⏪⏬
تصور لنا رواية محطات في حياة امرأة نجمة طيف حياة أنثى في مراحل حياتها من الطفولة إلى الشباب .إن الأجمل ما في هاته الرواية عند قراءتي لها هي نوستالجيا الإبداع الذاتي الشيق المليء بالأحداث الدرامية فكل حدث هو في حد ذاته كينونة من مشاعر
دفينة عاشتها هاته الشخصية المتجسدة في اسم نجمة .
وقد قمت بتوزيع عناصر تحليلي لها وتتبع طيفها إلى أربع عناصر أساسية وهي بارزة في حياة هاته النجمة :
المكون الأول: الطيف الأنثوي الطفولي المليء بالبراءة .
المكون الثاني: حياة الأنثى الحالمة بالمعرفة.
المكون الثالث: الشبح الأنثوي والعزيمة القوية.
المكون الرابع: الصمود لإثبات الذات الأنثوية والرغبة في التغيير.
فهي اسم على مسمى كل تجسيد لها هو بوح عميق لاستكشاف أسرار تجعلك متشوقا إلى المزيد من التشبت بأحداث طيف هاته الأنثى.
أ – المكون الأول: الطيف الأنثوي الطفولي المليء بالبراءة:
مثل العالم الطفولي لهذه الفتاة في هذه الرواية المنعطف الجميل المليء بالسعادة والفرح ، فكل تعبير لها فيه هو بمثابة رحلة مع زمن خالد في ذاكرتها تعرض تفاصيله بدقة عالية إلى درجة أنها حاولت الكشف عن نوستالجيا من أحداث مليئة بالتشويق الإثاري المميز لعبق طفولة أجمل ما فيها البراءة غير المصطنعة حاكية فيها عن أجمل اللحظات المميزة في حياتها من سكناها إلى الأنشطة التي كانت تمارسها إلى العلاقات الاجتماعية في موقعها الطفولي المليء بالمغامرات الاستثنائية مثلا :نذكر على سبيل المثال:
" باب البيت واسع يتكون من مصراعين لا يفتح منه إلا مصراعه الأيمن يفضي إلى درج واسع بالزليج المغربي على جانبيه ثبت على الحائط ذراع خشبي يمتد من أسفله إلى أعلاه يفضي إلى بيت كبير كان يخيل إلي وبعقل الطفولة آنذاك أنه أكبر البيوتات.والأجمل فيه شرفته الواسعة التي تقع على طول المصطبة السفلى تشرف على مدخل الدرب من اليمين ومن اليسار تشرف على المدرسة ،أما من الأمام فكانت تشرف على الدرب كله ،بل كنا نرى منها المدينة ومئذنة المسجد الكبير.
"با علي هذا كان هو أبو زهرة من جملة أطفال الحي كان يسكن في بيت كبير في شارع النخيل يقع على الجانب الأيسر من فندق ياسمين حاليا فيه حديقة كبيرة أذكرها جيدا وبها منزل على شكل شاليهات مدينة إفران وأذكرها بشجرة جوز ضخمة كنا نأخذ منها ثمار الجوز فنزيل عنه قشره الأخضر ثم ندقه بحجر فنأخذ منه الجوز رطبا أبيضا ما يزال برحيقه الذي يشبه الحليب ومذاقه الممتزج بمرارة خفيفة ، كان با علي يسكن في هذا البيت ليقوم بحراسته.
" كنت سعيدة وأنا أصحو كل يوم باكرا للذهاب إلى المدرسة رفقة أبناء الدرب في مجموعة من البنات والبنين نقطع الجزء الأول من شارع حسان وننحدر من الهضبة مارين على ما يعرف اليوم بثانوية يعقوب المنصور متجهين صوب صور المدينة العتيقة فندخل من بابها الصغير كان ومايزال إلى يومنا هذا للسور بابان أحدهما كبير والثاني صغير يعرف بباب شالة فتدخل مجموعة منا إلى مدارس محمد الخامس وتتجه مجموعة أخرى إلى السويقة للذهاب إلى مدرسة سيدي العكاري وكانت من مدارس الدولة الرسمية تتبع نظام التعليم الفرنسي بفرنسا وكان التعليم بهذا النوع من المدارس مجانيا".
" في الحادية عشرة نعود جماعة إلى الدرب في فترة الغذاء لنعود إلى المدرسة في فترة بعد الظهر التي تستمر حتى الساعة الخامسة ،هذه الساعة كانت تمثل لنا التحرر من الجد والعمل والانطلاق نحو اللعب، خارج الدرب كان فضاء اللعب أوسع وأكبر ،البنايات متفرقة وقليلة أما ساحة اللعب فعبارة عن فضاء واسع أقيم فوقه بناية البريد حاليا في الجهة المقابلة لها دكاكين صغيرة منها دكان أحد اليهود لإصلاح الدراجات وتأجيرها للأطفال الساعة بعشرين فرنكا كنا نكتريها ونندفع للعب بها ساعة من الزمن.في نفس الشارع في إحدى الفيلات معمل لتقطيع الرخام كنا نذهب إليه فنختار قطعا من الرخام ونأتي بها إلى البيت،كل واحدة منا تتفنن في تقطيعها إلى خمس قطع صغيرة نلعب بها لعبة ماية وتسمى أيضا الصموم كل واحدة تختار لون رخام مغاير وتقطعها على شكل مربع أو معين أو دائرة على شكل قلب ".
