صغيرة كالاطفال مرتدية فسان أبيض يبدو جديدا ولكنه واسعا عليها ، فستان عروس بالغة أما هي فطلفة !، وجدتها رافعة عيناها لأعلي ربما ماتت وربما تستغيث بالسقف ، وربما لا تطيق النظر لما حولها ..

كانت عيونها كنفس عيون صديقي ، سوداء إحداها وأخري بيضاء ولكن تلك المرة عين لا تعمل حقا ! فهل تعرف عين الأطفال الأسرار ؟ كلا إنها لا تجيد سوي الاتكشاف .. كعاهرة تجيد الكشف لما بين ساقيها ، كانت تلك الفتاة الصغيرة تكشف عن المعاناة بتنهيدة صغيرة ،

و انا مُلتفت وقد اخذت الفتاة كل انتباهي وذُعري ، إذ بي اسمع في نفس تلك اللحظات صوت ارتطام السيارة بجسد ما ، فازداد ذعري وفتحت فمي حتى ظهر صرير أسناني ، نزلت من سيارتي ، و شاهدتها ، شاهدت نفس المشهد نفس الفتاة بفستانها الأبيض و عيناها المفتوحتان لأعلي وكأنهما يستسلمان للمجهول ، عين أصابها الأبيض ، وعين تُعلن الحداد بالأسود ،
ربااه.. ماذا فعلت ؟ هل هذه هي شهوتي ؟ القتل وانتزاع الأرواح ؟

مهيب ذلك الموقف ، حين تشعر بأنك الوحيد في الساحة ، قائد الحرب الذي يمشي بدبابته على الجثث غير مُباليا ، ولكن لماذا أبالي الآن ، لقد وعدته ألا أبالي كي يساعدني ، ذهبت إلي السيارة مجددا ورأيته وكأن الغضب يلتهمه من جراء فعلتي ، وكأنه يقول الاهتمام غير مسموح في اللعبة ،

انطلقنا من حيث توقفنا إلي حيث المجهول ، وتلك المرة قررت ألا أبالي مهما حدث ، مهما كانت الأوراق المطروحة ، ومهما كان انتماء الأشلاء الممزقة ، انا الآن أحاكي الوجود ، العبثية أنا ذراعها الأيمن ، وقلبي هو الفوضي بعينها ، انا الآن الحرية ! الحرية كلها ، ذلك الشيء الذي اصابتني شهوته فطغت علي كل الشهوات ، تلك النزعة التي صارت تلتهمني انا الآن التهمها بكل معانيها وأسرارها ، اعبث في ملعبها والعب مباراتي ،
وكأن السيارة قد أخذت صورة مركبة فضائية ، اشعر بها تطير بنا ، نحن الآن في السماء السادسة على بعد واحدة منها !

صارت ضحكاتي تتعالي كشيطان مُنتصر ، دمائي تتجمد في عروقها ، فالخضراء صارت الآن زرقاء كلونها و لون الموج ، كانت السيارة تنطلق وحدها ، اما يداي فقد ارتفعت لفوق كالأجنحة التي لا تعبأ بالأسفل ، حتي ارتطمت السيارة مجددا و تلك المرة لم ار سوى حجابا متطايرا وكأن خضرته تتطاير معه ، وقع لونه اضطرابا داخلي ، اضطرابا لم أفهمه حقا ، وكأنني أعرفه جيدا ، ولكني قد وعدته ألا أبالي مهما تكلف الأمر ، ومهما كان انتماء من يسقط !
انطلقت و لكن كان الحجاب يتطاير بجانبي ، يلامس وجهي ، وكأن صديقي يرتديه ، إنه الوهم أعلم ولكنه وهم مؤلم حقا ، ثمة رائحة أيضا تداعب أنفي ، رائحة مألوفة لي جدا