" يوم الأحد فموعدنا بعد الظهر مع عمي ليأخذنا إلى الملعب لمشاهدة مباريات كرة القدم.فرحتنا أنا وأختي الكبرى بهذا اليوم لا توصف ندخل الملعب من مدخل اللاعبين والمسيرين ولم نكن نجلس في المدرجات الخاصة بالمتفرجين وإنما على مقعد خشبي طويل على أرض الملعب كان خاصا بالمسيرين والطبيب واللاعبة الاحتياطيين ،نستمتع بمشاهدة الماتش وشرب المونادا الباردة ونعود آخر النهار وقد تعبنا فكنت في كثير من الأحيان أنام من شدة الإعياء دون عشاء.
ب- المكون الثاني: حياة الأنثى الحالمة بالمعرفة :
في هذا المكون بالذات نجد أن هاته الأنثى حاولت سبر أسرار مخفية محاولة إثبات ذاتها بأن تكون فاعلة في دائرة المعرفة التي أرادتها واضحة باعتبارها تسعى إلى عبور جسر أكبر من سنها بطرح تساؤلات والأعمق من ذلك عدم الرضى بالهزيمة مهما كانت حتى تعرف كل أمر وكل شيء يقع من حولها ، فكانت ذكية في هذا المستوى بالذات كانت أنثى طفولية بطعم أنثوي قوي يغلب عليه الإلحاح المستمر من أجل الوصول إلى الهدف.
والدليل على هذا الأمر مانجده في زوايا هاته الرواية :
" عادة كنت أول من ينام من البنات من كثرة الشقاوة والحركة لكن في هذا اليوم استعصى علي النوم لأن البال مشغول بمعرفة ما الحدث؟ والظلام يخيم على البيت والصمت الرهيب يسود الدرب كله، كانت الليلة من أطول الليالي التي مرت علي في طفولتي وبقيت أرهف السمع إلى صوت موجات الأثير وهي ترتفع من حين لآخر فأدرك أن أبي وعمي مايزالان صاحيان".
"نامت أختاي وبقيت مفتحة العينين رفعت أمي راحة يدها اليمنى ومسحت بها على عيني من فوق إلى أسفل لتطبق بها جفني وهي تقول لي:نامي يابنتي الله يهديك قلت لها: ما معنى أكليد؟" إذا نمت سأخبرك معناها غذا صباحا".
" في الصباح كنت أول من استيقظ في البيت قمت جالسة في مكاني ألتفت يمنة ويسرة أهل البيت كلهم نيام،صحوت وعلى طرف لساني الكلمة السر،أصر على معرفتها عل وعسى أفهم ما يدور حولي فضولي قوي ينخر في نفسي ويخيل لي أن بإمكاني أن أفهم هذا المجهول الذي جعل من أبي الوقور الصارم إنسانا يبكي كالنساء ويضرب رأسه بالحائط ويجمعنا داخل البيت ويوصد الشبابيك والأبواب ويطفئ أنوار البيت،وليت الأمر اقتصر على بيتنا فقط وإنما ساد كل بيوت الدرب المغاربة والأجانب".
" عدت للجلوس وأنا أغلي من الفضول ثم قمت ودخلت الغرفة ووقفت أنظر الدرب من وراء زجاج النافذة لعلي أرى أصحابنا يلعبون ، هالني منظره وقد أقفر من أطفاله وساده منظر رهيب ، كل البيوت مثل بيتنا وجدت بعض العزاء فما حاق بنا حاق أيضا بغيرنا".
" ما أن يحين الليل حتى أكون أول النيام لكن الحس المرهف لا يفارقني في نومي لذا لأقل حركة أفتح عيني لا حظت في مرات متعددة كأني أرى شبحا أسود يعبر الممر فأغمض عيني وأقول لنفسي أنا أحلم لكن الأمر تكرر في ليال كثيرة ومن غير المعقول أن يكون الحلم يتكرر بنفس الشكل وبنفس الوتيرة ".
" مصرة أنا على التأكد مما رأيت في مرات متعددة ومصرة على أن أقطع الشك باليقين ،فقمت مع أمي وأنا أتظاهر بالشجاعة ويدي تمسك بيدها بقوة تنم عن خوفي وعلى باب الغرفة أشارت لي بأصبعها على فمها أن لا تحدثي حركة وبشفتيها رسمت بابا وبرأسها المائل على أذنها تعني نائم عبرنا الممر واتجهنا إلى المطبخ أضاءت المصباح لا أحد في المطبخ".
تلك الليلة لم أنم ولم يغمض لي جفن أعيد شريط ما حدث إحساس ما يقول لي أنت على حق لكن كيف أقطع به؟ أستعيد حدث الليلة مرة واثنتين وثالثة لاح لي بارق: عندما استيقظت وناديت أمي أمي أجابتني في التو واللحظة".
"أصررت يومها على مراقبة شبح منتصف الليل مهما كلفني الخوف فعزمت في نفسي على النوم مبكرا حتى يتسنى لي الصحو في منتصف الليل وفعلا بدأت عندي المراقبة ولم أخبر أحدا بخطتي حتى أختي عيشة لم أحدثها بالموضوع نهائيا واحتفظت بالسر في نفسي ومضت الليلة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة أحسست باليأس فقلت : لا شك أني كنت واهمة ثم قررت نسيان الأمر نمت من غير حرص على الاستيقاظ للمراقبة لكن وجدت نفسي أستيقظ في نفس الوقت كان أول شيء بدر مني هو اتجاه نظري صوب الباب ومر الشبح أمامي في البداية لم أصدق وبقيت أترجح بين الشك واليقين وقررت أن تكون هذه الليلة آخر ليلة في المراقبة جلست قرب الباب وبقيت أنتظر مرت ساعات كلما غلبني النوم أفرك عيني وأنتظر قرب الباب حتى أتى على حين من الزمن اعتقدت أن انتظاري لن يفيد بشيء ثم سمعت الباب الخارجي يفتح فتنبهت كل حواسي حتى أنفاسي كتمتها وانتظرت ختى خيل إلي أن انتظاري دون جدوى وإذا بالشبح يظهر في دائرة النور مارا من جهة المطبخ إلى غرفة أمي وقفت مكاني وأخرجت رأسي من الباب فرأيت الشبح يدخل غرفة أمي ويغلق الباب وراءه . من الرعب تسمرت قداماي في مكانها لم أقو على الحركة وشل ذهني فلم أقدر على الإقدام على اتخاذ الخطوة التالية ثم دون وعي جريت الباب وفتحته بقوة ووقفت عقدت الدهشة لساني فلم أدر ماذا أفعل كان وقع المفاجأة قويا على أمي فاتسعت عيناها واحمر وجهها الأبيض أما الشبح ألقى قب البرنس وراء رأسه وأخرجه من البرنس واتجه إلي وقال: تعالي ياشيطانه صرخت دون وعي:- يا الله أبا.
المكون الثالث: الشبح الأنثوي والعزيمة القوية:
في هذا الشق بالذات تثبت العزيمة الأنثوية الجدية من أجل التأقلم مع الوضع الجديد والمشاركة أيضا في ما ينتظرها من عزيمة قوية وإرادة من أجل شق طريق الأنا الأنثوية وإثبات الحضور في ما كانت تعانيه البلاد من يد الاستعمار فكانت بذلك ذات حاضرة وفي نفس الوقت ذات فخورة بوطنيتها وشبحا طاغيا يمتاز بالإرادة لا نظير لها من أجل التحدي وهذا ما تكشف عنه أجزاء من هذه الرواية :
دخلت المدرسة والتقيت بالبنات فنسيت الطريق والدار وانشغلت بالقسم الجديد الذي سننتقل إليه وبسرعة مر الوقت دون أن نشعر به ، عندما دق جرس الخروج وقفت أنتظر أختي على أول درج في السقيفة داخل المدرسة حتى جاءت وأمسكت بيدها خوفا من أن أضيع على الباب وجدت أمي فجريت نحوها ولم أشعر بالأمان إلا بعد أن أمسكت يدها .
" التزمت أمي بتوصيلنا للمدرسة في اليوم الثاني واليوم الثالث وفي اليوم الرابع لم أمسك يدها، كنت أقفز أمامها حتى أثبت لها أني حفظت الطريق، بعد أسبوع واحد بدأت أذهب مع أختي دون صحبة أمي ، وفي الطريق نلتقي بغيرنا من التلميذات فنمشي جميعا سواء في الذهاب أو في الإياب.
ما خفف عني ضيقي من العيش في المدينة هو عدم وجود الشرطة الفرنسية فكان ذهابنا وإيابنا في أمان وفي صحبة أصحابنا من بنات وأولاد".
" رغم الخوف والهلع شيء ما في صدري كان يمدني بإيمان عميق بقدرة المغاربة على الانتقام من المستعمر الغاشم ومعاونيه وكنت أحس فرحة الانتقام في داخلي وأنا أسترجع صورة الرجل الذي صفعه الشرطي الفرنسي على باب الحمام حتى طارت نظارته".
" بدت لي إقامتنا في المدينة أمرا هاما وهاما جدا رغم كراهيتي للبيت والقيود التي فرضت علينا بسكناه فجأة أحسسنا نحن الأطفال بالمسؤولية الوطنية ، والغيرة على البلد والتعلق بثوابت الوطن ومفهوم الأمة والتعلق بالعرش العلوي والمطالبة بإرجاع الملك محمد الخامس وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك" .