شعرت برهبة ما تغتالني ، حقا مرعب الأمر ، ولكنها اللعبة ، لا مهرب منها ، و لا مهرب من النهاية أيضا .
كل الضوء قد ذهب ، لم يبق نور في السماء إلا وانتهي ، التفت لصديقي ، فهز رأسه مبتسما ، وكأنه يقول : لقد اتممت اللعبة على نحو جيد ، نظرت بجانبي فوجدتنا عند البيت و الظلام يخيم عليه ، فثمة سحابة مظلمة في أعلاه ، امتلأ قلبي رعبا ، نظر لي وكأنه يقول حان وقت المغادرة ، نزلت من السيارة ، وأشار لي بالذهاب وحدي ، قدماي يرتجفان حقا لا استطيع السير ، كنت أسقط ومن ثم اعاود النهوض مجددا ، دخلت البيت أخيرا وكان الظلام والحزن يخيمان عليه ، السكون المدوي ذو الأثر الكئيب على النفس يتصاعد كدخان ضبابي من حولي ، صعدت السلالم لغرفة نومي فاصطدمت بأمي وهي تقول لي : زوجتك وابنتك تأخرا كثيرا ، لقد غادرا البيت هذا الصباح ليشتروا فستان زفافها ولم يأتوا حتي الآن

زوجتي وابنتي ؟ ليس لي زوجة او ابنة ، حينها استنشقت رائحتها كمن يستنشق رائحة جريمته ، ورأيت حجابها الأخضر في عقلي الذي كان يداعب مسامي ، ولكنني لا اتذكرها ، ولا اتذكر انه لي ابنه ايضا ، ما هذا الهراء ؟ اشعر بهما ولكنهما خارج الذاكرة !
، امسكت رأسي ، شعرت بصداع مرير ، هبطت من السلالم وسقطت ، ولكني عاودت النهوض بقلب مخطوف ، خرجت حيث كانت سيارته موجودة ، لم أجده ، أين ذهب ؟ هو من قلتلهما ، يجب أن اجده واقتله ، يجب ان أنادي عليه ، ولكني لا أعرف اسمه حتى ..
لقد كان الظلام في عيني ، لم اعد أبصر شيئا ، ولكني ظللت اجري ، خلف أي شيء اسمع له صوتا ، حتى رأيت نورا يأتي من مصدر ما ، تأملت أمامي فوجدته يأتي من مصابيح سيارة ، ربما هي وقفت مكاني مرعوبا ، وكان الضوء يختفي ثم يأتي ، أعلم أنه يلعب بأعصابي هذا اللعين ،
اقتربت من السيارة اكثر فأكثر حتي اصبحت اسمع صوت أنفاسه ،هو يلهث مثلي لا أعلم لماذا !

أضاء مصابيح السيارة في عيني حتي لم اعد قادرا علي الابصار وضعت يداي علي عيني فسمعت صوت سيارته يعمل ، لقد ضغط علي دواسة البنزين بقوة ، فوجدت نفسي عاجزا عن تحريك أي عضو في جسدي ، وكأنني استسلم بغير إرادتي ! وقفت كمن ينتظر النهاية بيد ترتجف و قلب ثابت ، غير أن ثباته هو استسلام مجهول السبب ، ولكني أدركت أنها شروط اللعبة ، أعني اللا مبالاة طبعا ، يجب ألا أبالي ، وادركت حينها ايضا انها لعنة وليست لعبة ، ولكنها نفس الشيء ، حين تنتزع ما تريد ، عليك أن يُنتزع منك ما يريدون هم ، وأن تلك هي الحرية !
إنها بكل تلك البساطة ، العدل أو اللعنة ، أيهما أقرب ؟ ،
لقد انطلق بكل قوته ، بالسيارة ، او تلك المركبة الفضائية الصغيرة .. حتي وصلنا المحطة الأخيرة ، السماء السابعة ها هي تسقط علي جسدي ، فاصبح هو كلُها ! .

استيقظت أخيرا من النوم بعد ان غرقت في العرق وجسدي مازال ينتفض .. يا إلهي لقد كان كابوسا مزعجا حقا
ما هذا ؟ الحجاب الأخضر ! ، حجابها رأيته فوق صدري ملطخا بقطرات دمي الذي ينزف ، ورائحته النفاذة تقتحم أنفي، وصدى تنهيدة الصغيرة يداعي حلقي
حتى سمعت صوتها يصرخ ، صوت والدتي على الباب وهي تقول : زوجتك وابنتك تأخرا كثيرا ، لقد غادرا البيت هذا الصباح ليشتروا فستان زفافها ولم يأتوا حتي الآن !
-
*علياء يسري

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...