المكون الرابع: الصمود لإثباث الذات الأنثوية والرغبة في التغيير
بعد مرحلة الطفولة التي كانت مليئة بالمغامرات الشيقة والمثيرة منها المحزن والمفرح في ظل صرامة التقاليد الأسرية والرضى بكل شيء يفرض عليها ثم قبولها الزواج من رجل غريب لا تعرف عنه أي شيء فقط لأن الأنثى يجب عليها أن تكون مصانة وأن تحفظ وهذه الحصانة لا تحفظ إلا بعد أن يتم تزويجها لكي تكون محفوظة في بيت زوجها أرادت أن تعيش سعيدة لكنها لم تنجح في ذلك فتم طلاقها ورجوعها إلى بيت أبيها محاولة نسيان ألم كبير عاشته منعها من تكملة مشوارها العلمي لتعود مرة أخرى كلها عزم وإرادة على إثبات أن الأنثى هي ليست ضعيفة بل هي أقوى من الجبال تملك حب الإرادة والنهوض من جديد كأسد يحمل معه قوة تجعل الكل ينبهر وفعلا دخلت سور الجامعة من كل أبوابه وثم التخرج واستلامها وظيفة أستاذة اللغة العربية إلا أنها كانت رغم هذا النجاح تلوم أمها على مسألة تزويجها من رجل لا تحبه ولا تعرف عنه شيء ، فتبدأ معاناتها لكونها فرض عليها الزواج دون الأخذ بمشاعرها لكن رغم ذلك كانت تحاول النسيان ولو بشيء بخروجها مع صديقاتها للترويح عن النفس وتذكرهن للأيام الجميلة التي قضينها مع بعضهن أيام الدراسة والحلم بمستقبل زاهي في انتظارها.
لتخرج في النهاية بملاقاة رجل الأحلام الذي وجدت فيه الرجل الذي ينسيها كل الآلام التي عاشتها في كونها أنثى تريد إثبات ذاتها فهي فاعلة وفي نفس الوقت أنثى لها الحق في العيش بحرية دون أن يفرض عليها شيء .
والدليل على هذا كله ماجاء في بعض أجزاء هاته الرواية:
" ما حققت لم يكن هو الحلم ، كنت أصطدم على الدوام بحاجز أنت بنت ، البنت لأنها أنثى ليس لها حق اختيار ما تدرس وما تعمل ومن تتزوج وأين تعيش وما تلبس وكل شيء لاحق لها فيه خيل إلي أنهم يوما سيتحكمون في الهواء الذي أتنفسه دعواهم في فرض هذه القيود أنهم يخافون علي، ولم يكونوا يعلمون أنهم يخنقونني " .
" كان الهاجس الذي سيطر عليها وأرقها هو طلاقي كانت تريد أن تطمئن علي يومها لم أكن أدرك خوفها علي لا ولا خطر على بالي ومن يومها تركتني وشأني أذهب إلى عملي أعود بعده إلى البيت أتأخر بعده لا تسألني : أين كنت: ولا : لم تأخرت فقلت في نفسي : " الحمد لله أخيرا استراحت وأراحت".
" لا أذكر كم من أيام مرت وأنا شبه ميتة، أفكر في الحل الذي به أستطيع أن أكسر كل القيود مرة واحدة ، وأقفز الحواجز وأتخطاها دفعة واحدة ، ألف شيطان يصرخ داخلي يؤرق مضجعي يأتيني بألف حل وحل ، فأستغفر الله وألجأ إلى رحمته أصلي وأصلي وأقرأ القرآن في كل وقت وآن .
" حلت عطلة الربيع فذهبت صديقتي لزيارة أهلها بمدينة تطوان ولم أعد أخرج إلى الشارع حتى كان يوم نزلت المدينة أوقفت سيارتي به وذهبت عند صاحب كشك المجلات والكتب كنت أوصيته على ديوان نزار قباني أخذت منه الديوان وعدت أدراجي إلى السيارة فوجئت به يقف متكئا على بابها استغربت وبدا ذلك جليا على قسمات وجهي بادرني بالتحية وقال لي هل أنت مرتبطة قلت له لا هذه ولاتلك وألقيت في وجهه قنبلتي لينصرف أنا مطلقة ."
" بعد أسبوعين جاءت أسرته كلها فتمت حفلة الزفاف على نطاق ضيق اقتصر على ألاحباب والمقربين في العائلة".
" فكان انتقالنا إلى أقصى مدينة في شمال المغرب حيث بدأنا في ترتيب بيتنا وتأثيته وتعودنا على العيش ليس لي وله أي فرد من العائلة بها".
" أول مرة أحسست أن لي حرية التصرف دون رقيب أو حسيب أعيش كما أريد أنا لا كما يريد الآخرون".
وبالتالي يمكن القول أن هاته الرواية محطات في حياة امرأة نجمة تمكنت من الكشف عن طيف أنثى متعددة الخصائص فهي أنثى طفولية بنكهة حالمة ثم مايميزها عن غيرها أنها ذات عارفة بما تفعل ولا ترضى بالهزيمة إرادتها قوية وعزيمتها تفوق حدود اللامنطق سعت إلى التحرر وفك القيود فكانت نبراسا في أفق التغيير ووصلت بهذا رسالة أن الأنثى هي عصفورة للسلام في كل خطوة تخطوها إلا وتجدها كفأ وحاملة لشعاع الأمل المنطوي على العزيمة والإرادة القوية الثابثة في بلوغ شموخ عالي في مراوغات ليس لها حدود في رسم صورة لإشعاع جمالي في طيف أنثى حالمة بالأفضل.
* حليمة داحة
المغرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ثريا لهي ، محطات في حياة امرأة نجمة،مطبعة سليكي أخوين- طنجة ،ط1 يناير 2017، ص:6، 8،9 ،13، 14 15.
2 ثريا لهي ، محطات في حياة امرأة نجمة،مطبعة سليكي أخوين- طنجة ،ط1 يناير 2017،ص:33، 34، 35،42، 43.
3 نفسه: ص: 44،56،57،59،60.
تصور لنا رواية محطات في حياة امرأة نجمة طيف حياة أنثى في مراحل حياتها من الطفولة إلى الشباب .إن الأجمل ما في هاته الرواية عند قراءتي لها هي نوستالجيا الإبداع الذاتي الشيق المليء بالأحداث الدرامية فكل حدث هو في حد ذاته كينونة من مشاعر
دفينة عاشتها هاته الشخصية المتجسدة في اسم نجمة .
وقد قمت بتوزيع عناصر تحليلي لها وتتبع طيفها إلى أربع عناصر أساسية وهي بارزة في حياة هاته النجمة :
المكون الأول: الطيف الأنثوي الطفولي المليء بالبراءة .
المكون الثاني: حياة الأنثى الحالمة بالمعرفة.
المكون الثالث: الشبح الأنثوي والعزيمة القوية.
المكون الرابع: الصمود لإثبات الذات الأنثوية والرغبة في التغيير.
فهي اسم على مسمى كل تجسيد لها هو بوح عميق لاستكشاف أسرار تجعلك متشوقا إلى المزيد من التشبت بأحداث طيف هاته الأنثى.
أ – المكون الأول: الطيف الأنثوي الطفولي المليء بالبراءة:
مثل العالم الطفولي لهذه الفتاة في هذه الرواية المنعطف الجميل المليء بالسعادة والفرح ، فكل تعبير لها فيه هو بمثابة رحلة مع زمن خالد في ذاكرتها تعرض تفاصيله بدقة عالية إلى درجة أنها حاولت الكشف عن نوستالجيا من أحداث مليئة بالتشويق الإثاري المميز لعبق طفولة أجمل ما فيها البراءة غير المصطنعة حاكية فيها عن أجمل اللحظات المميزة في حياتها من سكناها إلى الأنشطة التي كانت تمارسها إلى العلاقات الاجتماعية في موقعها الطفولي المليء بالمغامرات الاستثنائية مثلا :نذكر على سبيل المثال:
" باب البيت واسع يتكون من مصراعين لا يفتح منه إلا مصراعه الأيمن يفضي إلى درج واسع بالزليج المغربي على جانبيه ثبت على الحائط ذراع خشبي يمتد من أسفله إلى أعلاه يفضي إلى بيت كبير كان يخيل إلي وبعقل الطفولة آنذاك أنه أكبر البيوتات.والأجمل فيه شرفته الواسعة التي تقع على طول المصطبة السفلى تشرف على مدخل الدرب من اليمين ومن اليسار تشرف على المدرسة ،أما من الأمام فكانت تشرف على الدرب كله ،بل كنا نرى منها المدينة ومئذنة المسجد الكبير.
"با علي هذا كان هو أبو زهرة من جملة أطفال الحي كان يسكن في بيت كبير في شارع النخيل يقع على الجانب الأيسر من فندق ياسمين حاليا فيه حديقة كبيرة أذكرها جيدا وبها منزل على شكل شاليهات مدينة إفران وأذكرها بشجرة جوز ضخمة كنا نأخذ منها ثمار الجوز فنزيل عنه قشره الأخضر ثم ندقه بحجر فنأخذ منه الجوز رطبا أبيضا ما يزال برحيقه الذي يشبه الحليب ومذاقه الممتزج بمرارة خفيفة ، كان با علي يسكن في هذا البيت ليقوم بحراسته.
" كنت سعيدة وأنا أصحو كل يوم باكرا للذهاب إلى المدرسة رفقة أبناء الدرب في مجموعة من البنات والبنين نقطع الجزء الأول من شارع حسان وننحدر من الهضبة مارين على ما يعرف اليوم بثانوية يعقوب المنصور متجهين صوب صور المدينة العتيقة فندخل من بابها الصغير كان ومايزال إلى يومنا هذا للسور بابان أحدهما كبير والثاني صغير يعرف بباب شالة فتدخل مجموعة منا إلى مدارس محمد الخامس وتتجه مجموعة أخرى إلى السويقة للذهاب إلى مدرسة سيدي العكاري وكانت من مدارس الدولة الرسمية تتبع نظام التعليم الفرنسي بفرنسا وكان التعليم بهذا النوع من المدارس مجانيا".
" في الحادية عشرة نعود جماعة إلى الدرب في فترة الغذاء لنعود إلى المدرسة في فترة بعد الظهر التي تستمر حتى الساعة الخامسة ،هذه الساعة كانت تمثل لنا التحرر من الجد والعمل والانطلاق نحو اللعب، خارج الدرب كان فضاء اللعب أوسع وأكبر ،البنايات متفرقة وقليلة أما ساحة اللعب فعبارة عن فضاء واسع أقيم فوقه بناية البريد حاليا في الجهة المقابلة لها دكاكين صغيرة منها دكان أحد اليهود لإصلاح الدراجات وتأجيرها للأطفال الساعة بعشرين فرنكا كنا نكتريها ونندفع للعب بها ساعة من الزمن.في نفس الشارع في إحدى الفيلات معمل لتقطيع الرخام كنا نذهب إليه فنختار قطعا من الرخام ونأتي بها إلى البيت،كل واحدة منا تتفنن في تقطيعها إلى خمس قطع صغيرة نلعب بها لعبة ماية وتسمى أيضا الصموم كل واحدة تختار لون رخام مغاير وتقطعها على شكل مربع أو معين أو دائرة على شكل قلب ".
" يوم الأحد فموعدنا بعد الظهر مع عمي ليأخذنا إلى الملعب لمشاهدة مباريات كرة القدم.فرحتنا أنا وأختي الكبرى بهذا اليوم لا توصف ندخل الملعب من مدخل اللاعبين والمسيرين ولم نكن نجلس في المدرجات الخاصة بالمتفرجين وإنما على مقعد خشبي طويل على أرض الملعب كان خاصا بالمسيرين والطبيب واللاعبة الاحتياطيين ،نستمتع بمشاهدة الماتش وشرب المونادا الباردة ونعود آخر النهار وقد تعبنا فكنت في كثير من الأحيان أنام من شدة الإعياء دون عشاء.
ب- المكون الثاني: حياة الأنثى الحالمة بالمعرفة :
في هذا المكون بالذات نجد أن هاته الأنثى حاولت سبر أسرار مخفية محاولة إثبات ذاتها بأن تكون فاعلة في دائرة المعرفة التي أرادتها واضحة باعتبارها تسعى إلى عبور جسر أكبر من سنها بطرح تساؤلات والأعمق من ذلك عدم الرضى بالهزيمة مهما كانت حتى تعرف كل أمر وكل شيء يقع من حولها ، فكانت ذكية في هذا المستوى بالذات كانت أنثى طفولية بطعم أنثوي قوي يغلب عليه الإلحاح المستمر من أجل الوصول إلى الهدف.
والدليل على هذا الأمر مانجده في زوايا هاته الرواية :
" عادة كنت أول من ينام من البنات من كثرة الشقاوة والحركة لكن في هذا اليوم استعصى علي النوم لأن البال مشغول بمعرفة ما الحدث؟ والظلام يخيم على البيت والصمت الرهيب يسود الدرب كله، كانت الليلة من أطول الليالي التي مرت علي في طفولتي وبقيت أرهف السمع إلى صوت موجات الأثير وهي ترتفع من حين لآخر فأدرك أن أبي وعمي مايزالان صاحيان".
"نامت أختاي وبقيت مفتحة العينين رفعت أمي راحة يدها اليمنى ومسحت بها على عيني من فوق إلى أسفل لتطبق بها جفني وهي تقول لي:نامي يابنتي الله يهديك قلت لها: ما معنى أكليد؟" إذا نمت سأخبرك معناها غذا صباحا".
" في الصباح كنت أول من استيقظ في البيت قمت جالسة في مكاني ألتفت يمنة ويسرة أهل البيت كلهم نيام،صحوت وعلى طرف لساني الكلمة السر،أصر على معرفتها عل وعسى أفهم ما يدور حولي فضولي قوي ينخر في نفسي ويخيل لي أن بإمكاني أن أفهم هذا المجهول الذي جعل من أبي الوقور الصارم إنسانا يبكي كالنساء ويضرب رأسه بالحائط ويجمعنا داخل البيت ويوصد الشبابيك والأبواب ويطفئ أنوار البيت،وليت الأمر اقتصر على بيتنا فقط وإنما ساد كل بيوت الدرب المغاربة والأجانب".
" عدت للجلوس وأنا أغلي من الفضول ثم قمت ودخلت الغرفة ووقفت أنظر الدرب من وراء زجاج النافذة لعلي أرى أصحابنا يلعبون ، هالني منظره وقد أقفر من أطفاله وساده منظر رهيب ، كل البيوت مثل بيتنا وجدت بعض العزاء فما حاق بنا حاق أيضا بغيرنا".
" ما أن يحين الليل حتى أكون أول النيام لكن الحس المرهف لا يفارقني في نومي لذا لأقل حركة أفتح عيني لا حظت في مرات متعددة كأني أرى شبحا أسود يعبر الممر فأغمض عيني وأقول لنفسي أنا أحلم لكن الأمر تكرر في ليال كثيرة ومن غير المعقول أن يكون الحلم يتكرر بنفس الشكل وبنفس الوتيرة ".
" مصرة أنا على التأكد مما رأيت في مرات متعددة ومصرة على أن أقطع الشك باليقين ،فقمت مع أمي وأنا أتظاهر بالشجاعة ويدي تمسك بيدها بقوة تنم عن خوفي وعلى باب الغرفة أشارت لي بأصبعها على فمها أن لا تحدثي حركة وبشفتيها رسمت بابا وبرأسها المائل على أذنها تعني نائم عبرنا الممر واتجهنا إلى المطبخ أضاءت المصباح لا أحد في المطبخ".
تلك الليلة لم أنم ولم يغمض لي جفن أعيد شريط ما حدث إحساس ما يقول لي أنت على حق لكن كيف أقطع به؟ أستعيد حدث الليلة مرة واثنتين وثالثة لاح لي بارق: عندما استيقظت وناديت أمي أمي أجابتني في التو واللحظة".
"أصررت يومها على مراقبة شبح منتصف الليل مهما كلفني الخوف فعزمت في نفسي على النوم مبكرا حتى يتسنى لي الصحو في منتصف الليل وفعلا بدأت عندي المراقبة ولم أخبر أحدا بخطتي حتى أختي عيشة لم أحدثها بالموضوع نهائيا واحتفظت بالسر في نفسي ومضت الليلة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة أحسست باليأس فقلت : لا شك أني كنت واهمة ثم قررت نسيان الأمر نمت من غير حرص على الاستيقاظ للمراقبة لكن وجدت نفسي أستيقظ في نفس الوقت كان أول شيء بدر مني هو اتجاه نظري صوب الباب ومر الشبح أمامي في البداية لم أصدق وبقيت أترجح بين الشك واليقين وقررت أن تكون هذه الليلة آخر ليلة في المراقبة جلست قرب الباب وبقيت أنتظر مرت ساعات كلما غلبني النوم أفرك عيني وأنتظر قرب الباب حتى أتى على حين من الزمن اعتقدت أن انتظاري لن يفيد بشيء ثم سمعت الباب الخارجي يفتح فتنبهت كل حواسي حتى أنفاسي كتمتها وانتظرت ختى خيل إلي أن انتظاري دون جدوى وإذا بالشبح يظهر في دائرة النور مارا من جهة المطبخ إلى غرفة أمي وقفت مكاني وأخرجت رأسي من الباب فرأيت الشبح يدخل غرفة أمي ويغلق الباب وراءه . من الرعب تسمرت قداماي في مكانها لم أقو على الحركة وشل ذهني فلم أقدر على الإقدام على اتخاذ الخطوة التالية ثم دون وعي جريت الباب وفتحته بقوة ووقفت عقدت الدهشة لساني فلم أدر ماذا أفعل كان وقع المفاجأة قويا على أمي فاتسعت عيناها واحمر وجهها الأبيض أما الشبح ألقى قب البرنس وراء رأسه وأخرجه من البرنس واتجه إلي وقال: تعالي ياشيطانه صرخت دون وعي:- يا الله أبا.
المكون الثالث: الشبح الأنثوي والعزيمة القوية:
في هذا الشق بالذات تثبت العزيمة الأنثوية الجدية من أجل التأقلم مع الوضع الجديد والمشاركة أيضا في ما ينتظرها من عزيمة قوية وإرادة من أجل شق طريق الأنا الأنثوية وإثبات الحضور في ما كانت تعانيه البلاد من يد الاستعمار فكانت بذلك ذات حاضرة وفي نفس الوقت ذات فخورة بوطنيتها وشبحا طاغيا يمتاز بالإرادة لا نظير لها من أجل التحدي وهذا ما تكشف عنه أجزاء من هذه الرواية :
دخلت المدرسة والتقيت بالبنات فنسيت الطريق والدار وانشغلت بالقسم الجديد الذي سننتقل إليه وبسرعة مر الوقت دون أن نشعر به ، عندما دق جرس الخروج وقفت أنتظر أختي على أول درج في السقيفة داخل المدرسة حتى جاءت وأمسكت بيدها خوفا من أن أضيع على الباب وجدت أمي فجريت نحوها ولم أشعر بالأمان إلا بعد أن أمسكت يدها .
" التزمت أمي بتوصيلنا للمدرسة في اليوم الثاني واليوم الثالث وفي اليوم الرابع لم أمسك يدها، كنت أقفز أمامها حتى أثبت لها أني حفظت الطريق، بعد أسبوع واحد بدأت أذهب مع أختي دون صحبة أمي ، وفي الطريق نلتقي بغيرنا من التلميذات فنمشي جميعا سواء في الذهاب أو في الإياب.
ما خفف عني ضيقي من العيش في المدينة هو عدم وجود الشرطة الفرنسية فكان ذهابنا وإيابنا في أمان وفي صحبة أصحابنا من بنات وأولاد".
" رغم الخوف والهلع شيء ما في صدري كان يمدني بإيمان عميق بقدرة المغاربة على الانتقام من المستعمر الغاشم ومعاونيه وكنت أحس فرحة الانتقام في داخلي وأنا أسترجع صورة الرجل الذي صفعه الشرطي الفرنسي على باب الحمام حتى طارت نظارته".
" بدت لي إقامتنا في المدينة أمرا هاما وهاما جدا رغم كراهيتي للبيت والقيود التي فرضت علينا بسكناه فجأة أحسسنا نحن الأطفال بالمسؤولية الوطنية ، والغيرة على البلد والتعلق بثوابت الوطن ومفهوم الأمة والتعلق بالعرش العلوي والمطالبة بإرجاع الملك محمد الخامس وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك" .
المكون الرابع: الصمود لإثباث الذات الأنثوية والرغبة في التغيير
بعد مرحلة الطفولة التي كانت مليئة بالمغامرات الشيقة والمثيرة منها المحزن والمفرح في ظل صرامة التقاليد الأسرية والرضى بكل شيء يفرض عليها ثم قبولها الزواج من رجل غريب لا تعرف عنه أي شيء فقط لأن الأنثى يجب عليها أن تكون مصانة وأن تحفظ وهذه الحصانة لا تحفظ إلا بعد أن يتم تزويجها لكي تكون محفوظة في بيت زوجها أرادت أن تعيش سعيدة لكنها لم تنجح في ذلك فتم طلاقها ورجوعها إلى بيت أبيها محاولة نسيان ألم كبير عاشته منعها من تكملة مشوارها العلمي لتعود مرة أخرى كلها عزم وإرادة على إثبات أن الأنثى هي ليست ضعيفة بل هي أقوى من الجبال تملك حب الإرادة والنهوض من جديد كأسد يحمل معه قوة تجعل الكل ينبهر وفعلا دخلت سور الجامعة من كل أبوابه وثم التخرج واستلامها وظيفة أستاذة اللغة العربية إلا أنها كانت رغم هذا النجاح تلوم أمها على مسألة تزويجها من رجل لا تحبه ولا تعرف عنه شيء ، فتبدأ معاناتها لكونها فرض عليها الزواج دون الأخذ بمشاعرها لكن رغم ذلك كانت تحاول النسيان ولو بشيء بخروجها مع صديقاتها للترويح عن النفس وتذكرهن للأيام الجميلة التي قضينها مع بعضهن أيام الدراسة والحلم بمستقبل زاهي في انتظارها.
لتخرج في النهاية بملاقاة رجل الأحلام الذي وجدت فيه الرجل الذي ينسيها كل الآلام التي عاشتها في كونها أنثى تريد إثبات ذاتها فهي فاعلة وفي نفس الوقت أنثى لها الحق في العيش بحرية دون أن يفرض عليها شيء .
والدليل على هذا كله ماجاء في بعض أجزاء هاته الرواية:
" ما حققت لم يكن هو الحلم ، كنت أصطدم على الدوام بحاجز أنت بنت ، البنت لأنها أنثى ليس لها حق اختيار ما تدرس وما تعمل ومن تتزوج وأين تعيش وما تلبس وكل شيء لاحق لها فيه خيل إلي أنهم يوما سيتحكمون في الهواء الذي أتنفسه دعواهم في فرض هذه القيود أنهم يخافون علي، ولم يكونوا يعلمون أنهم يخنقونني " .
" كان الهاجس الذي سيطر عليها وأرقها هو طلاقي كانت تريد أن تطمئن علي يومها لم أكن أدرك خوفها علي لا ولا خطر على بالي ومن يومها تركتني وشأني أذهب إلى عملي أعود بعده إلى البيت أتأخر بعده لا تسألني : أين كنت: ولا : لم تأخرت فقلت في نفسي : " الحمد لله أخيرا استراحت وأراحت".
" لا أذكر كم من أيام مرت وأنا شبه ميتة، أفكر في الحل الذي به أستطيع أن أكسر كل القيود مرة واحدة ، وأقفز الحواجز وأتخطاها دفعة واحدة ، ألف شيطان يصرخ داخلي يؤرق مضجعي يأتيني بألف حل وحل ، فأستغفر الله وألجأ إلى رحمته أصلي وأصلي وأقرأ القرآن في كل وقت وآن .
" حلت عطلة الربيع فذهبت صديقتي لزيارة أهلها بمدينة تطوان ولم أعد أخرج إلى الشارع حتى كان يوم نزلت المدينة أوقفت سيارتي به وذهبت عند صاحب كشك المجلات والكتب كنت أوصيته على ديوان نزار قباني أخذت منه الديوان وعدت أدراجي إلى السيارة فوجئت به يقف متكئا على بابها استغربت وبدا ذلك جليا على قسمات وجهي بادرني بالتحية وقال لي هل أنت مرتبطة قلت له لا هذه ولاتلك وألقيت في وجهه قنبلتي لينصرف أنا مطلقة ."
" بعد أسبوعين جاءت أسرته كلها فتمت حفلة الزفاف على نطاق ضيق اقتصر على ألاحباب والمقربين في العائلة".
" فكان انتقالنا إلى أقصى مدينة في شمال المغرب حيث بدأنا في ترتيب بيتنا وتأثيته وتعودنا على العيش ليس لي وله أي فرد من العائلة بها".
" أول مرة أحسست أن لي حرية التصرف دون رقيب أو حسيب أعيش كما أريد أنا لا كما يريد الآخرون".
وبالتالي يمكن القول أن هاته الرواية محطات في حياة امرأة نجمة تمكنت من الكشف عن طيف أنثى متعددة الخصائص فهي أنثى طفولية بنكهة حالمة ثم مايميزها عن غيرها أنها ذات عارفة بما تفعل ولا ترضى بالهزيمة إرادتها قوية وعزيمتها تفوق حدود اللامنطق سعت إلى التحرر وفك القيود فكانت نبراسا في أفق التغيير ووصلت بهذا رسالة أن الأنثى هي عصفورة للسلام في كل خطوة تخطوها إلا وتجدها كفأ وحاملة لشعاع الأمل المنطوي على العزيمة والإرادة القوية الثابثة في بلوغ شموخ عالي في مراوغات ليس لها حدود في رسم صورة لإشعاع جمالي في طيف أنثى حالمة بالأفضل.
* حليمة داحة
المغرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ثريا لهي ، محطات في حياة امرأة نجمة،مطبعة سليكي أخوين- طنجة ،ط1 يناير 2017، ص:6، 8،9 ،13، 14 15.
2 ثريا لهي ، محطات في حياة امرأة نجمة،مطبعة سليكي أخوين- طنجة ،ط1 يناير 2017،ص:33، 34، 35،42، 43.
3 نفسه: ص: 44،56،57،59،60.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق